أتمّ السيد محمد زيارته للمشهد الرضوي المقدّس بصحبة قافلة من الزائرين، غير أنّه تأخر عنها رغبة منه بالبقاء عند المشهد، ولكن لمّا لم يكن عنده شيء من الزاد حتى قوت وجبة واحدة، لذا قرر اللحاق بجماعته الذين سبقوه بالمغادرة، وعلى أيّة حال فقد ذهب السيّد في طريق اللحاق بهم.
أتمّ السيد محمد زيارته للمشهد الرضوي المقدّس بصحبة قافلة من الزائرين، غير أنّه تأخر عنها رغبة منه بالبقاء عند المشهد، ولكن لمّا لم يكن عنده شيء من الزاد حتى قوت وجبة واحدة، لذا قرر اللحاق بجماعته الذين سبقوه بالمغادرة، وعلى أيّة حال فقد ذهب السيّد في طريق اللحاق بهم.
صار السيد يمشي ويمشي حتى دَنت الشمس نحو الغروب، ولم يلق من جماعته أحداً، ولم يصادف من قافلته أثراً.. فقال في نفسه:
– حتماً إنّي أخطأت الطريق، ولكنْ أين أذهب، ومن أين؟، وأنا في هذه البادية المهولة، والبيداء الشاسعة التي لا أرى فيها غير الحنظل.
وكما يقصد العطشان سراباً، فقد عمد السيّد إلى كسر الكثير من نبات الحنظل ظناً منه أنْ سيحصل من بينها على بطيخة!
وبينما هو في يأسه هذا إذ تراءى له من بعيد مكان مرتفع.. وبسرعة توجّه نحوه.. صعد.. ومن فرط دهشته فقد صاح:
– ماء.. إنّها عين ماء.
شكر السيّد ربّه، ثم توضأ وصلّى.. ولكنّ الوقت يمضي به، فقد أقبل الليل وامتلأت البيداء الموحشة بأصوات الضواري والتي أصبح يميّزها عن بعضها.
زادت وحشته، ومن شدّتها وتعبه استلقى على الأرض فأخذته غفوة لم يستيقظ منها إلاّ وقد أضاء القمر هذه الصحراء.
وتحت ضوء القمر رأى فارساً مقبلاً نحوه.. زاد خوفه وقال في نفسه عندئذ.
– لاشكّ انّه قاطع طريق يريد أنْ يسلبني ما عندي.. ولكن ما الذي عندي؟. إنّه بلا شك، وجزاء ذلك سيقتلني أو يصيبني.. معاذ الله.
لقد وصل الفارس إليه. فسلّم، فردّ السيّد السلام.
لقد أطمأنّ منه نفساً. ثم سأله الفارس
– مالك؟
فقال بسرعة:
– إنّني تائه وضعيف وجائع.
فقال له الفارس.
– عندي ثلاث بطيخات. لِمَ لا تأكل منها؟
فأسرّ السيد في نفسه.
– أتظنّه يهزأ بي.
وبينما هما كذلك إذ قال له الفارس.
– انظر وراءك.
فنظر، فإذا بنبتة بطّيخ. بها ثلاث بطّيخات كبيرة.
ثم قال له:
– سدّ جوعك بواحدة وخذ الاثنين معك.
وأردف قائلاً.
– عليك بهذا الطريق المستقيم، امش فيه، فإنّك سوف تصل إلى خيمة سوداء يوصلك أهلها إلى قافلتك.
ثم غاب عن نظره بغتة.
أدرك السيّد وبلا تردد من حينها أنّ من كلّمه هو سيّده صاحب العصر والزمان عليه السلام.
وقف السيد محمد قليلاً.. وهو يتأمّل. استجمع قواه ثم سار في الطريق المقصود، حتّى وصل إلى خيمة سوداء.. ولكنّ أهلها عاملوه بقسوة، ظانين وكما يبدو من بعض اشاراتهم أنّه من السّراق أو المجرمين… أخذ السيّد يحدّث نفسه.
– لماذا؟ ما كنت أنتظر منهم هذا، لقد وعدني سيّدي بأنّهم سيدلونني على الطريق، ويوصلونني إلى حيث أريد، ولكن هؤلاء ما أن رأوا البطيخة التي بقيت معه.
– حيث لم يكن الموسم موسم بطيخ _ يبدو أنّهم قد صدّقوه، وبعدها قصّ عليهم خبره مع الإمام عليه السلام.. فأقبلوا عليه يقبّلون يده وأكرموه غاية الإكرام.. وضيّفوه، بل أعطوه بعض النقود، ثم شيّعه بعضهم إلى حيث قافلته.
حمد السيّد محمد ربّه بلوغه القافلة وظل يزيد الحمد ويردّد:
بهداية سيّدي وصلت قافلتي.