تحمل زيارة بابا الفاتيكان للعراق أوجه عديدة. فمن وجهة نظر دينية، يريد البابا أن يُظهر أن الفاتيكان لا يهتم فقط بالدول الكاثوليكية الغنية في الغرب، بل وحيثما يتعرض المسيحيون للاضطهاد، يولي البابا اهتماما كبيرا بهم. ويخاطب الأقلية المسيحية في العراق البالغ عددها 1.5 مليون في أقرب فرصة. سواء الذين فروا من العراق خوفا من داعش، ومن بقوا في العراق وكما يقال فان ثلثهم مازال يعيش في العراق. زيارة البابا يمكن أن تبقي نفس العدد من المسيحيين في العراق وتحيي الأمل في نفوسهم، وربما سيعود من فروا من البلاد تدريجيا. إذا لم يحدث ذلك، فسيُفرغ العراق من الأقلية المسيحية في غضون عقود، بينما يعود تاريخ المسيحيين في هذا البلد إلى العصور القديمة.
في النظرة الشاملة، ينوي البابا، كونه زعيما للعالم المسيحي، إرساء أسس الوحدة والتعاون بين الأديان وبطريقة ما، يريد إقامة أواصر الصداقة بين جزء من المسيحيين مع بعض المسلمين، على أمل ان ينتهي الأمر إلى بناء الصداقة والتعاون بين كل المسيحيين والمسلمين. هذه هي رغبة كل الدول الأوروبية في الحد من سوء التفاهم بين المسلمين والمسيحيين حتى لا يشهد العالم اغتيالات في فرنسا وبريطانيا ودول أوروبية أخرى. كما سيحاول البابا إظهار وحدة جميع الأديان السماوية.
ستتجلى الآثار المباشرة لهذه الزيارة على المجتمع العراقي في الحد من ممارسة العنف وتعزيز التعاون والتضامن بين جميع العراقيين، مما يعود بالفائدة على الحكومة العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بالإضافة إلى الشعب العراقي. من هنا يمكننا مناقشة الإنجازات السياسية لزيارة البابا. هذه الزيارة متعددة الأغراض ويمكن أن تقلل من حدة التوترات في الشرق الأوسط، وعزل داعش الذي قُمع وإبقاءه محصورا وبالتالي تهدئة العراق.
من المؤكد أن جميع الأطراف في هذه القضية يفكرون في التداعيات السياسية لهذه الزيارة ويحاولون تحقيق أهدافهم. رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، يفكر في تعزيز موقعه وخططه في العراق، وهذه الزيارة يمكن أن تساعده، وتقوي دور التيارات المعتدلة في العراق.
المصدر: صحيفة آرمان ملي