يتردّد القارئ والباحث في علامات ظهور المهدي (عليه السّلام) طويلاً بين الرغبة والتلهّف الذي يلحّ عليه وعلى المسلمين ، وبين منهج التثبّت الذي تمليه عليه التقوى وأمانة البحث . ففي هذا الحشد المتنوّع من الروايات يلمس حيناً نور الوحي وصِدْقه ، فيخشع لله تعالى الذي أطلع رسولَه (صلّى الله عليه وآله) على شيء من غيبه فوصل إلينا , ويلمس حيناً التناقض والوضع والسجع المفتعل ، وحيناً آخر يحسّ بشيء من نور وأثارة من علم ، وعليه أنْ يجد طريقه إليها بين طبقات الأصداف وظلمات التحريف والتخليط من بعض الرواة .
فمِن الرواة مَن وعى وحفظ الأمانة وأدّاها ، ومنهم مَن وسوس له الشيطان أنْ يحرّف الحديث ويختلقه ، فكذبوا على النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السّلام) ، فأهلكوا أنفسهم وأتعبوا مَن بعدهم ، أعاذ الله المسلمين مِن شرّهم .
وجاء المؤلّفون في هذا الموضوع ، فقام بعضهم بإجلاء بعض الجوانب وإلقاء عدد من الأضواء ـ جزاهم الله عن الإسلام وأهله خيراً ـ , وجاء بعضهم كحاطب ليل ، كأنّما أُشْرِب حبّ التخليط ، يقبل كلّ ما رُوي ويعمل لإقناعك به ، ويتعسّف الجمع بين متضادة ومتناقضة وهيهات , ويطبّق العلامات على أحداث عصره بتفسيرات لا سند لها إلاّ الاحتمال المطلق ، وكأنّ العلامات كلّها تخصّ عصره وما بعده بسنوات ، وليس منها علامة تحقّقت في الماضي الطويل ، وتجيء في المستقبل البعيد .
وقد أصبح من المتعارف في الكتب المتأخّرة عد الصفات العامّة لعصر ما بعد النبوّة في علامات الظهور ، وعدّ علامات الساعة والقيامة في علامات الظهور ، حتّى إنّ بعضها ينصّ على أنّه من علامات الساعة , ويعدّه بعضُهم في علامات الظهور ، ويفسّر الساعة بساعة الظهور , مع أنّ مصطلح ( الساعة ) في نصوص الإسلام يعني القيامة بداهةً .
من أجل ذلك فإنّ الدراسة الكاملة لعلامات الظهور تحتاج إلى مزيد من التتبّع والدقّة والمقارنة .
وفي هذا البحث الأوّلي عن المهدي (عليه السّلام) أقدّم فهرساً أوّليّاً لأهمّ العلامات ، مع بعض الملاحظات حوله .
شخصيات ذُكرت في علامات الظهور :
1 ـ نزول عيسى بن مريم (عليه السّلام) :
وأحاديثه كثيرة صريحة متواترة في مصادر الشيعة والسنّة ، وأصل نزوله (عليه السّلام) موضع إجماع المسلمين ، ويذكر المفسّرون هذه الأحاديث عادة في تفسير قوله تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ) النساء : 159 ، وفي أحاديث الفتن وأشراط الساعة .
وتجمع الأحاديث على أنّ وقت نزوله يكون بعد ظهور المهدي (عليهما السّلام) ، وأنّه يصلّي خلف المهدي (عليه السّلام) . وعليه فَعَدُّ نزوله من علامات الظهور مبنيٌّ على التسامح ، وشمول العلامات لِمَا كان من آيات ودلالات ربّانيّة قبل الظهور وأثناءه وبعده .
2 ـ النفس الزكيّة وابنا عمّه :
والأحاديث فيهم من مصادر الشيعة كثيرة تبلغ حدّ التواتر ، وتُعدّ هذه العلامة من المحتومات الخمس ، وأحاديثها من مصادر السنّة أقل ممّا في مصادر الشيعة ، ولكنّها عديدة . وقد ورد في بعض هذه الأحاديث أنّه حسنيّ , وفي أكثرها أنّه حسينيّ ، وأنّ اسمه محمد بن الحسن ، وأنّ ابني عمّه أخ وأخت اسمهما محمد وفاطمة ، يفرّون من جيش السفياني من العراق ويدخلون المدينة ، فيَقبض الظالمون على ابن عمّه واُخته ويقتلونهما ويصلبونهما في المدينة المنوّرة ، ويفرّ هو إلى مكّة فيقتلونه ظلماً وعدواناً بغير ذنب في الخامس والعشرين من ذي الحجّة الحرام في المسجد الحرام بين الركن والمقام ، وليس بين قتله وظهور المهدي (عليه السّلام) إلاّ خمس عشرة ليلة .
3 ـ ستّة أشخاص :
ورد ذِكْرهم في أحاديث رايات المشرق وخراسان ، هم :
1 ـ رجل يخرج من قم .
