قال نعوم تشومسکی أنه لم یمض یوم خلال الستین سنة الماضیة لم تعذب فیه أمریکا إیران وقد بدأ هذا الأمر مع الإنقلاب العسکری عام 1953 وسقوط الحکومة البرلمانیة الإیرانیة.
فی حوار نعوم تشومسکی المفکر الأمریکی و أستاذ جامعة ام ای تی مع وکالة “الدیمقراطیة الآن” و فی جواب له علی سؤال «ما هو المفهوم الذی یحمله الصراع فی سوریة بالنسبة لإیران بشکل کلی ،وکیف تستطیع أمریکا أن تغیر الوضع فی الشرق الأوسط»؟ قال :إن النقطة المهمة بالنسبة لإیران والتی یجب أن نبدأ بها البحث هو أنه لم یمض یوم خلال الستین سنة الماضیة لم تعذب فیه أمریکا إیران.لقد بدأ هذا الأمر عام1953 عندما سقطت الحکومة البرلمانیة الإیرانیة الأمر الذی أدی إلی وصول الشاه الذی کان دیکتاتوریاً ظالماً. لقد اعتبرته منظمة العفو الدولیة أسوأ جلادی العالم و أکثرهم تطرفاً.عندما سقط الشاه عام1979 أسرعت أمریکا لدعم صدام فی هجومه علی إیران،لقد قتل صدام عشرات الآلاف من الأشخاص فی إیران واستخدم السلاح الکیمیائی.لقد قام صدام فی ذلک الزمن بمهاجمة الأکراد حتی بالسلاح الکیمیائی الرهیب و قد أیدت أمریکا هذا الهجوم.لقد کان صدام محبوباً من قبل حکومة ریغان و بوش ،لدرجة أن جورج بوش الأب و بعد انتهاء الحرب عام1989 قام بدعوة المهندسین العراقیین إلی أمریکا لیتلقوا تعلیماً متطوراً فی مجال إنتاج السلاح النووی.
و أضاف: هذه هی الدولة التی هاجمت إیران. ثم تعرضت إیران للحصار الشدید و قد استمر هذا الحصار حتی وقتنا هذا. لذلک فنحن لدینا تجربة تمتد لستین عاماً فی تعذیب إیران ،نحن لا ننتبه لهذا الأمر لکن الإیرانیین یهتمون وینتبهون لذلک والحق معهم .
و تابع کلامه مشیراً إلی أسباب اتخاذ العمل العسکری المحتمل ضد إیران قائلاً:لقد عدنا لأصل هجمات المافیا.لقد قامت إیران عام1979 بإسقاط الدیکتاتور المتحالف والمدعوم من أمریکا واتخذت خطاً مستقلاً لها و لم تتبع أوامر أمریکا.010040110 و حسب قانون المافیا فإن الولد بالتبنی لا یستطیع أن یأخذ الإذن بالإستقلال والمقاومة الناجحة،لذلک کان من الواجب معاقبة إیران علی عملها هذا.
و أضاف تشومسکی: إن الذریعة الأساسیة هی أن إیران تمتلک برنامجاً للتسلح النووی.
فی الوقت الذی نشرت فیه جریدة نیویورک تایمز تقریراً عن أن إیران تسعی للحصول علی السلاح النووی فقد أعلنت مراکز المخابرات الأمریکیة من جهة ثانیة أنها لا تعلم بهذا وربما کان الأمر کذلک.فإذا کانت إیران تسعی لشیء کهذا فإن هذا العمل یقع ضمن استراتیجیتها الرادعة.إن إیران محاطة بقوی نوویة تقع تحت الحمایة الأمریکیة و غیر مستعدة للتوقیع علی معاهدة منع انتشار السلاح النووی. لقد حصلت إسرائیل و الهند و باکستان علی السلاح النووی بمساعدة أمریکا و إیران تشعر بالقلق دائماً جراء ذلک .إن أمریکا و إسرائیل تقومان یومیاً بالتهدید بمهاجمة إیران وهو الأمر الذی یخالف میثاق الأمم المتحدة الذی یمنع استخدام القوة. تعتبر أمریکا نفسها معفیة من القوانین الدولیة کما أنها تورث زبائنها هذا الحق. لذلک فإن إیران معرضة للتهدید بشکل دائم.تقول النیویورک تایمز أن إیران تسعی لامتلاک السلاح النووی ولکن مراکز المخابرات لا تقول شیئاً کهذا. هذه ذریعة.
و تابع هذا المفکر الأمریکی قائلاً: تقول أمریکا أن إیران تشکل تهدیداً للعالم.هذا موقف أمریکا. ولکن ما هی مواقف الدول الأخری؟ إن معرفة الجواب سهلة. لقد دعمت معظم دول العالم ذات العضویة فی منظمة عدم الإنحیاز حق إیران فی تخصیب الیورانیوم باعتبارها من الدول الموقعة علی معاهدة ان بی تی. العالم العربی کیف؟إن الدول العربیة لا ترتاح لإیران و هذا التوتر یعود إلی قرن من الزمن ،لکنهم لا یعتبرونها تهدیداً. إن النسبة المئویة لمن یرونها تهدیداً منهم قلیلة جداً ،کما أن استطلاعات الرأی التی تقوم بها المؤسسات الغربیة تظهر أن التهدید الأساسی لهم هی أمریکا و إسرائیل.
کما بیَّن أن شعوب الدول العربیة لیست هی من تؤید الموقف الأمریکی من إیران بل الدیکتاتوریات الموجودة فی هذه البلدان قائلاً :إحدی هذه الدیکتاتوریات هی السعودیة التی تعتبر أکثر دولة أصولیة فی العالم.
و قد أشار إلی السبل المحتملة لحل الموضوع النووی الإیرانی إلی اتفاق عام 2010 بین إیران و ترکیة والبرازیل القاضی بإخراج کافة ذخائر الیورانیوم المخصب و تسلیمها لدولة ثالثة مثل ترکیة مثلاً قائلاً :تقرر أن یقوم الغرب بتأمین الوقود الذی تحتاجه مراکز الأبحاث النوویة الإیرانیة. لکن بعد إعلان هذا الإتفاق قام باراک أوباما و وسائل الإعلام والکونغرس بتوجیه الإنتقادات الشدیدة لترکیة والبرازیل. هذا الأمر أغضب وزیر الخارجیة البرازیلیة فقام بنشر رسالة جاء فیها أن باراک أوباما هو من قدّم هذا الإقتراح ظناً منه أن إیران لن تقبل به أبداً.
عندما قبلت إیران بذلک توجب علی ترکیة والبرازیل بتنفیذ السیاسة التی اقترحها أوباما لکنها أدینت و هُددت.ربما یمکن إحیاء هذا الإتفاق مرة ثانیة مع بعض التغییرات.
و فی الختام قال :منذ عام 1974 تم طرح اقتراح لتجرید الشرق الأوسط من السلاح النووی. ربما کانت هذه أفضل طریقة للتخفیف أو لإنهاء التهدیدات التی تنسب لإیران.لقد قوبل هذا الإقتراح بترحیب دولی لدرجة أن أمریکا اضطرت للموافقة علیه ،لکن هذا الأمر غیر قابل للتحقق. کان من المفترض أن یقام مؤتمر بهذا الخصوص فی فنلندا لکن إسرائیل أعلنت أنها لن تشارک فیه ،أما إیران فقد أعلنت أنها ستشارک فی هذا المؤتمر بدون شروط مسبقة. فی ذلک الزمن ألغی أوباما المؤتمر و تعلل بالدلیل الذی قدمته إسرائیل: أنه بدون إقامة السلام فإنها لا تستطیع أن توافق علی اتفاق بشأن التسلح النووی. ولکن طالما أن أمریکا تحول دون حل دیبلوماسی للصراع الإسرائیلی الفلسطینی فإن هذا الإتفاق لن یحدث.
المصدر: قدس أونلاین