نافذة نطلّ من خلالها على دولة آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم
الشيخ حميد الوائلي
تحدّثنا في الحلقات السابقة عن جملة من الروايات التي اثبتت بداية الرجعة ورجوع جميع الأئمة عليهم السلام، وحديثنا الآن في رجعة الإمام المهدي عليه السلام وهل أنّ ظهوره عليه السلام…
تحدّثنا في الحلقات السابقة عن جملة من الروايات التي اثبتت بداية الرجعة ورجوع جميع الأئمة عليهم السلام، وحديثنا الآن في رجعة الإمام المهدي عليه السلام وهل أنّ ظهوره عليه السلام هو رجعة أو انّه سيرجع بعد رجعة الأئمة عليهم السلام، وعلى هذا فهل أنّ الرجعة واحدة أو هي متعددة، وهل لكل واحدة اذا قلنا بالتعدد مرحلة واحدة او مراحل متعددة؟
وبطبيعة الحال أنّ الحديث عن هذه الاستفهامات والتساؤلات لابدّ أنْ يكون مستقى استجابته من الروايات الشريفة، اذ لا سبيل لدى العقل الخوض في مثل هكذا قضايا محكومة لعنصر الغيب وعالم الما وراء وإذا تتبعنا الروايات التي مرت علينا سابقاً، ودققنا النظر فيها، واجلنا البصر في روايات الرجعة بشكل عام نستفيد من خلال تلكم الروايات ومجموعة من الزيارات والادعية التي تنص على قولهم عليهم السلام في بعضها (…واحياني في رجعتكم…) وقولهم عليهم السلام (…وان رجعتكم حق لا ريب فيها…) وقولهم عليهم السلام (…ويحشر في زمرتكم ويكر في رجعتكم ويملك في دولتكم…).
وقول أبي جعفر عليه السلام في رواية عنه (فيا عجبا من اموات يبعثهم الله احياء مرة بعد مرة…).
واذا رجعنا بعد ملاحظة هذه الروايات الشريفة الى روايات ظهوره عليه السلام وقيامه وخروجه وهي كثيرة جداً نفهم أنّ خروج الإمام وظهوره وقيامه هو ليس رجعة بالنسبة إليه، وإنْ كنا قد انتهينا في حلقات سابقة الى ان هناك اشخاصاً سيرجعون في اول ظهوره وعند قيام دولته، كذلك وبملاحظة روايات الظهور المقدس ومقاطع الادعية وروايات الرجعة للأئمة عليهم السلام جميعاً يظهر لنا هذا التشكيل الذي ليس ببعيد عن واقع ما صوره اهل البيت عليهم السلام لاتباعهم في حديثهم عن المستقبل فظهور الإمام المهدي عليه السلام الذي لم يسبق بشهادة او موت له حفظه الله من كل سوء وعجل في فرجه، لا يمكن أنْ يكون بحال من الاحوال رجعة بل هو حضور لشخصه المقدس بين افراد امته واتباعه وانصاره بعد غيبة طويلة ساهمت في طولها وتعدد سنيها وايامها عناصر كثيرة.
اذن فخروجه بمقتضى دلالة الروايات ليس برجعة وان كان سيقع في زمانه رجعة لاشخاص من هذه الامّة متقدمين او متأخرين كما تحدثنا به سابقاً بل لبعض من ائمة اهل البيت عليهم السلام وفي زمانه كما نطقت به رواية رجعة الحسين عليه السلام ورجعة امير المؤمنين عليه السلام في زمان ظهور القائم عليه السلام.
وبمقتضى ما دلّت عليه المرويات التي قرأتها قبل قليل ننتهي الى وجود رجعة له عليه السلام بعد شهادته او موته _على تحقيق ذكر في محله_.
وعلى ذلك فالنتائج المستخلصة من هذا الحديث هي:
1. ان ظهور الإمام المهدي عليه السلام وخروجه وقيامه ليس برجعة، وانما هو إعلان عن الحضور بعد انتهاء ضرورة الاخفاء والغيبة.
2. ان هناك رجوعاً في دولته لبعض اهل الايمان وللائمة عليهم السلام ولاصناف اخرى.
3. ان له عليهم السلام رجعة دلّت عليها المرويات عن الائمة عليهم السلام بعد رجعة الائمة عليهم السلام.
4. ان الرجعة ليست واحدة وانما هي متعددة، وانّ في بعض الرجعات هناك مراتب، ففي بعضها يجتمع الائمة عليهم السلام، وفي بعضها يكون هناك إمام واحد، وفي بعضها يكون مجموعة من اصحابهم عليهم السلام، وفي بعضها لا يكونوا إلا حديثاً عن عموم الناس دون ان يلحظ فيه لون بحد ذاته او صنف بمشخصاته.