السلفية أداة طيعة بيد الصليبية

تضمن أحد الأعداد السابقة لمجلة “موعود”، إفتتاحية حملت عنوان “التحالف الدامي بين الصليب والسلفي وصهيون”، سلطت الضوء اجمالا على التنسيق والتوافق القائمين بين التيارات السياسية والاجتماعية الثلاثة الصليبية والسلفية والصهيونية. ونشر المقال على الشبكة العنكبوتية وقرأه عشرات الألوف من الأشخاص. وخلال فترة وجيزة تكشف من خلال ما حدث في ….

 

إسماعيل شفيعي سروستاني

القسم الاول :

تضمن أحد الأعداد السابقة لمجلة “موعود”، إفتتاحية حملت عنوان “التحالف الدامي بين الصليب والسلفي وصهيون”، سلطت الضوء اجمالا على التنسيق والتوافق القائمين بين التيارات السياسية والاجتماعية الثلاثة الصليبية والسلفية والصهيونية. ونشر المقال على الشبكة العنكبوتية وقرأه عشرات الألوف من الأشخاص. وخلال فترة وجيزة تكشف من خلال ما حدث في “الشرق الاسلامي” [الشرق الاوسط] وفي البلدان الاسلامية كيف أن هذه التيارات الثلاثة – المتباعدة عن أحدها الاخر – في الظاهر التأمت في تحالف غير مقدس للقضاء على محرومي ومستضعفي هذه المنطقة بصورة ممنهجة. واللافت أن قادة هذا التحالف الدامي جعلوا المجتمع الشيعي المستضعف هدفهم ويعتبرونه أكثر أعدائهم الرئيسيين ويرون أن القضاء عليه يشكل ضمانا لأمنهم، في حين أن هؤلاء في جغرافيا العالم هم أكثر أمم الكرة الأرضية استضعافا.
وبعد هذا التحالف غير المقدس الذي تشكل في الأوساط الخفية (الماسونية وجوقة نبلاء مالطا و…)، تجهز تحالف الصليب والسلفية وصهيون واجتاح كجيش المغول الشرق الإسلامي لكي لا يُبقي من باكستان والعراق وسورية سوى أنقاض وخرائب واضطراب. إن ما اختفى في هذا الخضم وأصبح نسيا منسيا في الجلبة الميدانية للقوات العسكرية من جهة والإعلام  الواسع التابع للتحالف من جهة أخرى هو الحقد الصليبي والصهيوني الدفين ضد المسلمين والمستضعفين والذي كان قد ألقى بظلاله خلال جميع القرون المنصرمة بما فيها المائتا عام الأخيرة (تواجد المستعمرين في الشرق الاسلامي) على جميع مقدرات وطاقات المستضعفين والمسلمين.
وكل ذلك الضجيج والجلبة الميدانية لم تترك مجالا لإعادة التعرف على التيارات الماسونية ومحفل ايلوميناتي والحقد الدفين لليهودية الصهيونية، ولم يتساءل أحد عن الاستراتيجية اليهودية المتمثلة من النيل إلى الفرات والوطن الانجيلي الذي يزعمه المسيحيون المتصهينون وجشع الغرب لابتلاع الشرق، بل على العكس فقد انهمك الجميع في امتداح إتفاق وإتحاد أبناء اليهود بالتبني (الأسرة السعودية) مع قادة الصليب وصهيون. وبذلك فقد تدخل السلفيون بالنيابة عن الصليبيين من جهة والصهاينة من جهة أخرى وتحولوا إلى أداة طيعة بايدهم فالحقوا بهذه المنطقة من كوارث وبلايا لا نحتاج إلى أي دليل ومستند لاثباتها. إن هذه الواقعة الدموية تعد الأقل كلفة بالنسبة لهذا التحالف في مداهمته للبلاد الاسلامية طوال التاريخ. وقد بلغ هؤلاء جميع أهدافهم المنشودة من دون أي استعانة وبلا أي أضرار أو خسائر مالية وبشرية وهم يقهقهون كالشياطين.
وقد وقعت هذه الواقعة في ظروف من التاريخ بحيث أن:

1-    الغرب كان يسير نحو التعاسة والزوال وأقر بنهاية تاريخه وذلك وفق ما عبر عنه فلاسفة التاريخ والمنظرون والمحللون السياسيون والاجتماعيون الغربيون في المجالات الثقافية والحضارية1؛
2-    عالم المحرومين والمستضعفين كان جاهزا لنوع من الصحوة العامة وخوض المواجهة الثقافية والحضارية مع الغرب؛
3-    فرصة مغتنمة كانت أتيحت للوحدة بين المسلمين (الشيعة والسنة) ضد الصهيونية العالمية؛
4-    الإسلام كان يجتاح بسرعة كل جغرافيا الغرب و…
وفي ظل هذه الظروف، كان قادة الدول الصليبية والصهيونية على علم بانه من أجل الخروج من هذه الظروف العصيبة، يجب بناء اصطفافات واستقطاب أنصار من بين الدول الاسلامية ذاتها ومنح توكيل لهم لتشغيل ماكينة القتل والذبح الفجيع وضرب وتمزيق أوصال المسلمين بالسيف المسلول الذي أعطوه للمسلمين أنفسهم باسم الاسلام والدعوة إلى الاسلام وفي الوقت ذاته إبعاد أصابع الإتهام عن أنفسهم. وكانت هذه الواقعة تتيح فرصة سانحة لقادة الصليب وصهيون لعرض أبشع صورة وأكثرها خشونة وعنفا عن الاسلام والمسلمين لشعوب الغرب وتأخير تاريخ موتهم.
وكان هؤلاء يظنون أنهم سيقللون بذلك من وتيرة تنامي الإسلام في الغرب.

 

 

التحالف الدامي ومشروع الشرق الأوسط الكبير

وبالرغم من أن قادة المحافل السرية وزعماء تياري الصليبية والصهيونية كانوا يظنون بان التأسيس المرحلي لحكومة بني اسرائيل العالمية وتوفير التطمينات اللازمة لاقرار أمن شامل ومستديم لاسرائيل ونهب موارد وخيرات الشرق الإسلامي رهن بتطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير، لكنهم كانوا يعرفون جيدا بان تنفيذ هذا المشروع مرحلة بمرحلة يتوقف على إيجاد ظروف سياسية وأمنية خاصة تكفل تحققه. إن تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يصاحبه تغيير وتناقل واسعين في الحدود الجغرافية، لم يكن ممكنا من دون إيجاد أنصار وأتباع من بين الدول الاسلامية وتحاشي الغرب الدخول في مواجهة مباشرة مع المسلمين، لان شعوب الشرق الاسلامي وفي ظل كل التجارب السابقة ستتوحد في مثل هذه الحالة للوقوف بوجه الهجوم الصليبي الصهيوني. وفي هذه المرحلة فان هؤلاء حددوا وشخصوا أداتهم التي تنوب عنهم في تنفيذ مآربهم.
إن السلفيين التكفيريين كانوا أكثر الجماعات جهوزية بدعم من المحافل الصليبية والصهيونية بامريكا واوروبا للتمهيد لوضع مشروع الشرق الاوسط الكبير موضع التنفيذ. ومن وجهة نظر المستعمرين الماكرين فان؛
•    بعثرة البلدان الاسلامية واختراق وحدتها واتفاقها الهش؛
•    إذكاء النزعات والنعرات الطائفية والقبلية والعرقية؛
•    إضعاف الدول أثناء دفاعها عن سيادتها الوطنية ووحدة أراضيها وزعزعة دعائم حكمها؛
توفر كلها ظروف تحقق المراحل النهائية لمشروع الشرق الاوسط الكبير، وبذلك فان بلاد الشرق الاسلامي مترامية الأطراف ستضعف أكثر فاكثر وستكون لقمة سائغة تبتلع.
ولابد من الاشارة إلى أن مصطلح الشرق الاوسط الجديد طرح للمرة الأولى من قبل كوندوليزا رايس في يونيو 2005. ووصفت هذا المشروع بالمخاض أي بمعنى الحاجة الجادة لايجاد دول حديثة التأسيس. إن الهدف من مشروع الشرق الاوسط الكبير، هو تقسيم منطقة الشرق الاوسط إلى بلدان متعددة تأسيسا على الأقليات والطوائف الموجودة فيها، وأن أول مكاسب هذه السياسة ستكون إثارة صراع إقليمي لا نهاية له.
ويتضمن هذا المشروع أن تقوم القوى الغربية الصليبية والكيان الصهيوني واستمرارا لسياساتها الاستعمارية السابقة، برسم حدود جغرافية جديدة للشرق الاوسط.
وكان التحالف الصليبي الصهيوني بصدد تقسيم البلدان الاسلامية بما فيها ايران وتركيا والعراق وباكستان وكان يرى بان تحقق هذا المشروع الذي يمكن اعتباره نمطا من الحرب الصليبية الجديدة، رهن بزعزعة امن واستقرار هذه البلدان وتوريطها بصراعات عرقية وطائفية الأمرالذي تولى السلفيون تنفيذه. جدير ذكره بان الفرقة الوهابية تم تصميمها وصناعتها من خلال تجديد السلفية في هيئة جديدة في القرن الثالث عشر للهجرة.
وقد اضطلعت “بريطانيا العظمى” بالدور الرئيسي في تشكيل هذه الفرقة على أساس السلفية التقليدية.
وكان مصممو مشروع الشرق الاوسط الكبير يأملون بان يعملوا من خلال اقتطاع أجزاء من إيران والعراق وتركيا وسورية وباكستان وإيجاد بلدان قبلية واثنية أصغر، على إبعاد الخطر عن أنفسهم والحصول على إمكانية السيطرة التامة والهيمنة المباشرة على المصادر الغنية للطاقة في هذه المنطقة.
إن الممثلين المحليين لتحالف الصليب وصهيون في وسط العالم الاسلامي أي العربية السعودية وبعدها سائر البلدان العربية المطلة على الشاطئ الجنوبي للخليج الفارسي، أوصلوا الغرب من منتصف الطريق ومن دون أي تكلفة إلى وجهته وذلك من خلال إذكاء النعرات العرقية والطائفية الأموية المتعصبة والجاهلة. وعقب ذلك، أقحمت افغانستان ومن ثم العراق وبعدهما سورية في أكثر النزاعات دموية خلال الأعوام المائتين الأخيرتين وخسرت كل قوتها في مواجهة هذا التحالف المقيت.
وفي أعقاب هذه الحوادث المتسلسلة خرجت اليهودية الصهيونية من مرمى المسلمين ووقفت كتلة متحدة غير مسبوقة إلى جانب دول مسلمة في الظاهر في المنطقة أي السعودية وقطر والامارات العربية المتحدة والأردن. وبذلك غيرت اليهودية الصهيونية موقعها من خصم حقود لدود للمسلمين إلى شريك في المصالح ورفيق في المحافل.
وهذه الموجة وصلت في مراحلها اللاحقة إلى شمال افريقيا (مصر) وأبعدت في حركتها التكوينية كل المخاطر عن الكيان المحتل للقدس وغاصب الأراضي الاسلامية.
إن القضاء على قدرات وطاقات المجاهدين الشيعة في المنطقة والتمهيد لظروف تحقق المشروع الشيطاني المتمثل في الشرق الاوسط الكبير، لم تكن الميادين الوحيدة التي أدخل قادة الصليب وصهيون فيها، التيار السلفي والوهابي. إن دراسة أداء هذا التيار منذ تأسيسه على يد “بريطانيا العظمى” وحتى اليوم، تظهر الأوجه الاخرى للأدوار التي يضطلع بها هذا التيار الإستعماري الصنع.
ومن يمكن له الزعم بان طلقة واحدة أطلقت خلال العقود الثلاثة الماضية من جانب الدول العربية باتجاه اسرائيل، في حين أن الوهابيين السلفيين والكيان الصهيوني وجهوا خلال السنوات الستين الماضية حملاتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية على الشيعة. إن سورية ولبنان وايران بوصفها بلدان الخط الأمامي تقف بوجه الصهاينة فيما دخل قادة الدول العربية في قصة غرام مع قادة الصليب وصهيون في المنظمات العالمية واختاروهم كحلفاء استراتيجيين لهم.

 

 

التحالف الدامي ومشروع آخر الزمان

ويمكن تأليف كتاب منفصل حول قيام الاستعمار بايجاد فرق في الشرق الاسلامي.
وفي منعطف القرن الثالث عشر للهجرة، عرضت ماكينة بناء الفرق الإستعمارية، منتجاتها وافرازاتها الخاصة بها.
ومع غرس الشجرتين المريرتين وهما الوهابية والبهائية، الاولى في النقطة البؤرية لعالم أهل السنة، السعودية والأخرى في النقطة البؤرية لعالم التشيع، ايران، كان المستعمرون الذين يتابعون مآربهم المرحلية، يأملون أن تنمو وتثمر هاتين الشجرتين والإفادة من ثمارهما لنيل أهدافهم على الأمد الطويل. ويمكن في هذه الظروف التاريخية وفي عصرنا، درك سر غرس هاتين الشجرتين في نقطتين بؤريتين من العالم الاسلامي أي ايران والسعودية.
إن دراسة الأسس النظرية للوهابية والبهائية وتوجهاتهما الثقافية والعملية، تظهر بان هاتين الفرقتين إرسيتا على أساس العناد والحقد تجاه إمامة وولاية الإمام المعصوم (ع) – أي كل ما هو مبني عليه الفكر الشيعي ويقف استنادا إليه بوجه الوضع المرتبك لاعداء الأديان والانسان المقاوم-.
ومن جهة أخرى، فان هاتين الفرقتين عملتا على تنمية معارضة التوجه آخر الزماني لدى المسلمين (المهدوية والإعتقاد بالموعود) وحالتا دون الحوار حول ضرورة الجهوزية لقبول ولاية المعصوم الغائب (ع) ومواكبته في واقعة الظهور المقدس.
وحدث هذا فيما كانت معظم مصادر الحديث والكلام للشيعة والسنة (المذاهب الأربعة) تؤكد صحة هذه العقيدة وتحدثت حول ضرورة التفكير بشأنها.
وباي طريقة يمكن تبرير الصمت المتلازم مع الرفض والإنكار للمهدوية والفكر الموعودي الخاص بالمسلمين لدى الفرق المصطنعة على يد الاستعمار؟ ويمكن للأسف القول بتجرؤ بان أيا من المجموعات الاسلامية التي تقطن الشرق الاسلامي لا تملك معلومات حول المهدوية والفكر الموعودي بقدر ما تملكه الاوساط والمراكز الدراسية الصليبية والصهيونية،  في حين أن عامة المذاهب من الشيعة والسنة تتفق في الرأي حول هذا الوجه من البحوث المعرفية وأن مصادر الحديث لديها تنطوي على تأييد هائل لذلك.
إن اشتراك هذين التيارين الاستعماريين (الوهابية والبهائية) في الموضوعين المهمين آنفي الذكر أي الولاية والإمامة والمهدوية وحقد هذا التحالف الدموي الدفين في هذا الخصوص، يميط اللثام عن مدى وقوف قادة الصليب وصهيون على جوهر الثقافة الاسلامية وجهوزيتهم لمواجهة واحباط مفعول هذه المعتقدات.
إن غفلة سكان الجغرافيا الشيعية عن هذا الشئ، يكشف النقاب عن عمق الكارثة.
ولا يخفى بان مجمل الأحاديث والروايات عن رسول الله (ص) والواردة في المصادر الروائية الشيعية والسنية؛
•    تبين بافضل وجه الظروف والخصائص (الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية) للعالم وشعوب العالم في سنوات ما قبل الظهور الكبير للمنقد الموعود؛
•    إن هذا الوعي الإلهي يميط اللثام تلقائيا عن إصطفافات التيارات الصديقة والعدوة في تلك الظروف؛
•    إن هذه الأحاديث والروايات المأثورة تبيّن واقعة الظهور الكريمة منذ التحضيرات وحتى بلوغ النتيجة النهائية؛
•    وتقدم الجغرافيا الترابية وميدان عمل موافقي “الموعود” ومعارضيهم الحقودين؛
•    و…
إن المعطيات الأصيلة والتي تم توقعها في مجمل روايات وأحاديث رسول الله (ص) تكفي لكي تعرف جميع الأمم والأعراق الاسلامية التي تقطن جغرافيا الشرق الاسلامي، موقعها وتتعرف على واجباتها وتتخذ موقفا من الأحداث والتطورات.
إن هذه المعطيات التي هي بمعظمها مكتوبة وكان يمكن تحديدها ودراستها في مكتبات العالم الاسلامي من بين مصادر الحديث، كانت تكفي أيضا لأعداء الاسلام والمسلمين ليتعرفوا على الظروف والمواقع لرص صفوفهم وجمع أنصارهم وأتباعهم والإستيلاء على المناطق المهمة والاستراتيجية والقضاء على قدرات المستضعفين المسلمين في النزاعات الاقليمية والدولية وبزعمهم الحد من وقوع واقعة تضع نهاية لسنوات من حرمان عالم المستضعفين وظلامته وذلك قبل أن تندلع صحوة بين المستضعفين.
إن كل باحث منصف يمكن له من خلال دراسة جزء صغير فقط من الأحاديث والروايات المتعلقة باخر الزمان والموعود المنقذ الموجودة في الكتب الاسلامية (والمنقولة عن الرسول الأكرم (ص)) ودراسة موقع العالم الاسلامي والمسلمين القاطنين في الشرق الاسلامي في العصر الحاضر، أن يفهم ما أشير اليه وإنقاذ نفسه من التيه والحيرة.
ووفقا لهذه الأحاديث والمصادر، فان ألد أعداء “الموعود المقدس” سيخرج في آخر الزمان وقبل الظهور، على هيئة السفياني وجنوده من منطقة “الشامات” وهي مكان واقع بين الأردن وسورية الحالية ليواكب الغرب واليهود بعد اجتيازه الشامات والعراق ويقف بوجه الإمام المهدي (ع) ويدخل في مواجهة معه. والان يجب التساؤل، أي من المذهبين الشيعي والسني لم يشهد هذا الموضوع في المصادر الروائية ومصادر الحديث لديه؟
وهل يمكن تجاهل مئات الأحاديث المعتبرة حول عصر الظهور ونهضة المهدي الموعود (عج)؟ وبخلاف ذلك يجب أن نعترف ونقر بان المسلمين قد تركوا كل هذه المصادر وشأنها ولم يولوها اهمية.
إن ترك المصادر الاسلامية وشأنها لا يعني عدم اطلاع الأعداء اللدودين للمسلمين عليها، في حين أن اليهود وعلى مدى ألوف السنين، ومن أجل الانتقام من الله والحقد على الأديان والانسان وتطبيق مشروع الحكم الكوني لبني اسرائيل، بذلوا جهدهم ولم يتوانوا عن بذل هذا الجهد حتى ليوم واحد وهم يلقنون حلمهم في بيناء مدينتهم المنشودة لأطفالهم الرضع حتى. إن اليهود هم ذلك الطفل التائه الذي يبحث عن أمه والفردوس الذي وعدوا به، ويملأون اليوم جميع صفحات كتب الأطفال والأفلام وأفلام الرسوم المتحركة لالوف القنوات التلفزيونية والفضائية.

