يشهد العالم بأسره قبيل ظهور الإمام عليه السلام الكثير من التغيرات الملموسة و الملفتة للانتباه وعلى جميع الأصعدة, وكلها تشكل مؤشرات على قرب ظهوره المبارك.
إن تلك الأوضاع التي تبدأ بالتدهور شيئاً فشيئاً لتزداد الأمور سوءاً وتعقيداً أكثر فأكثر يكون لها أعظم الأثر في شد الناس نحو المنقذ ولفت انتباه البشرية الى انه لابد من يوم الخلاص اليوم الذي تملئ فيه الارض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجورا, حينما تضيق السبل ويقف العلم الحديث بكل إمكاناته وما وصل إليه من التطور والرُقي, حينما يقف عاجزا أمام حل مشاكل الناس ويعجز عن تسيير الحياة بعجلتها المسرعة على الاتجاه الصحيح حينها لابد أن يبحث الجميع عن الحل.
وهنا تبرز فكرة المنقذ في أذهان الجميع, تلك الفكرة التي أجمع العالم بدياناته واتجاهاته العقائدية كافة على الإيمان بها, وان اختلفوا في التفاصيل الا ان اصل الفكرة واحد هو أن العالم بحاجة إلى منقذ وأنه آت لا محالة.
ولعل ما نعيشه اليوم _ولا نريد أن نوقت_ إذ الوقت علمه عند الله _ولكن من باب الأمل والترجي وانتظار الفرج_ هو بوادر ومقدمات ظهوره المبارك وهذا ما سنستفيده من روايات أهل البيت عليه السلام التي نرى في انطباقها على هذا الزمن مجالاً واسعاً مع بقاء الأمر في دائرة الاحتمال لا الجزم والقطع.
بطبيعة الحال يتزامن مع التدهور في الأوضاع السياسية والأمنية تدهور في الأوضاع الاقتصادية, كما أن شيوع الفساد وانتهاك الحرمات وابتعاد الناس عن القيم الإنسانية ومبارزة السماء بالمعصية له نتيجة حتمية, الا وهي انعدام البركة وإنقطاع الخير والرحمة عنهم فتشهد بعض البلدان موجة جفاف بسبب انقطاع الأمطار عنهم وجفاف الأنهار, وفي بعضها الآخر يتحول المطر الذي هو رحمة الى نقمة ويكون مدمراً للبلاد فيفسد الزرع ويقل الثمر وينتشر الفقر والجوع _ومن ثم يؤول الأمر إلى انتشار لأمراض غريبة عديدة يصعب علاجها_ ويصل الأمر بالبعض إلى استبدال نسائهم بشيء من الطعام يسد به فم الجوع وضراوة الحرمان.
وأبرز علامات التدهور الاقتصادي هذا شيئان:
١. شحة المياه:
قال صلى الله عليه وآله وسلم: (يأتي على الناس زمان … فعند ذلك يحرمهم الله قطر السماء في أوانه وينزل في غير أوانه).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ويكون المطر قيضاً)
وعن الإمام علي عليه السلام قال: (ويقل المطر فلا أرض تنبت ولا سماء تنزل ثم يخرج المهدي عليه السلام).
وعن الصادق عليه السلام: (إذا قام القائم وأصحابه فقد الماء الذي على وجه الأرض حتى لايوجد ماء فيضج المؤمنون إلى الله بالدعاء فيبعث الله لهم هذا الماء فيشربونه).
بل حتى كثرة المطر في ذلك الزمان إنما هو بلاء شديد مدمر.
فعن الصادق عليه السلام: (إن قدّام القائم عليه السلام سنة غيداقة كثيرة المطر تفسد فيها الثمار والتمر في النخل فلا تشكوا في ذلك).
وأوضح العلامات الجفاف الواضح الذي يضرب الناس.
فعن النبي عليه السلام: (وخراب مصر من جفاف النيل).
وفي كتاب الفتن عن أرطــأة: (وتيبس الفرات والعيون والأنهار). وعن الصادق عليه السلام: (ويكون جفاف الأنهار…ويقع القحط والغلاء ثلاث سنين).
وعنه عليه السلام: (يجف ماء بحيرة طبريا ويتوقف النخيل عن الثمر وتنضب عين زعر وهذه العين تقع في الجانب القبلي من الشام).
ونتيجة لهذا الجفاف ينحسر الفرات ويجف , وبه وردت روايات عديدة.
منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه فيقتل من كل مئة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا الذي أنجو).
ومعلوم أن الارض تعاني اليوم من شحة المياه بسبب الاحتباس الحراري الناجم عن إفساد الإنسان وتجاوزه على الطبيعة, علماً انه يرى بعض الخبراء أن الحروب قادمة بين الأمم و الدول سببها الصراع على الموارد المائية.
٢. الغلاء وسوء المعيشة:
عن الصادق عليه السلام قال: (إن قدام القائم علامات تكون من الله(عزوجل) للمؤمنين).
قلت: وماهي جعلني الله فداك؟ قال عليه السلام: ذالك قول الله عز وجل: (ولنبلونكم), يعني: المؤمنين قبل خروج القائم عليه السلام.
(بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين). قال: (يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم (ونقص مـن الأموال) قال: (كساد التجارات وقلة الفضل) (ونقص من الأنفس) قال: (وموت ذريع). (والثمرات), قال: (قلة ريع مايزرع). (وبشر الصابرين), عند ذلك بتعجيل خروج القائم).
وعن علي عليه السلام: (وتجارات كثيرة وربح قليل ثم قحط شديد).
وسأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: متى قيام الساعة يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن لها أشراط وتقارب أسواق). قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما تقارب أسواقها؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (كسادها ومطر ولا نبات).
وعن الصادق عليه السلام: (ويقل الطعام ويقحط الناس ويقل المطر).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (قبل خروج الدجال ثلاث سنوات يصيب الناس فيها جوع شديد).
وفي كنز العمال: (ويل للعرب من شر قد أقترب و الجوع الفضيع وباكية تبكي من جوع أولادها).
وفي الملاحم لإبن طاووس: (لا يخرج المهدي حتى يخرج الرجل بالجارية الحسناء الجميلة ويقول : من يشتري هذه بوزنها طعاماً ثم يخرج المهدي).
إن سوء التخطيط والتوزيع من الأسباب الموجبة لتحقق التدهور الاقتصادي, كما أن السياسات الاستبدادية للأنظمة الحاكمة والصراع الدولي والإقليمي والحروب والنزاعات كلها أسباب مباشرة تؤدي إلى الفقر والإفقار, بل وانتشار المجاعات, وحتى أنه يموت سنوياً ملايين البشر جوعـاً بحسب إحصائيات المنظمات الدولية والأمم المتحدة.