اسماعيل شفيعي سروستاني
إن دراسة التراث الثقافي لسائر الأقوام تشير إلِِِِِِِى أنهم كانوا على اطلاع بموضوع ظهور المنجي وقد تطرقوا إلى هذا الأمر في مصادرهم. إن لجاماسب تنبؤ شهير مذكور في أدب مزديسنا وله كتاب باسم “جاماسب نامه” أي رسالة جاماسب . إن هذا الكتاب يحتوي على إجابات هذا الوزير الحكيم الخبير على أسئلة كشتاسب حول الماضي والمستقبل.
اسماعيل شفيعي سروستاني
إن دراسة التراث الثقافي لسائر الأقوام تشير إلِِِِِِِى أنهم كانوا على اطلاع بموضوع ظهور المنجي وقد تطرقوا إلى هذا الأمر في مصادرهم. إن لجاماسب تنبؤ شهير مذكور في أدب مزديسنا وله كتاب باسم “جاماسب نامه” أي رسالة جاماسب . إن هذا الكتاب يحتوي على إجابات هذا الوزير الحكيم الخبير على أسئلة كشتاسب حول الماضي والمستقبل.
هذا الكتاب قدم تكهنات كثيرة حول وضع العالم خلال ثلاثة آلاف سنة 1 والتي هي في الحقيقة الفترة الختامية للحياة قبل ظهور سوشيانس ومن ضمن هذه التكهنات: … الناس يسيئون الظن لبعضهم البعض وأن دخل أحدهم أكثر من الآخر. الناس ينكثون مواثيقهم وعهودهم والحكم سيكون لللئام … ينتشر في ذلك الزمان المخادعة والكذب والإجرام …أصحاب النوايا السيئة وأعداء ايران والمعارضون للعلم يستهزئون بأصحاب العلم وعلماء الدين ويهينونهم ويستهينون بهم . يزداد الكذب وتزداد الأخطاء ويهان الصدق في القول والعمل. لايمكن أن نميز الصيف من الشتاء. المحبة والصداقة والتصالح تتحول إلى البغضاء والمشاجرة والعداوة والناس يسعون لقتل بعضهم البعض. لايحترمون الكبار والمحترمون لا حياء لهم … 2
إن الظلم المهیمن علی العالم الناجم عن هیمنة الثقافة والحضارة الغربیة وظهور جمیع القوی الکامنة لها إلی جانب الکثیر من الأحداث کلها تشیر إلی أفول و زوال هذه الثقافة والحضارة وبدایة ظهور عصر جدید. دون شک کما أن مسار الظلم توسع وانتشرشیئا فشي ء وسیطر علی العالم فإن مسار العدل أیضا آخذ بالاتساع کشعاع الشمس شیئا فشی ء لکي یطوی کل ما هو ظلام في مواجهة وصراع جاد وشامل.
ظهرت منذ سنین أزمات وتطورات هائلة فی جمیع مناحي الحیاة وبدأت تزداد اتساعا یوما بعد یوم . أ و لیست هذه کلها مؤشرات تذکر الجمیع بموقعهم ومکانتهم في هذه الفترة الحساسة من حیاة البشر؟ جمیع المصادر الثقافیة للیهود والنصاری ومزدیسنا و برهمنان وأخیرا المسلمین بشرت بظهور ذلک الموعود وذکرت له أوصافا ومیزات ونقلت أخبارا کثیرة عن الأحداث التي تبشر بظهوره.
إن الاعتقاد بظهور المنجي کان و مازال یعد من أهم الشعائر الدینیة لعلماء الشيعة الإمامیة وحاولوا دوما أن یذکروا أنفسهم وأتباع أهل بیت الرسول (ص) بهذا الأمر لکي لاینخدعوا بوساوس اللیل والنهار وهیمنة المشرکین المادیة والثقافیة وأن لاینحرفوا عن الصراط المستقیم.
الإیمان بهذا الاعتقاد باعتباره اأکبر أمل وحافز جعل الشیعة دوما فی أمان من الارتماء في أحضان الضلال ومتابعة الأجانب.
والأهم من ذلک أن الشیعة کان دوما من واجبهم التعرف علی ذلک الموعود لکي یقتدوا به ویتخذوه أسوة حتی یتمکنوا من تحمل الشدائد والمصاعب الناجمة عن هیمنة الإلحاد والشرک علی العالم وأن تکون جمیع مطالبه واُمنیاته موضع اهتمامهم في الحیاة. قال الإمام الباقر(ع): ” من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله
عزوجل أصبح تائها متحيرا، ضالا، إن مات على هذه الحال مات ميتة کفر ونفاق” 3
دون شک هنا تنقصنا کلمة “بسبب”. هذا الاعتقاد جعل الشیعة علی مدی التاریخ دوما یصمدوا أمام الأمواج الهائلة العاتیة للإلحاد وشدائد الدهر لأن لدیهم صورة عن العالم المنشود والمدینة الفاضلة الموعودة ولهذا یسعون دوما للوصول إلی مثل هذه المدینة المثالیة التی تنطبق مع معتقداتهم الدینیة والأخلاقیة. مع أننا لیس لدینا مجال أن نقوم بدراسة دقیقة لکن ما ینبغی ذکره هنا هو أن هذا الاعتقاد بین الإیرانیین کان یحظي دوما بمکانة خاصة وحتی قبل ظهورالإسلام کانوا یعتقدون بهذا الأمر وفقا لتعالیم مزدیسنا بأن الساکنین في مملکة النور هم من أنصار سوشیانت والمنتظرین له .
إن وفقا لما جاء فی زامیادیشت : إن العزة الربانیة هي للایرانیین فقط. أهل توران کلما حاولوا الحصول علیها لم یتمکنوا. إن فلاح وانتصار ونجاح الإیرانیین علی مدی التاریخ کان شعاعا لهذه العزة وبعد “کی کشتاسب” الذي کان صدیقا وداعما وحامیا لزرتشت فإن هذه العزة لم تصل إلی أحد. فإن الله قد ادخر هذه العزة للإیرانیین وبعد ظهور المنقذین سیتم تقدیم هذه العزة والجلال لسوشیانت وأصحابه. 4
في فترة الغیبة تختفي الشمس وراء الغیوم التي تحول دون إشعاع نورها بشکل مباشر. هذا العصر هو عصر الابتلاءات الهائلة والاختبارات العظیمة حتی یتبین من الذي یستطیع أن یحافظ علی إیمانه ومن یفقد إیمانه بسبب قلة الصبر والحلم کما قال القرآن الکریم :” «أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لَا يُفْتَنُونَ؛ 5
قال الإمام الصادق (ع) : ” والله لتُكسّرُنَّ تكسّر الزجاج، وإنّ الزجاج ليعاد فيعود كما كان، والله لتُكسّرُنَّ تكسّر الفخّار، فانّ الفخّار ليتكسّر فلا يعود كما كان، والله لتغربلنّ والله لتميزنّ والله لتمحصنّ حتى لا يبقى منكم إلا القليل ” . 6
قال أبو الحسن علی بن موسی الرضا (ع) : والله لا يكون ما تمدّنّ إليه أعناقكم حتى تميزوا وتمحصوا، فلا يبقى منكم الاّ الأندر فالأندر.” 7
فیا للعجب کل العجب من الذین هم محط خطاب هذه الرسالة الربانیة لأئمة الأطهار الذین هم حجج الله البالغة یمرون في غفلة عما یحیط بهم ویطلبون حاجاتهم من الأجانب الذین لاتربطهم أي صلة بالدین والمعارف الدینیة وأنهم یحاولون تطبیق ثقافتهم وسننهم مع ثقافة قوم لاتؤیده أي من مصادر الثقافة الإسلامیة ویأخذون جمیع الأنظمة اللازمة لشؤون حیاة بلادهم من مصدر لایجیزه کبار علماء الدین.
من ضمن التواقیع الشریفة بخط الإمام الحجة (عج) لعمروي التی تم إصدارها من الناحیة المقدسة هي رسالة نذکر فیما یلی بعض نصوصها: 8
“عافانا الله و إیاکم من الضلالة والفتن و وهب لنا و لکم روح الیقین و أجارنا و إیاکم من سوء المنقلب.