 

 

إستنساخ عصر الظهور وآخر الزمان يدويا

لقد أدرك قادة الصليب وصهيون مدعومين من مراكزهم للدراسات ومراكزهم الاستراتيجية أن ظروفا تاريخية خاصة تسود العالم، وطالما لا يستطيعوا تدارك الأمر بسرعة ولا يطبقوا المراحل والحلقات الأخيرة لتأسيس حكومة بني اسرائيل الكونية في “فلسطين المحتلة”، فانه لن تتاح لهم فرصة أخرى. إنهم كانوا قد تيقنوا بان الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعالم قريبة الشبه إلى العلائم والإرهاصات المبينة في مصادر الحديث حول ظروف السنوات التي تسبق ظهور “المنقذ الموعود”. لذلك كانوا بصدد وضع إجراءات إحترازية موضع التنفيذ، ولذلك عملوا بسرعة مستعينين بعملائهم الاقليميين لسبق الأحداث. 
إن معظم مصادر الحديث والروايات، تظهر أن سلسلة وقائع عصر الظهور ستبدأ من منطقة الشامات. لذلك فان إستنساخ الوقائع المتوقعة بشأن عصر الظهور في جغرافيا “الشامات” و”شمال افريقيا” بحاجة إلى أشبه الناس للأشخاص الطبيعيين والإعتباريين الذين ورد ذكرهم في أحاديث وروايات آخر الزمان الواردة في المصادر الاسلامية.
إنهم كانوا يعرفون أن خروج التيارات السلفية والتكفيرية من الشامات وقتل الشيعة على طريقة أنصار السفياني واطلاق الشعارات الأموية و… بين جماعة كبيرة من مجتمع المسلمين غير الواعين، يثير هذه الشبهة بان ما يجري من أحداث وتطورات حاليا في الشامات والعراق هو عينها تلك الظروف المنقولة في الأحاديث والروايات المتعلقة باخر الزمان.
وقد توجه السلفيون والوهابيون المدعومين سياسيا وماليا من الأمراء السعوديين والحكومة الوهابية وبوصفهم الركن الثالث من تحالف الصليب والسلفي وصهيون بسرعة نحو الشام واطلقوا شعارات سلفية حادة ليخلطوا الأوراق على الكثير من السجذ والبسطاء.
ودخل أصحاب الفتاوى الجاهلون والتابعون للبلاط السعودي على الخط وأضفوا صبغة دينية وشرعية بابشع وأقذر الصور على أكثر أعمال وممارسات الارهابيين وحشية ومناهضة للانسانية وحللوا كل حرام وحرموا كل حلال لكي لا يكون قد بدر منهم تهاون وقصور في إسداء الخدمة لليهود.
إن غاية تبعية جمع من المفتين وجهل جمع آخر منهم، تُدرك عندما نعرف أنهم لم يراجعوا حتى واحدا من الأحاديث المنقولة عن النبي الأكرم (ص)، وإلا فانهم لما كانوا يوصفون بحماة تيار التمرد والارهاب الذي ظهر في منطقة الشامات ولما كانوا يتمنون أمام عدسات الكاميرا وشاشات التفلزة وقوفهم في صف أنصار السفياني.
ولا ننسى أنه في ما وراء البحار، سعى الأصوليون الإنجيليون والمسيحيون المتصهينون من خلال التركيز على العلائم والإرهاصات الملفقة للتورات ولدى سكان الغرب المسيحي لاسيما سكان امريكا، للإيحاء بان الظروف لقيام واقعة هرمجدون ومجئ المسيح الثاني قد توفرت وسيتخلص العالم قريبا ونهائيا من القوى الشيطانية وقوى الشرّ في آخر مواجهات تدور بين قوى الشرّ (المسلمون والعرب) وقوى الخير (حماة بني اسرائيل) وسيشهد العالم سلاما يمتد لالف عام تحت راية بني اسرائيل في “القدس”. إن إظهار هذه المهملات التي هي من نسيج خيال ذهن سكان الغرب المسيحي وإيفاد الجنود الصليبيين المدججين بالسلاح إلى المنطقة كان ممكنا في ظل تشكيل القوات العسكرية للسلفيين على هامش المناطق الحدودية المتاخمة لفلسطين المحتلة أي سورية ولبنان و… .
وإذا ما كان الأمراء والمأجورين السلفيين والوهابيين والمتمردين، قد راجعوا ولو لساعة واحدة أحد برامج إحدى القنوات الفضائية للاصوليين الإنجيليين في “الولايات المتحدة الامريكية” وحماتهم الصهاينة، لكانوا يجدون بان مجمل الصراع والنزاع يدور حول الموضوع القديم المتمثل في تأسيس حكومة بني اسرائيل الكونية ومن أنهم قد انطلت عليهم هذه اللعبة. لكن المؤسف أن السلفيين والوهابيين يعتبرون أكثر عملاء الصليبيين والصهاينة الموثوق بهم لدى هؤلاء. ويمكن فهم أنه على الرغم من تصلب الرأي وتيبس مخ السلفيين والوهابيين أمام المستضعفين والمؤمنين المظلومين القاطنين في العراق وسورية ولبنان وحتى البحرين وشرق السعودية، فان هؤلاء كانوا أكثر المجموعات مرونة وانعطافا بيد الصليبيين والصهاينة، بحيث أن أيا من قادة دول الشرق الاسلامي لم يدخلوا في قصة غرام مع قادة الغرب والصهاينة بقدر ما بدر من قادة الدول العربية (السعودية والبحرين وقطر والامارات و…). إنهم صبوا الماء في طاحونة المسيحيين المتصهينين وأصبحوا شركاء في جميع جرائم الصليبيين والصهاينة.