2 ـ والخراساني الحسيني ، ويعبّر عنه في مصادر السنّة بالهاشمي .
3 ـ والسيّد الأكبر .
4 ـ وشعيب بن صالح قائد قوّات الخراسانيّين ، وقائد قوّات المهدي (عليه السّلام) .
5 ـ والسيّد الجيلاني الذي يعاون شعيباً بن صالح .
6 ـ والهاشمي الذي يقصد بيت المقدس فلا يبلغه .
والأحاديث في الخراساني وشعيب كثيرة متواترة من مصادر السنّة والشيعة ، كما ورد ذكر السيد الأكبر عند الطرفين أيضاً . أمّا الثائر من قم وأصحابه والمتحرّك من جيلان ( گيلان ) فقد ورد ذكرهما في مصادر الشيعة خاصّة , في حدود اطّلاعي .
وسيأتي ذكر الجميع في موضوع الممهّدين للمهدي (عليه السّلام) إنْ شاء الله تعالى ، وأنّ المرجّح أنْ يكون السيّد الأكبر والثائر من قم شخصاً واحد .
4 ـ اليماني :
أحاديثه من مصادر الشيعة متواترة ، وقد عدّته من المحتومات الخمس ، وأنّه يظهر في اليمن قبل السفياني ، ومقارناً له ، وأنّه يدعو إلى الحق وتجب إجابة دعوته ، وأنّه يتوجّه إلى العراق وسوريا ، ويشارك مع الخراساني في قتال السفياني ، وأنّه مِن وُلْد زيد بن علي بن الحسين (عليه السّلام) .
وربّما كانت رواية ( يخرج من اليمن من قرية يُقال لها : كرعة ) ـ كما في البحار : ج 52 ـ ص 380 ـ واردةً فيه ، ثمّ نُسبت اشتباهاً إلى المهدي (عليه السّلام) ، كما قد يكون هذا اليماني هو المقصود بحديث يخرج مَلِكٌ بصنعاء اسمه حسن وحسين ) .
ووردتْ فيه في مصادر السنّة أحاديث قليلة .
وممّا يساعد على القول بصحّة هذه العلامة ـ حتى لو لم تكن أحاديثها متواترة ـ عدم وجود قرائن منافية وظروف سياسيّة توجب الشك في صحّتها ، وتفسيرها بِمَنْ ظهر من الزيديّين في اليمن لا يتّفق مع نصوص أحاديثها الصريحة في اتّصال حركته بظهور المهدي (عليه السّلام) .
5 ـ السفياني :
وأحاديثه كثيرة متواترة من مصادر الشيعة والسنّة ، وقد تضمّن الكثير منها تفاصيلَ خروجه في دمشق , وحركته في سوريا والعراق وأطراف إيران والحجاز ، والقول بأنّ أحاديثه من وضع الأمويّين لكي يقابلوا بها أحاديث المهدي الصحيحة .. جنوحٌ في الاحتمال , وإغماض عن مئات الأحاديث الشريفة عند المسلمين . نعم نجد الاتجاه الاُموي وراء وضع أحاديث مدح السفياني ، وأنّه يسلّم الأمر للمهدي (عليه السّلام) !
6 ـ تسعة أشخاص ورد ذكر أربعة منهم في تحرّك السفياني ، وهم :
1 ـ الأصهب : أي الأحمر شعر الرأس .
2 ـ والأبقع : أي الأبرص .
3 ـ والربيعي .
4 ـ والجرهمي .
يعارضون السفياني فيقتلهم جميعاً . وورد وصف الأصهب بالعلج ، وهي صفة للكفّار من غير العرب .
والخمسة الآخرون هم :
1 ـ الهجري .
2 ـ والعطرفي .
3 ـ والرقطي .
4 ـ والمرواني .
5 ـ والشيصباني .
ورد ذكرهم في روايات متفرّقة أنّهم يخرجون قبل ظهور المهدي (عليه السّلام) ، وأنّ الشيصباني يخرج في العراق .
وقد ورد ذكر الأبقع والأصهب في أحاديث السفياني في مصادر السنّة ، وورد ذكر الباقين في مصادر الشيعة خاصّة , في حدود اطلاعي .
7 ـ عبد الله آخِر مَن يحكم الحجاز :
وردتْ أحاديث عديدة في مصادر السنّة والشيعة تكاد تكون متواترة ، بأنّ ظهور المهدي (عليه السّلام) يكون على أثر موت حاكم وملك وخليفة ، واختلاف على مَن يكون بعده ، وحصول أحداث داخليّة وفراغ سياسي في الحجاز . وقد تفرّدتْ مصادر الشيعة بحديثَين ـ في حدود اطلاعي ـ فيهما تفصيل عن هذا الحاكم :
أحدهما :
عن الإمام الصادق (عليه السّلام) ، قال : ( مَنْ يَضْمِنْ لِيْ مَوْتَ عَبِدِ اللهِ أَضْمِنُ لَهُ القَائِمَ . أَمَا إنّه إذا ماتَ عبدُ اللهِ لَمْ يَجتمعْ الناسُ بعدَهُ على أَحَدٍ ، وَلَم يَتَنَاهَ هذا الأمر دونَ صاحِبِكُمْ إنْ شَاءَ اللهُ ، ويَذْهَب مُلْكُ السنينَ ، ويَصيرُ مُلْكُ الشُهُورِ والأَيّام ) .
