في معلومات خاصة حصلت عليها “النشرة”، فان جماعة عبد الحليم خدام في لبنان آنذاك مسؤولة بشكل مباشر عن خطف الامام الصدر والشيخ يعقوب والصحافي بدر الدين، بالاضافة لمشاركة آخرين. وتشير المصادر الى ان ثمة جهات في لبنان لا تريد للحقيقة ان تظهر نظرا لتورط عديدين بها بطريقة مباشرة او غير مباشرة.
اختفى الامام موسى الصدر في آب 1978 في ليبيا، وشهدت القضية على مدى 35 عاما الكثير من الاخذ والرد والدعاوى والاتهامات. سقط معمر القذافي منذ عامين إلا أن اسرار اختفاء الصدر ما زالت صامدة، وعندما يقول رئيس المجلس الوطني الليبي السابق مصطفى عبد الجليل أنّ عدم حل اللغز في ما يتعلق بقضية اختفاء الامام موسى الصدر، يعود إلى عدم جدية الجهات السياسية والقضائية المعنية في هذا الأمر بمعرفة حقيقة “الوفاة”، فهذا يطرح الكثير من علامات الاستفهام. وإذا كانت قضية الاختفاء قد شكلت لغزا عميقا في ماضينا القريب، فإنّ “الهروب” من معرفة حقيقة الخطف قد يشكل اللغز الحقيقي في تاريخنا المعاصر.
سنتان مرتا على وفاة الرئيس الليبي معمر القذافي سمع اللبنانيون خلالهما روايات عديدة حول مصير الامام موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين. روايات تنوعت واختلفت تراوحت بين قتل المغيبين مباشرة يوم زيارتهم ليبيا وصولا الى الحديث عن رفات تخصهم وثياب تعود اليهم. هذه الروايات جميعها غير صحيحة على الاطلاق حسب ما يؤكد النائب السابق ونجل المغيب الشيخ محمد يعقوب، حسن يعقوب، مؤكدا أنّ خبر رؤية المغيبين في السجون الليبية عام 1998 “خبر صحيح”.
قام المجلس العدلي الذي ينظر بقضية تغييب الرجال الثلاثة بتأجيل المحاكمة اكثر من مرة آخرها تأجيل الجلسة حتى تشرين الاول المقبل ريثما يتم التأكد من وفاة القذافي. هذه الجلسات يراها يعقوب “مهزلة حقيقية”، متحدثا لـ”النشرة” عن تفاصيل المحاكمة وكيف تم التعامل مع طلب تصحيح الخصومة بحيث ان من المعروف ان الدعوى تسقط عن المتهم بعد وفاته وبما ان القضية هي ضد القذافي شخصيا فهذا يعني سقوطها عنه مستقبلا. ويقول يعقوب: “طالبنا بضم الدولة الليبية إلى الدعوى لأنّ القذافي لم يقم بعملية الخطف وحده ولأهدافه الخاصة، وهنا كانت المفاجأة بأن المجلس العدلي لا يريد الاعتراف بوفاة القذافي رغم قيام المحكمة الجنائية الدولية بارسال نسخة عن الوثيقة الرسمية التي تثبت مقتل القذافي”، متسائلا عن سبب اصرار البعض على إبقاء الاتهام موجها فقط لشخص القذافي، مع الاشارة إلى أنّ الوثيقة موجودة بين وزارتي العدل والخارجية.
يعقوب، الذي أعلن أنّ ثقته بالقضاء تزعزت، يكشف أنّ القيادات التي يفترض بها العمل على كشف مصير المغيبين لم تهتم منذ البداية بهذه القضية. وقال: “كنا نفتش في الاونة الاخيرة على طريقة للضغط على الجانب الليبي ووردت فكرة بأن نطلب تعويضا ماليا ضخما يشكل ورقة ضغط على ليبيا مما يدفعها لتقديم معلومات جديدة لانهاء القضية دون دفع الاموال”. هنا كانت الصدمة الكبرى بحسب يعقوب: “حصل انقسام كبير حول الفكرة ووقف البعض ضدها بشكل مطلق وضغط على المحامين فتفرقوا بعد ان كانوا فريقا واحدا، وحتى عائلة الامام الصدر كانت ضد الفكرة”، طارحا التساؤل التالي: “ماذا يريدون ان يخفوا عنا؟”
تشكل قضية الامام الصدر ورفيقيه لغزا كبيرا يحتاج حله لتوافر النيات اولا، ففي البداية قيل ان سبب وجود النظام الليبي بقيادة معمر القذافي سبب منع الدولة اللبنانية من القيام بواجبها تجاه هذه القضية. الا انه، بعد مقتل القذافي وسقوط نظامه، “لا يمكن لنا ان نقبل بأي حجة من الحجج”، حسب ما يؤكد يعقوب. ويقول: “نحن قمنا بالذهاب الى ليبيا فور سقوط النظام وتحرينا عن معلومات مؤثرة في هذه القضية ووصلنا لخيوط هامة وقد علمنا من انتحل شخصية الصدر ومن انتحل شخصية الشيخ يعقوب في تمثيلية السفر الى ايطاليا، كما توصلنا الى الكثير من المعلومات المتعلقة بالشخصيات التي كانت تمسك بزمام الامور عندها”، ويتابع يعقوب: “بعد ان احست بعض الجهات اننا نحرز تقدما في عملنا تشكلت لجنة رسمية شارك اخي فيها وذهبت الى ليبيا، وهذه اللجنة اهتمت بالبروتوكولات اكثر من اهتمامها بالعمل الفعال”. ويضيف: “بعدها تم استبعادنا عن اللجنة بشكل مفاجىء ولم يتم وضعنا بأجواء اللقاءات وحتى التحقيق الذي تم مع عبد الله السنوسي لم يعلمونا به ولم يزود المجلس العدلي فيه ايضا، الا انني اعلن اننا علمنا بمضمونه عبر مصادرنا الخاصة”.
وفي معلومات خاصة حصلت عليها “النشرة”، فان جماعة عبد الحليم خدام في لبنان آنذاك مسؤولة بشكل مباشر عن خطف الامام الصدر والشيخ يعقوب والصحافي بدر الدين، بالاضافة لمشاركة آخرين. وتشير المصادر الى ان ثمة جهات في لبنان لا تريد للحقيقة ان تظهر نظرا لتورط عديدين بها بطريقة مباشرة او غير مباشرة. كما اعلنت المصادر نفسها ان الامام الخميني رضي القيام بعملية تبادل اسرى، بحيث تطلق ايران الرهائن الاميركيين الذين اعتقلوا في السفارة الاميركية في ايران عام 1979 على أن يطلق بالمقابل سراح الامام الصدر ورفيقيه. وتضيف مصادر لـ”النشرة”: “وافقت اميركا على الصفقة وتم ارسال بيلي كارتر شقيق الرئيس الاميركي آنذاك جيمي كارتر الى ليبيا للتفاوض، الا ان امرا ما طرأ ادى لتوقف العملية”، وتشير الى حصول “تغييرات جذرية داخل تنظيم معروف في لبنان في الاسبوع نفسه”.
كما ترى مصادر متابعة للمحاكمات في حديثها لـ”النشرة” ان رمي الحجج في كل جلسة من اجل التأجيل يهدف بالدرجة الاولى الى تمييع القضية والتخلي عنها. وتعتبر ان اخر بدعة تحججت بها المحكمة كانت عدم الاعتراف بمقتل معمر القذافي وتم التأجيل على هذا الاساس، متوقعة ان لا تكون الجلسة المقبلة مختلفة عن سابقاتها ابدا.
كرامة الأمة لا تكتمل دون حل اللغز
اخيرا يؤكد حسن يعقوب ان كرامة الامة ونصرها الالهي لن يكتملا دون حل لغز قضية تغييب الصدر ورفيقيه، معتبرا ان “هذه القضية في صلب صراعنا مع الحركة الصهيونية وعدم حلها سيشكل اخفاقا كبيرا لنا”. ويضيف يعقوب المتمسك بمعرفة الحقيقة والذي سيعلن عن حقائق مهمة جدا في وقت قريب: “ان العمل المركزي للامام الصدر والشيخ يعقوب هو الوحدة الداخلية واذا كانا مع الصحافي عباس بدر الدين ضحايا الوحدة فأنا ايضا سأكون كذلك في هذه الفترة الحساسة التي نمر بها”.
المصدر : موقع النشرة