ان الحرب الأخيرة على غزة أثبتت بان القضية الفلسطينية مازالت تشكل القضية الأولى دولياً، إذ تولي كل الأوساط السياسية والمنظمات الدولية والرأي العام اهتماماً بها. فان القضية الفلسطينية لهي قضية مترسخة ومتجذرة ولا يمكن إقصاءها بسهولة وبمختلف الحيل، من أجندة أعمال السياسات الدولية، فان الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب الأخيرة، تذكرنا مرة أخرى بضرورة الاهتمام الكبير بجوانب هذه القضية بهدف حلها، ذلك ان استمرارها يجعل المنطقة تعيش حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن. إذ ينتقل إلى مناطق أخرى ومنها أوروبا.
ففي القضية الفلسطينية شاهدنا منذ أول الأمر، احتلال الأراضي وبيوت الناس، وطردهم منها، وتشريد شعب في كافة أنحاء العالم، فان المحتل وفضلاً عن احتلال أراضي شعب آخر وانتهاك القوانين الدولية، انتهك مقدسات تحظى باحترام كل الأديان العالمية، ومازالت بيوت الناس تتعرض لانتهاك جنود الكيان الصهيوني.
ان القضية الجديدة التي ظهرت في الحرب الأخيرة في الجانب العسكري والميداني، وأثارت انتباه الرأي العام العالمي، هي ان المقاومة تتفوق في الحرب ضد الكيان الصهيوني، ولو كنا نشاهد يوماً ما انتفاضة الحجارة، فان اليوم نشاهد انتفاضة سيف القدس، إذ تتحدث بلغة الصواريخ وتخل بمعادلات السلطة والقوة.
هذا وقد يعاني الكيان الصهيوني من خلافات داخلية عديدة، وهناك انتقادات موجهة له بسبب الحرب الأخيرة، وهي علامة على ضعف هذا الكيان، فهذا الكيان الذي شن هجوماً قبل أربعة عقود بمنتهى البربرية على الأراضي اللبنانية، وسار نحو بيروت، وشكل حكومة عميلة، لكنه اليوم يرى بان كل مناطقه معرضة لصواريخ المقاومة وهذه القضية لهي معادلة مصيرية. فإذا كان الكيان الصهيوني يحلم يوماً ما بفكرة وهمية مفادها من النيل إلى الفرات، فانه اليوم يرى نفسه محصوراً في الأراضي المحتلة بعام 1948 وان أمنه معرض للخطر وهش أكثر من ذي قبل.
من هنا يتوجب على دول المنطقة وخاصة العالم الإسلامي ان يولي اهتماماً بالقضية الفلسطينية ويقوم بدعمها، فان شعوب المنطقة تقدم الدعم أكثر من ذي قبل للشعب الفلسطيني وبالرغم من القمع البربري التي تتعرض إليه على يد حكوماتها، إلا أنها تولي اهتماماً بما تشهده فلسطين، فان المسلمين والعرب في المنطقة وكافة أنحاء العالم، ومن خلال المشاركة في المظاهرات المنددة بالممارسات الصهيونية، تقوم بدعم المجاهدين في فلسطين، هذا ويجب القيام بإيضاح تأثيرات وتداعيات مساعي بعض قادة الدول العربية التي قامت بالتطبيع مع الكيان الصهيوني أو تنوي القيام بهذا العمل.
ان ما يقوم به الكيان الصهيوني من جرائم في غزة يمثل تحذيراً للدول العربية في المنطقة والعالم الإسلامي، كما ان شعوب المنطقة تتابع تفاصيل جرائم إسرائيل في غزة وتبدي ردة فعلها حول عدم دعم حكوماتها للمقاومة الفلسطينية، فهذه الدول لا يمكنها تبرير عدم اهتمامها بالقضية الفلسطينية.
هذا وان مشاركة عرب 48 في الانتفاضة الأخيرة على نطاق واسع وبشكل منظم، يمثل قضية مهمة، إذ قاموا في عملية منظمة بالسيطرة على مدينة لود التي تخضع لسيطرة جيش الكيان الصهيوني، بمبادرات بسيطة لساعات، وحتى قاموا بالسيطرة على القواعد العسكرية، هذه العلميات تحظى بأهمية خاصة، ذلك ان الكيان الصهيوني كان يحاول بان يعدّ العرب في هذه الأراضي مواطنين إسرائيليين، وكان يظنّ بأنهم لم يثوروا بوجه إسرائيل. هناك نقطة أخرى في غاية الأهمية وهي ان جوانب هذه الانتفاضة جاءت بالتنسيق مع محور المقاومة، وجوانب هذه القضية ستظهر في المستقبل.
أما فيما يتعلق بمواقف بعض الدول الغربية في توجيه الانتقادات للكيان الصهيوني بسبب ما قام به من جرائم بحق أهالي غزة، وكذلك المظاهرات الشعبية التي شهدتها مدن أوروبية، لابد من القول بأنها تحظى بأهمية خاصة، لأن رؤساء الدول الغربية يحاولون اتخاذ الصمت تجاه انتهاك القوانين الدولية على يد إسرائيل، كما لم تسمح الإدارة الأمريكية بإصدار أي قرار في مجلس الأمن للتنديد بجرائم الكيان الصهيوني، لكن المظاهرات التي اندلعت في الدول الغربية وردة فعل الشعوب الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، تحمل دلالات مهمة، بالرغم من محاولات وسائل الإعلام الغربية تجاهل ما يجري في غزة، ولهذا اضطر حكام الدول الغربية ان يتخذوا مواقف حذرة تجاه ما جرى في فلسطين المحتلة.
المصدر: موقع شوراي راهبردي آنلاين