الغیبة عند أهل اللغة تكون من مصدر(غیب), والأخیر عندهم یدل على(تستر الشیء عن العیون) ومنه یقیسون. اما المحققون فی معانی اللغة فیتوسعون فی الامر اكثر, ویقولون بأن الأصل الواحد فی المادة هو ما یقابل الشهادة, قال تعالى ((عالم الغیب والشهادة))… انظر.. التحقیق فی كلمات القران الكریم.
معنى الغیبة عى وجه العموم, مراتبها وشرائط تحققها.
الغیبة عند أهل اللغة تكون من مصدر(غیب), والأخیر عندهم یدل على(تستر الشیء عن العیون) ومنه یقیسون.
اما المحققون فی معانی اللغة فیتوسعون فی الامر اكثر, ویقولون بأن الأصل الواحد فی المادة هو ما یقابل الشهادة, قال تعالى ((عالم الغیب والشهادة))… انظر.. التحقیق فی كلمات القران الكریم.
ومنه یتوصلون الى خمسة مراتب وحالات ینطبق علیها مفهوم الغیب, منها مرتبتان مادیتان, ومرتبتان معنویتان , ومرتبة خامسة مشتركة بین المراتب المادیة والمعنویة.. وكما یلی:
اولاً: الغیبة المادیة: وتنقسم الى مرتبتین: هما:
المرتبة الاولى: الغیبة فی مقابل الحضور, مثل ((لا تقتلوا یوسف وألقوه فی غیابة الجب)), فالغائب فی هذه المرتبة یكون غائباً عن المكان المعین وغیر حاضراً فیه.
المرتبة الثانیة: الغیبة فی مقابل الظهور, فالغائب عندها یكون حاضراً فی ذلك المكان المعین ولكنه غیر ظاهراً للحواس او غیر مدروك من قبلها. مثل حضور الملائكة معنا فی كل زمان ومكان ولكنهم غیر مدركین من قبلنا.
ثانیاً: الغیبة المعنویة: وتنقسم الى مرتبتین ایضاً:
المرتبة الاولى: غیاب الهویة والعنوان, أی ان الغائب یكون حاضراً وظاهراَ ولكنه نكرة عند الاخرین وغیر معروف عندهم او معروفاً بغیر صفته الحقیقیة.
المرتبة الثانیة: غیاب الماهیة او غیاب المعرفة الحقیقیة, فالغائب قد یكون حاضراً وظاهراً ومعروف الهویة ولكنه غیر معروف المنزلة والاهمیة والمكانة والقدر التی یتحلى بهما, فیكون بمنزلة الغائب عنهم, ومن ذلك ما كان یخاطب به رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم علی بن ابی طالب علیه السلام (یا علی لم یعرفك الا الله وانا), فالامام كان معروف عند الاخرین بانه علی بن ابی طالب ولكنهم لا یدركونه حق ادراكه. والناس اعداء ما جهلوا..!
اما المرتبة المشتركة بین القسم المادی والمعنوی, هو ما كان علمه عند الله جل وعلا, فهناك غیباً لا یظهر منه الله جل وعلا الا بمقدار محدود ولأناس محدودین ایضاً ((تلك من انباء الغیب نوحیها الیك ما كنت تعلمها أنت)).
وهناك مرتبة ثالثة فی ودی ان أضیفها الى القسم المعنوی من اقسام الغیبة اعلاه, وهی الغیبة فی مقابل الوظیفة, بمعنى ان الغائب لیس غائباً عن المكان ولا غائباً بالعنوان ولا بالحواس ومعروف المنزلة والمكانه ولكنه لم یعط الوظیفة والمكانه التی تلیق به, فهو مبعد عنها ویكون عند ذلك غائباً بالغیبة المعنویة عن تلك الوظیفة.
فهذه حالات ومراتب ستة للغیبة, عند وقوعها فی شیء وانطباقها علیه یمكنه ان یكتسب صفة الغائب, اما الصفات الاخرى التی یجب ان تتوفر لاكتساب الصفة الحقیقیة والكاملة لمعنى الغیبة فهی صفتان: هما:
الاولى: ان لا تكون الغیبة وبإحدى مراتبها السابقة صفة ثابتة له.
الثانیة: ان تكون هناك حاجة وضرورة تدعوا الى الخروج من مرتبة الغیبة وبأسرع وقت ممكن.
