ارتباط قضية المهدي بنهاية حركة التاريخ

السيد سامي البدري
آخر الزمان تعبير عن المرحلة النهائية لحركة التاريخ ، وقد عني بها الفلاسفة الوضعيون عموما والماركسيون خصوصا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وكان افضل ما قدمته الماركسية للفكر البشري هو تبنيها للحتمية…

آخر الزمان تعبير عن المرحلة النهائية لحركة التاريخ ، وقد عني بها الفلاسفة الوضعيون عموما والماركسيون خصوصا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وكان افضل ما قدمته الماركسية للفكر البشري هو تبنيها للحتمية التاريخية ومحاولتها اكتشاف سنن التاريخ ومراحله وتنبيهها الى اهمية معرفة قوانين التاريخ في التنبوء بمسار حركة التاريخ ونتائجها ودور هذه المعرفة في الارتقاء بوعي الانسان وتفعيل حركته الايجابية باتجاه المرحلة التاريخية التي يرتقبها ، غير ان الماركسية كانت قد تورطت في خطأ قاتل حين انكرت وجود الله تعالى وتعاملت مع حركة النبوات من خلال الصيغ المحرفة للدين الالهي ومن ثم فشلت في اكتشاف المراحل العامة لحركة التاريخ واكتشاف السنن التي تنقل الواقع من مرحلة الى اخرى ثم تقف به عند نهايته المحتومة .

ولئن انفتح الفكر البشري الوضعي من خلال الفكر الماركسي في القرن التاسع عشر الميلادي على ادراك الحتمية التاريخية ومن ثم العمل على اكتشاف مراحل التاريخ الحتمية والقوانين العامة للتاريخ ثم اخطأ في اكتشافها ، فان الفكر النبوي منذ انظلاقته الاولى قبل الاف السنين قد بنى تصوراته عن حركة المجتمع البشري على اساس هذه الحتمية وقدم فكرة واضحة عن سنن التاريخ و مراحله ، وقد احتفظ التراث الديني لليهود والنصارى والمسلمين بنصوص مشتركة حول ذلك ، ويستطيع الباحث ان يقول ان هذه القضية هي احدى اهم القضايا الاساسية المشتركة بين الاديان الثلاثة .

وهنا اود ان اؤكد ان النصوص الدينية التي يحفل بها تراث الاديان الثلاثة يقدم بالاضافة الى ذلك معلومات موحدة عن الشخوص التاريخيين الذين تتقوم بهم حركة التاريخ ونهايتها ، فلسنا فقط امام فكرة مشتركة حول نهاية حركة التاريخ بل امام تصورات موحدة عن هوية شخوصها التاريخيين يمكن استفادتها من تلك النصوص .

نعم بلحاظ هذه النصوص التي تتحدث عن الاشخاص التاريخيين وجدت قراءات وتفسيرات مختلفة جعلتنا امام مصاديق مختلفة للفكرة الواحدة والباب مفتوح لحوار علمي هادئ بين الاديان الثلاثة واتجاهاتها الداخلية لبحث سبل الوصول الى القراءة الموحدة لتلك النصوص.

وفي ضوء هذه المقدمة نستطيع القول :

ان قضية المهدي الموعود الحجة بن الحسن العسكري بن الحسين المظلوم الشهيد عليهم السلام في المعتقد الشيعي ترتبط اساسا بمراحل حركة التاريخ وسننها كما تقدمها الحركة النبوية ككل من خلال وثائقها الاساسية القرآن والتوراة والانجيل.

وان الحركة الشيعية تدعي من خلال تراثها المعتبر ان المهدي عليه السلام الموعود بطل نهاية التاريخ الذي تشخصه النصوص الشيعية بمحمد بن الحسن العسكري بن الحسين المظلوم الشهيد عليه السلام هو نفسه الذي تشخصه النصوص الدينية المسيحية واليهودية .

دليلنا على هذا التصور ما يؤكده القرآن من ان نهاية التاريخ المشرقة امر حتمه الله تعالى وبينه في القرآن وفي كتبه التي انزلها على الانبياء السابقين ، وتاكيد القران ان خبر بعثة النبي المكي صلى الله عليه وآله وسلم موجود في التوراة والانجيل, وتاكيد اهل البيت عليهم السلام في اخبارهم ان الكتب السابقة بشرت بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم واهل بيته عليهم السلام وان عليا والحسين والمهدي عليهم السلام قد ذكروا في الكتب السابقة كما ذكر النبي محمد  صلى الله عليه وآله وسلم.

شاهد أيضاً

غیبة لابدّ منها

غیبة مهدی هذه الامة غیبة لابدّ منها، لانه مهدی هذه الامة، ولان وعد الله سبحانه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *