إنَّ من الضروري والواجب معرفة إمام الزمان معرفة عَقْديَّة تقوم على دعامة اليقين الشخصي عند الإنسان المُعتَقِد. بحيث يتمكن ذاتياً من تحديد ومعرفة الإمام الحق نصاً وشرعاً. وفي هذا البحث سنتحدَّث عن مَعرفة الإمام المهدي عليه السلام/الإنتسابيَّةُ. لما في هذه المعرفة من أثر قيِّم في تحديد الشخص الحق للإمام المهدي عليه السلام وهويته الحقيقيّة.
إنَّ من الضروري والواجب معرفة إمام الزمان معرفة عَقْديَّة تقوم على دعامة اليقين الشخصي عند الإنسان المُعتَقِد. بحيث يتمكن ذاتياً من تحديد ومعرفة الإمام الحق نصاً وشرعاً.
وفي هذا البحث سنتحدَّث عن مَعرفة الإمام المهدي عليه السلام/الإنتسابيَّةُ. لما في هذه المعرفة من أثر قيِّم في تحديد الشخص الحق للإمام المهدي عليه السلام وهويته الحقيقيّة.
وما يترتب على تلك المعرفة من قدرة تجعل صاحبها مُشخِّصاً ومُحدداً للمصداق الحق، للإمام المهدي عليه السلام، بحيث لا يقع في التوهم والإشتباه.
وتستند مَعرفةُ الإمام المهدي عليه السلام/الإنتسابيَّةُ صدوراً في قطعيتها السنديّة إلى المعصوم عليه السلام، وأعني النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام، فالمعصوم عليه السلام هو مَن يُبيِّن هوية ونسب الإمام المعصوم من بعده وينص عليه نصا ويُشهد على ذلك.
ونحن نعتقد قطعاً ويقيناً أنّ كُل ما يُخبَر به النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو حق وواقع. ومن أهم ما أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم هو نسب الإمام المهدي عليه السلام وقبل أن يُولَد الأئمة التسعة من ذُريّة الإمام الحسين عليه السلام، فجاءت إخباراته صلى الله عليه وآله وسلم مُتطابقة تماماً مع ما أخبرَ به سالفا. وخصوصا ولادة الإمام المهدي عليه السلام ونسبه الشريف، إذ أنَّ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم قد ذكر نسب وأصل واسم الإمام المهدي عليه السلام حتى يقطع الطريق أمام المُنكِرين والطامعين في حقوق آل محمد عليهم السلام، وهنا سأذكر أحاديث صحيحة ومتواترة وصلتْ إلى حد تُفيد معه الإطمئنان الفعلي بصدق وقطعيَّة صدورها ووضوح دلالتها عَقْديّا.
فمثلاً ذكر ابن ماجه في سننه: ج2 ص519. باب خروج المهدي عليه السلام: (أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسَبَ المهدي عليه السلام إلى عبد المطلب فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
(نحن وِلد عبدالمطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي عليه السلام)).
وهنا يرد التساؤل وطرحه على المُنكرين لولادته عليه السلام ونسبه الشريف؟ مامعنى تكاثر الروايات في ذكر المهدي عليه السلام وهو لم يولد بعد، وخاصة من طرق أبناء العامة؟ وفي مجاميعهم الروائيّة. وما المصلحة من ذلك؟ وحتى لوسلَّمنا جدلا بوضع الأحاديث في هذا المضمار فما هو الغرض من ذلك؟ هل هو العبث أو التأسيس لحقيقة سوف تتحقّق في وقتها؟ ولو قلتم جدلا إنها أحاديث مكذوبة وموضوعة، فما معنى تعمير كذبٍ إستمرّ طيلة أكثر من عشرة قرون خلتْ؟ أليس حبل الكذب قصير؟ ثُمّ أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم على ما يذكر أحمد بن حنبل في (مسنده ج1 ص376) نصّ لفظاً على تسمية المهدي عليه السلام، فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
(لاتنقضي الأيام ولايذهب الأمر حتى يملك العرب رجلٌ من أهل بيتي اسمه يواطىء اسمي).
