صالح المحنه
في مثل هذه الإيام الأليمة التي أعقبت إستشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه الكرام ، كانت أيام وصول ركب سبايا حرائر رسول الله ص الى الشام، الشام التي أمر بتزيينها يزيد وأمر الراقصات بالرقص في الشوارع مع ضرب الطبول إبتهاجا بمقتل أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله !!! دخل ركب السبايا النساء والأطفال المنهكين ورؤوس الشهداء على الرماح يتقدمها رأس الحسين عليهم السلام…
صالح المحنه
في مثل هذه الإيام الأليمة التي أعقبت إستشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه الكرام ، كانت أيام وصول ركب سبايا حرائر رسول الله ص الى الشام، الشام التي أمر بتزيينها يزيد وأمر الراقصات بالرقص في الشوارع مع ضرب الطبول إبتهاجا بمقتل أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله !!! دخل ركب السبايا النساء والأطفال المنهكين ورؤوس الشهداء على الرماح يتقدمها رأس الحسين عليهم السلام جميعا متجهين بهم الى البلاط الأموي وإدخلوا على يزيد الذي إستضاف وفودا اجنبيةً لينتشي بنصره أمامهم ويحتفل معهم بهذا الفتح العظيم، زينب قطب هذا الركب الذي تجمّع حوله الأيتام والأرامل ، فهي الوصي والوكيل ووريثة أخيها الحسين عليه السلام على تحمّل هذا الحمل الثقيل وكان لزاما عليها أن تنفّذ تعاليمه كاملة ، فكانت لاتغمض لها عينٌ ولاتخلد الى راحة ولاتتوقف عن رعاية المريض والصغير والثكلى ، دخلت الشام مع هذا الحمل الذي تنوء به الجبال مع قساوة الطريق الممتد مئات الكيلومترات يرافق ركبهم أقذر ماخلق الله من مسوخ بشرية ! كشمر وزجر وأمثلبهما من عتاة المجرمين ! مع كل هذا يستقبلهم أهل الشام بالطبول والرقص والشتائم ويساقون الى قصر يزيد ! بعد أن سبقتهم رؤوس الشهداء لتوضع بين يدي حفيد هند ، الذي كان ينشد الشعرَ مزهوا بنصره وشماتته بأهل هذا البيت ويردد الأبيات التي تعبّر عن كفره وكفر أشياخه !
ليت أشياخي ببدر شهدوا…..جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً….. ثم قالوا يايزيد لاتُشل
لعبت هاشمُ بالملك فلا……..خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل
الى آخر أبياته … الموقف يطول وصفه ولكنّي ماأريد أن أتوقف عنده هو موقف زينب عليها السلام …مع سؤالٌ عريضٌ يحمله لنا التأريخ يراودُ أهل العقول والإنصاف وأصحاب الضمائر التي يوخزها الظلم … أمرأة تمرُّ بكلّ ماذكرناه من مآسي وتصطدم بمواقف تُهزم الأبطال تدخل الى مجلس عدوها أسيرة منهكة القوى وتقف في مجلس تأباه المروءات وأمامها رؤوس إخوتها وأبناءها يتوسطها رأس الحسين ويزيد يتهكم عليهم مرة ويشتم عليا مرة اخرى ويضرب رأس الحسين ثالثة ! أمام كل هذه المواقف لو لم تكن زينب لأقل مايحدث لها تسقط مغشياً عليها …لكنّها زينب أرجو أن تضحّوا من وقتكم بدقائق معدودة لتقرأوا خطبتها عليها السلام كيف إستهانت بيزيد وإستخفت بجبروته وأسقطت من عينه زهو الإنتصار وأفسدت عليه نشوة الملك …أدعو كلّ من يعشق البطولة ويتذوق أدب المفردة أن يقرأ خطبة زينب ليعرفَ من هي زينب عليها السلام…
صالح المحنه
خطبة السيدة زينب عليها السلام في مجلس يزيد لعنه الله
—————————————————————-
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله سبحانه
كذلك يقول (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون) أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى أن بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة وأن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوثقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا؟!! فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله عز وجل (ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب أليم؟!، أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدني والشريف، ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي، وكيف ترتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن والإحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم لأهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا يزيد لا تشل منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك، وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة بإراقتك دماء ذرية محمد صلّى الله عليه وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب، وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم ، فلتردن وشيكاً موردهم ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت.اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا.فوالله ما فريت إلا جلدك، وما حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله صلّى الله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ لهم بحقهم (ولا تحسبن الذي قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) وحسبك بالله حاكماً وبمحمد صلّى الله عليه وآله خصيماً وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سوّل لك ومكنك من رقاب المسلمين، (بئس للظالمين بدلا)، وأيكم (شر مكاناً وأضعف جندا) ولئن جرّت عليّ الدواهي مخاطبتك إني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى والصدور حرّى.ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً حين لا تجد إلا ما قدمت، وما ربك بظلاّم للعبيد، فإلى الله المشتكى وعليه المعوّل.فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، والله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي (ألا لعنة الله على الظالمين).فالحمد لله الذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل