الصين حققت نجاحات كبرى تحسب لها ولقيادتها في ميادين عدة، عسكرية واقتصادية خصوصا، لكن ملف الحريات فيها، خاصة بالنسبة الى الاقلية الاسلامية ما زال يشكل نقطة ضعف ومحور انتقاد من مختلف الجهات.
السلطات الصينية اصدرت قرارا بمنع مسلمي اقليم “سنجان” ذي الحكم الذاتي لقومية الايغور من الصيام في شهر رمضان، ونشرت الادارة المحلية للاقليم بيانا في موقعها على الانترنت حذرت فيه المسلمين الذين يعملون في المدارس والمؤسسات الحكومية من الصوم او القيام بعبادات مشابهة خلال شهر رمضان المبارك.
ندرك جيدا ان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين يلغي الاديان جميعا ويحرم العبادة باشكالها كافة، بما فيها الدين الاسلامي، اي انه لا يستهدف المسلمين دون غيرهم، ولكن المساواة في المنع ليست عدلا، ومن حق الجميع ممارسة شعائرهم الدينية دون اي معوقات.
اقلية الايغور قومية من آسيا الوسطى ناطقة باللغة التركية ويقدر عددهم بحوالي 8.5 مليون نسمة يعيش 99 بالمئة منهم داخل اقليم سنغيانغ، ويتوزع الباقون بين كزاخستان ومنغوليا وتركيا وافغانستان، وساهموا بدور كبير في اثراء التراث الثقافي الصيني بعدد من المؤلفات والكتب والموسيقى والفنون لعل من ابرزها الالعاب البهلوانية التي برع فيها الصينيون.
الايغور كانت لهم دولتهم المستقلة تحت اسم تركستان الشرقية التي ظلت قائمة لمدة عشرة قرون قبل ان تنهار امام الاجتياح الصيني عام 1759 والحاقها رسميا بالصين الشيوعية عام 1950، وقاموا بثورات عدة طلبا للانفصال قوبلت بقمع شديد.
السلطات الصينية ترى في النزعات الاستقلالية خطرا على وحدتها الترابية، ولكن منع العبادات والصوم الذي هو من اركان الاسلام الرئيسية قد يصب في خدمة المتشددين ويوفر لهم الذخيرة اللازمة لتجنيد العديد من الشبان في منظماتهم السرية والعلنية على حد سواء.
السلطات الصينية تبرر الصيام على الموظفين لاسباب صحية فقط، وليس لاسباب اخرى، لانه يؤثر على الانتاج، ويمكن ان يجد مثل هذا التبرير من يؤيده، ولكن هناك من يرى عكس ذلك تماما، حيث تؤكد معظم الدراسات في الغرب والشرق معا ان افضل طريقة للحفاظ على الصحة هو الصيام.
منع المسلمين من الصيام من قبل السلطات الصينية امر مرفوض لانه يتعارض مع كل قيم حقوق الانسان وحرية الدين والمعتقد وقد ينعكس سلبا على علاقات الصين مع اكثر من مليار ونصف المليار مسلم في مختلف انحاء العالم.
التجربة السياسية والاقتصادية المتميزة التي جعلت من الصين القوة العظمى التي تتفوق على الولايات المتحدة في مجالات عدة، والاقتصادية على وجه الخصوص، حيث تشير كل التقديرات على ان الاقتصاد الصيني سيصبح الاقتصاد الاول على مستوى العالم في غضون بضعة اعوام، هذه التجربة المثيرة للاعجاب وتستحق الاحترام لا يجب ان تشوه من خلال منع اقلية صغيرة من ممارسة شعائرها الدينية بحرية.
المصدر : موقع رأي الیوم