المهدية بين اتجاهين

ثم يقول ان هذه الفكرة لها اخطارها، الخطر الاول انها تجعل الامة الاسلامية امة متواكلة فهي لا تصلح احوالها ولا تحارب الظلم وانما تنتظر حتى يأتي المخلص فيخلصها من الظلم الذي وقعت فيه، يجعلها امة قابلة للظلم وقابلة للقهر وقابلة للعدوان وقابلة لكل شيء لا يقبل اخلاقياً ولا دينياً لانها تتوقع ان المسألة والمهمة ليست مهمتها وانما هي مهمة الله سبحانه وتعالى الذي يرسل المخلّص الذي يخلصهم منها.

كتب فهمي عبد اللطيف وهو عالم ازهري في الاربعينات كتاباً عن المهدية في الاسلام كان اتجاهه انكار فكرة المهدية جميعاً.
يقول فهمي عبد اللطيف ان هذه الفكرة أو هذا الاتجاه هو اتجاه انساني تلجأ اليه الجماعات بخيالاتها عندما تصاب بالصدمات العنيفة وعندما تصاب باليأس ويصبح اعتمادها على شيء من الامل، وهذا الامل ينبني على وهم من الاوهام.
فالقضية في نظر المؤلف حالة نفسية ووهم لمحاولة المعيشة وقبول الوضع.
ثم يقول ان هذه الفكرة لها اخطارها، الخطر الاول انها تجعل الامة الاسلامية امة متواكلة فهي لا تصلح احوالها ولا تحارب الظلم وانما تنتظر حتى يأتي المخلص فيخلصها من الظلم الذي وقعت فيه، يجعلها امة قابلة للظلم وقابلة للقهر وقابلة للعدوان وقابلة لكل شيء لا يقبل اخلاقياً ولا دينياً لانها تتوقع ان المسألة والمهمة ليست مهمتها وانما هي مهمة الله سبحانه وتعالى الذي يرسل المخلّص الذي يخلصهم منها.
فإذاً الفكرة خطيرة وخطرة على الامة ويجب ان تُبْرأ أو تُبَرَأ الامة منها تماماً، يجب ان نقول للناس اعتمدوا على انفسكم فان العدل لا يأتي من السماء أو من الوحي أو من اي شيء آخر، لن يأتيكم مخلص وانما انتم الذين تخلصون انفسكم.
هذا هو محتوى الكتاب على ما اذكر واذكر انني قرأته وانا طالب في الازهر واعجبني كلامه بالنسبة للناحية النفسية، واعجبني كلامه بانها امر عام في الامم جميعاً.
ولكني نظرت لما ذكره بالنسبة للاحاديث النبوية حيث ذكر ما ذكره ابن خلدون من ان قضية المهدي عليه السلام لم يتعرض لها أو لم تذكر في الصحيحين صحيح مسلم أو صحيح البخاري، هذا حق ولكن من قال ان الصحيحين يحتويان كل الاحاديث الصحاح؟ لم يقل بهذا احد فكل الناس تعلم ان هناك صحاحاً اخرى، ومعروف ان يقال الصحاح الستة عند السنة والصحاح الاربعة مسند احمد وابن ماجة والترمذي موجود فيها احاديث تتصل بالمهدي عليه السلام،وهذه الاحاديث كثيرة ويقوي بعضها بعضاً، حتى ان العلماء قالوا انها تصل إلى درجة التواتر فكيف نفعل بهذه الاحاديث.
نقول ان هناك قواعد للنظر في الاحاديث.
القاعدة الاولى : اذا تعارض الحديث مع القرآن الكريم فهو غير مقبول.
الامر الثاني : اذا تعارض مع العقل هو كذلك غير مقبول.
الامر الثالث : اذا كان هناك شك في الرواة فهو غير مقبول.
فاذاً هناك السند واذا ظهر فيه من بين الرواة من هو متهم بالكذب او متهم بالغفلة او ضعف الذاكرة او ما شابه فعندئذ في هذه الحالة نقول نحن لا نقبل الحديث لانه جاء من مصدر غير موثوق به.
ولكن اذا كان الرواة اهل ثقة فماذا نقول؟ ننظر للمتن فاذا كان المتن يعارض كتاب الله عزوجل فمن المؤكد اننا لا نقبله.
ما هي اذا قضية المهدي عليه السلام وهل هي تناقض القرآن الكريم؟ هل هي تناقض العقل؟ هل الرواة متهمون؟ واذا اتهم بعض الرواة مع الكثرة وتعدد الطرق التي جاءت الينا بحيث يصعب علينا ان نقول ان السند كله متهم فلا بد ان نقبل صحة السند وبالتالي نقبل ان هذه الاحاديث وردت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
نحن نعلم ان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ينزل عليه خبر من السماء، وهو شخص من البشر اختاره الله ليبلغنا رسالة منه، اليس هذا شيئاً عجباً ان يختار شخص من البشر، يوحي اليه ويخاطبه الله ويكلمه بالوحي فيبلغنا هذه الرسالة، هذا امر لا يقل صعوبة على الفهم وعلى الادراك عن قضية المهدي، فان آمنت _ايها الانسان_ بالرسالة فلا يصعب عليك ان تؤمن بفكرة المهدية او العقيدة المهدية.
فاذا فكرة المهدية ثابتة بالسنة.
فاذاً آمنت بالسنة فلا بد ان تؤمن بفكرة المهدية.

الدکتور الشیخ زکی بدوی

شاهد أيضاً

غیبة لابدّ منها

غیبة مهدی هذه الامة غیبة لابدّ منها، لانه مهدی هذه الامة، ولان وعد الله سبحانه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.