قال أبو بصير : فقلتُ : يطول ذلك ؟
قال : ( لا )(1) .
والحديث الآخر :
عن الإمام الباقر (عليه السّلام) : ( يموت سفيه من آل العبّاس بالسرّ ، يكون سبب موته أنه ينكح خصياً فيقوم فيذبحه , ويكتم موته أربعين يوماً ، فإذا سارت الركبان في طلب الخصي لم يرجع أوّل مَن يخرج [ إلى آخر مَن يخرج ] حتّى يذهب ملكهم )(2) .
أمّا الحديث الأوّل فواضح الصلة بظهور المهدي (عليه السّلام) ، وأمّا الثاني فالظاهر أنّ المقصود بالسفيه هو عبد الله المذكور ، ولعلّ أصل الحديث : ( يموت سفيه من آل ( فلان ) ) ، وليس من آل العبّاس , ولكنّ الراوي سمّى آل العبّاس ؛ لأنّه تصوّر أنّ الإمام (عليه السّلام) استعمل الكناية عنهم . وتوجد قرائن أخرى في الأحاديث عن الحجاز تصلح للربط بين الحديثين .
8 ـ الدجّال الأعور :
وأحاديثه في مصادر السنّة كثيرة جدّاً ، وفي مصادر الشيعة قليلة ، وتتّفق تقريباً على أنّه من علامات الساعة ، وأنّه مولود وموجود منذ عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأنّه يستعمل عجائب السحر فيغري أَتْبَاعه ، ويضلّهم ويدّعي الربوبيّة ، وأنّ المهدي والمسيح (عليهما السّلام) يُقَاتِلانه ، وتتضمّن أحاديثه غرائب غير مألوفة تحيط بشخصيّته وحركته وأفعاله .
وأقوى الاحتمالات في أمره أنْ يكون شخصاً حقيقيّاً يستغلّ التطوّر الذي تصل إليه العلوم الطبيعيّة في ظل الدولة الإسلاميّة بقيادة المهدي (عليه السّلام) ، في أساليب من السحر ، كما يستغلّ ردّة الفعل السلبيّة للرفاهيّة العامّة التي يعيشها الناس ؛ فيغري أتباعه بالمحرّمات والإباحيّة , ويلبس عليهم بالسحر والشعوذة ، وعلى هذا فإنّ الطابع الاُسطوري الذي تتّصف به أحاديثه يكون له أساس من الصحّة وإنْ أضاف عليه بعض الرواة .
ويليه في القوّة أنْ يكون الدجّال هو الشيطان إبليس الذي طلب من الله تعالى أنْ يُنْظِره إلى يوم يبعثون ، فأجابه (عزّ وجل) : ( فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) ، وقد ورد أنّ قَتْله في يوم الوقت المعلوم يكون على يد المهدي (عليه السّلام) .
ويوجد احتمال آخر أنْ يكون الدجّال نفس السفياني ، وقد وقع التضخيم في أوصافه وأحاديثه ، وقد ذكرت بعضُ الروايات أنّ السفياني يبدو أعور وليس بأعور . ولكن يبقى هذا الاحتمال ضعيفاً ؛ لأنّ أكثر الصفات الواردة في الدجّال لا تنطبق على السفياني ، ومنها ادّعاء الربوبيّة وعجائب السحر .
واحتمال آخر : أنْ يكون الأعور الدجّال والدجّال تعبيراً مجازيّاً عن إغراء الحضارة المادّيّة الكاذبة المزيّفة ، وإغراء الدنيا ورفاهيّتها الكاذبة . وهو أيضاً ضعيف ؛ لصراحة الأحاديث بأنّه شخص حقيقي من نوع خاص ، يقود حركة عسكريّة وإضلاليّة في آخر الزمان .
وينبغي التحرّز في بحث أحاديث الدجّال من أمرين :
أحدهما : أنّ غالبيّة أحاديثه تقريباً عن كعب الأخبار .
والثاني : أنّ من عقائد اليهود أنّ المسيح المنتظر عندهم يقتل الدجّال .
ومن طريف ما اطّلعتُ عليه كتابان للدكتور مارسيل حدّاد ، أحد القساوسة اللبنانيين , يحاول فيهما إثبات أنّ الأعور الدجّال هو إسرائيل ، ويشرح في أحدهما سفر الرؤيا من التوراة ، ويفسّر في الثاني أحاديث النبي (صلّى الله عليه وآله) في شأن الدجّال بأنّها تَقصد إسرائيل .
9 ـ ادّعاء مئة شخص للنبوّة ، وادّعاء عدّة أشخاص للمهديّة ، وخروج زنديق بقزوين :
ورد فيها بعض أحاديث في مصادر الشيعة ، وإذا صحّ أنّها من علامات الظهور فيمكن أنْ تكون قد تحقّقت ، فالذين ادّعوا النبوّة منذ مسيلمة الكذّاب ومنذ صدر الإسلام إلى الآن كثيرون قد يزيدون على المئة ، وقد يكون رقم المئة من باب التكثير . والذين ادّعوا المهديّة منذ ادّعاها المختار لمحمّد بن الحنفيّة ، إلى موسى بن طلحة بن عبيد الله المعاصر للمختار ، مروراً بالحسنِيِّين ، والعبّاسيِّين ، والفاطمِيِّين , والهنود ، والسودانِيِّين ، والبهائِيِّين … إلى جهيمان والقحطاني … أكثر من خمسة عشر شخصاً(3) ، أمّا زنديق قزوين فقد ورد في بعض الأحاديث أنّه من جملة مدّعي النبوّة .
ويُنْقَل عن رضا خان بهلوي أنّه عندما أراد أنْ يطبّق على إيران الخطّة الكافرة التي طبّقها أتاتورك في تركيا ، فأجبر المسلمات على السفور , فقاومه العلماء ، أنّه قال : أَوَ لَيْسُوا يَرْوُوْنَ أنّه يخرج زنديق من قزوين فيهتك ستورها ؟ فأنا ذلك الزنديق !
10 ـ المغربي والمصري :
وردتْ فيهما أحاديث قليلة ، فَهِمَ منها بعضُهم أنّهما صاحبا حركتين تكونان قبل السفياني ، وعدّهما في علامات الظهور ، أمّا المصري ففيه حديث وأكثر ، يقول : ( يخرج قبل السفياني مصري ويماني )(4) ، فأمره محتمل ، وأمّا المغربي فسيتّضح ضعف كونه من علامات الظهور في تحرّك المغربيّين والمصريّين الآتي إنْ شاء الله تعالى .
11 ـ عوف السلمي :
ورد فيه حديثان وأكثر :
أحدهما : عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السّلام) ، قال : ( يكون قبل خروجه ( أي المهدي (عليه السّلام) ) خروج رجل يُقال له : عوف السلمي , بأرض الجزيرة ، يكون مأواه تكريت ( وكريت وكويت ) , وقتله بمسجد دمشق ، ثمّ يكون خروج شعيب بن صالح )(5) .
والأرجح أنّ المقصود بأرض الجزيرة المنطقة الواقعة عند ملتقى الحدود العراقيّة السوريّة التركيّة ، فهي التي تُسمّى بلاد الجزيرة , والجزيرة مجرّدة ، أمّا جزيرة العرب فلا تستعمل مجرّدة منذ صدر الإسلام إلاّ مع وجود قرينة تدلّ عليه .
وعلى هذا تكون تكريت أقرب إلى هذه المنطقة من كريت وكويت ، ولا يكون في النصّ ما يدلّ على علاقة عوف هذا بالبصرة وبصاحب الزنج الذي ظهر في القرن الثالث . وفي حدود استقصائي لم أجد ثائراً باسم عوف السلمي ، فيكون احتمال صحّة العلامة باقياً .
أقوام ورد ذكرهم في علامات الظهور :
ورد في أحاديث الظهور ذِكْر تحرّكات عسكريّة وسياسيّة مختلفة لأقوام عديدين ، ومناطق واسعة تكاد تشمل كلّ العالم ، وأهمّها :
تحرّكات الترك ، تحرّكات الروم ، تحرّكات العرب ، تحرّكات العجم ( الإيرانيين ) ، تحرّكات أقوام شرق آسيويّين ، تحرّكات اليهود .
وبالنظرة السطحيّة إلى هذه المجموعات من الأحاديث التي تشترك في روايتها بشكل عالم مصادر الشيعة والسنّة ، وإنْ كانت عند الشيعة أكثر تداولاً . قد يقبل القارئ والكاتب هذه الأحاديث على أنّها علامات سوف تأتي ويبحث لها عن تفاسير من الخريطة السياسيّة الحاضرة والمستقبلة لهؤلاء الأقوام وهذه المناطق .
مثلاً : يفسّر حديث ( نفر أهل المغرب إلى مصر ) بالمسيرة الشعبيّة الليبيّة التي توجّهت إلى مصر لفرض الوحدة بين البلدين .. إلخ .
ولكن ماذا يصنع إذا وجد أنّ هذه النصوص تصف تحرّكات قد حدثتْ من هؤلاء الأقوام وفي نفس تلك المناطق ، بل وبنفس التفاصيل في بعض الأحيان . مثلاً : يجد حركة الفاطميّين من المغرب إلى السودان إلى مصر إلى الشام , وتهديدهم للعراق حرفياً في أحاديث علامات المهدي (عليه السّلام) , وتحرّكات زَحْف المغول ( الذين كان يسمّيهم العرب : الترك المغول والترك ) أيضاً في أحاديث علامات المهدي (عليه السّلام) , في مثل أحاديث ( يخرج قوم من الشرق فيقتلون المسلمين . يتغلبون على خراسان . يستبيحون بعض مناطق العجم . يفتحون العراق . تكون بحلب موقعة رهيبة . يهاجمون دمشق ) … إلخ . إنّها حركة الغزو المغولي حرفيّاً ، فكيف نعدّها من علامات الظهور ونفسّرها بتحرّك تركي سوف يكون في المنطقة ؟!
وكذلك تتضمّن هذه الأحاديث خطوطاً واضحة من تحرّكات الروم والمسلمين في حركة صراعهم الطويلة ، ومن تحرّكات الإيرانيين داخل إيران وخارجه ، وتتضمّن معالم الصراع السياسي ، وأحياناً العسكري داخل الدولة الإسلاميّة بين العرب والموالي ( حركة القوميّة والشعوبيّة ) .
وبهذه الملاحظة قد يصل الباحث إلى نتيجة بسيطة هي أنّ هذه الأحاديث إمّا أنْ تكون مكذوبة وُضعتْ بعد وقوع الأحداث التي وصفتْه ، وأنّها صحيحة صادرة عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السّلام) لوصف هذه الأحداث فقط ، وفي أحسن الحالات تكون علامات بعيدة لظهور المهدي (عليه السّلام) ، ولكنّها ليست بأيّ حال من علامات عصر الظهور ؛ لأنّها تحقّقت منذ قرون طويلة .
ولكنّ هذا التبسيط لا يحلّ المشكلة أيضاً ؛ لأنّ عدداً من أحاديث هذه التحرّكات تأبى التفسير بالماضي . مثلاً : أحاديث أنّ الروم ـ أي النصارى ـ سوف يتغلّبون على الأرض ، وأنّ المهدي (عليه السّلام) سوف يقاتل بعضهم ، وأحاديث قتال المسلمين لليهود بعد أنْ يكون لليهود وجود عسكري ، ويكشفون جانباً من هيكل النبي سليمان (عليه السّلام) ، وأنّ المهدي (عليه السّلام) يستخرج لهم التوراة من جبل بفلسطين ويحاجّهم بها ويقاتلهم ، وأحاديث رايات المشرق وخراسان الممهّدة للمهدي التي لا تنطبق على تحرّكات الإيرانيين الماضية , وغير ذلك من الأحاديث التي تنصّ على أنّها علامات لعصر الظهور وسَنَة الظهور ، وليس فيها أثر من التحرّكات الماضية .
الذي أَطمئنُّ إليه في هذه الأحاديث أنّ قسماً منها صحيح فعلاً ؛ لروايته وتداوله بين المسلمين قبل حدوث التحرّكات التي وصفته ، فتكون من دلائل صدق نبوّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولكن لا علاقة لها من قريب ولا بعيد بعلامات عصر الظهور ، وإنّما حشرها المؤلّفون حشراً في الموضوع من دون قرينة على صلتها به ، وأنّ الوُضّاع أضافوا لها ربطاً بالظهور ؛ افتراءً على النبي (صلّى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السّلام) .
والقسم الأقل منها هو من حديث علامات عصر الظهور ، ويصحّ أنْ يبحث تحت هذا العنوان ، وهو بنظري : أحاديث حركة المسلمين واليهود ، وقسم من أحاديث حركة الروم ، وقسم من أحاديث حركة العرب ، وقسم من أحاديث حركة العجم ، وقليل من أحاديث الترك .
وأمّا أحاديث المغربيّين ، فينبغي الأخذ بعين الاعتبار عند بحثها أنّ حركة الفاطميّين الإسماعيليّين كانت في أواخر القرن الثالث الهجري ، أكبر خطر داخلي هدّد الخلافة العبّاسيّة ، وقد ترك هذا الانقسام والصراع بين شطري الدولة الإسلاميّة الشرقي والغربي آثاراً كبيرة على المسلمين ، مِن أبسط مظاهرها أنّه كان يعبّر أوّل الأمر عن الفاطميّين بالعلويّين والفاطميّين ، ولكنّ العبّاسيّين تبنّوا الطعن في نسبهم , وأشهدوا على ذلك قضاة وفقهاء ، فلم يَعُد أحدٌ في مشرق الدولة الإسلاميّة يجرؤ أنْ يسمّي الخليفة الفاطمي بالعلوي والفاطمي ، بل انتشرت تسمية ( المغربي ) , أي الخارج عن الخلافة العبّاسيّة في المغرب وحاكم المغرب الإسلامي . وهذه هي كلّ قصة المغربي الذي تحوّل إلى شخصيّة من علامات ظهور المهدي (عليه السّلام) .
إنّ قراءة مجملة لحركة الفاطميّين ولأحاديث ( ظهور المغربي ) تكفي للاطمئنان بعدم علاقتها بعصر الظهور وإنْ كان الكثير منها كما أشرنا من معجزات النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وما أخبر به من الملاحم والأحداث الآتية ؛ لأنّه كان مرويّاً ومدوّناً قبل حركة الفاطميّين المغربيّين بقرن وأكثر .
ويمتدّ التأثير السلبي لأحاديث المغربيين في علامات الظهور إلى الأحاديث التي يرد فيها ذكر المغرب والمشرق , والغرب والشرق ، فهي تحتاج إلى تحقيق المقصود منها ، هل هو شرق الأرض وغربها وشرق الدولة الإسلاميّة وغربه ؟ وكذلك تعبير الشرقيين والغربيين وأهل الشرق وأهل الغرب .
من أجل ذلك وجب أنْ نأخذ بعين الاعتبار هذا الواقع التاريخي في أحاديث المغربي ، وكذلك واقع غزو التتار في الأحاديث المتعلّقة بالأتراك والترك . وبهذا المقياس لا يبقي لدينا منها إلاّ القليل .
الآيات السماويّة :
1 ـ النداء من السماء :
ويسمّى في الأحاديث الشريفة أيضاً : الصوت ، والصيحة .
وأحاديث هذه العلامة في مصادر الشيعة كثيرة متواترة ، وتعدّه أحد المحتومات الخمس : ( اليماني ، والسفياني ، والنداء ، وقتل النفس الزكيّة ، وخسف البيداء )(6) ، وأنّه يكون في ليلة الجمعة الثالث والعشرين من شهر رمضان في سنة ظهور المهدي (عليه السّلام) ، على إثر خوف عام يشمل الناس بسبب الحرب ، يسمعه أهل الأرض , كل قوم بلغتهم , فيذهلون له ، يبشّرهم بظهور المهدي (عليه السّلام) ، يسمّيه باسمه واسم أبيه , ويدعوهم إلى بيعته ، وأنّ قضيّة المهدي (عليه السّلام) بعد النداء تصبح الشغل الشاغل للناس .
وفي مصادر السنّة ورد في هذه العلامة عدّة أحاديث أيضاً ، قسم منها يوافق ما ورد في مصادر الشيعة ، وأكثرها يذكر أنّ النداء يكون من ملك يسير في غمامة مع المهدي (عليه السّلام) ، يقول : ( هذا المهدي فاتبعوه ) أو ( هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه ) .
من أحاديث النداء :
عن عبد الله بن سنان قال : ( كنتُ عند أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) , فسمعتُ رجلاً من همدان يقول له : إنّ هؤلاء العامّة يعيّروننا ويقولون لنا : إنّكم تزعمون أنّ منادياً ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر ! وكان متكئاً ، فغضب وجلس ، ثمّ قال : لا تَرْوِه عنّي ، وارْوِه عن أبي ، ولا حرج عليكم في ذلك ، أَشهد أنّي سمعتُ أبي (عليه السّلام) يقول : والله ، إنّ ذلك في كتاب الله (عزّ وجل) ، بيّن حيث يقول : إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ )(7) .
وعن سيف بن عميرة قال : كنتُ عند أبي جعفر المنصور ، فقال ابتداءً : يا سيف بن عميرة ، لا بدّ من منادٍ ينادي من السماء باسم رجل مِن وُلْد أبي طالب .
فقلتُ : جُعلتُ فداك يا أمير المؤمنين ، تروي هذا !
قال : إي ، والذي نفسي بيده لسماع أذني له .
فقلتُ له : يا أمير المؤمنين ، إنّ هذا الحديث ما سمعتُه قبل وقتي هذا.
قال : يا سيف ، إنّه لَحَقّ ، فإذا كان ذلك فنحن أوّل مَن يجيب ، أَمَا إنّه نداء إلى رجل مِن بني عمّنا .
فقلت : رجل مِن ولد فاطمة (عليها السّلام) ؟
قال : نعم يا سيف ، لولا أنّني سمعتُه مِن أبي جعفر محمّد بن علي يحدّثني به ، ولو يحدّثني أهل الأرض كلّهم ما قبلتُه منهم ، ولكنّه محمّد بن علي )(8) .
وعن النبي (صلّى الله عليه وآله) : ( إذا نادى منادٍ من السماء أنّ الحقّ في آل محمّد ، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ، يُشْربُونَ ذِكْره فلا يكون لهم ذكر غيره )(9) .
2 ـ طلوع الشمس من مغربه :
وردتْ هذه العلامة في عدّة أحاديث في مصادر الشيعة والسنّة ، ولكنّ أكثر الأحاديث التي في مصادر السنّة وقسماً منها في مصادر الشيعة تذكر أنّ طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة , أي القيامة ، وهو المرجّح عندي .
