الشيخ محمد السند
نلاحظ في قضية (انتظار الفرج اكبر الفرج) انّ أية امّة يصيبها احباط بسبب شدة المحنة التي تعيشها إلاّ أنّ هناك قدرة للمقاومة والصبر من خلال مشروع الأمل بالإمام المهدي عليه السلام، فاكبر فرج يزيح عن…
نلاحظ في قضية (انتظار الفرج اكبر الفرج) انّ أية امّة يصيبها احباط بسبب شدة المحنة التي تعيشها إلاّ أنّ هناك قدرة للمقاومة والصبر من خلال مشروع الأمل بالإمام المهدي عليه السلام، فاكبر فرج يزيح عن الامّة الإيمانية ويبعد المعوقات عنها هو انتظار الفرج، لانه تطلّع عميق لمستقبل مشرق يضخ في روح المؤمنين طاقة جبارة من النشاط ومن الصبر والاخلاص، وغيرها من الفضائل والكمالات التي تنبع من هذا المعتقد، كما انّ هناك الورع وهو اكبر الفضائل لدى الإنسان، فلا تغريه أية مغريات حتى لو كانت في طريق الاستقامة، اذن ليس عبطاً قول اعظم البشر صلى الله عليه وآله وسلم المتقدم، لأنّ انتظار الفرج رؤية عقائدية وينبوع لكل الكمالات للفرد والمجتمع.
واحد ابعاده ان كل ما يطرح من طرح فإن الفرج يعني أنّ ما سيأتينا به المستقبل أكبر وآصل، وهذا يجذب العلماء للتعلّم اكثر واكثر، كذلك يجذب الحوزات في الدين اكثر واكثر، وهذا لا يعني أنّ هذا تشكيكاً في الثوابت، وانّما الدين متين فاغلوا فيه برفق، فلا باطن من دون ظاهر ولا ظاهر من دون باطن… وهي رأس الخيط للوصول.
أيها الباحث أيها المفكر استيقظ، فهناك افق للدين اكبر واكبر، وواصل المسيرة العلمية، فعندما نقول التوسع في علوم الرياضيات متناغم مع الاوليات الرياضية بل مبني عليها. وفي هذا ردّ على شبهة انه _أي الإمام المهدي عليه السلام_ يأتي بدين جديد أي لا صلة له بدين جده، وكثير من السذج ينطوي عليه هذا المعنى وتفسيراتهم الخاطئة له.
إنّ الفيزياء لو تعرضها على علماء الفيزياء قبل 50 سنة فإنّهم يصابون بالجنون بسبب انذهالهم لهول وعظمة ما اكتشفوه في الفيزياء، ولكن هل هذا يناقض ما كانت عليه الفيزياء القديمة، لا، بل بالعكس إنّه مترابط، بل هي مبتنية عليها أي على ما أكتشف سابقاً، فالتوسع لا يعني نقض السابق بل ابتناءه عليه، وهذا حاصل في جميع المجالات، فتوسع العلوم لا يعني تناقض مسائلها. انّه ولحد الآن لم يكشف من العلم الاّ حرفين، وسيكشف الامام 25 حرفاً منه، فهذان الحرفان لا تتناقض مع بقية الحروف المستقبلية بل تتلاءم وتنسجم معها.
المهم انّ انتظار الفرج اكبر الفرج، وهذا بنفسه باعث حثيث لمزيد من السعي في الوسط العلمي لدى العلماء، لا انّه باعث لنسف الوسط العلمي واستهداف وتدمير الحوزات وقتل العلماء، بل هو باعث لمزيد من التمسك بالعلم والعلماء كي يكون طريق الفرج.
لاحظ انّه حتى على صعيد الطابع العلمي كم هو يضخ بالفوائد العظيمة، وأحد ابعاد هذه القاعدة النبوية حصن من الانحراف او عاصم من الانحراف، من خلال آليات عديدة:
فهو يعصم مسيرة الايمان، لاحظ التأثير الوقائي العاصم للعقيدة المهدوية، وهي على مستوى المسلمين لا فقط على مستوى الشيعة، فكل من يدّعي المهدوية يتم تكذيبه بحسب ما ورد من اخبار ووعود النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ ان المسملين موعودون بالمهدي لا بالسلفية ولا بالاخوان ولا بغيرها من الحركات. فكل مونتاج بديل عن الاصل يحاول اختطاف ذهن البشر عن البوصلة الحقيقية يتم تكذيبه، فالايمان بالامام المهدي عليه السلام واق عن أي اغترار باية اطروحة زائفة. واللطيف انّ في هذا الأمل وهذا المستقبل الموعود والرؤية النبوية المعلمة للبشر حول هذا الامل قد حدد في الروايات حتى معالمه العسكرية، ومعالمه الامنية والسياسية والارهاصات المرافقة له ليقول لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنّ معلم هذا الفرج لا تشتبهوا فيه مع زيفيات اخرى لا من جهة الارقام العسكرية، ولا من الجهة الزمنية ولا الجغرافية، بل انّ كل المعالم واضحة امامكم. فهو عاصم وواق ومثبّت للبشر على الطريق المستقيم، وكل البدائل الزيفية تسقط، فهناك الكفوء المذخور لهذا الامر وهذا معنى الاصطفاء والحجية، فإنّ الامامة الالهية والاعتقاد بها وبالدولة الالهية. طموح وتطلع الى شيء عظيم.
طبيعة الحديث النبوي انّه منفتح على جوانب عديدة، الان لو نستطيع ان نرصد الفاظ الحديث الشريف لانّه صلى الله عليه وآله وسلم القاه بعدة قوالب (اعظم الفرج أو افضل العبادة) وغيرها، وفي بعض الروايات (من مات منتظراً للفرج مات شهيداً أو مات على الصراط المستقيم)، لأنّ المنتظِر صفة عقائدية تنطوي فيها كل المعاني العقائدية التي مرت، فأنت منتظِر يعني انك تتطلع الى شيء عظيم، وانك ملازم للصراط المستقيم ولا تستهويك فئات معترضة او جماعات.
إنّ المنتظِر يختلف عن اليائس والمستعجل، انت منتظِر فقدرة رباطك وتخطيطك وتدبيرك ذو أفق هائل، وهذه هندسة وحيانية لشيء عظيم في هذا الاوان وهو الانتظار، وهذه الاستراتيجية لا يمكن التلاعب بها.