باحث صهيوني: حزب الله اسر ‘الدولة العبرية’ بصواريخه

أقّر الباحثٌ في مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجيّة في كيان الإحتلال الجنرال غرشون هكوهين، بأنّه صحيح للغاية أنّه في الجنوب اللبنانيّ دارت حربًا والتي تعقدّت كثيرًا مع مرور السنوات، حيثُ جرت المعارك وفق حرب العصابات، وهي الحرب التي لم يُجّربها جيش الإحتلال ولا مرّةٍ منذ تأسيسه، على حدّ تعبيره.

واضاف الجنرال الاسرائيلي أنّه تبينّ بعد مرور عدّة سنواتٍ وجود خلافاتٍ وتباينات في الرأي بين صُنّاع القرار في “الدولة العبريّة” حول الهدف من هذه الحرب: هل كان الحفاظ عسكريًا على ما يُسّمى “المنطقة الأمنيّة”، أمْ الانتصار على حزب الله، على حدّ قوله.

وشدّدّ هكوهين في مقالٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم) العبريّة بمناسبة مرور عشرين عامًا على “انسحاب الإحتلال من لبنان عام 2000، على أنّ “جيش الاحتلال عانى من توترٍ كبيرٍ بين ثلاثة أهدافٍ: الأوّل، والذي اعتُبِر الأهم، المحافظة على أمن المُستوطنات الإسرائيليّة في الشمال، والثاني، إبقاء الجيش العميل لإسرائيل والذي سُمِّي “جيش جنوب لبنان” لكي يُحافِظ على السكان في الجنوب، وتقليل الإصابات في صفوف جنود جيش الاحتلال و”جيش لبنان الجنوبيّ”، طبقًا لأقواله، أمّا الهدف الثالث، وفقًا للجنرال هكوهين، فكان ضرب حزب الله وإضعاف قوّته القتاليّة، مُضيفًا أنّ حزب الله علِم بوجود هذه التناقضات وعمل من أجل استنفاذ هذا الخلاف لأنّ ذلك يخدمه إستراتيجيًا، أيْ أنّ تأجيج الخلاف حول الأهداف كان يصُبّ في صالح حزب الله، قال الجنرال والباحث الإسرائيليّ”.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ الباحث الصهيوني، على أنّه في المضمون العلنيّ عمل حزب الله من أجل تحرير الأراضي المُحتلّة من قبل “إسرائيل”، ولكن من الناحيّة السريّة، والتي لم يُعلِن عنها، قام بتوجيه ضرباتٍ مؤلمةٍ وقاسيّةٍ للجيش الإسرائيليّ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ الهدف من هذه العمليات النوعيّة، والتي تمّ التخطيط لها في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، كان القضاء على ما كان شائعًا في تلك الفترة بأنّه لا يُمكِن قهر الجيش الإسرائيليّ، وتحطيم هذه الرؤية بشكلٍ كاملٍ، طبقًا للجنرال هكوهين.

وتابع الجنرال هكوهين قائلاً “إنّ القصف الصاروخيّ بقي كما كان في زمن التنظيمات الفلسطينيّة، أيْ توجيه القصف بواسطة صواريخ الـ”كاتيوشا” نحو مدينتي كريات شمونة ونهاريا في الشمال لزرع الخوف بين السُكّان في المنطقة، ولكن، خلافًا للفلسطينيين، قال الجنرال هكوهين، إنّ حزب الله أراد من وراء الصواريخ أسر “الدولة العبريّة” من الناحيتيْن التكتيكيّة والإستراتيجيّة، وفعلاً نجح في ذلك، تابع الباحِث والعسكري هكوهين، إذْ أنّه من الناحية الإستراتيجيّة عمّ الارتباك في المنظومة الأمنيّة حول أهداف التواجد في لبنان، مُشدّدًا على أنّ القوات الإسرائيليّة والتابعة لها في جنوب لبنان لم تتمكّن عبر تواجدها في الجنوب من منع حزب الله الذي أمطر المستوطنات الشماليّة بالصواريخ، ومن الناحية التكتيكيّة، تابع، فإنّ حزب الله، أيْ قبل الانسحاب الإسرائيليّ من جنوب لبنان في أيّار (مايو) من العام 2000 تمكّن من إيجاد ميزان رعبٍ تكتيكيٍّ بينه وبين الجيش الإسرائيليّ، لأنّه بعد العمليتيْن العسكريتيْن الإسرائيليتيْن تمّ فرض قيود على الجيش الإسرائيليّ من قبل المجتمع الدوليّ، الأمر الذي أدّى إلى منع الجيش من القيام بعملياتٍ لردع حزب الله، وعمليًا، أضاف، تمكّن حزب الله بشكلٍ أوْ بآخر، من تحطيم التفوّق العسكريّ لجيش الإحتلال.

وتطرّق هكوهين في نهاية مقاله التحليليّ إلى “قيام الجيش الإسرائيليّ باغتيال الأمين العّام لحزب الله، عباس موسوي في العام 1992، وقال في هذا السياق إنّ حزب الله ردَّ بقوّةٍ على عملية الاغتيال بقصفٍ مُكثّفٍ للمُستوطنات الشماليّة وزرع الخوف والقتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ولكن، أضاف الجنرال هكوهين، إنّ العمليات التي وصفها بالإرهابيّة، والتي نفذّها حزب الله بمُساعدةٍ من إيران وفي مقدّمتها مبني الجالية اليهوديّة في بوينس إيريس، كانت تحمل في طيّاتها رسائل إستراتيجيّة “لإسرائيل” تقول بكلّ وضوحٍ إنّ حزب الله انتقل للعمل من الإستراتيجيّة العاديّة إلى إستراتيجيّةٍ جديدةٍ وهي إيجاد قواعد جديدة للاشتباك مع “إسرائيل” خارج المنطقة من أجل تعزيز قوته في جنوب لبنان، وكان هذا الأمر جديدًا، حيثُ أطلق عليه الجيش الإسرائيليّ لقب: ردّ الفعل الرادِع”، على حدّ قوله.

وخلُص الجنرال هكوهين إلى القول إنّ السنوات الأخيرة لتواجد الجيش الإسرائيليّ في الجنوب اللبنانيّ كانت بمثابة مُختبرٍ للتأمل في نشوء الأسر الإستراتيجيّ، ومن هذا المُنطلق يتحتّم على صُنّاع القرار في تل أبيب أنْ يعتمِدوا على ما جرى في لبنان من اجل صوغ إستراتجيّة النصر، كما قال.

 

المصدر: جريدة راي اليوم

شاهد أيضاً

تقرير: ثلثا مسلمي أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا

أفاد تقرير حديث بأن ثلثي المسلمين في أمريكا تعرضوا لحوادث إسلاموفوبيا، أي الكراهية المرتبطة بالخوف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.