هل سمعتم أنَّ أحداً من الناس ادَّعى أنَّ فلاناً ولده ولم يثبت نسبه إليه؟ ماذا تتوقَّعون أن يفعله هذا الشخص الذي ادَّعى أحدٌ بأنَّه ولده وهو ليس بولده؟ في العرف العشائري يُعَدُّ ذلك اعتداءً، ويحقُّ للشخص أن يعاقب هذا المدَّعي والمتعدّي على نسبه بالمطالبة بالاعتذار له ومن عشيرته كذلك، نعم ذلك في عرف العشائر قبيح حقيقة، وإهانة للتقليد العشائري. إذن لماذا نسكت ولا ندافع عن حرمة الإمام عليه السلام وعشيرته وأهل بيته عليهم السلام، فهم أعظم الخلق وأشرفهم؟ لماذا هذا السكوت، لِمَ لا ننتصر لإمامنا، ولا تأخذنا الغيرة على شرف إمامنا، ولا نهتمّ لشأن إمامنا..؟
هل نحن مؤمنون فعلاً، أتقياء حقّاً؟ سؤال نطرحه على أنفسنا ثمّ ننظر بعد ذلك لنرى هل نحن مؤمنون فعلاً؟
كيف يُعرفُ الإيمان، وكيف نطمئن إلى نفوسنا بأنَّها قد آمنت، وهكذا لا بدَّ أن نبحث فيما بين أنفسنا بعد أن نبتعد عن ضجيج الدعايات وعمل الانفعالات التي تأخذ بنا إلى متاهات في الفكر والعقيدة.
فإذا كنت موالياً لأئمّة أهل البيت عليهم السلام، ما هو المطلوب منّي في تفكيري وعقيدتي، هل لي أنْ أدَّعي أنّي اُحبّهم عليهم السلام ثمّ اُخالفهم؟ وهل لي أن أدَّعي أنّي من أتباعهم ثمّ أكون من أعدائهم؟
هل لي أنْ أكون من أتباع الإمام المهدي عليه السلام ثمّ أعمل على إيذائه؟ وهل لي أن أدَّعي الدفاع عن الإمام المهدي عليه السلام ثمّ أعمل على اتّهامه؟
يا سبحان الله، كيف يجوز لي إيذاء المؤمن، فكيف بالإمام المهدي عليه السلام؟!
وهل يحقُّ لي إهانة المؤمن، فكيف بالإمام المهدي عليه السلام؟!
وهل أستطيع أن أقول له عليه السلام إذا ظهر: (إنّي عملتُ على إسعادك فأنا معك)؟ أم أتوقَّع أنْ يعاتبني الإمام عليه السلام على إيذائي له، أو يعاقبني على تهمتي له؟
هل سمعتم أنَّ أحداً من الناس ادَّعى أنَّ فلاناً ولده ولم يثبت نسبه إليه؟ ماذا تتوقَّعون أن يفعله هذا الشخص الذي ادَّعى أحدٌ بأنَّه ولده وهو ليس بولده؟ في العرف العشائري يُعَدُّ ذلك اعتداءً، ويحقُّ للشخص أن يعاقب هذا المدَّعي والمتعدّي على نسبه بالمطالبة بالاعتذار له ومن عشيرته كذلك، نعم ذلك في عرف العشائر قبيح حقيقة، وإهانة للتقليد العشائري.
إذن لماذا نسكت ولا ندافع عن حرمة الإمام عليه السلام وعشيرته وأهل بيته عليهم السلام، فهم أعظم الخلق وأشرفهم؟ لماذا هذا السكوت، لِمَ لا ننتصر لإمامنا، ولا تأخذنا الغيرة على شرف إمامنا، ولا نهتمّ لشأن إمامنا..؟
هل سمعتم أنَّ أحداً لم يكن من السادة ثمّ يدَّعي أنَّه ابن الإمام المهدي عليه السلام، لماذا نسكت؟ ولماذا نتفرَّج؟
أين الغيارى؟ أين أهل الدين؟ أين أهل الأعراف العشائرية المحترمة؟
هل تقبلون برجلٍ يُدعى (أحمد إسماعيل كويطع) يدَّعي أنَّه ابن الإمام المهدي؟
أين ذهبت الغيرة المهدوية؟ أين ذهبت الحمية؟
الله أكبر الله أكبر.. ونحن نتفرَّج ونسمع كلّ هذا التعدّي ولا نفعل شيئاً.
أين المسؤولون؟ أين العلماء؟ أين المثقَّفون؟ أوقفوا هذا الاعتداء والإهانة لإمامكم المهدي عليه السلام مِن هؤلاء المدَّعين، يا غيارى قفوا وقفةً واحدةً يشكركم الإمام عليه السلام عليها، ولا تكونواً جميعاً عرضة لدعاء الإمام عليه السلام عليكم وسخطه وغضبه.
ما هي الوصية؟
ادَّعى هذا العميل المهوَّوس أنَّه ابن الإمام المهدي عليه السلام، وأنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أوصى به، حيث أوصى للأئمّة واحداً بعد واحد، ثمّ قال في آخر وصيته:
(…فذلك اثنا عشر إماماً، ثمّ يكون من بعده اثنا عشر مهدياً، فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه أوّل المقرَّبين، له ثلاثة أسامي كاسمي واسم أبي وهو عبد الله وأحمد، والاسم الثالث المهدي، هو أوّل المؤمنين).
هكذا وردت العبارة في آخر الوصية، ونقول في ذلك:
أوّلاً: إنَّ سند الحديث ضعيف لأنَّ فيه:
(علي بن سنان الموصلي)، وهو عامّي، أي ليس من الشيعة، فهو غير ثقة.