إنه أنهی إلی ارتیاب جماعة منکم فی الدین و ما دخلهم من الشک والحیرة فی ولاة أمورهم، فغمنا ذلک لکم…لا لنا و ساءنا فیکم… لا فینا، لأن الله معنا و لا فاقة لنا إلى غیره و الحق معنا، فلن یوحشنا من قعد عنا…
یا هولاء!… ما لکم فی الریب تترددون؟ و فى الحیره تنعکسون؟ أو ما سمعتم الله عزوجل یقول: “یاأیها الذین آمنوا أطیعوا الله وأطیعو االرسول وأولى الْامْر منکم”
أو ما علمتم ما جاءت به الآثار مما یکون و یحدث فی أئمتکم عن الماضین والباقین عنهم!؟
أو ما رأیتم کیف جعل الله معاقل تأوون إلیها و أعلاما تهتدون بها، من لدن آدمعلیه السلام إلى أن ظهر الماضیعلیه السلام کلما غاب علم بدا علم و إذا افل نجم طلع نجم؟
فلما قبضه الله إلیه ظننتم إن الله تعالى أبطل دینه و قطع السبب بینه وبین خلقه!؟
کلا…ما کان ذلک و لا یکون حتى تقوم الساعة و یظهر أمر الله سبحانه و هم کارهون و إن الماضیعلیه السلام مضى سعیدا فقیدا على منهاج آبائه علیهم السلام و فینا وصیته و علمه و من هو خلفه و من یسد مسده، لا ینازعنا موضعه إلا ظالم آثم و لا یدعیه دوننا إلا جاحد کافر و لو لا أن أمر الله تعالى لا یغلب و سره لا یظهر ولا یعلن لظهر لکم من حقنا ما تبین منه عقولکم و یزیل شکوککم لکنه ماشاء الله کان، و لکل أجل کتاب، فاتقوا الله و سلموا لنا وردوا الأمر إلینا، فعلینا الإصدار، کما کان منا الإیراد و لا تحاولوا کشف ما غطی عنکم و لا تمیلوا عن الیمین و تعدلوا إلى الشمال واجعلوا قصدکم إلینا بالمودة على السنة الواضحة، فقد نصحت لکم و الله شاهد علی و علیکم …” 9
إن ما ينشره اليوم الذين لايعرفون كلام الله وسنن المعصومين في العالم والذي يستقطبون بها الشباب في البلدان الإسلاميه ليس سويى أرضا قاحلة وسرابا في سهل واسع يحسبه الظمآن ماء حتى إذا اقترب لم يجد شيئا كما قال القرآن المجيد :” «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّي إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا” 10
مع كل هذا، خلال فترة الفتور والانتظار التي تهز أمواج الشك والتردد أقوى القلوب وتزلزل أقوى الأرجل صلابة والمسلمون في أوهامهم يظنون بأنهم تم إلقائهم في المستنقع لا راعي لهم ولامنقذ ، هناك رجال يدافعون عن الحق كما قيل بشأن الذين يناضلون الكفر الرائدون في مجال ظهور الحجة (عج) : ” جماعة من أمتي يظهرون الحق دوما حتى يأتي أمرالله أي الظهور”. 11
٭ ٭ ٭
قال اميرالمومنين علي بن أبي طالب (ع) : ” في أيام الغيبة يجتمع الناس في مدينة قم ينتظرون شفاعة النبي الأكرم (ص) في يوم المحشر قد انهالت عليهم الأحزان والمآسي وأحاطت بهم كافة المصائب والمحن.” 12
قال الإمام علي (ع) حول مدینة قم في مكان آخر : ” إن البلايا سيتم دفعها عن قم وأهالي قم وسيأتي زمان تكون فيها مدينة قم و أهاليها حجة على جميع الخلائق خلال فترة غيبة قائمنا حتى يأتي موعد الظهور ولو لم تكن قم لساخت الأرض بأهاليها.”
********************
انتهى …
الهواشی
- . راجع : بهار، مهرداد، پژوهشي در اساطير ايران ( دراسه فی اساطیر ایران) ؛ دادگي، فرنبغ، بندهشن، المترجم مهرداد بهار؛ اصفهاني، حمزة، تاريخ پيامبران و شاهان (سنی ملوک الارض و الانبیاء)، المترجم: جعفر شعار.
- . مصطفوي، علي اصغر، سوشيانت يا سير انديشه ايرانيان درباره موعود آخرالزّمان،( سوشیانت أو مسار فکر الإیرانیین حول موعود آخر الزمان ) ص 171.
- . طوسي، محمّد بن حسن، الغيبـة، ص 110؛ يوم الخلاص، ج 1، ص 47.
- . سوشيانت يا سير انديشة ايرانيان درباره موعود آخرالزّمان، ص66.
- . سورة عنكبوت (29)، آية 2.
- . نعماني، محمّد بن ابراهيم، كتاب الغيبة، ص 244.
- . نفس المصدر، ص 245.
- . عمروي هو من ضمن الذین شارکوا فی غسل وکفن ودفن والصلاة علی الإمام الحسن العسکری (ع)
- . سليمان، كامل، روزگار رهايي ( يوم الخلاص) ، المترجم علي اكبر مهديپور، ج 1، ص 293.
- . سورة نور (24)، آية 39.
- . روزگار رهايي، ج 1، ص 357.
- . نفس المصدر، ص 359.