أهمیة دراسة غیبة الإمام المهدی علیه السلام والنظر فیها: لم تكن القضیة المهدویة بدعة شیعیة, ولا شخصیة الامام المهدی علیه السلام شخصیة اسطوریة او ضرب من الخیال…!, وانما هی قضیة عالمیة حازت على اتفاق العالم ما لم تكد تحز هكذا قضیة حساسة وحرجة مثلها.
أهمیة دراسة غیبة الإمام المهدی علیه السلام والنظر فیها:
لم تكن القضیة المهدویة بدعة شیعیة, ولا شخصیة الامام المهدی علیه السلام شخصیة اسطوریة او ضرب من الخیال…!, وانما هی قضیة عالمیة حازت على اتفاق العالم ما لم تكد تحز هكذا قضیة حساسة وحرجة مثلها.
فالمهدی من حیث المفهوم والاثر نجده عند اهل الدیانات وغیر اهل الدیانات وان تلبَس بعناوین واسماء اخرى ولكنها تدل على نفس المضمون, فتارة یذكر باسم المنقذ وتارة ثانیة باسم المخلّص وثالثة یشار الى اعماله واثاره التی ستترشح عنه وهكذا…..
فالقضیة المهدویة وحسب المصطلح لم تكن یوماً نقطة اختلاف حكمیة وانما هی نقطة اختلاف موضوعیة.. أی ان الاختلاف لم یكمن بالمفهوم وانما بالمصداق, لم یختلفوا بالقیادة وانما اختلفوا بالقائد, من هو ومتى سیأتی وكیف سیظهر…الخ.
لذا واستناداً الى عقائد راسخة واحادیث وقصص صادقة وطرق علمیة دقیقة ومباحث فنیة وبرهانیة معتمدة, استطاع أتباع مدرسة اهل البیت علیهم السلام ان یضعوا جواباً محدداً الى تلك الاسئلة, وعرفوا من هو ذلك القائد وما هی مقدمات ظهوره وما هی طریقة الظهور والى غیرها من التفاصیل الاخرى.
وعلى اساس ذلك التحدید واستناداً لتلك العقائد, انفردت هذه المدرسة ببعض الامور داخل مجمل القضیة المهدویة او بالاصح, اختصت مدرسة اهل البیت علیهم السلام ببعض التفاصیل التی حسبت علیها… ومن بین اهم تلك التفاصیل واكثرها جدلاً هی قضیة(غیبة الامام المهدی علیه السلام).
قطع المذهب الامامی خبراً مفاده : ان الامام المهدی الموعود هو ابن الامام الحسن العسكری علیه السلام والذی هو الامام الثانی عشر من ائمة اهل البیت, ولد عام 255 للهجرة وانه سیملأ الارض عدلاً بعد ان ملئت ظلما.
هذا القطع بالخبر او بالاخص بطرفی الخبر وهما : الولادة وتحدید الشخص من ناحیة, وملأ الارض بعد حین من ناحیة اخرى, استدعى الى واسطة معقولة ومستساغة بین الطرف الاول المنجز منذ ما یقارب ال 12 قرناً من الزمان والثانی الذی لم یتحقق بعد….!
هذه الواسطة وهذه القضیة التی تملأ الفراغ بین الطرفین تتمثل بـ(غیبة الامام المهدی علیه السلام عن الناس الى یوم لا یعلمه الا الله جل وعلا).
من هنا برزت الحاجة بالنسبة الى المعتقد بها الى التسلح بعلمها والتبصر فی مدالیل متنها.
لذلك لم تكن دراسة غیبة الامام المهدی والنظر فیها هی نوع من انواع الترف الفكری…. او سفسطة… او ما شاكل ذلك… وانما هی قضیة مفصلیة لها مساس مباشر وحیاة البشر فی هذه الحیاة وما بعد هذه الحیاة.
ویمكننا ان نبین نقاط توضح مدى اهمیة دراسة غیبة الامام المهدی علیه السلام:
1) كونها من اكثر القضایا إشكالا مع الاخرین من غیر المذهب الامامی.
2) كونها متمثلة بأخطر الاشیاء وقوعاً بین البشر, وهو غیاب القائد الحقیقی والهادی الى طریق الصواب, وهذا بغض النظر عن اثبات خطورته عقلاً, فهو ثابت تأریخاً, فقد مرت الانسانیة بتجارب مماثلة لهذا الامر ولكنها فشلت وهوت الى نتائج فظیعة, ومنها ما حصل لبنی اسرائیل عند غیاب موسى علیه السلام, فعلى الرغم من قصر فترة الغیبة هناك الا انهم وقعوا بأكبر الذنوب وابشعها, ألا وهو اتخاذ الهاً دون الله جل وعلا.
3) ما دلت الاحادیث الثابتة علیه من مرور البشریة فی هذه الفترة ببلاءات وامتحانات واضطرابات عصیبة وشدیدة, ومرور الأمة بانواع الفتن وشدائد المحن.
4) ارتباط نهایة الغیبة باكبر حدث كونی, الذی یعتبر هدفاً للسماء والانبیاء والصلحاء واملاً للضعفاء, والمتمثل بإقامة المجتمع الانسانی الصالح وبناء دولة العدل الالهی.
5) ما دلت علیه الروایات, بان الاهتمام بها وحسن التصرف بها واجادة الخروج من ازماتها, یعتبر المنفذ الوحید منها والمعبر الوحید للتخلص من جریانها. أی ان انتهاء عصر الغیبة مرتبط بحسن تصرف الإنسان فیه, ومتوقف على اجادة ادارته من قبل الناس. ومثله مثل الداخل فی متاهة, فخروجه منها غیر مرتبط بوقت محدد بل موقوف على معرفة الطریق المؤدی الى المخرج.
6) الاهتمام بالغیبة یعتبر تكلیف اسلامی مترتب على عاتق المسلمین. والنظر فیها وحسن التصرف واتباع بعض الاسالیب, تعتبر تكالیف وواجبات أكدت علیها الروایات الثابته كما سنبینه لاحقاً.
7) ان اثبات صحة وقوع الغیبة یتسلسل بدوره الى اثبات الكثیر من العقائد والعبادات التی طالما افترق المسلمون بسببها فیما بینهم من جانب وبینهم وبین الاخر الكافر والملحد من جانب اخر.
هذه النقاط وغیرها, تستدعی الاهتمام والحرص على دراسة ومعرفة الغیبة والنظر فیها نظر عالم عامل.
بقی علینا أن نوضح فی مبحثنا هذا شذرات من معنى وكیفیة الاهتمام بالغیبة, وكما یلی:
1) الایمان بوقوعها من جانب وإثباتها بالادلة الدامغة لمنكریها من جانب اخر.
2) العمل على الخروج منها باتباع الاسالیب والطرق الواردة الینا.
3) الارتباط الروحی الوثیق بالامام الغائب علیه السلام وجعل قضیته محوراً لحركاتنا وسكناتنا.
4) ان یكون الفرد مستعداً لظهوره المیمون فی أی لحظة.
وفی نهایة بحثنا هذا..نكون قد سلطنا اضواءاً على بعض اسباب وطرق الاهتمام بغیبة الامام المهدی علیه السلام.والحمد لله رب العالمین
یحیی غالی یاسین