وصايا مهدوية

الشيخ محمد باقر الايرواني
عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجن الله بغتةً برجل منا أهل البيت عليهم السلام، بأبي ابن خيرة الإماء،…

عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (فانظروا أهل بيت نبيكم، فإن لبدوا فالبدوا، وإن استنصروكم فانصروهم، فليفرجن الله بغتةً برجل منا أهل البيت عليهم السلام، بأبي ابن خيرة الإماء، لا يعطيهم إلاّ السيف، هرجاً هرجاً موضوعاً على عاقته ثمانية أشهر، حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا).
هذا المقطع الذي هو من الاخبارات الغيبية لأمير المؤمنين عليه السلام، لم يوجد في نهج البلاغة، إنّما هو في شرح ابن أبي الحديد وفي البحار ج59 ص121 وعلى أيّة حال فإنّ حال قضية إمامنا، الغائب عليه السلام هي قضية وقعت مورداً لامتحان المسلمين أو لامتحان الناس كافة، فمنهم من أنكرها من الأساس، ومنهم من سلّم بها وحاول أنْ يستفيد منها بشكل أو بآخر، فادّعى الارتباط بالإمام عليه السلام، بوكالة أو غير وكالة، ويذكر الشيخ الطوسي  قدس سره في كتابه (الغيبة) في بحث الوكلاء المذمومين انّه كم وكم ادّعوا الارتباط بالإمام عليه السلام، وقد خرجت تواقيع في ذمهم، ويذكر الشيخ الطوسي قدس سره مجموعة من الأسماء، وفي الفترة ما قبل الأخيرة ادعى شخص في شيراز يدعى (ميرزا علي محمد رضا الشيرازي) انّه باب الإمام الحجة، وقد كان له أنصار وأتباع، ومع كل الأسف انه يحصل مثل هذا بشكل وبآخر، ويحصل لمثل أولئك المدعين أتباع كما حدث لهذا اتباع إلى ما شاء الله، ومن اتباعه المرأة المعروفة بـ (قرة العين)، فإذا قرأ أحد مثل هذه الأخبار فلا يستغرب مما نراه في يومنا هذا.
إنّ قرة العين، وهكذا كان يقال لها، كانت خطيبة بليغة، تدخل كربلاء فيستقبلها فلان وفلان، لقد حدث هذا الأمر قبل 200 أو 300 سنة، فقد صار لها اتباع، وكانت ابنة أخ (الشيخ محمد تقي الباثقي) وقد قرات بنفسي خبر هذه المرأة في كتاب آغا بزرك الطهراني (نقباء البشر) في ترجمة هذا الرجل، حيث يقول إن الشيخ محمد تقي كان من علماء كرمنشاه، وانّ هذه المرأة قد وقفت أمام عمها وجمعت اتباعها، وعند الفجر، وبينما كان الشيخ ذاهباً للصلاة في المسجد، هجموا عليه وقتلوه.
وما أردت أنْ أقوله أنّ المدعو علي محمد الشيرازي لم يكتف بأن يدّعي بأنه باب، بل بدأ يصعّد اللهجة فادّعى النبوة، ووضع له قرآناً، وما اكتفى بذلك بل ادعى الالوهية، كما يقال.
وعلى أيّة حال فهناك قضايا بشكل وبآخر تمر علينا، وما اردت أن انبّه عليه مجموعة من القضايا:
– القضية الأولى: هو أن لا نُسرع في التفاعل مع من يدّعي الارتباط بشكل وآخر بمولان عليه السلام، فإنّ الله عزوجل قد أعطانا عقلاً، فالعقل لابدّ أنْ لا يكون جامداً، فهناك الكثير من المدعين، فمثلاً وحين كنت (أنا) في مدينة قم المقدسة، خرج أحد المدعين، وقد ادّعى بعض الادعاءات، فصدّقه بعض الاشخاص رغم ادّعائهم انهم من العقلاء والفضلاء، وعلى اية حال ان الحكومة هناك قد قبضت على هذا المدّعي وانهت أمره.
فالأمر الذي أريد أن أنبّه عليه، هو أنه صحيح أننا نحب الحجّة عليه السلام ونحن فداء له، لكن هذا التعاطف لا يكون سبباً لأن نصدّق كلّ الارتباط به عليه السلام، بل لابدّ وأن نعمل على وفق عقولنا، فالله عزوجل رزقنا عقلاً، وليس لنا عذر من هذه الناحية.