ومثل هذا الحديث قد ذكرتْه المجاميع الروائية كـ (سنن أبي داوود:ج2:ص310)، و(سنن الترمذي ج3 ص343). و(المعجم الكبير للطبراني ج10 ص134).
والبيان هنا يتّضح أكثر في تحديد نسب الإمام المهدي عليه السلام وكونه من أهل البيت المعصومين عليهم السلام واسمه (محمد) كإسم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
والأقوى من ذلك حُجّة في حديث ذكره أبو داوود في (سننه ج4 ص107 رقم الحديث 4284).
(المهدي حقٌ وهو من ولدِ فاطمة)
والحديث هذا يتوفر على ضمانتين عقديتين مهمتين جداً وهما:
1. حقانيّة المهدي عليه السلام شخصا وفكرا ومنهجا.
2. كون الإمام المهدي عليه السلامنسباً من ذرية الصدِّيقة فاطمة عليها السلام بنت النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهذا يعني أن الإمام المهدي عليه السلام قطعاً سيكون من الأئمة المعصومين ومن ذرية الإمام الحسين عليه السلام.
والدليل على ذلك تشخيص الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم هذا النسب بنفسه وبيده الشريفة، حينما وضعها على منكب الإمام الحسين عليه السلام، وفي ذلك التشخيص جاءت الأخبار متواترة وبصحة لاتقبل النكران.
فيذكر الدارقطني وابن الصباغ المالكي والسمعاني والقندوزي الحنفي وغيرهم كثيراً. أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة عليها السلام:
(يا فاطمة إنّا أهل بيت اُعطينا ستْ خصال لم يُعطَها أحدٌ من الأولين ولايدركها أحد من الآخرين غيرنا أهل البيت عليهم السلام … ومنّا مهدي الأمّة الذي يصلّي عيسى خلفه، ثُمّ ضَرَبَ على منكب الحسين عليه السلام، فقال صلى الله عليه وآله وسلم مِن هذا) يعني الحسين عليه السلام مهدي الأمّة عليه السلام.
وهذا الحديث أخرجه الدارقطني كما في (البيان في أخبار الزمان للكنجي ص116-117 باب 9).
وأخرجه أيضا ابن الصبّاغ المالكي في (الفصول المهمة ص295-296 فصل12) وذكره أيضا القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة ج3 ص839 رقم 26 باب 94).
ولنا نحن أتباع مدرسة أهل البيت المعصومين أحاديث قريبة من معنى الحديث أعلاه، وأكتفي بذكر ما ذكره الشيخ الصدوق رضي الله عنه عن سلمان رضي الله عنه قوله: (دخلتُ على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا بالحسين عليه السلام على فخذه وهو يُقبّل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: (أنتَ _للحسين عليه السلام_ سيد ابن سيد أنتَ إمام ابن إمام أبو الأئمة أنتَ حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم)). (الخصال الصدوق ج2 ص486).
إنّ كل خلفيات الأحاديث الإنتسابيَّة الخاصة بالإمام المهدي عليه السلام تعطي للمتتبع لها وبدقة قيمة عالية إنتساب الإمام المهدي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى فاطمة وإلى الحسين عليهما السلام وكونه الإمام الثاني عشر ابن الإمام الحادي عشر الإمام الحسن العسكري عليه السلام لامحالة ولقرشيته النسبية ولمشموليته بحديث (الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش) أو حديث (لا يزال هذا الدين قائما ما وليه اثنا عشر كلهم من قريش). وهذا الحديث متواتر، روته الصحاح والمسانيد بطرق متعددة وإن اختلف في متنه قليلا.
نعم، اختلفوا في تأويله واضطربوا. راجع (صحيح البخاري ج9 ص101 كتاب الأحكام-باب الاستخلاف) (صحيح مسلم ج 2 ص119 كتاب الإمارة) (مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 90-93-97).