ستأخذ التحركات الدبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة، لوقف المخطط الإسرائيلي الرامي لضم 30% من أراضي الضفة الغربية، اتجاها جديدا، يتمثل بطلب فلسطيني من الجمعية العامة التصويت على قرار جديد، يؤكد على الحق الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة على حدود العام 1967، والتأكيد على القرارات الدولية السابقة ذات الصلة، ويرفض أي “اعتداء” إسرائيلي على أراضي الدولة الفلسطينية، في وقت دعت فيه حركة فتح الفلسطينيين، للانخراط في الفعاليات الميدانية الهادفة لكسر إرادة المحتل وتعطيل مشاريعه.
ومجمل هذه الأفكار التي يمهد لها سياسيون فلسطينيون، جرى نقاشها خلال اتصالات هاتفية ولقاءات “افتراضية” مع مسؤولين عرب وأجانب من القارة الأوروبية، للتمهيد لكسب تأييد كبير للخطة، مع اقتراب موعد التنفيذ الإسرائيلي لمخطط نهب أراضي الضفة الغربية المقرر مطلع الشهر القادم.
وفي قادم الأيام، سيتم البت الفعلي في تحديد موعد لعقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يغيب عن هناك “الفيتو” الأمريكي، الذي يشهر دوما ضد الحقوق الفلسطينية في مجلس الأمن، غير أن التحركات السياسية الفلسطينية، أيضا تشمل بحث الملف السياسي وخطط الضم في ذلك المجلس، مع العلم بالموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل، وهو أمر يرده ساسة رام الله، إلى أن الهدف منه هو إظهار الإدارة الأمريكية وحيدة في موقفها أمام دول العالم، في تحدٍ سافر وجديد لقرارات الشرعية الدولية.
وقد أعلن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أن دولة فلسطين تقدمت من خلال بعثتها في الأمم المتحدة بطلب لعقد جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة قضية الضم، واتخاذ خطوات عملية ومواقف واضحة.
يأتي ذلك مع استمرار الحراك السياسي للقيادة الفلسطينية على أعلى المستويات بقيادة الرئيس محمود عباس، من أجل “رفع الأصوات الدولية بشدة في رفض سياسة إسرائيل وخطتها للضم”، والحديث هنا للوزير المالكي، وقد تحدث عن اجتماع افتراضي لمجلس الأمن الدولي في الرابع والعشرين من الشهر الجاري لمناقشة التقرير الدوري للسكرتير العام للأمم المتحدة حول إنفاذ قرار مجلس الأمن 2334، حيث ستكون هناك كلمة مطولة لدولة فلسطين، ستشرح خطورة مخطط الضم، في إطار التحركات الرامية لتشكيل حالة ضغط، تساعد في التحضير للجلسة الطارئة للجمعية العامة عندما يتم تحديد موعدها.
وقد تم الاتفاق على رفع مستوى اجتماع مجلس الأمن ليكون على المستوى الوزاري يوم 24 الجاري، وهناك ترجيحات لأن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش فيها، لبحث التصدي لخطة الضم، فيما سيشارك في الاجتماع الهام رؤساء الكتل الدولية مثل حركة عدم الانحياز وجامعة الدول العربية.
هذا ولم يحدد بعد موعدا لجلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تدفع القيادة الفلسطينية لأن يكون موعدها قبل بداية الشهر القادم، لإيصال رسالة دولية قوية لإسرائيل، تؤكد رفض مخطط الضم.
وإلى جانب تلك التحركات السياسية، تواصل العديد من اللجان الفلسطينية التي شكلت من قبل القيادة لمواجهة مخطط الضم، خاصة بعد بدء السلطة بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، تحديث خططها على الأرض، لتواكب تطورات المرحلة، وهذه اللجان هي لجان سياسية واقتصادية وأخرى ميدانية، غير أن المسؤولون الفلسطينيون يرفضون الإدلاء بأي معلومات عن عمل تلك اللجان، التي طلب منها رسميا “العمل بصمت”، في هذه المرحلة.
ويقود اللجان مسؤولون كبار في منظمة التحرير وحركة فتح، وتشرف عليها لجنة عليا شكلت من أعضاء من اللجنتين التنفيذية للمنظمة والمركزية لحركة فتح، قبل صدور قرار التخلل من الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، حيث تناقش اللجنة العليا باستمرار الخطط الموضوعة للتعامل مع الوضع السياسي الراهن، بما في ذلك التطورات الاقتصادية وحالة الضغط التي تحاول إسرائيل فرضها على الفلسطينيين، لتمرير مخطط الضم.
وبدون الإفصاح عن الخطط التي وضعت، يقول المالكي “إن هذه اللجان أجرت دراسات يتم الآن عمل مراجعة لها وإجراء تحديثات عليها”، وأن لدى القيادة خططا وتصورات وبرامج وآليات وأدوات سيتم العمل في مواجهة ذلك.
لكن بين تلك التحركات السياسية الفلسطينية، ترسل القيادة الفلسطينية بين السطور، جملا تؤكد أن عدم إفشال المجتمع الدولي لخطة الضم، أو تراجع حكومة تل أبيب عن تطبيقها، سيقود المنطقة إلى موجة من العنف والتصعيد، لا أحد يتنبأ بتطوراتها، وإلى أين ستتجه وما حجمها ولا حتى آثارها، وهو أمر ذكره مسؤول فلسطيني لـ”القدس العربي”.
ومحذرا من مخاطر مشروع الضم، كان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، فال إنه اذا أقدم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على ضم أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فسيكون بذلك قد قضى على أي احتمال للسلام في المنطقة.
وأضاف عريقات: “إذا ما نفذ نتنياهو الضم والأبرتهايد، فإن عليه التحالف مع المنظمة klu klux clan الأمريكية العنصرية المتطرفة، ويجب ان يكون على استعداد لتحمل مسؤولياته كافة كسلطة احتلال، فالضم يعنى تدمير السلطة الفلسطينية، وستكون هذه نهاية الحل التفاوضي”.
وإلى جانب الخطط الفلسطينية الموضوعة للتصدي لخطة الضم، تواصل سلطات الاحتلال هي الأخرى، خططها المبنية على “الشائعات”، لتمرير المخطط بهدوء، في مسعى لمنع انفجار الأوضاع الميدانية، حيث نشرت مؤخرا قائمة لفلسطينيين تدعي أنهم باعوا أراضيهم شمال الضفة.
وقد نفى محافظ قلقيلية رافع رواجبة، ما نشرته بعض “المواقع المشبوهة”، عن قائمة تحتوي على 166 اسماً، ادعت أنهم باعوا أرضهم للاحتلال، وقال إن القائمة “لا تمت للحقيقة بصلة، وهي محض افتراء يحاول بعض الجهلة ترويجه”، مؤكدا أن الهدف من نشر هذه القائمة هو “اثارة البلبلة وتشتيت الجهد وخلط للأوراق والتستر على المجرمين الحقيقيين”.
وأكد أن الأسماء التي وردت بالقائمة هي لأصحاب الأراضي المستهدفة بالاستيلاء عليها من قبل الاحتلال لتوسيع الشارع الاستيطاني الرابط بين مدينتي قلقيلية ونابلس، ووصلتهم إخطارات من الاحتلال بالاستيلاء على أراضيهم.
وفي السياق، طالبت حركة فتح، الفلسطينيين بالانخراط في الفعاليات الميدانية الهادفة لكسر إرادة المحتل وتعطيل مشاريعه التصفوية.
وقالت في بيان لها: “معركتنا الأساسية مع الاحتلال وكل قوى الظلام التي تسانده في العالم ولن نسمح بحرف البوصلة”، وأكدت أن ليس لها هدفا في هذه المرحلة سوى كسر وإفشال مخطط الضم الاستعماري، الذي تعمل على تنفيذه دولة الاحتلال هذه الأيام. وشددت على ضرورة اليقظة بحجم ما يليق بهذه المواجهة التي قرر الاحتلال فتحها على الحقوق السياسية الوطنية، كما أكدت على ضرورة الانتباه وعدم الانجرار وراء ما يتم بثه من شائعات ومعلومات مغلوطة تهدف الى “زعزعة الوضع الداخلي” وإلهاء الشعب عن معركته الكبرى والأساسية.
وأشارت فتح في بيانها إلى أن الاحتلال يعمل على تشتيت الجهد الجماعي عبر محاولات خاسرة لضرب اللحمة المجتمعية الداخلية والسلم الأهلي، مستخدما أساليب “الإشاعات المنظمة”، وغيرها من الأساليب المكشوفة والمفضوحة أمام وعي الشعب، وكانت تشير إلى ادعاء الاحتلال بأنه سينشر أسماء أو أعدادا لفلسطينيين، قاموا ببيع الأراضي للمستوطنين.
وقالت “إن هذا الأمر هو جزء من مخطط ومسلسل استخباري احتلالي هدفه تحقيق ما لم يستطع تحقيقه عبر قواه العسكرية من خلخلة لقوانا الأساسية المرتكزة على وحدتنا المجتمعية في الهدف والمصير، وإثارة الفتنة ونشر السموم بغية تفتيت جهدنا وتمزيق وحدة حالتنا”.
وشددت على أن الاحتلال بكل مخططاته وأساليبه الدنيئة “لن يستطيع أن يصرف الأنظار عن الهدف الأجل والأسمى من كسر مخططاته التوسعية والاستعمارية المتمثلة في هذه الأيام بمخطط الضم”.
المصدر: القدس العربی