خطاب سماحة آیة الله العظمی الشیخ الوحیدالخراسانی مد ظله:

وقد ورد تعبير ((وكل شيءٍ أحصيناه)) أربع مرات في القران الكريم ، ثلاث منها جاء فيها (( وكل شيءٍ أحصيناه في كتاب مبين)) وفي الرابعة ((وكل شيءٍ أحصيناه في إمام مبين)).
والبحث عظيم وشريف جذاً ، وسنستعرض له بالمقدار الميسور ولكن هناك شيئاً مهماً يجعلنا نترك هذا البحث للجلسة الآتية ، وهذا الشيء هو بيان وظيفة العلماء والحوزة العلمية في قم التي هي اليوم ملاذ ومرجع جميع الشيعة في أقطار العالم – بالنسبة لهذه المسؤولية .

 

بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله رب العالمین و صلی الله علی سیدنا محمد و آله الطاهرین سیما بقیة الله فی الارضین و اللعن علی اعدائهم الی یوم الدین
كان الكلام في هذه الآية الكريمة ((إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم)) وقد تكلمنا في عدة جلسات ماضية في هذين المقطعين ، وبقي المقطع الثالث وهو ((وكل شيء ٍأحصيناه في إمام مبين ))
والبحث في هذا المقطع يكون بتحقيق أن الإمام المبين ما هو ؟ ومن هو ؟
إن مفهوم (الشيء) أعم المفاهيم ، وهو يطلق حتى على الباري عز وجل وإن كان شيئاً لا كالأشياء ، ومع ذلك صدِّر باللفظ الموضوع للعموم وهو (كل) ، فكل شيءٍ محصى في هذا الإمام المبين .
وقد ورد تعبير ((وكل شيءٍ أحصيناه)) أربع مرات في القران الكريم ، ثلاث منها جاء فيها (( وكل شيءٍ أحصيناه في كتاب مبين)) وفي الرابعة ((وكل شيءٍ أحصيناه في إمام مبين)).
والبحث عظيم وشريف جذاً ، وسنستعرض له بالمقدار الميسور ولكن هناك شيئاً مهماً يجعلنا نترك هذا البحث للجلسة الآتية ، وهذا الشيء هو بيان وظيفة العلماء والحوزة العلمية في قم التي هي اليوم ملاذ ومرجع جميع الشيعة في أقطار العالم – بالنسبة لهذه المسؤولية .
إن وظيفة الحوزة العلمية كلمة واحدة ولكن تلك الكلمة كتبٌ ، وتلك الكلمة هي كفالة أيتام آل حمد .
ما هي الكفالة؟ وما تعريف الأيتام في هذه الجملة ؟ ومن هو طرف إضافة هؤلاء الأيتام؟ أي من هو الذي أضيف إليه ؟ وهل فهمنا هذه الوظيفة؟ وهل قمنا بأدائها ؟
إن أيتام آل محمد في باكستان يقتلون قتلا عاما ، صغارا وكبارا ، ورجالا ونساء ، ولا جرم لهم إلا الانتساب إلى مذهب آل محمدٍ ، فماذا فعلنا ؟ وما هو رد فعلنا في مقابل ما يجري عليهم وما يرونه ؟ وما الذي يجري على هؤلاء الأيتام في البحرين ؟
إن المسألة مهمة جداً ، وفي الرواية أن من مسح بيده على رأس يتيم كتب له في صحيفة عمله بكل شعرة تمر عليها يده حسنة ، وأعطاه الله بكل شعرة نوراً يطوي به ظلمات  القيامة ، وهذه ثواب المسح باليد على رأس يتيم عادي .
ضُرب أمير المؤمنين (ع) تلك الضربة التي جعلت جبرئيل ينادي بين السماء والأرض : تهدمت والله أركان الهدى ، وفي هذه الحال قال : الله الله في الأيتام …لا يضيعوا بحضرتكم .
والأيتام في كلامه (ع) لا ينحصرون في الأيتام الجسمانيين ، ومن قال في هذه الحال الله الله في القران ، قال : الله الله في الأيتام .