اما الاولى: فنقصد بها ان بعض حالات الغیبة السابقة تكون حاله مستمرة ودائمة وغیر طارئة او مكتسبة..وللتوضیح نضرب المثالیین التالیین:
المثال الاول: ان الملائكة لدینا وهم رقیب وعتید غیر غائبین وان انطبقت علیهم المرتبة الثانیة من القسم المادی للغیبة, وذلك لان خلقتهم التكوینیة هی هكذا بحیث لا یمكن ادراكها من قبل حواسنا… اما ذكرهم كمثال فی شرح المرتبة هو لغرض التوصیف فقط, اما الانسان اذا استطاع ان یكتسب هذه الصفة ویكون موجوداً فی مكان معین ولكن لا یمكن رؤیته فیمكن ان نقول علیه غائباً بالغیبة المادیة من المرتبة الثانیة.
المثال الثانی: ان طالب المرحلة الدراسیة المتقدمة لا یمكن ان یسجل غائباً فی المرحلة المتأخرة لان لیس من شأنه الحضور فیها وانما یعتبر له الحضور والغیاب فی مرحلته.
اما الثانیة: فهی وان كانت الحالة التی یقع فیها ذلك الشیء حالة طارئة ,وانه من شأنه ان یخرج الى ما یقابلها ولكنه یحتاج الى حاجة وضرورة للخروج من تلك الحالة التی هو فیها وان كانت طارئة..فمثلاً هنالك اشخاص یمكنهم الحضور فی بعض التجمعات العلمیة والندوات السیاسیة..الخ.. وان عدم الحضور او الحضور بیده, ولكن حضوره وعدم حضوره لا یعنی شیء لذلك التجمع لا سلباً ولا ایجاباً فهو كما یقال (ان حضر لا یعد وان ذهب لا یفتقد), فمثل هذه الحالة یكون فاقداً لصفة الغیبة الحقیقیة عند عدم الحضور وفاقداً لصفة الحضور الحقیقیة عند عدم الغیبة.
اذن.. اذا اردنا ان نقول ان س غائبة عن ص.. فعلى س ان تتصف بما یلی:
• ان تتخذ احدى حالات ومراتب الغیبة الستة السابقة.
• ان تكون س قادرة على الخروج من حالتها السابقة وان حالتها الحالیة هی الصفة الطارئة لها.
• ان یكون حضور س ذو حاجة وضرورة بالنسبة ل ص او بالعكس او كلاهما.
والا لا یمكن ان تكون س مكتسبة للصفة الحقیقیة والكاملة للغیب وان سمیت غائبةبعد ان بینا اهمیة معرفة غیبة الامام المهدی لیه السلام والاهنمام بها, وبینا بعض الطرق والمصادیق الخاصة بطبیعة ذلك الاهتمام. ثم انتقلنا الى بحث خاص بمعنى الغیبة على وجه العموم وبینا مراتبها وحالاتها وشرائط انطباقها, اردنا هنا ان نبحث ونتمعن فی غیبة الامام علیه السلام فیما یخص تحدید مرتبتها ومقدار انطباق الشرائط علیها, وهذا كما قلنا نوع من انواع الاهتمام بهذه القضیة المباركة.
بحثنا هنا لا یستدعی جهدا كبیرا, زانما كل ما هو مطلوب محاولة تطبیق الغیبة الخاصة بالامام على كل مرتبة من المراتب السابقة وملاحظة درجة انطباقها, معتمدین فی ذلك على الاحادیث الواردة والقواعد الاسلامیة المسلُمة. فما كان ینطبق نأخذ به ویرقى الى درجة الاحتمال والا فلا یمكننا ان نقول بأحتمال شمول الغیبة الخاصة به علیه السلام الى ذلك الاسلوب من الغیبة.
لذا سنبدأ انشاء الله تعالى بتعداد المراتب ونطبیق غیبة الامام علیه السلام علیها.
اولاً: القسم المادی:
المرتبة الاولى: وهی الغیبة المقابلة للحضور المكانی.
ان مكان الامام علیه السلام الذی نعنیه هنا فی حالة تطبیق هذه المرتبة هو المجتمعات البشریة الموجودة على الارض ةالاماكن المأهولة بالسكان بغض النظر عن اللون والمعتقد…
ولعدم الحضور فی هذه المجتمعات شكلان:
الشكل الاول: ان یكون الامام علیه السلام غیر موجود على وجه الارض اطلراقاً, أی مرفوعاً الى السماء او فی كوكب اخر او ما شاكل ذلك, ویكون حاله كحال سیدنا عیسى علیه السلام وعلى نبینا افضل الصلاة واتم السلام.