 

الهلال الشيعي في ايران

ويسعى الكاتب لإماطة اللثام عن أداء وموقع التيار السلفي والتكفيري الوهابي شبه الديني في تطورات العقود الأخيرة في الشرق الاسلامي. ومنذ أن أتى عبد الله الثاني ملك الأردن في تطبيق يروج لرهاب الشيعة على ذكر نمو وانتشار الشيعة في الشرق الاسلامي تحت عنوان الهلال الشيعي واستخدمه لتبيان التوجهات المحبة لايران لدى الشيعة العراقيين، أصبح هذا التعبير يحرك في جبهة الدول السلفية والوهابية الشعور بالخطر ويحرضها على كسر وتحطيم فرص هذا الإتحاد والأتفاق. إن تأثر الشيعة في البحرين ولبنان وسورية وبعض بلدان الخليج الفارسي بالثورة الاسلامية في ايران بسبب أوجه الاشتراك الدينية أذكى أكثر فاكثر هذا التصور من أن الهلال الشيعي في المنطقة آخذ بالتشكل.
جدير ذكره أن عبدالله الثاني الأردني شأنه شأن بعض قادة الدول العربية يعد من أعضاء محفل النبلاء السري. المحفل الذي يحمل توجها ماسونيا ويسعى لبسط ونشر التيارات الاستعمارية في المنطقة.
وبعد تولي الشيعة، السلطة في العراق في ربيع 2003، بذلت امريكا وحلفاؤها جهودا كبيرة للإيحاء بأن التقارب الشيعي يشكل خطرا على أهل السنة وكذلك ترهيب الدول السنية وإرغامها على مواجهة هذا التقارب ومقاومته.
وهذا الموضوع يمكن النظر إليه في إدامة تيار إستنساخ وقائع آخر الزمان.
وهذا الأمر كان يضع فرصة جديدة بتصرف الصليبيين والصهاينة ليذكوا بطريقة أخرى النزاعات الاقليمية بين الشعوب المسلمة المظلومة والإصطياد في الماء العكر. إن بيع الأسلحة إلى الدول العربية المسلمة وإبرام معاهدات ثنائية ومتعدد الأطراف بين الدول العربية والدول الغربية وحتى الكيان الصهيوني، يعد جزءا من مشروع رهاب الشيعة تحت ذريعة إحتمال تشكل الهلال الشيعي.
ومن وجهة نظر المحللين السياسيين فان الهلال الشيعي يبدأ من الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط وينتهي بعد عبوره سورية والعراق، في ايران وشواطئ الخليج الفارسي.
ولا يخفى بان القسم الأكبر من حراك المستضعفين في مواجهة المستكبرين، هو حصيلة الأرضيات الفكرية والثقافية السائدة في المعتقدات الشيعية وكون الشيعة غير مساومين في مواجهة المستكبرين وكذلك حقد الغرب والدول العميلة له على المؤمنين وتوافر أرضيات الحركة الاجتماعية لكسر الحصار الصليبي والصهيوني الجائر.
إن الغرب والحكومات التي تحكم دول منطقة الخليج الفارسي ومن أجل إيجاد تصدع في جدران هذا الهلال الشيعي المزعوم وتقييد نطاق العمل الاجتماعي والسياسي للشيعة، أصبحوا بصدد تنفيذ خطط سياسية وأمنية وعسكرية مختلفة بما فيها:
1-    ترويج السلفية بين أهل السنة؛
2-    الإستيلاء على المناطق الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية للشيعة بمدد الدولارات النفطية للسعودية وحلفائها؛
3-    العمل على الإطاحة بالحكومات الشيعية في العراق وزعزعة العلاقات السياسية والاجتماعية في العراق وايران وسورية؛
4-    إذكاء النعرات الطائفية بين العرقيات والطوائف التي تقطن الجغرافيا الترابية لايران والعراق وسورية ولبنان؛
5-    مواكبة الصليبيين والصهاينة وإعطاء التنازلات الخاصة لهم، من أجل إحتواء الحكومات الشيعية في ايران والعراق.
وهو ما يشكل جزءا من إجراءات هذا التحالف غير المقدس لضرب الكيان الثقافي والمادي للمؤمنين والمستضعفين من شعوب الشرق الاسلامي.
وقد أعتبر السلفيون أحد الأعضاء المهمين في التحالف السياسي والأمني للقرون الأخيرة واضطلعوا بدور مهم في كسر الهلال الشيعي وفي الحقيقة القضاء على القدرة الثقافية والمادية للمستضعفين الذين يقطنون هذه المناطق وإحلال الهلال السلفي محله. وتمتع هؤلاء في هذا المسار بدعم سياسي وعسكري وأمني واقتصادي من الدول الصليبية والصهيونية لتبني اجراءات غير أخلاقية ومناهضة للبشرية لا يتذكر التاريخ نماذج يذكر منها.
إن السلفيين التكفيريين وفي ظل هذا الدعم والسند بما فيه الرساميل الضخمة للحكومات العربية والدعم السافر من الدول الغربية، تقدموا خطوة فخطوة إلى الأمام واجتازوا الحدود. وركز هؤلاء في المرحلة الاولى جل اهتمامهم على النشاطات الثقافية والدعوة الدينية في جميع المناطق الشيعية، وفي المرحلة الثانية دخلوا في الصفقات الاقتصادية والسياسية في خطوة لزعزعة الأسس السياسية والمالية لسكان المنطقة التي اطلقوا عليها اسم الهلال الشيعي، لكن هؤلاء دخلوا مبكرا المرحلة العسكرية وجندوا واستخدموا الارهابيين من شمال افريقيا وحتى الدول العربية لاطلاق النار على مجمل المستضعفين.
ولا يمكن في هذا الخصوص الشك بان التحالف الصليبي والصهيوني كان يأمل من خلال طرح هذا السيناريو وتأجيج وهم الهلال الشيعي وتضخيمه لدى الحكومات السلفية، أن ينقذ نفسه وإلى الأبد من الخطر الكامن والفعلي للعالم الاسلامي وأن يحقق أهدافه المرحلية من خلال جعل الجبهتين الداخليتين (الشيعة والسنة) للعالم الاسلامي تتواجهان معا من دون أن يتكبد هو أي أثمان.
إن هؤلاء كانوا يمنون النفس بأن يريحوا أنفسهم للأبد من مضايقات الشيعة وبالتالي ضمان الأمن التام للكيان المحتل للقدس.
وهل تساءلتم يوما أنه لماذا لم يُطلق السلفيون التكفيريون خلال العقود الثلاثة الماضية حتى رصاصة واحدة باتجاه حدود الكيان المحتل للقدس، وفي المقابل هل أحصيتهم حجم النيران الكثيفة التي القيت على رؤوس سكان غزة وجنوب لبنان من قبل الكيان المحتل للقدس؟ وكيف أيضا حجم القذائف التي أسقطت على سكان سورية المستضعفين؟
وعلى الرغم من الممارسات السياسية والاجتماعية غير الديمقراطية والمعادية للانسانية التي تقوم بها حكومتا الحجاز والبحرين ضد مواطنيهما المستضعفين، فهل كانت هناك محاسبة لهاتين الدولتين من قبل الدول الاوروبية والمنظمات الدولية التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان وهل أدينتا في خطوة صورية حتى؟
وفي مارس من العام الماضي كتبت صحيفة “العرب” في تحليل عن التطورات الدامية في المنطقة:
“ان الإسلاميين المتطرفين السنة الذين ينشطون في إطار التكفيريين والقاعدة، منهمكون حاليا في تشكيل هلال سني في مقابل الهلال الشيعي”.
واضافت هذه الصحيفة التي تصدر في لندن أن نظرة إجمالية على أرجاء منطقة الشرق الاوسط تظهر أن هذا التيار ورغم أنه بدأ من سورية لكنه آخذ بالانتشار في لبنان والعراق اللذين يعتبران أكثر المكونات الرئيسية للهلال الشيعي الذي تعد ايران محوره.2 
وهذا الامر يميط اللثام عن المهمة الأخرى للتيار السلفي في الشرق الاسلامي وضمن سلسلة التحالف الصليبي، السلفي والصهيوني.
وتعتبر الحجاز (العربية السعودية) النقطة البؤرية للفكر السلفي وبعده الوهابية. وقد استقوى الفكر السلفي منذ القرن الثالث عشر بالحكام السعوديين والثروة النفطية ليوسع نطاق حركته ويتجاوز حدود الشرق الاسلامي.
ويشكل التكفير أهم أداة السلفية لاقتحام العلاقات السياسية للمنطقة وانتهاج المواجهة الدامية والخارجة على القواعد الشرعية والعرفية المعمول بها من قبل الانسانية. ورأى السلفي أنه وبواسطة هذه الأداة في غنى عن أي حوار، لذلك فقد خزن هذه الطاقة بداخله ليعرض أعنف صورة عن الاسلام والمسلمين (وذلك في العالم الذي يتمشدق في علاقاته السياسية والاجتماعية بالديمقراطية والليبرالية). وهذا الأمر أدى إلى أن يقوم الغرب وتحت ذريعة مواجهة العنف، باجتياح مناطق واسعة من البلاد الاسلامية.
وما هو لافت هنا هو استهداف الشيعة في البلدان التي يشكل الشيعة الاغلبية فيها، الأناس الذين يقاومون بكل ما أوتوا من قوة التيارات الصليبية والصهيونية.

 

البقع غير المتناسقة

ويجب ملاحظة جانب اخر من الدور الذي يضطلع به السلفيون التكفيريون والوهابيون في الشرق الاسلامي في الحركة الزاحفة في الجغرافيا الترابية ل”ايران” وتسليط الضوء عليها بوصفها قطعة أخرى من الأحجية الكبيرة للدور السلفي التكفيري في المعادلات السياسية والاجتماعية للشرق الاسلامي. وقد ركز السلفيون التكفيريون على “بلوجستان” الايرانية لكونها متاخمة لباكستان وافغانستان. وقد تحضر هؤلاء للانطلاق بعد عدة تجارب بما فيها تاسيس المدارس الدينية واعداد الطلبة السلفيين وإيفادهم إلى المناطق المختلفة للاضطلاع بدور في المعادلات الاقتصادية والاجتماعية وثم السياسية. واتبع السلفيون استراتيجية الهجرة والنزوح ورساميل الحكومات السعودية والقطرية والاماراتية لدفع السلفيين والتكفيريين للهجرة إلى المناطق المهمة والاستراتيجية الشيعية مثل “خوزستان” و “خراسان” و … وأوجدوا من خلال التملك التدريجي للأراضي والمراكز التجارية وحتى السكنية المهمة جزرا مبعثرة تشبه البقع النفطية المبعثرة في المحيط. وكان يمكن تكهن أنه من خلال الحقن التدريجي للرساميل المستوردة وتصعيد النشاطات الدعوية عن طريق متخرجي المدارس الدينية السلفية التكفيرية بما فيها المدارس الموجودة في باكستان وافغانستان إثارتهم موجة من الشبهات العقائدية لتجتاح جميع الحدود البرية والثقافية للمنطقة والتي ستهز العلاقات السياسية والاجتماعية المستقرة والثابتة لتحولها إلى ما يشبه الحالة المهتزة والمرتعدة.
إن غفلة المؤسسات السياسية والاجتماعية في ايران عن هذا الشئ على مدى نحو قرنين وتماشي الحكومات الليبرالية والملوثة بتعاليم المجتمع المنفتح (الليبرالي الرأسمالي) مع هذا التيار والحركات الهادفة والمؤذية للتيار السلفي التكفيري، أدى إلى أن نشهد اليوم اتساع نطاق البقع وولادة أرضيات الإرتباكات السياسية والاجتماعية.
إن شهوة إيجاد المناطق التجارية وبناء المجمعات التجارية والترفيهية في العقود الأخيرة في ايران وجهوزية الرأسماليين السلفيين للبذخ والإنفاق المترف في هذا الحقل بواسطة الدولارات النفطية العربية، أدى إلى توسع نطاق هذه البقع يوما بعد آخر.
وكانت محافظتا “فارس” و “هرمزكان” والجزر الايرانية في الخليج الفارسي وبالتالي محافظة “خراسان” من المناطق المهمة التي استهدفها هذا التيار السلفي والتكفيري.
وإن أضفنا إلى هذه المجموعة، استراتيجية الحد من السكان في ايران – والتي تحققت بقوة خلال العقدين الأخيرين بدعم من المنظمات الدولية والحكومات آنذاك – وألقينا نظرة خاطفة على اعتماد استراتيجية زيادة النسل السلفية من قبل المولويين (رجال الدين) الموالين للتيار السلفي والوهابي السعودي، سنجد كيف يتشكل الهلال السلفي في مقابل الهلال الشيعي الذي يزعمه الغرب.
ويمكن من خلال آلة حاسبة بسيطة حساب مستقبل الجماعة التي بلغ معدل النمو السكاني لديها 1.4 بالمائة ورسم صورة عن موقعها الاجتماعي والسياسي.
واعتبرت مجلة “اكونوميست” في تقرير لها عن الدورة الزمنية الواقعة بين 2008 و 2015، بان ايران ستكون من الدول الأقل نموا للسكان في الشرق الاوسط. وحسب توقعات البنك الدولي فان قطر والامارات ستملك أكبر معدل للنمو السكاني (5.6 و 4.9 بالمائة على التوالي) فيما سيبلغ هذا المعدل في ايران 1.3 بالمائة.

الدعوة السلفية، عليكم بمشهد!

في ذلك الوقت الذي نصح فيه مولوي إسماعيل زهي أنصاره، أيها السادة، عليكم بمشهد! لم يكن يتصور هو ما النتائج التي سيتمخض عنها ندائه ودعوته في مواكبة استراتيجية السلفيين التكفيريين والوهابيين السعوديين في الغفلة التامة للمسؤولين المعنيين عن المخطات العدائية للتحالفي الصليبي والسلفي والصهيوني.
إن هذه الدعوة السلفية غيرت مسار الكثير من فعاليات ونشاطات أهل السنة والسلفيين وحتى الوهابيين. إنهم استهدفوا في الحقيقة أكبر الحواضن والحاضرة المعنوية للشيعة في ايران.
وفي أقصر فترة زمنية وفي ظل صمت مسؤولي العاصمة المعنوية لايران بدات النشاطات الثقافية والاقتصادية للوهابيين. وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها مراجع الدين الشيعة توسع نطاق هذه الفعاليات لدرجة أن بعض المسؤولين ومن خلال الغفلة عن كل ما تم تبيانه قبل هذا، ركزوا اهتمامهم على تذليل العقبات واطلاق يد هذا التيار.
وكان الإمام الخميني (رض) قد قال ذات يوم عن الوهابية:
ألا يرى المسلمون بان مراكز الوهابية في العالم تحولت اليوم إلى بؤر للفتنة والتجسس وتروج لإسلام النبلاء وإسلام أبوسفيان وإسلام وعاظ البلاط وإسلام أشباه المتدينين الأغبياء في الحوزات العلمية والجامعات وإسلام الذل والهوان وإسلام المال والسلطة وإسلام الخداع والمساومة والأسر وسيادة رأس المال والرأسماليين على المظلومين والمحرومين وخلاصة القول “الإسلام الأمريكي” من جهة وينحنون أمام سيدهم أمريكا الناهبة من جهة أخرى؟
ولا شك إن استمر هذا الأمر في جغرافيا ايران، فان هذه البقع ستكبر وتكبر وستعرض على هيئة أرخبيل، مجمل الجغرافيا الثقافية والترابية لمعقل شيعة إمام الزمان (ع) للخطر الجاد، بل وفي نطاق أوسع سترمي العالم الاسلامي في مخالف الناهبين الدوليين بمئة مرة أسوأ من عهد الاستعمار القديم والحديث. وكما أسلفنا فان الشرق الاسلامي سيضعف أكثر من أي وقت مضى إن طبق مشروع الشرق الاوسط الكبير وسيتقوى الإستكبار الصليبي والصهيوني أكثر من أي وقت مضى.
ويمكن استنتاج أن استمرار هذا الوضع في جغرافيا ايران الاسلامية، ستكون له التداعيات التالية:
1.    العدوان على حدود وثغور الفكر والثقافة والمعتقدات الولائية للشيعة وانتهاك حرمات القيم والمقدسات الإيمانية لأهل البيت (ع)؛
2.    نشر الطائفية والقومية في ايران؛
3.    إضعاف اللغة الوطنية؛
4.    تحطيم الوحدة الوطنية والإتحاد الديني؛
5.    توسع نطاق الشبهات حول مجمل المعتقدات والقيم الدينية والمعنوية الشيعية؛
6.    ظهور نوع من التقارب في السياسة الداخلية والخارجية في ظل توجهات الدول المطلة على الخليج الفارسي لصالح الإستكبار العالمي (تحالف الصليب وصهيون)؛
7.    تهرب الشبان من الدين؛
8.    تسرب المعلومات المهمة والسرية (السياسية والاقتصادية والعسكرية و…) لمعقل شيعة إمام الزمان (ع) إلى الخارج عن طريق المنتمين للتيارات السلفية؛
9.    إضعاف موقع ايران الاسلامية في المنطقة وعلى الصعيد الدولي؛
10.     تعرض الأماكن الدينية المقدسة للشيعة للخطر؛
11.     المواجهة السياسية والاجتماعية وحتى العسكرية بين الطوائف الدينية؛
12.     زوال الجدران التي تحمي معقل شيعة إمام الزمان على اثر تراجع المسؤولين السياسيين والاجتماعيين مرحلة بمرحلة في تعاملاتهم وعلاقاتهم تجاه السلفيين. وهذا التقهقر المرحلي يحدث تحت ذريعة الحفاظ على وحدة المسلمين، في حين أن التيارات السلفية التكفيرية والوهابية المشار إليها لا علاقة لها البتة بالفرق الدينية الأربع لأهل السنة.
ومن جهة أخرى وكما أن ثمة إرهاصات لذلك، فان استمرار هذا الوضع سيجعل الشرق الاسلامي يمر باخطار كبرى بما فيها:
1.    نسيان الحق المؤكد للمظلومين الفلسطينيين في مواجهة الصهيونية الناهبة للعالم؛
2.    بناء جدار حمائي وأمني خاص مع حذف جميع التهديدات المحيطة بالكيان المحتل للقدس؛
3.    تحقق المشروع الصليبي والصهيوني المتمثل بالشرق الاوسط الكبير (من خلال إيجاد بلدان “كردستان” و “بلوجستان” و… المستقلة)؛
4.    فشل جميع المشروعات والخطط التي تحاول بناء اتفاق واتحاد بين شعوب الشرق الاسلامي ضد الاستكبار العالمي؛
5.    زوال جميع الفرص المؤاتية للتقارب بين المستضعفين في ظروف آخر الزمان العصيبة وأثناء مؤازرة جبهة الحق في مجال إزالة عوائق الظهور المقدس والتمهيد له؛
6.    هدم وتدمير الأماكن المقدسة المتعلقة بالثقافة الشيعية وأهل البيت (ع)؛
7.    و… .
ويتوجب على جميع الجماهير لاسيما المسؤولين أن يعرفوا أن معقل شيعة إمام الزمان (ع) هو أمانة تقع على عاتقهم مهمة حماية وحراسة جغرافيته الترابية والثقافية. ولا يحق لأي حكومة وغير مسموح لها أن يتم المساس والنيل بالجدران الحمائية والحراسة لمعقل شيعة إمام الزمان (ع) أو أن تفكر باكتساب الوجاهة والإعتبار لدى بعض القبائل والقوميات أو الأوساط الصليبية والصهيونية مقابل الإضرار الجاد باساسات هذه الديار بحيث لا يمكن التعويض عنه.
وليت كان المسؤولون من أصحاب الموقع والجاه والشهرة وبجانب دراسة العلوم الانسانية الغربية الماسونية التوجه، أن يراجعوا الكوثر الزلال لروايات المعصومين (ع) ليروا موقع العالم وحتى موقعهم حاليا ومستقبلا في مرآتها ليدركوا ما الموقف الذي يجب أن يتخذوه في العلاقات الجزئية والكلية الداخلية والخارجية.
وليتنا كنا جميعا نتذكر بان عينا تراقبنا ورجلا ينتظرنا. وهل لدينا الجهوزية التامة للحظات المحاسبة العسيرة على يده؟ عندما يسألنا و يستفسر عنا عما حدث لأماناته؟ الرجل الذي لا يرضخ لتعهد أي طاغوت!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسماعیل شفیعی سروستانی

جـمیع الحقـوق مـحفوظـة لموقع موعود الثقافی
لا یسمح باستخدام أی مادة بشكل تجاریّ دون أذن خطّیّ من ادارة الموقع
ولا یسمح بنقلها واستخدامها دون الإشارة إلى مصدرها.