(أحمد بن محمّد بن الخليل)، وهو مجهول ليس بثقة.
(جعفر بن محمّد المصري)، وهو مهمل غير ثقة.
فالرواية ساقطة عن الاعتبار لضعف السند.
ثانياً: إنَّ نهاية الحديث بعد أن قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: (فذلك اثنا عشر إماماً)، أراد صلى الله عليه وآله وسلم أن يبيّن أنَّ الأئمّة اثنا عشر إماماً وليس أكثر، وهذا واضح في تحديد العدد، مع وجود قرائن كثيرة تؤكّد على أنَّ عدد الأئمّة لا يتجاوز الاثني عشر، حيث روى أهل السُنّة والشيعة جميعاً أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى اثني عشر إماماً، فما معنى الإشارة إلى غيرهم؟
ثالثاً: على فرض أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى الاثني عشر إماماً في الرجعة، أي أنَّ الأئمّة عليهم السلام يرجعون بعد الإمام المهدي عليه السلام واحداً بعد واحد في زمن الرجعة، فلا بدَّ أن يبيّن بشكل واضح غير ملتبس أنَّ الأئمّة الذين يرجعون بعد الإمام المهدي عليه السلام هم أئمّة أهل البيت عليهم السلام وليس غيرهم، فما معنى أوّل المقرَّبين واسمه اسمي واسم أبي والاسم الثالث المهدي؟ فهذا واضح الاضطراب.
رابعاً: أنَّ البعض أضافوا في أحاديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام الشيء الكثير من أجل خدمة أغراضهم وأهدافهم، وهذه الزيادة هي ممَّا اُضيف لأحاديث النبيّ والأئمّة وعندنا كثير مثل هذه التحريفات أشار إليها علماؤنا.
قال النجاشيG في عنوان (هبة الله أحمد بن محمّد): إنَّه كان يتعاطى الكلام ويحضر مجلس أبي الحسين بن شيبة العلوي الزيدي المذهب، فعمل له كتاباً، وذكر أنَّ الأئمّة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين، واحتجَّ بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي: (إنَّ الأئمّة اثنا عشر من ولد أمير المؤمنين عليه السلام.
ثمّ قال العلاَّمة التستري:
(هذا ونقل الشيخ في غيبته في ردّ فِرَق الشيعة المبطلة: إنَّ فيهم فرقة قالوا أنَّ للخلف ولداً، وإنَّ الأئمّة ثلاثة عشر، ولعلَّهم استندوا إلى مثل هذه الأخبار المحرَّفة) (الأخبار الدخيلة للشيخ التستري 1: 10).
خامساً: في تعليقه على هذا الخبر قال العلاَّمة الشيخ الحرّ العاملي رحمه الله في كتاب (الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة/ ص 430)، قال: (وما تضمَّنه الحديث المروي في كتاب الغيبة (هذا الحديث المشار إليه وهو حديث الوصية)، أوّلاً: على تقدير تسليمه في خصوص الاثني عشر بعد المهدي عليه السلام لا ينافي هذا الوجه (كلامه في الرجعة وأنَّ الأئمّة يرجعون بعد المهدي)، لاحتمال أن يكون لفظ (ابنه) تصحيفاً وأصله (أبيه) بالياء آخر الحروف (وليس ابنه)، ويراد به الحسين عليه السلام (لأنَّه يصدق أن يكون أبيه)، لما روي سابقاً في أحاديث كثيرة من رجعة الحسين عليه السلام عند وفاة المهدي عليه السلام ليغسّله، ولا ينافي ذلك الأسماء الثلاثة لاحتمال تعدّد الأسماء والألقاب لكلّ واحد منهم عليه السلام وإن ظهر بعضها ولم يظهر الباقي، ولاحتمال تجدّد وضع الأسماء في ذلك الزمان له عليه السلام، لأجل اقتضاء الحكمة الإلهية. وقوله عليه السلام في حديث أبي حمزة: (اثنا عشر مهدياً من ولد الحسين)…) إلى آخر كلامه.
سادساً: قد ثبت بالأدلَّة القطعية أنَّ الأئمّة عليهم السلام يرجعون بعد الإمام المهدي عليه السلام، وأنَّ المقصود من المهديين بعد الإمام المهدي هم الأئمّة الاثنا عشر، وصفة المهدي لهم بمعنى أنَّهم الهادون إلى الحقّ، ولعلَّ ما يظهر من الأحاديث أنَّ المهدي هو صفة للإمام حينما يكون مبسوط اليد وله إمكانية الحكم والدولة، وعلى هذا فلا يكون معنى المهدية هي لأولاد الإمام المهدي عليه السلام.
سابعاً: إنَّ الحديث عن زواج الإمام المهدي عليه السلام هو خرق لحجب الغيبة وأسرارها، وليس لنا أن نبحث عن شأن زواجه في الغيبة، حيث لم تثبت الأدلَّة إمكانية زواجه، وأين هم أولاده وأزواجه؟ ولماذا لم يدَّع أحدٌ منهم أنَّهم أحد أولاده أو ذرّيته؟ فكيف لإنسان يكون من ذرّيته مع معرفتنا بنسبه؟!
وأخيراً أقول:
اتَّقوا الله في أمر إمامكم المهدي، ولا يكون ظهوره نقمة عليكم، بل اجعلوه رحمة، فإنَّكم محاسبون وسوف تنظر كلّ نفس ما قدَّمت لغد، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العلي العظيم.
السید محمد علی الحلو