من المسائل الأساسية التي يبتني عليها فكر مدرسة أهل البيت عليهم السلام وامتداد رسالتهم عليهم السلام، هي مسألة الرجوع في التقليد إلى حملة رواياتهم، وطلاب مدرستهم، والمجتهدين في استنباط الأحكام الشرعية من أقوالهم عليهم السلام. وهذه أهم قضية من قضايا الارتباط العملي بالإمام المهدي عليه السلام.
ضرورة الرجوع إلى العلماء والفقهاء :
من المسائل الأساسية التي يبتني عليها فكر مدرسة أهل البيت عليهم السلام وامتداد رسالتهم عليهم السلام، هي مسألة الرجوع في التقليد إلى حملة رواياتهم، وطلاب مدرستهم، والمجتهدين في استنباط الأحكام الشرعية من أقوالهم عليهم السلام. وهذه أهم قضية من قضايا الارتباط العملي بالإمام المهدي عليه السلام.
الدليل على ضرورة التقليد:
لا يقول أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام بوجوب التقليد، وإنما يقولون بجوازه، نعم هو واجب بحق من لا يستطيع أن يسلك الإجتهاد أو الإحتياط.
ونحن هنا لا نريد الخوض في ذكر الأدلة التي تجيز التقليد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، كذلك ما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام من أنهم كانوا يأمرون بعض أصحابهم بالجلوس للافتاء، ويأمرون بعض أتباعهم بالرجوع في مسائلهم إلى تلامذتهم وأخذ الأحكام الشرعية منهم، نحن لا نريد الخوض في ذلك، لأن بحثنا ليس بحثا فقهيا يسمح لنا بالدخول في مثل هذه الأمور ومناقشتها، وذكر الآراء الخلافية حولها، لكن الشيء الذي يمكن ذكره في هذا المقام أن مسألة الرجوع إلى العلماء ومسألة تقليد الجاهل للعالم، من الأمور التي استقر عليها بناء العقلاء، بل لا يمكن أن يستقيم نظام بدونها، لأن رجوع الجاهل إلى العالم من الأمور الضرورية اللازمة لطبيعة المجتمعات، ولا يمكن ان نتصور مجتمعا من المجتمعات مهما كانت قيمته الحضارية، سواء كان مجتمعا متخلفا أو متقدما يستطيع أن ينهض كل أفراده بالإستقلال بالمعرفة التفصيلية لكل ما يتصل بشؤون حياتهم، دون أن يكون فيهم علماء وجهال، يرجع جهالهم إلى علمائهم، فبالنسبة إلى الأطباء، نعتبر جهالاً ينبغي أن نرجع إليهم في المسائل الطبية والأطباء بالنسبة إلى القانونيين يعتبرون جهالا يجب عليهم الرجوع إليهم فيما يحتاجونه في الشؤون القانونية، وهؤلاء وغيرهم جهال بالنسبة للمهندسين فيجب عليهم الرجوع إلى المهندسين فيما يحتاجونه من أمور العمارة وهكذا، فإن أصحاب كل تخصص يعتبرون علماء في تخصصهم جهالا في غيره، وبتفرغ كل قسم من أفراد المجتمع بتحصيل العلوم في جانب من جوانب المعرفة بتكامل المجتمع.
نستطيع أن نقول إن الأمم البادئية لا يمكن لها أن تتخلى عن هذه الظاهرة نسبياً، إذ لا شك بوجود احتياجات لهم لا يعرفها إلاّ أفراد معدودون، وبذلك يظهر لنا أن التقليد ليس أمراً قائماً على بناء العقلاء فحسب، بل هو ظاهرة اجتماعية عامة قائمة على كل حال، وجد تبانٍ من العقلاء أو لم يوجد، بل أن بعض علمائنا ذهب إلى أن قضية التقليد من الأمور البديهية التي لا يحتاج في إثباتها إلى ذكر أدلة نقلية، بل أكثر من ذلك ذهب بعضهم كالآخوند الخراساني قدس سره على أنها قضية فطرية تستدعيها فطرة الإنسان.