– القضية الثانية: أنّه قد ذُكرت في الكتب علائم لظهور مولان عليه السلام فعليك أن لا تسرع في تطبيق هذه العلائم، فتقول هذه العلامة تنطبق على الأمر الفلاني او الشخص الفلاني، فالسفياني يعني فلاناً، والحسني يعني فلاناً، وتلك الإشارة تعني هذا… لا لا لا.
فهذا ليس بصحيح، والحوزة إذا لم تعطنا في بعض الجوانب شيئاً إلاّ أنّها اعطتنا دقّة وعمقاً، فنحن نقول هذه العلائم يحتمل أن يكون هذا مصداقها، ويحتمل أن يكون مصداقها بعد حين.
لقد ورد في الروايات في ذلك الزمن _في زمان الحجة أو في قرب زمانه عليه السلام_ أنّ من في المشرق يرى من في المغرب، فماذا يعني هذا؟ وقد يأتي أحد فيقول ان هذه حكاية تنطبق حقاً على الموبايل.
فعلينا ان لا نقول في ذلك حتماً. بل أن نقول انّه محتمل.
امّا حتماً فلا تقلها، لأنّه قد تأتي بعد ذلك _مستقبلاً_ وسيلة جديدة فتكشف الأمور، ونرى انها تنطبق أكثر، وما أدرانا!.
وهل كنا نصدق هذا الأمر قبل ذلك، وذلك بأن نرى ونحن جالسون هنا، أن نرى الجالس في أمريكا مثلاً أو في مكان آخر، فعليه أن لا نأخذ مثل هذه العلائم ونطبقها بشكل قطعي، إنّما كل شيء محتمل. وهذا هو الأصل الأولي في هذه الأمور، ومثال ذلك كان عندنا أحد المؤمنين الذي اعتقد به وبتقواه، كان يقول انه قد كتب له كتاباً قال فيه: أنّ الإمام سوف يظهر في مرجعية السيد الخوئي قدس سره، وعلى اية حال فهو رجل مقدس وليس له في ذلك قصد، ولكن السيد الخوئي قدس سره قد توفي ولم يحصل من الظهور شيء، فلم هذا الجزم، فلا تجزم لتكون هذه طريقتك.
– القضية الثالثة: هو أن لا توقت لزمن ظهور الإمام عليه السلام أي متى يظهر، كأن تقول إنّه يظهر في العام المقبل، فمن الذي أدراك؟ ومن أعلمك بذلك، إن ذلك أمر غير مستحسن، وإنْ علم ذلك يختص بعلم الله عزوجل، فمن الذي قال انّ الإمام حتماً يظهر في السنة المقبلة، أو يظهر بعد شهر. فيحتمل انه يظهر غداً، أو بعد سنة أو بعد 100سنة، وذلك كلّه احتمال، والجزم غير وارد، إذن لا تكن من الوقاتين والموقتين، فهذا ليس بالصحيح علمياً، وبلا سند علمي، وثانياً لعلنا قلنا إنه يظهر بعد سنة، ثم كانت السنة ولم يظهر، فحينئذ ماذا يقال، يقال إن أهل الحوزة كذابون ولا يعلمون شيئاً، وهذه ضربة سوف تكون للنوع.
– ثمة قضية رابعة: هي انْ لا تنشغل بعلائم الظهور كثيراً ومتى يظهر الإمام، فهذه الأمور، الإمام جعفر الصادق عليه السلام لم يحضّنا عليها، وما هي هذه العلائم وما المقصود بها.
إنّ هذا الأمر لم يوله الإسلام أهمية، فلا تقض بها وقتاً أو تؤلف بها كتاباً، وأنا استغرب أنّ هناك من يفعل ذلك،وأقول أذهب واشتغل بالدراسة، اشتغل في القضايا العلمية، وهذه يترتب عليها فائدة أعمّ واشمل، ولا بأس ان يبيّن الشخص الذي يريد الكتابة بهذه الأمور بعض الأمور الكليّة، ولكن تعالوا لنلتفت إلى شيء آخر فنقول إنّ مولانا مطّلع على كل افعالنا، انه أمر جيد، فأنت تربط الأمّة بالجانب التربوي، وبالجانب العلمي، فلابد وان نعمل بما يرضيه عليه السلام لا ان نؤلمه بأفعالنا، هذا معنى جميل ايضا، اما ان نقول ان هذه العلامة مقصود منها هذا الشيء، وأنّ الإمام سوف يظهر بعد سنة، فهذه قضية لا تفكر بها في يوم من الايام ولا تشتغل بهذه الامور وابتعد عنها، واشتغل بالجانب التربوي ما امكنك ذلك، واربط الناس بالإمام الحجة، وبما يربيهم بالشكل الذي اوضحته لك.

Check Also

غیبة لابدّ منها

غیبة مهدی هذه الامة غیبة لابدّ منها، لانه مهدی هذه الامة، ولان وعد الله سبحانه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *