بات الحجاب الاسلامي الذي ترتديه النساء في الكثير من الدول الغربية مثار جدل ساخن بين الاوساط الاجتماعية والرسمية مع تباين الرؤى حول كونه حق اصيل يندرج ضمن حقوق الانسان، وبين ثقافة تلك المجتمعات التي ترفضه بحجه اعتباره دخيلا على الثقافة الاوروبية.
بات الحجاب الاسلامي الذي ترتديه النساء في الكثير من الدول الغربية مثار جدل ساخن بين الاوساط الاجتماعية والرسمية مع تباين الرؤى حول كونه حق اصيل يندرج ضمن حقوق الانسان، وبين ثقافة تلك المجتمعات التي ترفضه بحجه اعتباره دخيلا على الثقافة الاوروبية
حيث نجحت العديد من اللوبيات المناوئة لارتداء الحجاب من انتزاع قوانين تحظر ارتدائه على الرغم من معارضة تلك التشريعات لقوانين حقوق الانسان الكفيلة بحرية الرأي والمظهر والمعتقد.
فيما اسهم استمرار الجدل حول هذا الامر في تمادي بعض الجماعات اليمينية المتطرفة في تعاطيهم مع هذه القضية عبر شنها حملات معادية للدين الاسلامي.
روسيا تؤيد حظر ارتداء الحجاب في المدارس
فقد أيدت المحكمة العليا في روسيا قرار حظر ارتداء الحجاب بأحد أقاليم البلاد، فيما اعتبر على نطاق واسع بداية للكفاح في أنحاء البلاد بشان اللباس الديني.
وتجاهل القضاة شكوى مجموعة من الآباء بإقليم ستافروبول في شمال القوقاز الروسي، والتي ذكروا فيها أن حظرا محليا على ارتداء الحجاب في مدارس الدولة ينتهك الحقوق الدستورية للفتيات في ممارسة حرية العقيدة.
وذكرت تقارير إخبارية أن المحكمة أيدت قرار سابق لمحكمة إقليمية مفاده أنه يحق للدولة أن تطالب بملبس “ذات صبغة علمانية” لضمان حقوق متساوية لجميع الاطياف. وقال محامي مراد موساييف، محامي أولياء الامور، لوكالة “انترفاكس″ للأنباء إنه سيطعن على القرار.
وتفخر روسيا بوجود حوالي 20 مليون مسلم بين سكان البلاد، ولكن مسألة الحجاب تعالج بشكل مختلف في أكثر من 80 اقليم اتحادي.
يشار إلى أن ارتداء الحجاب مقبول ويلقى تشجيعا في المدارس بأقاليم ذات أغلبية مسملة، مثل الشيشان وتتارستان، تسعى السلطات في أقاليم مثل ستافروبول ذات الأغلبية المسيحية إلى حظره قانونيا.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أيد بقوة الكنيسة الأرثوذكسية، في نيسان/ أبريل الماضي، إن حظر ارتداء الحجاب ليس الطريق الصحيح وانه يتعين حل المشكلة بتطبيق ارتداء زي مدرسي رسمي.
المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان
الى ذلك أحالت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، مباشرة وبشكل استثنائي الخميس، الى هيئتها العليا مسألة النظر في طعن تقدمت به شابة مسلمة ضد قانون حظر النقاب في الاماكن العامة المعمول به في فرنسا.
وقالت محكمة ستراسبورغ في بيان ان هذا الطعن كان قد احيل الى غرفة في المحكمة مؤلفة من سبعة قضاة، لكن هذه الغرفة قررت، حتى قبل ان تنظر في الدعوى، التنحي عن هذه القضية ورفعها مباشرة الى “الغرفة العليا” المؤلفة من 17 قاضيا، مشيرة الى ان “ايا من الاطراف لم يعترض على هذا القرار”.
وبحسب مصدر في المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، فان “الغرفة العليا” ستنظر في هذه القضية في جلسة علنية بعد انتهاء الصيف.
