ما هو کلام مُعاوية فی فضائل الامام علی علیه السلام؟
من أعظم ما استدل به فی فضائل علی علیه السلام مدح معاوية له عليه السّلام و هو أعدى عدوّه و ألدّ خصمائه؛ منه:
1) سير أعلام النبلاء عن عبيد : جاءَ أبو مُسلِم الخَولانِيُّ واُناسٌ إلى مُعاوِيَةَ وقالوا : أنتَ تُنازِعُ عَلِيّاً ، أم أنتَ مِثلُهُ ؟فَقالَ : لا وَاللهِ ، إنّي لاَعلَمُ أنَّهُ أفضَلُ مِنّي وأحَقُّ بِالأَمرِ مِنّي .(1)
2) فضائل الصحابة لابن حنبل عن قيس بن أبي حازم : جاءَ رَجُلٌ إلى مُعاوِيَةَ فَسَأَلَهُ عَن مَسأَلَة ، فَقالَ : سَل عَنها عَلِيَّ بنَ أبي طالِب فَهُوَ أعلَمُ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، جَوابُكَ فيها أحَبُّ إلَيَّ مِن جَوابِ عَلِيٍّ ، فَقالَ : بِئسَ ما قُلتَ ولَؤُمَ ما جِئتَ بِهِ! لَقَد كَرِهتَ رَجُلاً كانَ رَسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) يَغُرُّهُ العِلمَ غَرّاً ، ولَقَد قالَ لَهُ رَسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) : «أنتَ مِنّي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى غَيرَ أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي» . وكانَ عُمَرُ إذا أشكَلَ عَليهِ شَيءٌ يَأخُذُ مِنهُ ، ولَقَد شَهِدتُ عُمَرَ وقَد أشكَلَ عَلَيهِ شَيءٌ ، فَقالَ : هاهُنا عَلِيٌّ قُم لا أقامَ اللهُ رِجلَيكَ .(2)
3) المناقب لابن شهر آشوب عن ابن أبجر العجلي : كُنتُ عِندَ مُعاوِيَةَ فَاختَصَمَ إلَيهِ رَجُلانِ في ثَوب ، فَقالَ أحَدُهُما : ثَوبي ، وأقامَ البَيِّنَةَ ، وقالَ الآخَرُ : ثَوبِي اشتَرَيتُهُ مِن السّوقِ مِن رَجُل لا أعرِفُهُ . فَقالَ مُعاوِيَةُ : لَو كانَ لَها عَلِيُّ بنُ أبي طالِب ! فَقالَ ابنُ أبجَرَ : فَقُلتُ لَهُ : قَد شَهِدتُ عَلِيّاً(عليه السلام)قَضى في مِثلِ هذا ، وذلِكَ أنَّهُ قَضى بِالثَّوبِ لِلَّذي أقامَ البَيِّنَةَ ، وقالَ لِلآخَرِ : اُطلُبِ البائِعَ . فَقَضى مُعاوِيَةُ بِذلِكَ بَينَ الرَّجُلَينِ .(3)
4) المحاسن والمساوئ : لَمّا كانَ حَربُ صِفّينَ كَتَبَ أميرُ المُؤمِنينَ رِضوانُ اللهِ عَلَيهِ إلى مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ : ما لَكَ يُقتَلُ النّاسُ بَينَنا ؟ ابرُز لي ; فَإِن قَتَلتَنِي استَرَحتَ مِنّي ، وإن قَتَلتُكَ استَرَحتُ مِنكَ ، فَقالَ لَهُ عَمرُو بنُ العاصِ : أنصَفَكَ الرَّجُلُ فَابرُز إلَيهِ . قالَ : كَلاّ يا عَمرُو ! أرَدتَ أن أبرُزَ لَهُ فَيَقتُلَني وتَثِبَ عَلَى الخِلافَةِ بَعدي ! قَد عَلِمَت قُرَيشٌ أنَّ ابنَ أبي طالِب سَيِّدُها وأسَدُها .(4)
5) تاريخ دمشق عن جابر : كُنّا عِندَ مُعاوِيَةَ فَذُكِرَ عَلِيٌّ ، فَأَحسَنَ ذِكرَهُ وذِكرَ أبيهِ واُمِّهِ ، ثُمَّ قالَ : وكَيفَ لا أقولُ هذا لَهُم ؟ هُم خِيارُ خَلقِ اللهِ ، وعِندَهُ بَنيهِ أخيارٌ أبناءُ أخيار .(5)
6) شرح نهج البلاغة ـ في ذِكرِ ما جَرى بَينَ عَقيلِ بنِ أبي طالِب ومُعاوِيَةَ ـ : قالَ مُعاوِيَةُ : ذَكَرتَ مَن لا يُنكَرُ فَضلُهُ ، رَحِمَ اللهُ أبا حَسَن ! فَلَقَد سَبَقَ مَن كانَ قَبلَهُ ، وأعجَزَ مَن يَأتي بَعدَهُ ، هَلُمَّ حَديثَ الحَديدَةِ ، قالَ : نَعَم .
أقوَيتُ وأصابَتني مَخمَصَةٌ(6) شَديدَةٌ ، فَسَأَلتُهُ فَلَم تَندَ صَفاتُهُ(7) ، فَجَمَعتُ صِبياني وجِئتُهُ بِهِم وَالبُؤسُ وَالضُرُّ ظاهِرانِ عَلَيهِم ، فَقالَ : اِيتِني عَشِيَّةً لاَدفَعَ إلَيكَ شَيئاً ، فَجِئتُهُ يَقودُني أحَدُ وُلدي، فَأَمَرَهُ بِالتَّنَحّي، ثُمَّ قالَ: ألا فَدونَكَ، فَأَهوَيتُ ـ حَريصاً قَد غَلَبَنِي الجَشَعُ أظُنُّها صُرَّةً ـ فَوَضَعتُ يَدي عَلى حَديدَة تَلتَهِب ناراً، فَلَمّا قَبَضتُها نَبَذتُها وخُرتُ كَما يَخورُ الثَّورُ تَحتَ يَدِ جازِرِهِ، فَقالَ لي: ثَكِلَتكَ اُمُّكَ! هذا مِن حَديدَة أوقَدتُ لَها نارَ الدّنيا فَكَيفَ بِكَ وبي غَداً إن سَلَكنا في سَلاسِلِ جَهَنَّمَ ؟ ثُمَّ قَرَأَ : «إِذِ الاَغْلَـلُ فِى أَعْنَـقِهِمْ وَ السَّلَـسِلُ يُسْحَبُونَ»(8) ثُمَّ قالَ : لَيسَ لَكَ عِندي فَوقَ حَقِّكَ الَّذي فَرَضَهُ اللهُ لَكَ إلاّ ما تَرى ، فَانصَرِف إلى أهلِكَ .
فَجَعَلَ مُعاوِيَةُ يَتَعَجَّبُ ويَقولُ : هَيهاتَ هَيهاتَ ! عَقِمَتِ النِّساءُ أن يَلِدنَ مِثلَهُ .(9)
7) تاريخ دمشق عن جابر : كُنّا ذاتَ يَوم عِندَ مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ ، وقَد جَلَسَ عَلى سَريرِهِ وَاعتَجَرَ بِتاجِهِ وَاشتَمَلَ بِساجِهِ(10) ، وأومَأَ بِعَينَيهِ يَميناً وشِمالاً ، وقَد تَفَرَّشَت جَماهيرُ قُرَيش وساداتُ العَرَبِ أسفَلَ السَّريرِ مِن قَحطانَ ، ومَعَهُ رَجُلانِ عَلى سَريرِهِ: عَقيلُ بنُ أبي طالِب ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ ، وَامرَأَةٌ مِن وَراءِ الحِجابِ تُشيرُ بِكُمَّيها يَميناً وشِمالاً، فَقالَت: يا أميرَ المُؤمِنينَ فاتَتِ اللَّيلَةُ أرِقَةً ، قالَ لَها مُعاوِيَةُ: أ مِن ألَم ؟ قالَت: لا، ولكِن مِنِ اختِلافِ رَأيِ النّاسِ فيكَ، وفي عَلِيِّ بنِ أبي طالِب، و(11)أبوكَ أبو سُفيانَ صَخرُ بنُ حَربِ بنِ اُمُيَّةَ، وكانَ اُمَيَّةُ مِن قُرَيش لُبابَها، فَقالَت في مُعاوِيَةَ فَأَكثَرَت وهُوَ مُقبِلٌ عَلى عَقيل وَالحَسَنِ، فَقالَ مُعاوِيَةُ: رَسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) يَقولُ: مَن صَلّى أربَعاً قَبلَ الظُّهرِ وأربَعاً بَعدَ الظُّهرِ، حُرِّمَ عَلَى النّارِ أن تَأكُلَهُ أبداً.
ثُمَّ قالَ لَها: أ في عَلِيٍّ تَقولينَ ؟ المُطعِمِ فِي الكُرُباتِ، المُفَرِّجِ لِلكُرُباتِ، مَعَ ما سَبَقَ لِعَليٍّ مِنَ العَناصيرِ السِّرِّيَّةِ وَالشِّيَمِ الرَّضِيَّةِ وَالشَّرَفِ ، فَكانَ كَالأَسَدِ الحاذِرِ، وَالرَّبيعِ النّائِر، وَالفُراتِ الذّاخِرِ، وَالقَمَرِ الزّاهِرِ، فَأَمَّا الأَسَدُ فَأَشبَهَ عَلِيٌّ مِنهُ صَرامَتَهُ ومَضاءَهُ، وأمَّا الرَّبيعُ فَأَشبَهَ عَلِيٌّ مِنهُ حُسنَهُ وبَهاءَهُ، وأمَّا الفُراتُ فَأَشبَهَ عَلِيٌّ مِنهُ طيبَهُ وسَخاءَهُ، فَما تَغَطمَطَت(12) عَلَيهِ قَماقِمُ العَرَبِ السّادَةُ(13) مِن أوَّلِ العَرَبِ، عَبدُ مَناف وهاشِمٌ وعَبّاسٌ القَماقِمُ وَالعَبّاسُ صِنوُ رَسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله)، وأبوهُ وعَمُّهُ أكرِم بِهِ أباً وعَمّاً، ولَنِعمَ تَرجُمانُ القُرآنِ وَلَدُهُ ـ يَعني عَبدَ اللهِ بنَ عَبّاس ـ : كَهلُ الكُهولِ، لَهُ لِسانٌ سَؤولٌ، وقَلبٌ عَقولٌ، خِيارُ خَلقِ اللهِ وعِترَةُ نَبِيِّهِ، خِيارُ ابنُ خِيار.
فَقالَ عَقيلُ بنُ أبي طالِب: يا بِنتَ أبي سُفيانَ، لَو أنَّ لِعَلِيٍّ بَيتَينِ: بَيتٌ مِن تِبر، وَالآخَرُ تِبنٌ بَدَأَ بِالتِّبرِ ـ وهُوَ الذَّهَبُ ـ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ: يا أبا يَزيدَ، كَيفَ لا أقولُ هذا في عَلِيِّ بنِ أبي طالِب، وعَلِيٌّ مِن هاماتِ قُرَيش وذَوائِبِها، وسَنامٌ قائِمٌ عَلَيها وعَلِيٌّ عَلامَتُها في شامِخ(14) ؟
8) الاستيعاب: كانَ مُعاوِيَةُ يَكتُبُ فيما يَنزِلُ بِهِ لِيُسأَلَ لَهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِب(رضي الله عنه) عَن ذلِكَ ، فَلَمّا بَلَغَهُ قَتلُهُ قالَ: ذَهَبَ الفِقهُ وَالعِلمُ بِمَوتِ ابنِ أبي طالِب ، فَقالَ لَهُ أخوهُ عُتبَةُ: لا يَسمَعَ هذا مِنكَ أهلُ الشّامِ، فَقالَ لَهُ: دَعني عَنكَ .(15)
9) مقتل أمير المؤمنين عن مغيرة: لَمّا جيءَ مُعاوِيَةُ بِنَعيِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِب(عليه السلام) وهُوَ قائِلٌ(16) مَعَ امرَأَتِهِ ابنَةِ قَرَظَةَ في يَوم صائِف فَقالَ: إنّا لِلّهِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ، ماذا فَقَدوا مِنَ العِلمِ وَالخَيرِ وَالفَضلِ وَالفِقهِ ؟
قالَتِ امرَأَتُهُ: بِالأَمسِ كُنتَ تَطعَنُ في عَينَيهِ وتَستَرجِعُ اليَومَ عَلَيهِ ! قالَ: وَيلَكِ ! لا تَدرينَ ماذا فَقَدوا مِن عِلمِهِ وفَضلِهِ وسَوابِقِهِ !(17)
10) تاريخ دمشق عن مغيرة: جاءَ نَعيُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِب إلى مُعاوِيَةَ، وهُوَ نائِمٌ مَعَ امرَأَتِهِ فاخِتَةَ بِنتِ قَرَظَةَ، فَقَعَدَ باكِياً مُستَرجِعاً. فَقالَت لَهُ فاخِتَةُ: أنتَ بِالأَمسِ تَطعَنُ عَلَيهِ وَاليَومَ تَبكي عَلَيهِ ؟ ! فَقالَ: وَيحَكِ ! أنَا أبكي لِما فَقَدَ النّاسُ مِن حِلمِهِ وعِلمِهِ .(18)
و… .
و أي حجة أقوى عند ذوي الفهم، من إقرار العدو و اعتراف الخصم، و الفضل ما شهدت به الأعداء.
(1) . سير أعلام النبلاء : ج 3 ص 140 الرقم 25 ، تاريخ دمشق : ج 59 ص 132 ، البداية والنهاية : ج 8 ص 129 وراجع وقعة صفّين : ص 85 . راجع : ج 5 ص 418 (حرب الدعاية) .
(2) . فضائل الصحابة لابن حنبل : ج 2 ص 675 ح 1153 ، تاريخ دمشق: ج42 ص170 ح8590 و8591، المناقب لابن المغازلي: ص 34 ح 52 ، الرياض النضرة : ج 3 ص 162 عن أبي حازم .
(3) . المناقب لابن شهر آشوب : ج 2 ص 377 ، شرح الأخبار : ج 2 ص 315 ح 645 ; تاريخ دمشق : ج 12 ص 206 عن حجّار بن أبجر وفيه «فقال الآخر : أنت ضيّعت مالك» بدل «وقال للآخر …» وراجع مقتل أمير المؤمنين : ص 107 ح 95 .
(4) . المحاسن والمساوئ : ص 52 .
(5) . تاريخ دمشق : ج 42 ص 415 .
(6) . المخمصة : المجاعة (النهاية : ج 2 ص 80 «خمص») .
(7) . لم تندَ : من الندى : السخاء والكرم . والصَّفاة : صخرة ملساء . يقال في المثل : «ما تَنْدى صَفاتُه» (تاج العروس : ج 20 ص 234 «ندا» و ج 19 ص 602 «صفو») .
(8) . غافر : 71 .
(9) . شرح نهج البلاغة : ج 11 ص 253 ; بحار الأنوار : ج 42 ص 118 .
(10) . الساج : الطَّيْلسان الضخم الغليظ (لسان العرب : ج 2 ص 302 «سوج») ، والطَّيلسان : ضربٌ من الأكسية (لسان العرب : ج 6 ص 125 «طلس») .
(11) . الواو هنا حاليّة .
(12) . الغطمطة : اضطراب الأمواج (لسان العرب : ج 7 ص 363 «غطمط») .
(13) . في المصدر : «الشادة» ، وما أثبتناه من مختصر تاريخ دمشق .
(14) . تاريخ دمشق : ج 42 ص 415 .
(15) . الاستيعاب : ج 3 ص 209 الرقم 1875 ; العدد القويّة : ص 250 ح 61 .
(16) . من القيلولة : الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم (النهاية : ج 4 ص 133 «قيل») .
(17) . مقتل أمير المؤمنين : ص 105 ح 94 ، تاريخ دمشق : ج 42 ص 583 .
(18) . تاريخ دمشق : ج 42 ص 582 ، البداية والنهاية : ج 8 ص 16 وزاد في آخره «وفضله وسوابقه وخيره» و ص 130 نحوه .