وقع وزيرا خارجية الإمارات والبحرين اتفاقية في واشنطن قبل أسبوع لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني. وزعم المسئولان العربيان، إلى جانب القادة الأمريكيين والإسرائيليين، أن الاتفاقية كانت خطوة رئيسية نحو السلام في الشرق الأوسط واتفاق تاريخي غير مسبوق. وقد انضمت جميع الأطراف الأربعة إلى الوثيقة بغية البحث عن مصالح سياسية محددة ومتداخلة. بينما لم تقف خلف هذه الاتفاقية أي ضرورة تاريخية أو سياسية أو جيوسياسية، بل تضعف قوة العرب في مواجهة الكيان المحتل.
الحقيقة هي أن هذه نكت تاريخية أكثر من كونها إنجازات دبلوماسية تاريخية. فالحدث واللحظة التاريخية تظهر عندما يتم حل جوهر المشكلة وجذورها. القضية الأساسية هي قضية فلسطين، وقضية تهجير البشر، وتدمير هوية الأمة بهدف اغتصاب أراضيهم، وتهجير أمة في دول مختلفة. ما لم يتم حل كل هذه القضايا، فإن كل ما يتم فعله هو تضليل.
ما تغير في هذه الاتفاقيات، هو صورة القضية ليس إلا. إن القضية في الشرق الأوسط ليست انعدام العلاقات بين الدول العربية والكيان الصهيوني، بل القضية الأساسية هي فلسطين التي لها جوانب مختلفة من احتلال وتهجير وتدمير الهوية الوطنية. سبب عدم وجود علاقات بين العرب مع الكيان الصهيوني حتى الآن هو أن شعار العرب هو أنه حتى قيام الدولة الفلسطينية، نحن غير مستعدين لتطبيع العلاقات. تماما مثل ما أكدته السعودية بعد الاتفاقيات الأخيرة.
الحقيقة هي أن حكومتي البحرين والإمارات تساعدان ترامب، فلديهما دوافع مختلفة لمساعدة ترامب في تبني هذا الموقف. في الواقع، من خلال منح هذا الامتياز لترامب، يعتزم البلدان مساعدته على التغلب على بايدن في الانتخابات، ومن خلال استمرار سياسة ترامب في ممارسة أقصى درجات الضغط في الفترة الثانية من رئاسته، سيقفان ضد إيران ويوقفان خطط إيران الإقليمية. الدافع الآخر للبلدين هو القضايا الداخلية. إذ تواجه كل من البحرين والإمارات العديد من المشاكل داخلياً. يود الشيخ محمد، الذي لا يزال ولياً للعهد، أن ينتهز فرصة التعاون مع ترامب لترسيخ سيادته على الإمارات وتحويل الإمارات من إمارة إلى ملكية حتى يتمتع بسيادة بلا منازع. وفي المنامة، يأمل حكام البحرين أن يتمكنوا، بدعم من ترامب، من الحفاظ على حكم الأقلية على الأغلبية الشيعية في البلاد.
بشكل عام، يبدو أن هذا الاتفاق لن يكون له أي تأثير إيجابي في حل الصراع في الشرق الأوسط، بل سيجعل الوضع أكثر خطورة، لأنه الفلسطينيون وإن كانوا خائبين من الدعم العربي للتفاوض والمصالحة وإقامة دولة فلسطينية، فإنهم يعتمدون على أنفسهم أكثر من ذي قبل.
المصدر: صحيفة اعتماد