والمدعية هي شابة فرنسية مسلمة تدعى بحسب الاحرف الاولى من اسمها التي كشفتها المحكمة “أس. إيه. أس” ومولودة في 1990. وتطعن الشابة بالقانون الصادر في 11 تشرين الاول/اكتوبر 2010 الذي يحظر ارتداء غطاء كامل للوجه في الاماكن العامة.
وتقدمت الشابة بطعنها هذا امام المحكمة في اليوم نفسه الذي دخل فيه القانون المطعون فيه حيز التنفيذ في 11 نيسان/ابريل 2011. بحسب فرانس برس.
وفي طعنها تقول المدعية انها مسلمة ملتزمة وان ما تريد ان يسمح لها بارتدائه هو لباس يغطي الجسد باكمله ويتضمن حجابا خفيفا يغطي الرأس إضافة الى النقاب الذي يغطي الوجه باستثناء العينين.
وتؤكد المدعية ان “لا زوجها ولا اي فرد آخر في اسرتها يضغط عليها من اجل ان تلبس هكذا”، مؤكدة انها ترتدي النقاب في الاماكن العامة كما الخاصة ولكن ليس دوما.
وتقول المدعية انها تستند في طعنها الى بنود عدة في الشرعة الاوروبية لحقوق الانسان بينها “حرية التعبير” و”الحق في حرية الفكر والمعتقد والديانة” والحق في “احترام الحياة الخاصة والعائلية” و”منع التمييز”.
بلجيكا: جنت تلغي حظر ارتداء الحجاب المفروض منذ.. 2007
ألغت مدينة جنت البلجيكية حظر ارتداء الموظفات الحكوميات الحجاب بعد أن أسقط الاشتراكيون والخضر الذين يمثلون الأغلبية إجراء فرض عام 2007 عندما كانت أحزاب يمين الوسط تهيمن على مجلس المدينة.
ووقع أكثر من عشرة آلاف مواطن أو نحو خمسة أمثال العدد المطلوب للدعوة لإجراء تصويت على التماس يدعو إلى رفع الحظر.
وبعد نقاش دام أربع ساعات صوت 29 من بين أعضاء مجلس المدينة ومجموعهم 51 عضواً لصالح إلغاء حظر مسؤولي المدينة الذين يتعاملون مع الناس ارتداء الرموز الدينية أو السياسية.
وكان الحظر يحول دون تعامل المسلمات المحجبات مع المواطنين في مكاتب المدينة. وقال نعيمة الشرقاوي مديرة منتدى الأقليات الذي ينسق العمل المدني: «هذه نقطة تحول تاريخية بالنسبة للأقليات العرقية والثقافية. المهاجرون يكتسبون صوتاً سياسياً».
ويطبق الحظر في عدد من المدن البلجيكية. وحظرت بلجيكا قبل عامين ارتداء النقاب على الملأ.
وتحظر فرنسا المجاورة وبها أكبر عدد من المسلمين في غرب أوروبا ارتداء الرموز الدينية مثل الحجاب في المدارس.
الجدل حول الحجاب يشتعل مجددا في فرنسا
أشعل قرار مثير للجدل اصدرته محكمة فرنسية مجددا الجدل الذي ثار عام 2004 حول الحجاب في فرنسا. وايد الريس الاشتراكي فرانسوا هولاند مساعي مختلف الاحزاب للمزيد من القيود على الحجاب.
واثارت مطالب اصدار قانون جديد بشأن الحجاب غضب المسلمين وذلك عقب قرار اصدرته اكبر محكمة استئناف في فرنسا الشهر الماضي.
وتقيم في فرنسا اكبر جالية مسلمة في غرب اوروبا يقدر عددها بما بين خمسة وستة ملايين.
وقضت محكمة النقض الفرنسية ان موظفة في حضانة اطفال خاصة، كانت قد فصلت من عملها لارتداء الحجاب، فصلت من عملها بصورة غير قانونية.
وسارعت الحكومة الاشتراكية بالتحذير من التهديد “لمبادئ العلمانية” التي “لايجب ان تقف عند باب الحضانة”.
وتقول جميع اطراف القضية إنها ملتزمة بالعلمانية، ولكنهم تحت لوائها يسعون لتطبيق عدد من التصورات السياسية والاجتماعية.
والرموز الدينية البارزة، بما في ذلك الحجاب، محظورة في المدارس الحكومية في فرنسا، كما يحظر ارتداء النقاب في الاماكن العامة. وبدأ تطبيق منع الرموز الدينية في المدارس في سبتمبر / ايلول 2004، وحظر ارتداء النقاب في الاماكن العامة في ابريل / نيسان 2011.
وأشار زعيم حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية المعارض جون فرانسوا كوبي الى “ثغرة قانونية بشأن تطبيق العلمانية في بعض الحالات”.
والاحتكام الى العلمانية يخفي ان منتقدي حكم محكمة النقض بشأن الحجاب ينتمون الى معسكرين، وهما المدافعون عن “الطريقة الفرنسية” في الحياة والمدافعون عن “القيم الانسانية”.
واستخدم صحفيان فرنسيان بارزان في اثنتين من اشهر الاذاعات الفرنسية برنامجيهما لتوضيح الجدل حول الحجاب. ونظر الصحفي اريك زيمور في اذاعة ار تي ال بحنين الى السبعينيات عندما كان يهود فرنسا “يخلعون قبعاتهم فور الخروج الى الشارع” حتى لا يشعر البعض من الحرج “من تفاخرهم بالانتماء الى دين معين”.
وقال زومور إن “هذه الطريقة الفرنسية في التعايش” قوضها وصول “جاليات تنتمي الى الطريقة الانغلوساكسونية في الحياة”. وأضاف “الذين يقاومون يشعرون بأنهم محاصرون وينعتون بأنهم عنصريون ورجعيون”.
وفي اذاعة فرانس انتر قال توماس لوغراند إن المشكلة لا تكمن في الرموز الدينية في حد ذاتها ولكن في الحجاب الاسلامي وما يعنيه بالنسبة “لمكانة المرأة في بعض المناطق”.
ويقول لوغراند إن هذا الرأي “لا علاقة له بمعاداة الاسلام”. واضاف إنه “كفاح من اجل الحرية الفردية ومن اجل المساواة بين الجنسين”. كما يبرر المدافعون عن ارتداء الحجاب موقفهم بالاشارة الى العلمانية.
ورحبت جماعة “التجمع ضد معاداة الاسلام في فرنسا” بقرار المحكمة لأنه يمثل “دفاعا ضد الذين يحيدون عن العلمانية”.
وحذر محمد موسوي رئيس “المجلس الفرنسي للدين الاسلامي” ضد اي قانون يحد من حق موظفي القطاع الخاص في ارتداء الحجاب.
وفي مقال نشر على موقع oumma.com قال موسوي ان مثل هذا القرار سيعارض قواعد العلمانية بالاعتداء على “حقين رئيسيين وهما حرية الاعتقاد وحرية الرأي”.
ولكن الجدل السياسي حول الحجاب ما زال مستمرا. ودعت جماعة برلمانية الى وضع مسودة قرار يسمح للشركات والمؤسسات بوضع قواعد للرموز والممارسات الدينية.
ودعا هولاند الى وضع قواعد خاصة برياض الاطفال الحكومية مثيلة للقواعد للمطبقة في المدارس.
وقال هولاند في مقابلة تلفزيونية في 28 مارس / اذار “يجب على القانون ان يتدخل”.
ويبدو ان الراي العام يميل لتأييد المطالبين بقانون جديد واسع المجال. وتشير استطلاعات رأي اجريت مؤخرا الى ان اكثر من 80 بالمئة من الفرنسيين يعارضون ارتداء الحجاب في العمل اذا كانت المرأة تتعامل مع الجمهور.
المصدر : موقع الزاویة