مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية
هل ستقدم “إسرائيل” على شن هجومات جديدة على الاراضي السورية؟ أم انها ستأخذ ما صدر من تهديدات سورية وايرانية على محمل الجد؟، قبل المضي في محاولة الاجابة من المفيد أن نستعرض كيفية تعاطي “إسرائيل” مع الملف السوري.
رغم مرور ما يقرب من عامين على الأزمة السورية، ورغم كل التحولات التي طرأت على الصراع الدائر والمتواصل في سوريا، فإن “اسرائيل” رغم كل ما قيل وما يقال في كيفية تعاطيها مع الملف السوري؛ لا زالت اسيرة لوجهتي نظر:
وجهة النظر الأولى والتي تتوقع وتريد أن يستمر الصراع طويلاً، وترى في استمراره مصلحة أساسية لإسرائيل لأنه يضعف الجيش السوري والنظام السوري، ويستنزف كل من حزب الله وإيران، وبالتالي يتوجب على اسرائيل عدم التورط في الحرب، طالما ظلت قادرة على تأمين حدودها الشمالية، ويضع أتباع هذه الفكرة خطاً أحمر يتمثل في عدم انتقال السلاح الخطير: الكيماوي أو ما يسمونه “الكاسر للتعادل” الى حزب الله أو جماعات جهادية معادية لإسرائيل.
أصحاب وجهة النظر هذه يرون أن نظام سوري مستقر وضعيف بقيادة الأسد أفضل لإسرائيل وللمنطقة، وبحسب صحيفة “معاريف” من الأفضل لإسرائيل أن تتعايش مع “شيطان” تعرفه على “شياطين” لا يمكنها تصورهم، يأتون من كل أنحاء العالم العربي ويجدون في سوريا موطئ قدم إذا انهار النظام وسادت الفوضى.
وجهة النظر الثانية ترى بأن وقف النووي الايراني هو الهدف الأسمى لإسرائيل، وأن سقوط الأسد سيخدم هذا الهدف لأنه سيؤدي الى تحطم محور الشر: إيران، حزب الله، سوريا، وأن سقوط النظام سيصاحبه تقدم كبير في عملية السلام في المنطقة، وتحقيق تقارب فلسطيني اسرائيلي إقليمي، ومنع دعم جماعات حماس والجهاد في غزة ووقف تزويدها بالسلاح.
وبحسب بعض المصادر؛ فإن على اسرائيل ألا تبالغ في مخاوفها من سيطرة جماعات متشددة على الوضع في سوريا بعد رحيل الأسد، فهذه الجماعات ورغم ما يصدر عنها من تصريحات متشددة إلا أنها لن تخرج عن سيطرة الأجهزة الاستخبارية العربية – القطرية والسعودية وحتى التركية – التي تمولها، وتقدم لها الدعم وتستخدمها فقط لغاية إسقاط النظام.
عودة الى سؤالنا الذي أثرناه في بداية المقال عن ضربة جديدة على الأراضي السورية؛ نشير الى العقيدة الصهيونية في موضوع “الردع”.
الكاتب الصهيوني “عاموس جلبوع” من صحيفة “معاريف” في سياق حديثه عن الضربات التي شنتها “إسرائيل” على سوريا الشهر الماضي كتب يقول: “ان الردع لا يكتسب بخطوة واحدة، بل بعدة خطوات الى أن يحقق هدفه، فعندما يحقق هدفه يرتدع العدو”، ويشير في ثنايا مقاله الى أن “الردع الذي تحقق حيال حزب الله في حرب لبنان الثانية والذي يستمر منذ نحو 7 سنوات هو نتاج واضح للضربات الجوية الاسرائيلية التي وجهت منذ اللحظة الاولى من الحرب”. ويرى جلبوع ان الرسالة التي تريدها “إسرائيل” من هجماتها على أعدائها مكونة من ثلاث عناصر، لدينا قوة قادرة على توجيه ضربات قاضية لك، نحن مصممون على استخدامها، ولدينا استخبارات فائقة توجد داخل غرفة نومك”.
وهنا نشير الى التحذير الذي نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” قبل أيام عن مصدر حكومي اسرائيلي وصف بأنه رفيع المستوى من أن “أي رد سوري على الهجمات الاسرائيلية سيؤدي الى اسقاط نظام الاسد”، وبحسب “نيويورك تايمز” فإن المصدر الاسرائيلي هو من بادر بالاتصال بالصحيفة لنقل رسالة حاسمة للأسد، وبحسب المصدر الإسرائيلي “فان اسرائيل امتنعت حتى الآن عن التدخل في الحرب الأهلية في سوريا، وأنها ستواصل الحفاظ على هذه السياسة طالما امتنع الأسد عن مهاجمة اسرائيل بشكل مباشر او غير مباشر”. صحيفة “نيويورك تايمز” عقبت بالقول انه يقف خلف الرسالة دافعان محتملان: طمأنة الاسد ان “إسرائيل” لا تستهدفه في صراعه مع خصومه، وفقط عليه أن يلتزم بالخطوط الحمراء بعدم نقل سلاح الى حزب الله، والأهم: تهيئة التربة لهجوم جديد.
هذه الرسالة تزامنت مع تهديدات رئيس الأركان الاسرائيلي بيني غانتس مطلع هذا الأسبوع التي حذر خلالها بأن “إسرائيل” ستصر على عدم اجتياز الخطوط الحمر التي رسمتها لنقل السلاح.
عاموس هرئيل من “هآرتس” يقول: “لا تشير المعلومات الاستخبارية التي تملكها “إسرائيل” الآن الى نوايا فورية عند الأسد وحلفائه من حزب الله لتحقيق تهديداتهم، وفتح جبهة على اسرائيل من هضبة الجولان رداً على الهجمات الجوية”.
وفي هذا السياق من المهم الانتباه الى أمرين بارزين:
الحدث الأول: زيارة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو للعاصمة الروسية موسكو وبحسب تقارير روسية أن بوتين هو من استدعى نتنياهو على عجل للقدوم الى موسكو لمنع أي تدهور في سوريا، والراجح أن القيادة الروسية رفضت الاستجابة الى الحاح نتنياهو بوقف تزويد سوريا بصفقة الصواريخ المضادة للطائرات “اس 300”.
الحدث الثاني: وصول رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية السي. أي. ايه جون بيرنن الى اسرائيل في زيارة مفاجئة، وبحسب الصحف الاسرائيلية فان الزيارة تنبع من التخوف الامريكي من التصعيد في المنطقة على خلفية تهديدات حسن نصر الله بالعمل ضد اسرائيل في هضبة الجولان، والاحساس الأمريكي بأن “إسرائيل” خائبة الأمل من عجز ادارة اوباما في موضوع التدهور المتواصل في سوريا.
في سياق متصل، محللون روس لم يستبعدوا أن تبادر “إسرائيل” الى ضرب منظومات الصواريخ اذا تسنى لها ذلك، فالمحلل الروسي فيكتور كريمنيوك من معهد الولايات المتحدة في موسكو يرى أن اثارة نتنياهو لموضوع الصواريخ “اس 300” في زيارته الأخيرة انما يحذر بصورة غير مباشرة من أن “إسرائيل” ستدمر هذه الصواريخ عندما يتم تسليمها ويبدأ في تجميعها.
جدير بالذكر أن شبكة “فوكس نيوز” ذكرت أن قوات كوماندو إسرائيلية نفذت نشاطاً عملياتياً داخل الأراضي السورية، وعرضت شريطاً مصوراً يظهر فرقة كوماندو إسرائيلية مدعية أنها كانت عائدة من تنفيذ مهمة.
المصدر : وكالة فلسطين اليوم