قبل ايام احتفلت دول العالم بيوم الطفل العالمي، الا انه كان هناك استثناء من بين هذه الدولة وهذا الاستثناء هو اليمن، الذي تذبح فيه الطفولة منذ خمس سنوات امام مرآى ومسمع العالم اجمع دون ان يحرك هذا العالم ساكنا لوقف المذبحة وكأن اطفال اليمن لا يوم لهم.
في الوقت التي احتفلت دول العالم بيوم الطفل العالمي الذي يصادف في العشرين من شهر نوفمبر / تشرين الثاني ، وفي الوقت تستتعرض الدول الانجازات التي قدمتها من اجل اطفالها لحمايتهم بناء مستقبل مشرق لهم، نظمت وزارة الصحة اليمنية، فعالية رسمية كشفت خلالها عن أرقام صادمة لمأساة الأطفال اليمنيين خلال خمس سنوات من العدوان والحصار المستمرين.
الارقام المرعبة كشفت عن موت 492 طفلا في الحاضنات نتيجة نقص الإمكانات الطبية بسبب الحصار، كما مات 3254 طفلا في أقسام مستشفى السبعين للامومة والطفولة في صنعاء لوحدها نتيجة نقص الأدوية والمحاليل وضعف الإمكانات في الأجهزة الطبية بفعل الحصار والعدوان.
الملفت أن مستشفى السبعين للأمومة والطفولة الذي تعرض للقصف عدة مرات وتعرضت مبانيه واجهزته لأضرار وخسائر مادية كبيرة، يفتقر لجهاز تنفس صناعي للأطفال دون الشهر، وتعجز السلطات عن توفيره بسبب العدوان والحصار المطبق على البلد.
المؤسف ان المنظمات الدولية عادة ما تتجاهل وفيات الاطفال وغير الاطفال الذين يموتون بسبب الحصار المفروض على اليمن وخاصة مطار صنعاء، وتكتفي فقط بإحصاء عدد قتلى الغارات الذي يموتون في القصف، بينما عدد قتلى الحصار هو اضعاف قتلى الغارات السعودية والاماراتية.
المتحدث باسم وزارة الصحة اليمنية يوسف الحاضري كشف عن موت أكثر من 43 ألف مريض جراء عدم تمكنهم من السفر لتلقي العلاج في الخارج ، وان هناك أكثر من 320 ألف حالة مرضية لم تتمكن من السفر لتلقي العلاج ، بسبب حصار دول العدوان وإغلاقها لمطار صنعاء الدولي منذ العام 2016 .
اغلاق مطار صنعاء امام الملاحة وفرض حصار شامل بري وبري وجوي ، اسفر ايضا عن حرمان آلاف المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة من تلقي العلاج في الخارج، كما تسبب في وفاة أكثر من 28 ألفا من مرضى السرطان نتيجة انعدام المستلزمات الطبية بالشكل المطلوب.
العدوان على اليمن هو اكبر كارثة بشرية يشهدها العالم في الوقت الحاضر، بشهادة الامم المتحدة والمنظمات الدولية، حيث يحاصر الجوع والمرض والاوبئة الملايين من اليمنيين، دون ان توقظ الضمير العالمي من نومه العميق.
ما يجعل المأساة اليمنية مضاعفة ، ليس فقط تواطؤ الغرب مع السعودية والامارات بسبب عقود التسليح الضخمة، بل بسبب تواطؤ المنظمات الدولية التي من المفترض ان تقلل من معاناة اليمنيين في ظروف الحرب نراها على العكس تماما تزيد من هذه المعاناة كما كشف عن ذلك رئيس اللجنة الطبية العليا للجسر الطبي الجوي الدكتور مطهر الدرويش، عندما اتهم دول العدوان ومنظمة الصحة العالمية بالتعمد الواضح في إهمال الحالت الطبية الحرجة، مؤكدا على ضرورة ان ينفذ المجتمع الدولي والمنظمات الاممية الالتزامات الخاصة بها بشأن اطلاق الجسر الطبي الجوي.
واكد الدرويش ان منظمة الصحة العالمية مستمرة بنقض اتفاقياتها المبرمة مع الحكومة اليمنية لإنقاذ الحالات الحرجة، واصفا حالة المرضى بالسيئة جدا وأوضاعهم الصحية بالمتدهورة نتيجة تأخير دول العدوان سفرهم للعلاج ما اسفر عن وفاة المزيد منهم.
وفي ذات السياق اتهم المنسق العام للجنة الدكتور يحيى الهمداني منظمة الصحة العالمية بالتلاعب محملا المنظمة الاممية ودول العدوان المسؤولية الكاملة عن حياة المرضى الموعودين بالسفر للعلاج.
ان وفاة 100 الف طفل يمني سنويا بسبب العدوان والأمراض والأوبئة وسوء التغذية وعدم وجود الأدوية بسبب الحصار، واصابة حوالي مليونين ومئتي ألف شخص بالكوليرا، يعتبر جانبا واحدا من المأساة التي يعيشها اليمن منذ خمس سنوات، وان الجوانب الاخرى من هذه المأساة لا تقل بشاعة وفظاعة، الامر الذي يدق ناقوس الخطر وبشكل مسموع للمجتمع الدولي ، الذي يجب ان يتحمل مسؤوليته الاخلاقية والإنسانية والحقوقية للدفاع عن الانسنية والطفولة في اليمن قبل فوات الاوان.
جمال كامل