بقلم : قاسم محمد الخفاجي
لا يخفى على الجميع إن المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة السيد علي السيستاني التي أفتت بـ (الجهاد الكفائي) لم تكن لسواد عيون المالكي وحكومته الفاشلة ، بل ما حصل من انتكاسة أمنية وسياسية كانت نتيجة لسياسة المالكي ، فالمرجعية عندما شخصت الخطر الكبير المحدق بالعراق ، أطلقت فتواها التي كانت إنقاذا للعراق من الإرهابيين والسياسيين غير الوطنيين ، وقد كان لهذه الفتوى التأثير الكبير على الواقع الأمني والسياسي ، وقلب المعادلة لصالح الوطن والمواطن ، ولا يمكن لأي متابع للشأن العراقي أن ينكر ذلك .
والمرجعية الدينية كما عهدناها لا تترك الحبل على الغارب ، فهي تتحرك وتحرك جمهورها ، إذا ما شعرت إن الأمر والوضع يتطلب ذلك ، والشواهد كثيرة على ذلك.
طالبت طالبت المرجعية الدينية العليا على لسان ممثلها في كربلاء السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة بتاريخ (5/ رمضان / 1435 هـ ) الموافق (4/ تموز / 2014م) السياسيين بالاسراع بتشكيل حكومة تحضى بقبول واسع .
وإذا ما قرأنا مابين السطور لدعوة المرجعية وطلبها ، فإننا نجزم بأنها تقصد إن المالكي الذي هو مرفوض من جميع الكتل السياسية و لايحضى بالقبول الواسع إلا من كتلته (ائتلاف دولة القانون ) لم يعد المالكي هو المرشح للرئاسة الحكومة ، وان كان الفائز الأكبر في الانتخابات ، فالمرجعية لا تريد شخص يزيد من مشاكل العراق ، وقامت بالتلويح والتلميح إلى اختيار بديل عن المالكي ، وبذلك رمت الكرة في ملعب التحالف الوطني وربما بملعب الائتلاف الوطني بايجاد بديل يتمتع بمقبولية واسعة بين الكتل السياسية ، خصوصاً و إن القوى السياسية تعارض الولاية الثالثة للمالكي ، كالائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني والكتل السنية أعلنت عن رفضها تولي المالكي منصب رئاسة الوزراء لولاية ثالثة .
بعد ان ايقن المالكي ان حظوظه بالولاية الثالثة اصبحت مستحيلة ، بسبب تحديد مواصفات رئيس الوزراء من قبل المرجعية ، والتي لاتنطبق عليه ، سارع باصدار بيان هستيري انفعالي ، لا ينم فيه الا عن دكتاتورية وتشبث عجيب بالسلطة ، كانه المنقذ ورجل المرحلة والقائد الضرورة بل كانه رسول مرسل ، وهو الوحيد المكلف بانقاذ العراق ، وان لا احد يستطيع ان يسلبه المنصب لانه جاء بـ ( 720 ) الف صوت ، واعتبر ان ائتلاف دولة القانون هي الكتلة الأكبر ، في حين سبق وان أعلن التحالف الوطني رسميا بانه هو الكتلة النيابية الأكبر ، وكان ذلك بحضور جميع قادته ومن ضمنهم المالكي ، وعقدت جلسة البرلمان الاولى على ضوء هذا الاعلان ، فهذا البيان يعد انقلاباً على التحالف الوطني واثار استغراب واستهجان واستنكار مكوناته ، واعتبره المراقبين والمحللين السياسيين انه رصاصة الرحمة على التحالف الوطني.
لاشك إن جماهير المرجعية الدينية اكبر من جماهير أي سياسي ، وان ولاء جماهير المرجعية اصدق من ولاء جماهير أي سياسي ، وان العلاقة بين المرجعية وجمهورها هي علاقة دنيوية وأخروية (عقائدية ) ، أما علاقة السياسي مع جمهوره فلا تتعدى إن تكون علاقة مصالح دنيوية مادية زائلة بزواله من منصبه في أحسن الأحوال ، اذن المرجعية قادرة على اي التغيير رغما على انوف المنافقين.
عجيب امر بعض السياسيين عندما تلتقي مصالحهم مع المرجعية يعطوها حقها ، ويعترفون بها ، وعندما تعارض مصالحهم لا يسمعونها ، وعليها ان لا تتدخل بالسياسة ، ولا ينفذون ما تامر به ! .