ما قام به المعصوم عليه السلام في مضمار القضية المهدوية

لقد تولى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم مسؤولية تجذير وتأصيل الفكرة المهدوية بما يهيء لها ظروفها الموضوعية, وذلك من خلال تثبيت الفكرة في جسد الامة ، ومن ثم قام الائمة عليهم السلام بشرح الفكرة ، وعندما نقول انهم شرحوها فاننا نقصد الجانبين, الشرح العملي بالاضافة إلى الشرح اللفظي ، حيث نجد هم قد جسدوا القضية في حياتهم وحياة اصحابهم عليهم السلام من خلال التلاحم الذاتي بين الفكر المهدوي, وبين قضايا الاسلام العبادية والمعاملاتية او السلوك الاخلاقي

لقد تولى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم مسؤولية تجذير وتأصيل الفكرة المهدوية بما يهيء لها ظروفها الموضوعية, وذلك من خلال تثبيت الفكرة في جسد الامة ، ومن ثم قام الائمة عليهم السلام بشرح الفكرة ، وعندما نقول انهم شرحوها فاننا نقصد الجانبين, الشرح العملي بالاضافة إلى الشرح اللفظي ، حيث نجد هم قد جسدوا القضية في حياتهم وحياة اصحابهم عليهم السلام من خلال التلاحم الذاتي بين الفكر المهدوي, وبين قضايا الاسلام العبادية والمعاملاتية او السلوك الاخلاقي ، ونستطيع ان نوجز عمل الامام عليه السلام في شرح القضية من خلال النقاط التالية:
* توضيح معالم الفكر الاسلامي العام الذي هو حظيرة الفكر المهدوي, وذلك من خلال بث علوم اهل البيت عليهم السلام في كل مكان وبشتى الوسائل.
* بناء الكوادر والرجال المخلصين للقضية التي تحمل هذا الفكر, وتربيتهم عقائديا واخلاقيا وروحيا بما يضمن تحقيق الاهداف.
* فضح النوايا والتحركات والاهداف لخصوم الاسلام المهدوي.
* الاخبار بالمغيبات الكونية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية بما يثبت قلوب المؤمنين ويجعلهم يراقبون مسألة الظهور بدقة من خلال علامات الظهور ، ومن جانب اخر كيفية الاستعداد من خلال شرائط الظهور، ومن خلال تلك المغيبات اثبتوا للاخرين حقيقة القيادة وحقانيتها في الاسلام.
* توضيح الحركة المهدوية بكل تفاصيلها وبدقة عالية ، ووضحوا للمنتظرين كل الشخصيات تقريبا التي سوف تظهر على مسرح الاحداث وبتفاصيل مثيرة للغاية, كما في توضيح ملامح شخصية السفياني وغيره, حيث تجد حتى لون بشرته وطوله وسلوكه و…وغيرها من الصفات التي تجعل المنتظر لايخطأ في التشخيص.
وفيما يخص الشخصيات التي تساند الامام عليه السلام ايضا فقد اعطوا عليهم السلام تفاصيل دقيقة ولكن بنفس الوقت اخفوها عن الاعداء بصورة رائعة ومثيرة يفهمها العارف بالقضية .المهم انهم وضحوا للمنتظر كيفية السير, وكيفية المنهج ايضا.
* دربوا شيعتهم في فترات وبصورة غيرمعلنة على كيفية العمل عندما يغيب عنهم الامام عليه السلام, وراقبوهم حتى وصل الأمر إلى مرحلة الغيبتين فان ثقتهم بزعماء الامة والامة جعلهم مطمئنين على ان الغيبتين لن تشكل خطرا فادحا بالفكر المهدوي ، مع رعاية الامام عليه السلام للأمة في فترة الغيبة, ولكن هذا لايعني ان الامة اصبحت راشدة بما يكفي لخوض الصراع والتحرك في غياب المعصوم.
