شغلت القضية المهدوية حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين ودفعتهم نحو البحث والتنقيب في زواياها المختلفة بهدف الوصول إلى رؤية واضحة في تشخيص ملامح تلك القضية الغيبية. ومن هنا كان رصدنا لصدى المهدي هو الرسائل الجامعية التي تتعلق موضوعاتها وبحثها في القضية المهدوية وما قدمته من نتائج في إثبات تلك القضية أو نفيها.
و أول رصدنا كان في مجلة (ينابيع) التي تصدر من مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلامية، ففي عددها التاسع نشرت مقالًا تحت باب أطروحات عامة وكان بعنوان (كتاب المهدي المنتظر عليه السلام عند الشيعة الاثني عشرية) حيث إن أصل هذا الكتاب أطروحة دكتوراه نال فيها الباحث درجته العلمية من جامعة هامبورغ الألمانية في عام 1939م بإشراف المستشرق الألماني المتخصص في الدراسات الشيعية (شتروتمان) وغدت هذه الدراسة منذ إجازتها مرجعًا مهما للدراسات الإسلامية في اللغة الألمانية بعد طباعتها في كتاب.
وجاءت يوم ذاك لتسد نقصًا ملحًّا ليس في الدراسات العربية فحسب وإنما في الأوساط الإسلامية المعروفة بسابقتها في مثل هذه الموضوعات وهذا ما حاول المؤلف أن يؤكد عليه في مقدمته، فأعطى في بحثه تقييما موضوعيا للدراسات الاستشراقية التي مست جوانب الموضوع.
وقدم الباحث في مستهل دراسته تحليلًا داخليًّا لبعض المصادر السنية أو الكيفية التي تناولت بها فكرة المهدي(عج) وغيبته وحذر من الافتراء والافتعال الذي انتاب سطورها مشيرًا لذلك بقوله: (مثل ابن خلدون الذي روى ان المهدي عليه السلام كان قد دخل سردابًا ببيت لِلشيعة بالحلة وغاب فيه) وبنى الباحث دراسته على فصل أول تناول فيه أبرز علماء الشيعة ومصنفاتهم منذ عهد الأئمة عليهم السلام حتى وقته (عليه السلام)، ورأى في ذلك ضرورة من أجل تتبع التطورات التي مرت فيها فكرة المهدي عليه السلام أو السفراء الأربعة قدس سرهم، فأحصى (87) عالمًا شيعيًّا متتبعاً في ذلك الترتيب الزمني فابتدأ بترجمة (أبو الحسن بن علي بن فضال) وانتهى بـ (السيد حسن صدر الدين) المعاصر له، ويشار إلى أن نواة هذا الفصل عبارة عن رسالتين قد تبادلهما مع السيد هبة الدين الشهرستاني رئيس محكمة التمييز الجعفرية الأولى بتاريخ 1936م والأخرى في عام 1937م، وهي عبارة عن إجابة لعدد من الأسئلة.
وفي الفصل الثاني حاول البحث عن المسببات الفعلية في التجاء الأئمة عليهم السلام بعد الإمامين علي بن أبي طالب والإمام الحسين (عليهما السلام) إلى العلم وترك السياسة وشؤونها وعزا ذلك لمبدئية الأئمة عليهم السلام وأخلاقهم التي لم تبح انتهاج أساليب معارضيهم وأدواتهم في الوصول إلى الحكم ورئاسته.
أما رصدنا الثاني فكان (عقيدة انتظار المهدي عليه السلام في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر) وهي رسالة ماجستير قدمت إلى مجلس كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية/ الفكر السياسي، إذ اهتمت الدراسة ببحث عقيدة دينية كبرى في الفكر السياسي الإسلامي حيث تميزت بفعاليتها وحركتها في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر وخاصةً في الفكر السياسي الاثني عشري .
حيث اعتقد المسلمون منذ فجر الرسالة الإسلامية وإلى يومنا هذا بصحة ما جاء عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من ظهور رجل من أهل بيته عليهم السلام في آخر الزمان يلقب بالمهدي (عليه السلام) يملأ الأرض عدلًا وقسطًا بعدما ملئت ظلماً وجوراً، وقد ورد خبره في أحاديث جمة، ذكرها الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، وأئمة وعلماء أهل السنة بلغت حد التواتر، والتي أودعوها في كتبهم ومصنفاتهم، ومما يجب الإشارة إليه أن جميع المسلمين _ إلا من شذ عنهم _ متفقون على خروج المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان، وأنه من ولد علي وفاطمة عليهما السلام، وأن اسمه على اسم النبي، وكنيته والاعتقاد به من ضروريات الإسلام، والاختلاف يكمن في أنه ولد وهو باق حتى يخرج, كما هو عليه عند الشيعة الاثني عشرية، أو أنه سيولد عند خروجه كما هو عند أهل السنة.
وإن عقيدة انتظار المهدي (عليه السلام) ليست حكرًا على الديانة الإسلامية، وإنما احتوتها الديانات السماوية الأخرى(اليهودية والمسيحية)لكن بلفظ المنقذ أو المخلص، والفكر الوضعي البشري حافل هو الآخر بتصور إمكانية أو خروج منقذ أو مخلص يقود العالم إلى حيث الرخاء و العدل والطمأنينة. واستندت الرسالة على فرضية وهي أن عقيدة انتظار مخلص أو منقذ عالمي احتلت حيزاً واسعاً لدى الديانات السماوية وغير السماوية، وتركزت هذه العقيدة بشكل خاص في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر من خلال عقيدة انتظار الإمام المهدي (عليه السلام)، ضمن إطار وتصورات ورؤى فكرية متميزة عن غيرها.
واعتمد البحث على منهجية علمية تمثلت في استخدام عدة مناهج لغرض التكامل المنهجي. وتم تقسيم هذه الرسالة إلى ثلاثة فصول، فضلًا عن المقدمة والخاتمة. ففي الفصل الأول قامت الرسالة بدراسة ماهية الانتظار في العقائد الوضعية والعقائد السماوية وغير الإسلامية، ففي البحث الأول منه حصلت دراسة الانتظار في العقائد الوضعية، أما البحث الثاني فيتعلق بمفهوم الانتظار في العقائد السماوية غير الإسلامية .
أما الفصل الثاني فيتعلق بعقيدة الانتظار في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، ففي المبحث الأول منه تناولت الباحثة ماهية الانتظار في اللغة والاصطلاح وفي القرآن الكريم، وتناولت في المبحث الثاني عقيدة انتظار المهدي عليه السلام عند المذاهب والفرق الإسلامية، أما الرافضون لعقيدة انتظار المهدي والردود الواردة فيهم فتناولته في المبحث الثالث .
وفي الفصل الثالث تناولت الرسالة أثر عقيدة انتظار المهدي عليه السلام في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر. ففي المبحث الأول منه جرت دراسة نظرية الانتظار السلبي في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، أما في المبحث الثاني فتم دراسة نظرية الانتظار الايجابي في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر. والفصل الرابع تناول موضوعًا مهمًا وهو إسهام عقيدة الانتظار الإيجابي في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، حيث قسم إلى مبحثين، ففي المبحث الأول، تناولت الباحثة: نظرية الشورى، أما المبحث الثاني فتم التطرق فيه إلى نظرية ولاية الفقيه.
جدير بالذكر أن مركز الدراسات التخصصية قد أسهم في رفد الباحثة بالمصادر المهمة لإعداد هذه الرسالة، كما نوهت الباحثة عن ذلك بالشكر والتقدير لمن أسهم معها في إعداد الرسالة. وهناك ثلاث رسائل عثرت عليها رصدنا في مكتبة الملك فهد الوطنية: الأولى بعنوان “البرهان في علامات مهدي آخر الزمان” وهي رسالة ماجستير قدمت إلى جامعة محمد بن سعود الإسلامية لسنة 1406هـ . والثانية بعنوان “المهدي المنتظر عند الشيعة الاثني عشرية” وهي رسالة دكتوراه قدمت إلى الجامعة الإسلامية السعودية في سنة 1423هـ. والثالثة عبارة عن بحث مكمل لرسالة الماجستير تحت عنوان (عقيدة المهدي ـ دراسة مقارنة) قدمت لجامعة الملك سعود في سنة 1418هـ. وفي جامعة بني سويف إحدى فروع جامعة القاهرة في مصر وبكلية الآداب تحديدًا أشرف أحد أساتذة الكلية على رسالة ماجستير كان موضوعها (تصور المهدي المنتظر عليه السلام في اليهودية والمسيحية والإسلام) بتاريخ 17/6/2007.
أما (النواب الأربعة قدس سرهم ومروياتهم الفقهية) وهي رصدنا الثالث، فهي رسالة ماجستير قدمت إلى مجلس كلية الفقه جامعة الكوفة سنة 2007م وتكونت من تمهيد في مبحثين وثلاثة فصول تناول الفصل الأول حياة النواب الأربعة وتناول الفصل الثاني دراسة مروياتهم وخصصت الباحثة الفصل الثالث للمرويات الفقهية للنواب الأربعة قدس سرهم. ونختم رصدنا بكتاب (المنجي) الذي تصفحه رصدنا أثناء تجوالها في معرض الكتاب وهو إحدى فعاليات مهرجان ربيع الشهادة العالمي الخامس الذي أقيم في منطقة مابين الحرمين في كربلاء المقدسة. والكتاب عبارة عن رسالة دكتوراه باللغة التركية, كان موضوعها البحث والتحقيق للروايات المنقولة عن الإمام المهدي (عليه السلام) في كتب الفريقين. والكتاب من معروضات مؤسسة آل البيت (عليهم السلام).
المصدر : وكالة أنباء “براثا”