وهذا الشكل ایضاً له حالتان:
الحالة الاولى: ان یكون الرفع عن الارض مستمراً وبصورة دائمیة خلال فترة الغیبة.
الحالة الثانیة: ان یكون منقطعاً وتتخلله فترات نزول الى الارض.
اما الحالة الاولى فغیر مجتملة اطلاقاً وذلك لـ:
1) غیر واردة المعنى فی الروایات الخاصة بغیبته علیه السلام.
2) متعارض مع الروایات التی تشیر الى تواجده مع التاس فی موسم الحج وروایات قیامه ببعض التكالیف وقضاء الحوائج واخبار المشاهدة.
3) مخالف للعقیدة الراسخة بأن الارض لا تخلوا من حجة وانها لو خلت لساخت بأهلها.
اما الحالة الثانیة: فمرفوعة الاحتمال ایضاً لأنطباق النقطتان الاولى والثالثة علیها فی رد احتمال الحالة الاولى…فانظر.
الشكل الثانی: ان یكون علیه السلام موجوداً على الارض ولكنه منزویاً ن المجتمعات البشریة والاماكن المأهولة بالسكان وانه موجود فی مكان غیر متوقع العیش فیه.
وهذا الشكل ایضاً له حالتان:
الحالة الاولى: استمراریة الانزواء.
الحالة الثانیة: تخلل ذلك الانزواء فترات اختلاط بالناس.
اما الاستمراریة فمنقوضة باخبار المشاهد واخبار حظور الموسم وغیرها مما لا یمكن الشك فیه.
واما الحالة الثانیة فمحتملة وغیر متعارضة مع ما ذكرناه بل تؤیدها بعض الاخبار والتی منها:
1) من كلام للامام المهدی علیه السلام لمحمد بن ابراهیم بن مهزیار حین قابله: یابن المازیار: ابی عهد الی ان لا أجاور قوماً غضب الله علیهم ولعنهم ولهم الخزی فی الدنیا والاخرة ولهم عذاب الیم, وامرنی ان لا اسكن من الجبال الا وعرها, ومن البلاد الا عفرها…. الخ كلامه علیه السلام.
2) ماورد فی دعاء الندبة الذی ینسب الیه علیه السلام ما یدل على هذا الاحتمال (لیت شعری أین استقرت بك النوى بل أی ارض تقلك او ثرى, ابرضوى ام غیرها ام ذی طوى….).
وعندما تجتمع هذه الاخبار مع الاخبار الدالة على اختلاطه فی المجتمعات البشریة مثل اخبار المشاهدة او حضور الموسم او قضاءه لبعض الحوائج التكالیف. نستطیع عندها ان نحتمل الحالة الثانیة من الشكل الثانی من المرتبة الاولى من اقسام الغیبة المادیة والتی هی (للامام علیه السلام سكنى فی مناطق واماكن منزویة عن المجتمعات البشریة ولكن یتخلل هذا الانزواء خروج ولبث فی بعض المناطق المأهولة بالسكان).
اذن نلخص هذه المرتبة. ان هناك شكلان من الغیبة المادیة المقابلة للحضور ولكل شكل حالتان. فیكون الناتج اربعة اقسام:
1) مرفوعاً عن الارض بصورة مستمرة…وقد ابطلناه.
2) مرفوعاً عن الارض بصورة متقطعة….وقد ابطلناه ایضاً.
3) منزویاً فی الارض بصورة مستمرة.. وهذا ما قلنا ببطلانه.
4) منزویاً فی الارض بصورة یتخللها خروجاً ولبثاً فی بعض المناطق, وهو احتمال قائم ومنسجم مع الاحادیث الواردة.
المرتبة الثانیة: وهی الغیبة المقابلة للظهور.
وعندها یكون الامام علیه السلام لا یمكن رؤیته او النظر الى جسده الشریف رغم حضوره وتواجده فی المكان. وهو ما یعبر عنه بـ(خفاء الشخص).
وهذه المرتبة ایضاً لها حالتان محتملتان هما:
الحالة الاولى: الاستمراریة: أی استمرار حالته هذه خلال غیبته.
الحالة الثانیة: الانقطاع: أی تارة یكون غیر مرئی وتارة اخرى یكون مرئی.او التقطع یكون بالنسبة للرائی, أی شخص یراه وشخص لا یمكنه ان یراه رغم تواجده امامهم معاً.
اما الاستمراریة فغیر متوقعة, لمعارضتها لاخبار المشاهدة.واما الانقطاع, فیمكن توقعه اذا اخذنا بنظر الاعتبار اخبار المشاهدة الدالة على اختفاءه فی بعض الحالات وبصورة غیر طبیعیة عند انتهاء المقابلة وذلك حفظاً على نفسه وبالتالی على المهمة الموكول بها, ومن هذه الاخبار, الخبلر الذی یقول بأنه علیه السلام ظهر لعمه جعفر الكذاب مرتین خلال الغیبة الصغرى ثم اختفى من دون ان یعلم این ذهب. او الاخبار التی تدل على رؤیته من شخص دون اخر.
ثانیاً: القسم المعنوی
المرتبة الاولى: خفاء العنوان, وعندها یكون الامام علیه السلام یعیش فی المجتمعات البشریة (وقد یكون بالحالتین المنقطعة او المستمرة) ولكن لیس بعنوانه الحقیقی, أی لیس بعنوان انه الامام المهدی الموعود, وانما یتخذ لنفسه عنواناً اخر وهویة مغایرة كان قد اكتسبها علیه السلام بین الناس.
واحتمال هذا النوع من الغیبة قوی جداً ومن جوامب عدیدة:
1) ینسجم وقسم من الاخبار التی تشیر الى معنى مقارب من هذا المعنى والتی منها خبر العمری: والله ان لصاحب هذا الامر لیحضر الموسم كل سنة یرى الناس ویعرفهم ویرنه ولا یعرفونه او الروایات التی تشیر الى عدم تسمیته باسمه.
2) كونها اسهل اداءً من قبله علیه السلام, باعتباره انساناً من ناحیة یحتاج الى مجتمع, وبأعتباره اماماً منوطة به بعض التكالیف التی هی على مستوى الغیبة.
3) لهذا الاسلوب فی حالة الایمان به من قبل القواعد الشعبیة الاثر النفسی والتربوی الروحی من جانب وما ستؤثر علیه تلك التربیة على تصرف الموالی من جانب اخر. حیث ان المؤمن حینما یتوقع ان یكون هذا الشخص او ذاك هو الامام المهدی علیه السلام, سیكون عندها تعامله معه اكثر انضباطاً مما لو كان هذا التوقع غیر موجود وهذا قریب من التعالیم التربویةالاسلامیة التی تشیر الى التحذیر من الاساءة الى أی شخص او احتقار ضعیف لاحتمال كونه ولیاً من اولیاء الله جل وعلا.
4) المصادیق التی دلت علیها اخبار المشاهدة الخاصة وبالعناوین الثانویة التییتقلدها علیه السلام عندما یلتقی بشخص معین او یقضی حاجة اخر, فتارة یرتدی العقال العربی على اختلاف اشكاله واخرى بزی اهل البادیة او یرتدی زیاً مهیباً او فلاحاً یحمل المسحاة او سید جلیل من رجال الدین, وقد یركب الفرس او الجمل او یكون ماشیاً او قد یتكلم بلغات مختلفة…الخ
المرتبة الثانیة: غیاب الماهیة, بمعنى ان الامام علیه السلام ذو حقیقة مختفیة عن الناس, والحقیقة هی المقام والرفعة والمستوى والشرف والمنزلة والقرب الالهی والوظیفة الربانیة التی یتصف بها الامام, وهذه الغیبة لمن یدقق موجودة عند جمیع الائمة والانبیاء والاولیاء, وما خطاب الرسول الاعظم صلى الله علیه وآله وسلم لعلی بانه لا یعرفه الا الله والنبی الا اشارة لهذه الغیبة.
وهذا النوع من مراتب الغیبة تارة یكون متعمداَ من قبل الغائب نفسه, أی یخفی مستواه ومنزلته ومرتبته للاخرین لاسباب مختلفة, كأن تكون تواضعاً او حفاظاً على النفس او حفاظاً على الاخرین او ماشاكا ذلك, وتارة اخرى یكون منشئها قصور الغائب عنه او تقصیره. أی قد یكون الانسان الجاهل للانسان الاخر لیس بمستوى معرفة ذلك لانسان وقیلس كنهه, وتخرى قد یكون مقصراً وكسولاً عن استقصاء الحقائق والتعرف على بعض الذین یستحقون المعرفة.
وهذا النوع من مراتب الغیبة یعتبر من اخطر المراتب على الاطلاق بالاظافة الى كونه سبباً فی كثیر من الاحیان لتهیأة اسباب مراتب الغیبة الاخرى, فبه یظلم الناس, وبه یحرم الذین هم بأشد الحاجة الى من هم اهلاً للاحترام والقیادة, ویحرم الذین هم بأشد الحاجة الى القیادة وارشادات وتوجیهات وبركات اصحاب المقامات العالیة
فهذه المرتبة متحققة ویتصف بها الامام علیه السلام.
المرتبة الثالثة: غیاب الوظیفة: وهذا اوضح من الشمس وأبین من الامس, ویشترك علیه السلام فی هذه المرتبة مع ابائه علیهم السلام كالمرتبة السابقة, حیث وبعد ان فارق الرسول صلى الله علیه وآله وسلم الحیاة وبعد ان بلغ ما بلغ من القران الكریم واوصى ما اوصى الى الخلیفة بعده وحدد مواصفاته وعین اسمه ورسمه وشكله, بل اخذ البیعة له على رؤوس الاشهاد, وبعد كل ذلك وغیره انحرفت الامة وازالت الحق عن اهله ووضعت الامور فی غیر موازینها فبات الخلفاء الحقیقیون والائمة الهادون هم الطریدون وهم المشردون وهم الخارجون…!
فلم یأخذوا دورهم الحقیقی فی قیادة الامة, ولیت شعری لو كان كذلك, ولعمری لو تحقق ما اراده الله ورسوله ماذا نكون الان واین سنكون غدا.!
هذا النوع من الغیبة بسببه اندرس الاسلم وانمسخت ملامحه, هذه الغیبة تفرق بسببها المسلمون وقتل بعضهم بعضا.
اذن هذه الغیبة واقعة وحادثة وجاریة الحدثان لشدید الاسف.
اما المرتبة المشتركة بین القسم المادی والمعنوی, والتی تنسب الى الله عز وجل, فأن الامام المهدی علیه السلام وحسب الاخبار الواردة هو من اوضح مصادیقها.
فعن الامام الصادق علیه السلام فی قوله تعالى ((الذین یؤمنون بالغیب)) قال: من امن بقیام القائم علیه السلام انه حق.
وعن یحیى بن ابی القاسم قال: سألت الصادق علیه السلام عن قوله تعالى ((الم, ذلك الكتاب لا ریب فیه هدىً للمتقین, الذین یؤمنون بالغیب))؟ قال المتقون شیعة علی علیه السلام والغیب: فهو الحجة الغائب, وشاهد ذلك قول الله عز وجل((ویقولون لولا انزل علیه ایة من ربه انما الغیب لله فانتظروا انی معكم من المنتظرین)).
وعن الامام الباقر علیه السلام, بأن لغیب هو البعث والنشور وقیان القائم والرجعة.
نتیجة البحث:
بعد ان حددنا مراتب الغیبة وبینا ما یمكن ان ینطبق على الامام علیه السلام وا لا یمكن ذلك, ندرج الان ما نرشحه ان یكون احتمالاً علمیاً قائماً حول شكل غیبة الامام وبعضها یكون مجتمعاً فیه علیه السلام وكما یلی:
1) خفاء الشخص وبصورتیه المنقطعة.
2) خفاء المكان وبصورته المنقطعة.
3) خفاء العنوان
4) خفاء الماهیة
5) غیبة الوظیفة
6) انتسابه الى غیب الله عز وجل.
اما الشرطان اللذان حددناهما بضرورة اتصاف الغائب بهما:
• امكانیة وشأنیة ترك حالة الغیبة.
• حاجة وضرورة ترك حالة الغیبة.
فهما متحققان, فإنه لیس من شأنه ان یكون غیر مرئی او غیر مدرك من قیل الحواس كونه بشر, ولنفس السبب لیس من شأنه ان یكون منزویاً عن الاموساط الاجتماعیة كون الانسان اجتماعی الطبع. بالاظافة الى امكنیة ابراز العنوان وتوضیح الماهیة, وامتلاكه لأهلیة قیادة المجتمعات البشریة على وجه المعمورة.
اما حاجة المجتمع الى ظهور شخصه وعنوانه وماهیته وقرب مكانه واتخاذ وظیفته الحقیقیة فهو الخیار الذی لا خیار معه وخاصة فی ظروف الارض الجاریة.
وكذلك بالنسبة الى الغیبة المنسوبة الى الله جل وعلا, فتحتاج الى توفیقات خاصة من قبل الانسان للاطلاع علیها والاستفادة من بركاتها.
اذن الامام علیه السلام وحسب ما احتملناه غائباً عنا بأكثر من غیبة, وترك الغیبة او الغیبات تلك ممكنة بل وضرورة ملحة للبشر بل للكون.
والحمد لله رب العالمین
یحیى غالی یاسین