وهناك الكثير من الأمور التي قام بها المعصوم لشرح وتثبيت القضية في جسد الأمة، كلها تمثل التحرك المرحلي للمعصوم, وتصب في مضمار إعادة الظروف الموضوعية, لإعادة تطبيق الأهداف العليا ولو في المستقبل البعيد .. (ويرونه بعيدا ونراه قريبا) .
ومن هنا كان التكتيك ياخذ أشكالا متعددة, من قائد لآخر وبحسب الظروف الموضوعية ومتطلبات المرحلة التي يعيشها ذلك القائد ورجالاته, بما يناسب حالة نضج ورقي المجتمع الروحي والاجتماعي والاقتصادي ، او حجم الشبهات والتحديات التي تواجه الواقع بحيث يحقق المطلوب بالنسبة التي يراها القائد وبدقة عالية حتى ولو كان بنسبة قليلة, فبعض الاحيان يحصل تراجع في النتائج, كما حصل الأمر بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام, فبحسب تصريح الإمام السجاد عليه السلام لم يبق لنا ناصر في المدينة الا قليل بسبب الخوف من البطش الأموي, وهذه نتيجة طبيعية في بداية الأمر لكن النتائج تظهر بعد فترة, خصوصاً وان الأمر يحتاج إلى تأمل وتفكير ، وكان القائد يسلم المشروع إلى قائد اخر ليكمل النتائج ويرعى المشروع وينميه والى ان وصل إلى مرحلة الامتحان الكبير وهو مرحلة الغيبة ، وهذا التحرك بحد ذاته عجيب وغريب اذا ما قيس بالقياسات الظاهرية, ولكن من حيث الباطن فانه يمثل قمة في التربية والإعداد المكثف ، فان السؤال المطروح هو كيف ان الامام الذي ربى قواعده وأوصلها إلى مرحلة متميزة من حيث الكم والنوع, كيف يتركها ويغيب عنها بهذه الصورة, التي هي في الظاهر تجعل الامة ترجع إلى القهقرى ، لأنها تعودت أن ترجع لقائدها لاسيما في أوقات الشدة، فلمن ترجع في وقت الغيبة ؟ وفي وقت تزايد التحديات لاسيما من السلطة ، ان الامة ستواجه تحد وشبهة في المستقبل, شبهة تقول انتم كيف تنتظرون رجلا تقولون انه غاب ، وهذه تحتاج إلى إقامة ادلة وشواهد وصراعات فكرية، هذا وغيره جعل الغيبة امتحانا عسيرا على القواعد الشعبية للإمام عليه السلام.
ولكننا نستطيع ان نقول بشأن ذلك ان المعصوم بصورة عامة استطاع ان يؤمن كل صمامات الامان للامة, بما فيها رشد الامة وصمدوها وقوتها امام التحديات حتى مع غيبة الامام عليه السلام ، واما غيبة الامام فانها سوف تسبب لها الما نفسيا تعيشه طول الغيبة وتكون عاملا فعالا لزيادة التحرك المرحلي ولكنه لن يكون خطيرا إلى درجة إنهاء القضية .
فاذا كانت الغيبة هي مرحلة امتحانية كبيرة وتربية مركزة لجماعة المنتظرين لكي تعاني مرارة فقد القائد, ولكي تعيش لوعة الفراق وآلام الصراع لوحدها وعندها تعمل على تكثيف العمل الذاتي والموضوعي من اجل استرجاع قائدها بصورة سريعة ،والعمل معه في تطبيق الاهداف العليا،لاسيما ان الامة اليوم فقهت ان شرط ظهور الامام والقائد هو ارتقائها إلى مرحلة روحية وفكرية وسلوكية تؤهلها لمرحلة التطبيق.

لطيف عبد النبي يونس

Check Also

غیبة لابدّ منها

غیبة مهدی هذه الامة غیبة لابدّ منها، لانه مهدی هذه الامة، ولان وعد الله سبحانه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *