فكرة الإمام المهدي عليه السلام وإن كانت تشكّل جزءاً من العقيدة الدينية الاّ انها من جانب آخر تعدّ الأمل الذي شدّ جميع أبناء البشر بما فيهم المنكرين لحقيقة السماء.
إن المثير حقاً أن يختلف المتدينون حول فكرة ظهور الإمام المهدي عليه السلام بما هي فكرة تتصل بالاعتقاد الديني من جانبه الخطير، فالإمام المهدي عليه السلام ليس اختصاصاً بمذهب الشيعة، ولا هو عقيدة طارئة كما هو شأن كثير من المفردات التي تحتاج التثبت والفحص والتحقيق.
فكرة الإمام المهدي عليه السلام وإن كانت تشكّل جزءاً من العقيدة الدينية الاّ انها من جانب آخر تعدّ الأمل الذي شدّ جميع أبناء البشر بما فيهم المنكرين لحقيقة السماء.
إن المثير حقاً أن يختلف المتدينون حول فكرة ظهور الإمام المهدي عليه السلام بما هي فكرة تتصل بالاعتقاد الديني من جانبه الخطير، فالإمام المهدي عليه السلام ليس اختصاصاً بمذهب الشيعة، ولا هو عقيدة طارئة كما هو شأن كثير من المفردات التي تحتاج التثبت والفحص والتحقيق.
ان الإمام المهدي عليه السلام بشارة تضمّنتها كل العقائد الدينية السابقة للإسلام، وجاء الإسلام ليضع يده على ملامح هذه البشارة ويؤكد وقوعها، ويشرح تفاصيلها بدقة، بحيث أصبح ما عندنا عن الإمام المهدي عليه السلام من أخبار متواترة يفوق كثيراً من القضايا العقائدية الأخرى.
فالأديان السماوية تشترك في تبنيها فكرة الخلاص للبشرية على يد مخلّص من عالم الغيب، وعن طريق حدثٍ غيبي من صناعة وتدبير الخالق عز ذكره، وإن كانت تختلف من حيث تشخيص العنصر والحدث وفي تسمية الرجل الإلهي الذي سيقوم بمهمة الخلاص العظمى. ومن هذه الاديان :المسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية والسيخية وغيرها.
إن عقيدة إنتظار مخلص أو منقذ أو مصلح عالمي ينشر العدل والرخاء في ظهوره، وتتطهر الأرض من الظلم والقهر، من العقائد البارزة التي تؤمن بها العقائد أو الديانات الوضعية حيث كان للظواهر الطبيعية والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية دور في ظهور عقيدة الانتظار.
وقد اختلفت شخصية هذا المنقذ عند العقائد الوضعية، فلاحظنا مثلاً انه النيل عند المصريين القدامى، وتارة أخرى تمثلت شخصيته بالإله تموز عند العراقيين القدامى، وأخرى تمثلت في شخصية (كرشنا) و(رامى) عند الديانة الهندوسية، وبوذا عند الديانة البوذية، وزر آدشت عند ديانة الفرس القديمة، وأخرى تظهر لنا بطبقة البروليتاريا عند المفكرين الماركسيين.
ان العقائد الوضعية تلتقي مع بقية الأديان السماوية الأخرى, كالديانتين اليهودية والمسيحية من حيث مضمون فكرة الاعتقاد بإنتظار منقذ أو مصلح أو مخلص ينقذ البشرية من الظلم، وان اختلفت أسباب هذا الاعتقاد، وجوهره يكمن في الاضطهاد والظلم والقهر، وقد أضافت الديانتان اليهودية والمسيحية أسباباً أخرى جعلت من مضمون فكرة الاعتقاد بالمنتظر فكرة أصيلة وذلك لوجودها في معتقداتهما وتعاليمهما ومصادرهما القدسية.
وتلتقي العقائد الوضعية والسماوية(اليهودية والمسيحية) مع الدين الإسلامي الذي يرى بضرورة الثورة العالمية ضد الظلم الذي أرتكب بحق الإنسان، وتعد عقيدة انتظار مخلّص أو منتظر منقذ للبشرية من الظلم واحدة من العقائد المهمة بل والأساسية عند المسلمين، والمنتظر عندهم هو الإمام المهدي عليه السلام.
وعند متابعة الفكر الإسلامي نلاحظ أن عقيدة إنتظار المهدي عليه السلام هي موضع إتفاق بين غالبية المذاهب والفرق الإسلامية وذلك لأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي أوردت خبر المهدي عليه السلام وإنتظار الفرج في ظهوره ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وردت عند كل من أئمة وعلماء السُنّة والشيعة.
وهذه المسألة تكاد تكون من المسلّمات لدى جميع المسلمين، أي ان هناك تحولاً عالمياً كبيراً نحو الحق والصلاح عن طريق ثورة إلهية يقوم بها إمام رباني من أحفاد محمد صلى الله عليه وآله وسلم. لكن الموضوع الذي يجب التوقف عنده هو بمثابة التساؤل عن السياق الذي سيحدث فيه هذا التحول من التسافل إلى التسامي، ومن الباطل إلى الحق، ومن شيوع الظلم إلى حلول العدالة، ومن انتشار الفساد والرذيلة إلى سيادة القيم والفضائل، وهل هذا التحول سوف يحصل نتيجة عوامل غيبية تشبه المعجزات التي كانت تحصل مع أنبياء الله السابقين، والتي عبرت عن تدخل الغيب مباشرة في عالم الشهادة وفق رؤية إلهية اقتضت حماية الدين والحق نتيجة تعرضه للهجمة من أهل الباطل، ما يستدعي الحفاظ على الدين من أجل بقاء وديمومة الحياة.. وهذا التدخل هو غير الحضور الغيبي في عالم الشهادة، هذا الحضور الدائم الذي لا يعرف الغياب والذي هو شاهد على كل عوالم الوجود، والذي يؤثر في رعاية البشر وإنزال الرزق عليهم واللطف في أحوالهم، والذي يؤثر أيضاً في التسديد والتوفيق والتأييد للصالحين ولمسيرتهم.. فالمقصود بالتدخل إذن هو غير الحضور المتحقق دائماً، وإنما هو تدخل ليفرض معادلة تغيّر من آثار المعادلات الطبيعية، وفرض نتائج وآثاراً مخالفة ومعاكسة لهذه المحاولات..