وأما النبي (ص) فقد قال : أنا وكافل اليتيم كهاتين ، وهو نفسه قال : أشد من يتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ، ولا يقدر على الوصول إليه ، وأيتامه الآن يقتلون قتلاً عاماً .
ماذا يجب على الحوزة أن تفعل ؟ إن الخدمة البسيطة الميسرة لنا فعلاً أن تعطل هذه الحوزة يوم السبت احتراما لدعاء أولائك الشهداء في باكستان و أولائك المظلومين في البحرين ، وعلى كل الحوزة العلمية أن تكون في حال العزاء .
هناك أيتام فقدوا آباءهم وأمهاتهم وهم بلا ملجأ يلجئون إليه ، فكيف يكون حالنا فيما لو كانوا أولادنا ؟
طوبى لأولئك الآباء والأمهات ، وأبلغوا سلامنا لكل أصحاب العزاء في باكستان .
أما النساء فهم الآن قطعا بجوار الصديقة الكبرى (ع) ، وأما الرجال فهم قطعاً مع أمير المؤمنين (ع) والمصيبة للأطفال الدين لا مأوى ولا ملجأ لهم .
بعد الحرب العالمية الثانية عقدت منظمة الأمم المتحدة جلسة في باريس ضمنت العلماء والمفكرين ورؤساء الممالك ، وقد أصدروا بياناً ذكروا فيه حقوق البشر ، ونشروا ذلك البيان .
وقد ضم هذا المنشور مواد عديدة ولكل مادة بحث ولكن اللازم اليوم هو أن نص ذلك البيان أن كل زعماء الملل والدول مكلفون بإجراء وتطبيق هذه المواد ، وعدم تخطيها .
والمادة الأولى هي أن جميع أفراد النوع الإنساني يولدون أحراراً ، وكلهم سواسية في الحرمة والحقوق ، ولا فرق في الحرمة وفي الحقوق بين رئيس أمريكا وبين تلك المرأة التي في قرية من قرى باكستان ، والكل لابد أن يعيشوا كإخوة  .
هذا هو القانون الذي كل رؤساء أمريكا وأوربا مكلّفون به ومتعهدون به ، فهل رئيس أمريكا وأوربا وملكة بريطانيا متساوون في الحرمة والحقوق مع شعوب الممالك المستعمرة من قبلهم ، الذين هم تحت حكم الحكام والأمراء وطوع أوامرهم ويكدحون ويتعبون ، وهم محرومون من أدنى الحقوق الإنسانية ، فهل هذا هو التساوي ؟
والمادة الثالثة في هذا المنشور هي أن كل فرد من أي دين ومن أي أمة لابد أن يعيش أولاً ، ولابد أن يكون حراً ثانياً ، ولابد أن يحصل على الأمن الشخصي والاجتماعي ثالثا ، فهل شيعة باكستان والبحرين آمنون تحت حكم عمالكم ؟ وما هو رد فعل منظمة الأمم المتحدة المتعهدة على نفسها بكل كلمة في هذا المنشور في مقابل هذه القضايا ؟
والمهم أن رؤساء أمريكا وأوربا جعلوا بمرأى من العالم كله ثروات تلك المملكة بيد عائلة ، وهم منجهة يلغون قانون العبودية ، ومن جهة أخرى يجعلون شعوباً عبيداً لأولئك ، فبأي منطق هذا ؟
إن أولئك الحكام لهم كراسي في منظمة الأمم المتحدة ، ولا أحد يسال ذلك الشخص الذي يدعي أنه رئيس هذه المنظمة ويقول له : إن عائلة واحدة تأخذ ثروات تلك المملكة وتأكلها ، وفي حساباتهم المليارات مع أن هناك أشخاصاً في السجون ولم يحاكموا ، وهم محرومون من كل الحقوق الإنسانية ، هذا منشور منظمة الأمم المتحدة ، وهذا هو وضع الدنيا اليوم .
والمادة الثانية هي : أن جميع أفراد البشر بدون تفريق بينهم في اللون أو القومية أو المذهب أو العقائد الدينية أو العقائد السياسية متساوون في الحقوق والحريات التي ذكرت في ذلك المنشور ، ولا يصح التمييز بين واحد وآخر من أفراد البشر من أي مذهب ومن أي قوميه .
ولكن من جهة أخرى ترسل الأسلحة والأموال لقتل النساء والأطفال ، هذا هو وضع الأمم المتحدة ، ولن يبقى مع هذا البيان سمعة لهذه المنظمة ، وإن كانت السمعة قد ذهبت.
من جهة يوجد هذا المنشور بيد رئيس المنظمة ، ومن جهة أخرى أعطاه عدة أشخاص الحق ، (فكلاهما بيد شخص واحد) وأيضا ذلك الشخص الذي يرسل الأسلحة وملايين الدولارات لقتلة الناس له كرسي في المنظمة ، والمنشور موجود بيده أيضاً ، وكذلك الشخص الذي يقتل شعب بهذا الطريقة ، وهذا هو عدم التمييز !
والعجيب أنه كتب : لأول مرة في العالم تنظم هذه المجموعة في باريس في الأمم المتحدة من أجل حقوق البشر ، وهذا هو عدم الحياء ، إنها أول مرة وهذا هو الأثر.
قبل أكثر من ألف سنة من إصدار هذا المنشور وجد شخص كانت تحت يده كل ثروات وأموال العالم وإيران ولكنه يفطر على خبز الشعير والملح ويقول : (لعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص) أذاك عدم التمييز أم هذا ؟
ذاك هو الذي أحيى حقوق البشر ، وكانت الدنيا تحت يده ، فنادى السبط الأكبر للنبي (ص) وأعطاه ثلاثة دنانير، ونادى حبشياً أسود اللون وأعطاه ثلاثة دنانير، أهذه حقوق البشر أم ما جئتم به أيه الملل المتحدة؟!
إن حقوق البشر عنده (ع) فقد ذهب مع خادمه إلى السوق في الوقت الذي كانت فيه مملكة إيران في قبضته وجاء إلى دكان بزازٍ فاشترى قميصاً بأربعة دراهم وآخر بدرهمين ، وأعطى القميص الذي بأربعة لخادمه ولبس القميص الآخر، فقال له خادمه : أنت أمير المؤمنين فأنت أولى بهذا القميص فقال : أنت شاب ومراعاة حالك أولى  ، أهذه حقوق البشر أم تلك ؟
يا مظلوم العالم ! مر شيخ مكفوف كبير يسأل فقال أمير المؤمنين (ع) : ما هذا !فقالوا : يا أمير المؤمنين نصراني ، فقال (ع) : استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه ، أنفقوا عليه من بيت المال .
وختم الكلام أن حقوق البشر هذا القتل والتعذيب وضياع الأيتام في باكستان وغيرها أم حقوق البشر عند من سمع بأن خلخالاً سحب من رجل فتاة يهودية فقال : لو أن امرءًا مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً بل كان به عندي جديراً ، والأسف أن أول المظلومين لم يعرف .
في الوقت الذي كانت فيه الدنيا في قبضته وكانت ذخائر العالم تحت يده وأحمال الجمال تخلى في بيت المال الذي تحت تصرفه كان (ع)يستقي الماء ، وينفق مما حصل عليه من هذا الطريق ، بعضه في الليل وبعضه في النهار وبعضه علانية وبعضه سراً لتكون هذه الآية ((الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية)) عملية .
أهذه حقوق البشر أم تلك ؟!

شاهد أيضاً

الإمام المهدي خليفة الله في أرضه(عجّـل الله فرجه)

انّ النعوت التي وردت في وصف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كثيرة. وأردت أن أستطرق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *