أدعياء المهدوية _دعوة ابن كاطع_

من جملة الدعاوى الزائفة التي بدأت تنتشر في مجتمعنا، وصار لها من يتبنّاها ومن يدعو إليها هو ادّعاء وجود ولد للإمام المهدي عليه السلام باسم _احمد إسماعيل_ وأنّ هذا الولد هو اليماني _وهو أول الممهّدين للدولة المهدوية_ بحسب ادعائهم.

قدّم السيد لمحاضرته بالقول:
من جملة الدعاوى الزائفة التي بدأت تنتشر في مجتمعنا، وصار لها من يتبنّاها ومن يدعو إليها هو ادّعاء وجود ولد للإمام المهدي عليه السلام باسم _احمد إسماعيل_ وأنّ هذا الولد هو اليماني _وهو أول الممهّدين للدولة المهدوية_ بحسب ادعائهم.
لذلك نحن نقف عند هذه الدعوة حتى نحصّن أنفسنا تحصينا تامّاً مما يدّعيه هؤلاء، وأوّل نقطة نحتاج أنْ نقف عندها هي أنّ الإمام في زمن غيبته هل له ذرية أساساً، بحيث لو ادّعى شخص أنّه من ذريّة الإمام، فهل هناك مجال لسماع دعواه، أو أنّ الإمام لا ذريّة له في زمن غيبته؟.
ثم انطلق السيد المحاضر بشرح محاور محاضرته رداً وتفنيداً وقد كانت هذه المحاور:
1. لا ملازمة بين الزواج وبين وجود الذريّة.
2. عدم صحة رواية (ولايطّلع عليه أحد من ولده …).
3. رواية (يأتي بأهله وعياله) يكون مصداقها بعد ظهوره عليه السلام المقدس.
4. ما جاء في الزيارات لا يثبت توقيت وجود الذريّة.
5. رواية (وصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم) تثبت عكس ما يدّعيه المدّعون.
وإليك عزيزي القارئ موجزاً بالمحاضرة:
1. كون أنّ للإمام المهدي عليه السلام ذرية من زواج غير ثابت:
إنّ أصحاب المدّعي يستدلون عن ذلك بأدّلة منها: أنّ الزواج مستحبّ، والإمام عليه السلام لا يترك مستحباً كما لا يترك واجباً، ومقتضى ذلك أنْ يكون متزوجاً، وإذا كان كذلك كانت له ذريّة بمقتضى الوضع الطبيعي.

وهنا نقول: إنّ هذا الدليل مزيّف من ناحيتين.
الأولى: إنّ النكاح وإنْ كان حكمه الاستحباب، إلاّ انّ ذلك الاستحباب هو الحكم الاوّلي له ولكنّه وبحسب العوارض الطارئة عليه قد يكون واجباً، وقد يكون مكروهاً، أو حراماً، كما في حالة الجمع في الزواج بين فاطميتين مثلاً فهو مكروه.
وثانياً: إننا لو سلّمنا باستحباب الزواج وسلّمنا بأنّ الإمام متزوج، فما هي الملازمة بين الزواج ووجود الذريّة. مع احتمال التدخّل الغيبي للحيلولة دون وجود ذريّة له لأجل الحفاظ على غيبته التامة.
2. رواية (ولايطّلع عليه أحد من ولده …) رواية باطلة:
يستدل هؤلاء المدعون بدليل آخر هو رواية جاءت عن الإمام الصادق عليه السلام عن طريق المفضّل بن عمر، تقول الرواية (إنّ لصاحب الأمر غيبتين احداهما تطول …) حتى يقول عليه السلام (ولا يطّلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره إلاّ المولى الذي يلي أمره).
فذيل الرواية هذه _وحسب ادعائهم_ يدل دلالة واضحة على وجود ولد للإمام عليه السلام.
وهنا نقول، إنّ الكتب المعتمدة في هذا المجال تقول إنّ هذه الرواية مصحّفة، يعني حدث تغيير في كلماتها، حيث رويت بكتاب (الغيبة) للشيخ النعماني، هكذا (…ولا يطّلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره).
وهكذا فهي لا تصح دليلاً على ماذهبوا إليه.
3. رواية (بأهله وعياله) ناظرة إلى ما بعد الظهور:
فقد جاءت العبارة برواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: (يا أبا محمد كأنّي أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله).
وهنا نقول إنّ الرواية ناظرة إلى مرحلة ما بعد الظهور وذلك بعد أنْ يتسلّم زمام الأمور بعد ظهوره عليه السلام.
ودليلها ذيلها حيث سؤال أبي بصير: ماذا يكون أمر أهل الذمة، أي عندما تكون بيده عليه السلام الحكومة والدولة ومقاليد الأمور، فكيف يتعامل عليه السلام مع أهل الذمّة، وماذا يكون أمرهم، فيقول عليه السلام: سيسالمهم كما سالم جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فإنّه مع ذيل الرواية ولأكثر من قرينة نفهم أنّ الرواية ناظرة إلى ما بعد الظهور، فلا يصح أنْ يستند إليها لإثبات وجود الذريّة في مرحلة ما قبل الظهور.
4. الروايات الواردة في الزيارة لا يثبت كون الذريّة قبل الظهور:
حيث جاء في الزيارة نص يقول:
(اللّهم صلّ على ولاة عهده وعلى الأئمّة من ولده).
فظاهر القول أنّ الإمام له ولاة، أئمة من ولده.
أمّا النص الآخر فيقول:
(واعطه في نفسه وذريته …).
وهنا نقول إنّ النصّين غاية ما يثبتانه أصل وجود الذرية للإمام عليه السلام، وأما انّ هذه الذرية موجودة الآن أو أنّها ستوجد بعد ظهوره عليه السلام، فالنصّان قاصران عن إثبات ذلك.
5. رواية (وصية الرسول) لا تخدم ادّعاء المدّعين:
وأقوى ما يحتج به هؤلاء المدّعون هو الوصيّة الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والتي يرويها الإمام الصادق عليه السلام.
عن أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بها أمير المؤمنين عليه السلام، وهي وصية جاء في أوّلها:
(يا علي إنّه سيكون من بعدي اثنا عشر إماماً، ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً) الى أنْ يقول صلى الله عليه وآله وسلم:
(فإذا حضرته الوفاة _الإمام المهدي عليه السلام_ فليسلمها إلى أبنه أوّل المقربين ثلاثة أسامي أسم كأسمي وأسم كأبي أحمد وعبدالله،و الاسم الثالث المهدي).
وهنا نقول انّ هذه الرواية، عليها أربع ملاحظات وهي:
– إنّ سندها مشتمل على عدّة مجاهيل، وهي أسماء لم يذكر لهم أثر في علم الرجال، ولا في علم التاريخ، فهم أسماء وهمية لا يعلم عنها شيء. كذلك لا نعلم من أين جاءت وكيف وصلت مما يوجب وهنها.
– إنّ هذه الرواية متهافتة، وتهافتها يدل على أنّها ليست صادرة من المعصوم، فهو عليه السلام لا يمكن أنْ يتحدّث بالتهافت.
فالرواية في أولها تقول:
(سيكون من بعدي اثنا عشر إماماً، وبعده اثنا عشر مهديّا وأنت يا علي أوّل الأئمة الاثني عشر سمّاك الله في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي ولا تصح التسمية بها لأحد غيرك).
وهي في آخرها تقول:
(فإذا حضرته الوفاة فليسلمها إلى أبنه أوّل المقربين وله ثلاثة أسماء اسم كاسمي واسم كاسم أبي احمد وعبد الله والاسم الثالث المهدي).
فكيف نفرّق بين هاتين الفقرتين المتهافتتين المتكاذبتين (اسم الإمام أمير المؤمنين ولا تصح التسمية لغيره) وبين آخرها (احمد بن الإمام المهدي يقول اسمه الثالث المهدي).
– ثمّة ملاحظة أخرى على رواية الوصية هذه فإنّها تقول (سيكون من بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً) بمعنى أنه بعد أنْ تتمّ فترة الأئمة الإثني عشر تبدأ فترة المهديين، هذا أمر، امّا الأمر الآخر فإنّها _أي الرواية_ تقول (فإذا حضرته الوفاة فليسلمها الى ابنه أوّل المقربين منه. وعليه فإنّ (احمد) المذكور في الرواية، ستكون بيده مقاليد الأمور بعد وفاة الإمام، بينما الذين يدّعون المهدوية، فإنّهم يدّعونها في زمان وجود الإمام، وهذه الرواية نفسها تكذّبهم وتبيّن زيفهم.
– وهناك ملاحظة أخرى على الرواية أثارها الشيخ الحر العاملي في كتابه (الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة) يقول فيها إنّ هذه الرواية التي تدل على وجود مهديين بعد الإمام المهدي عليه السلام لهم الأمر أو أنّ هناك أئمّة من ولده عليه السلام، معارضة على قلتها وندرتها وشذوذها للروايات المتواترة التي تدلّ على أنّ الأمور بعد الإمام المهدي عليه السلام ستكون بيد الأئمّة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولسيد الشهداء الحسين عليه السلام بوجه الخصوص، كما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام عندما سئل عن الرجعة حيث قال عليه السلام (ويقبل الحسين بن علي عليه السلام في أصحابه الذين قتلوا معه، ومعه سبعون نبياً كما بعثوا مع موسى بن عمران عليه السلام فيدفع إليه الخاتم، ويكون الحسين عليه السلام هو الذي يلي غسله وحنوطه وكفنه ويواريه في ملحودته.
فالذي يتكفّل الأمر بعد الإمام المهدي هو الإمام الحسين عليه السلام وليس ذريّة الإمام المهدي عليه السلام.
إذن ومن جميع ما تقدّم نقول إنّ كلّ من مدّعي وجود ذرية للإمام المهدي عليه السلام في زمن الغيبة الكبرى لا يمتلك دليلاً واحداً على وجود هذه الذريّة.

السيد ضياء الخبّاز

Check Also

تقرير: ثلثا مسلمي أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا

أفاد تقرير حديث بأن ثلثي المسلمين في أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا، أي الكراهية المرتبطة بالخوف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *