السيد محمد حسن الحسيني الطهراني
إنّ الثمرة التي نقتطفها من هذا الموضوع هي أنّ مهمّة الإمام ربط قلوب الناس بالله، و إعانتهم بإيصالهم إلى المقامات العالية للقرب واللقاء. و طبيعي إنّ تدبير شؤون المجتمع أيضاً من مقدّمات الوصول إلى هذه المرحلة، و ليس غاية من الإيجاد و هدفاً من التكوين، و لذلك جاء في الروايات الواردة أنـّه لو لم يكن في الدنيا غير شخصين اثنين فلابدّ أن يكون أحدهما إماماً.
إنّ الثمرة التي نقتطفها من هذا الموضوع هي أنّ مهمّة الإمام ربط قلوب الناس بالله، و إعانتهم بإيصالهم إلى المقامات العالية للقرب واللقاء. و طبيعي إنّ تدبير شؤون المجتمع أيضاً من مقدّمات الوصول إلى هذه المرحلة، و ليس غاية من الإيجاد و هدفاً من التكوين، و لذلك جاء في الروايات الواردة أنـّه لو لم يكن في الدنيا غير شخصين اثنين فلابدّ أن يكون أحدهما إماماً.
فقد روى ثقة الإسلام الكلينيّ بسنده عن ابن الطيّار أنـّه قَالَ: سَمِعْتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الارْضِ إِلاَّ اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنـّه قال: إنَّ الله أَجَلُّ وَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ الاَرْضَ بِغَيْرِ إمامٍ عَادِلٍ.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام في ذيل ذلك الكلام الذي قاله لكميل عند خروجهما إلى المقبرة في الصحراء بعد أنْ بيّن له الأقسام الأربعة من العلماء الذين هم طلاّب الدنيا و ضعفاء الرأي و بعد أن تمنّى أنـّه لو يجد أحداً يعلمّه العلوم المودعة في صدره، و ذكر أنّ الدنيا خلت من العلم: اللَهُمَّ بَلَى لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلله بِحُجَّةٍ إمّا ظَاهِراً مَشْهُوراً أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً لِئلاّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللهِ وَ بَيِّنَاتُهُ، وَ كَمْ ذَا؟ وَ أَيْنَ أُولَئِكَ؟ أُولَئِكَ وَاللهِ الاَقَلُّونَ عَدَداً وَ الاَعْظَمُونَ قَدْراً. يَحْفَظُ اللهُ بِهِمُ حُجَجَهُ وَ بَيِّنَاتِهِ حَتّى يُودِعُوها نُظَراءَهُمْ وَ يَزْرَعُوهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ. هَجَمَ بِهِمْ الْعِلْمُ على حَقِيقَةِ الْبَصِيرَةِ، وَ بَاشَرُوا رُوحَ الْيَقِينِ، وَاسْتَلاَنُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرفُونَ، وَ أَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ، وَ صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَّةٌ بِالْمَحَلِّ الاَعْلَى. أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللهِ فِي أَرْضِهِ وَالدُّعَاةُ إلى دِينِهِ. آه آه شَوْقَاً إلى رُؤيَتِهِمْ؛ انْصَرِفْ إذَا شِئتَ.
ونقل أيضاً أربع روايات بإسناد مختلفة عن الإمام الصادق، و الإمام الكاظم، والإمام الرضا عليهم السلام تقول بأنّ حجّة الله على العباد لاتتمّ بغير الإمام.
يقول المرحوم السيّد على خان في (شرح الصحيفة) حول الروايات المأثورة عن طرق العامّة بشأن لزوم الإمام: أمّا من طرق العامّة فمنه الحديث المشهور المتّفق على روايته عن النبيّ: مَنْ مَاتَ وَ لَمْ يَعْرِفْ إمَامَ زَمَانِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً. و أخرج الحاكم بهذا المضمون و صحّحه عن إبن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: مَنْ مَاتَ وَ لَيْسَ عَلَيْهِ إمامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً. و أخرج ابن مردويه عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قول الله تعالى: (يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإمَامِهِمْ) قال: يُدعى كُلُّ قَوْمٍ بِإمامِ زَمانِهِمْ وَ كِتابِ رَبِّهِمْ وَ سُنَّةَ نَبِيِّهِمْ. وأخرج ابن عساكر عن خالد بن صفوان أنـّه قال: لَمْ تَخْلُ الاَرضُ مِنْ قَائِمٍ لِلهِ بِحُجَّتِهِ فِي عِبَادِهِ. انتهى.
النقطة السادسة: أشار الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث إلى ظهور قائم آل محمّد، الحجّة بن الحسن العسكري عليه السلام فقال: وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الدُّنْيَا إِلاّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ _عَزَّوَجَلَّ_ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتّى يَخْرُجُ قَائِمُنَا فَيَمْلاَ الارْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمَاً وَ جَوراً. و هذه المسألة لاتخصّ مذهب الشيعة بل هي مسألة عامّة و من الاُصول الإسلاميّة المقطوع بها. و وفقاً لمفاد هذا الحديث، فقد وردت أحاديث كثيرة عن كبار علماء العامّة باسنادهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حول ظهور الإمام المهدي عليه السلام.
ومن الأحاديث في تفسير الآية: (إِنـَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ). حديث رواه موسى بن مسلم، عن مسعدة، قال: كنت عند الصادق عليه السلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئاً على عصاه، فسلّم، فردّ عليه أبو عبدالله عليه السلام الجواب. ثمّ قال: يابن رسول الله، ناولني يدك لاقبّلها، فأعطاه يده فقبّلها ثمّ بكى، ثمّ قال له أبو عبدالله عليه السلام ما يبكيك يا شيخ؟ فقال: جعلت فداك، أقمتُ على قائمكم منذ مائة سنة، أقول: هذا الشهر، و هذه السنة، و قد كبر سنّي ورقّ جلدي و دقّ عظمي واقترب أجلي و لا أرى فيكم ما أُحبّ. أراكم مقتولين مشرّدين، و أرى أعداءكم يطيرون، و كيف لا أبكي؟
فدمعت عينا أبي عبدالله عليه السلام ثمّ قال: يا شيخ، إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا، كنت في السنام الأعلى. و إن حلّت بك المنيّة، جئت يوم القيامة مع ثَقَل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم و نحن ثَقَله. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: إنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ فَتَمَسَّكُوا بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللهِ وَ عِتْرَتي أَهْلَ بَيتي. فقال الشيخ: لا أُبالي بعدما سمعتُ هذا الخبر.
ثمّ قال: يا شيخ، اعلم أنّ قائمنا يخرج من صُلب الحسن العسكري، والحسن يخرج من صلب علي، وعلي يخرج من صلب محمّد، ومحمّد يخرج من صلب علي، و علي يخرج من صلب موسى ابني هذا، و أشار إلى ابنه موسى، وهذا خرج من صلبي. نحن اثنا عشر كلّنا معصومون مطهّرون. فقال الشيخ: يا سيّدي، بعضكم أفضل من بعض؟ فقال: لا، نحن في الفضل سواء، ولكن بعضنا أعلم من بعض. ثمّ قال: يَا شَيْخُ وَاللَهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللَهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتّى يَخْرُجُ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ إِلاّ أَنَّ الشِّيْعَةَ يَقَعُونَ فِي فِتْنَةٍ وَ حَيْرَةٍ فِي غَيْبَتِهِ. هُنَاكَ يُثَبِّتُ اللَهُ على هَذَا الْمُخْلَصِينَ. اللَهُمَّ أَعِنْهُمْ على ذَلِكَ.