أمّا الرواية التي تقول عن المهدي (عليه السّلام) ( وهو الشمس الطالعة من مغربه )(10) ، فلا تصلح أنْ تكون قرينة على أنّ المقصود بطلوع الشمس من مغربها في هذه الأحاديث المعنى المجازي ، أي طلوع شمس الإسلام بعد غيابها ، وطلوع المهدي (عليه السّلام) بعد غيابٍ ؛ فإنّ صراحة أحاديث طلوع الشمس من مغربها تدلّ على أنّ المقصود هو المعنى الحقيقي للشمس وللطلوع .
3 ـ الكسوف والخسوف في غير وقتهم :
وردتْ فيه بضعة أحاديث في مصادر الشيعة وبعض أحاديث في مصادر السنّة ، وتتّفق على أنّهما يكونان في شهر رمضان بعد الصيحة ، وأنّ ذلك لم يكن منذ هبط آدم ومنذ خلق الله السموات والأرض .. وتختلف هذه الأحاديث في تحديد يوم حدوث هاتين الآيتين .
4 ـ علامات أخرى في الشمس :
وردت في روايات متفرّقة في مصادر الشيعة وروايات قليلة في مصادر السنّة ، مثل : ذهاب نور الشمس من طلوعها إلى ثلثي النهار ، وتوقّفها من الزوال إلى الغروب ، وظهور وجه إنسان وصدره في الشمس ، وقد فسّره بعضهم بالمسيح (عليه السّلام) ، وظهور كفّ ويد في الشمس ، وفي السماء تشير : هذا .. هذا . وفي رواية نعيم بن حماد عن أسماء ( إنّ أمارة ذلك اليوم أنّ كفّاً من السماء مدلاّة ينظر إليها من الناس )(11) .
5 ـ ظهور حمرة تجلّل آفاق السماء ، وتبقى ثلاثة أيّام :
وردت فيها بعض أحاديث في مصادر الشيعة والسنّة ، وفيها إجمال ، ويبدو أنّ وقتها قبل ظهور المهدي (عليه السّلام) بمدّة ؛ لردع الناس عن معاصيهم كما ورد في أكثر من حديث .
6 ـ الكوكب المذنّب :
ورد أنّه نجم يطلع في المشرق يضيء كما يضيء القمر ، ثمّ ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه . وفي بعضها أنّ ذنبه يضيء فقط ، وأنّه يفزع العرب . ولا يفهم من رواياته المتفرّقة التي وردتْ في مصادر الشيعة والسنّة تحديد وقته ، ويظهر أنّ هذا المذنّب ليس كبقيّة المذنّبات التي هي من آيات الله الكونيّة المتعارفة ، بل له مواصفات خاصة فهمها المسلمون في صدر الإسلام ، فقد روى نعيم بن حماد في الفتن عن الوليد ، قال : ( رأينا رجفة أصابتْ أهل دمشق في أيّام مَضَيْنَ مِن رمضان ، فهلك ناس كثير في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين ومئة ، ولم نَرَ ما ذكر من الواهية وهي الخسف الذي يذكر في قرية يُقال لها : حرست .
ورأيتُ نجماً له ذنب طلع في المحرّم سنة خمس وأربعين ومئة مع الفجر من المشرق ، فكنّا نراه بين يدي الفجر بقيّة المحرّم ، ثمّ خفي ، ثمّ رأيناه بعد مغيب الشمس في الشفق وبعده فيما بين الجوف لشهرين وثلاثة ، ثمّ خفي سنتين وثلاث .
ثمّ رأينا نجماً خفيّاً له شعلة قدر الذراع رأي العين ، قريبا من الجدي ، يستدير حوله بدوران الفلك في جمادين وأيّاماً من رجب ، ثمّ خفي .
ثمّ رأينا نجماً ليس بالأزهر ، طلع عن يمين قبلة الشام مادّاً شعلته من القبلة إلى الجوف إلى أرمينيّة ، فذكرتُ ذلك لشيخ قديم عندنا من السكاسك ، فقال : ليس هذا بالنجم المنتظر .
قال الوليد : ورأيتُ نجماً في سنيّات بقينَ مِن سِنِيّ أبي جعفر ( المنصور ) ، ثمّ انعقد حتّى التَقَى طرفاه ، فصار لطوق ساعة من الليل ، قال الوليد : وقال كعب : هو نجم يطلع من المشرق ويضيء لأهل الأرض كإضاءة القمر ليلة البدر . قال الوليد : والحمرة والنجوم التي رأيناها ليست بالآيات ، إنّما نجم الآيات نجم يتقلّب في الآفاق في صَفَر , وفي ربيعَين , وفي رجب ، وعند ذلك يسير خاقان بالأتراك تتبعه روم الظواهر بالرايات والصلب . قال الوليد : قال : بلغني عن كعب أنّه قال : يطلع نجم من المشرق قبل خروج المهدي له ذناب )(12) .
7 ـ كثرة الأمطار :
ورد فيها عدّة أحاديث في مصادر الشيعة ، وأنّ سنة ظهوره (عليه السّلام) تكون سنة غيداقة كثيرة الأمطار ، وأنّ العلامات تختم بأربع وعشرين مَطْرَة ، يُرى أثرها وبركتها ، ويحيي بها الله الأرض فتخرج خيراتها .
وأحاديث هذه العلامة تحتاج مضافاً إلى التحقيق العادي فيها إلى ملاحظة إشكالين :
الأوّل : معارضتها بالأحاديث التي تذكر أنّ مِن علامات الظهور الجدب وقلّة الأمطار .
الثاني : أنّ الأحاديث التي تحدّد الأربعين يوماً التي يتّصل مطرها بأنّها تكون في جمادي والعشر الأُوَل من رجب ، تتعارض مع علامة النداء والكسوف والخسوف في رمضان ؛ لأنّها لا تكون حينئذ خاتمة العلامات ، وحملها على رجب من السَنَة الثانية ضعيف ؛ لأنّ ظهوره عليه السلام في محرّم ، فيكون مطر الأربعين يوماً بعد الظهور وليس ختام العلامات ، ولا يبعد أنْ يكون هذا المطر المتواصل في جمادى ورجب بعد ظهوره (عليه السّلام) ، وإنّ عدّه من علامات الظهور من باب التوسّع في التسمية كما في نزول عيسى (عليه السّلام) .
الآيات الأرضيّة :
8 ـ نار الحجاز :
وفي هذه العلامة أحاديث متعدّدة في مصادر الشيعة والسنّة ، وأكثرها يحدّد مكانها في الحجاز بجبل الورّاق وبحبس سيل ، كما في مستدرك الحاكم : ج 4 ـ ص 442 ، وفي وادي حسيل ، وهو كما يبدو من تصحيف النسّاخ عن حبس سيل .
وقد ذكر الحموي في معجم البلدان أنّ حبس سيل إحدى حرّتَي بن سليم . والحرّة منطقة صحراويّة داكنة ، وحرّة بني سليم قرب المدينة المنوّرة .
وبعضها تحدّد مكانها في وادٍ بقعر عدن من حضرموت ، وتذكر أنّها بالمشرق دون تحديد .
وأكثر أحاديث هذه العلامة الواردة في مصادر السنّة تنصّ على أنّها من علامات الساعة ، وبعضها تؤكّد وقوعها قبل الساعة بشكل مطلق دون تحديد ، كما في صحيح مسلم : ج 8 ـ ص 180 : ( لا تقوم الساعة حتّى تخرج نار بالحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى ) ، أي يصل نورها إلى مدينة بصرى قرب الشام ، ويوافق هذه الأحاديث بعض ما في مصادر الشيعة من أنّ نار عدن تسوق الناس إلى المحشر ، وتسوق الناس من المشرق إلى المغرب .
والأحاديث الباقية تذكر أنّها علامة لظهور المهدي (عليه السّلام) ، وأنّها قدّام قيامه بقليل ، وقبل غرق البصرة والفتن المتلاحقة ، ولا يبعد أنْ تكونا نارين ؛ إحداهما علامة لظهور المهدي (عليه السّلام) ، والأخرى من علامات الساعة .
9 ـ الزلازل والخسف :
والثابت المتواتر من هذه العلامة أحاديث الزلزلة , وخسف البيداء بجيش السفياني الذي يتوجّه إلى مكّة المكرّمة لقتال المهدي (عليه السّلام) ، وكذلك الزلازل والخسف في دمشق قبل خروج السفياني ، وأحاديث هذه العلامة كثيرة في مصادر الشيعة والسنّة .
أمّا الأحاديث المتفرّقة الباقية فيذكر بعضها خسفاً بالمشرق ، وخسفاً بالمغرب ، وخسفاً في بغداد ، وخسفاً في البصرة ، ويذكر بعضها كثرة الزلازل في الأرض .
ـــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار : ج 52 ، ص 210 .
(2) كمال الدين : للصدوق : ص 655 .
(3) أحصى أحد الفضلاء تسعة أشخاص ادّعيتْ لهم المهديّة ، وادّعوها منذ القرن الأوّل إلى المهدي العبّاسي .
(4) بحار الأنوار : ج 52 ، ص 210 .
(5) بحار الأنوار : ج 52 ، ص 213 .
(6) كما وردت بذلك الأحاديث ، وكما عدّها النعماني في كتاب الغيبة : ص 51 .
(7) بحار الأنوار : ج 52 ، ص 292 .
(8) الإرشاد : المفيد : ص 404 .
(9) كتاب الفتن : لنعيم بن حماد : ص 92 ( مخطوطة ) . ورواه في بشارة الإسلام عن الملاحم للمناوىّ .
(10) إلزام الناصب : ج 2 ، ص 134 .
(11) (12) الفتن : لابن حماد : ص 93 .