على مدار السنوات القليلة الماضية، يحاجج علماء كشميريون أن إقليم كشمير الذي تحكمه الهند ينبغي أن يتم الاعتراف به باعتباره أرضاً محتلة. وكانت حجتهم في ذلك أن منطقة كشمير، التي تحتوي أكثر من 700 ألف جندي من قوات الشرطة والجيش والعناصر العسكرية، بما يجعلها أكثر منطقة مسلحة على وجه الأرض، قد جعلت الكشميريين يعيشون تحت حكم قادة لا يمثلونهم وتسيطر عليهم في المقام الأول المؤسسة العسكرية الهندية بثِقلها الشديد.
الهند تتحول لمُستعمرٍ كامل
منذ بدأ التمرد في كشمير في نهاية الثمانينيات من القرن العشرين، قُتل أكثر من 70 ألف شخص، بالإضافة إلى أكثر من 7000 حالة اختفاء قسري، أضف إلى ذلك آلاف الحالات من الإصابة بالعمى والعاهات جراء الإصابة بالذخيرة الحية والرصاص المطاطي. لم تكن هذه الحجة صعبة في صياغتها، ولكن المظهر المزخرف للديمقراطية الهندية، يجعل بعض الناس يجدون صعوبة في الاقتناع بهذا الأمر. ولكن بحلول صباح الإثنين الماضي، تبدد برق الديمقراطية الهندية.
في ذلك اليوم، وقف وزير الداخلية الهندي أميت شاه وهو يحمل مرسوماً رئاسياً يعلن إلغاء المادة الخاصة بإقليم كشمير في الدستور الهندي. وبموجب المرسوم الرئاسي، تُلغى على الفور المادة 370 من الدستور الهندي، التي توضح وضع إقليم كشمير شبه المستقل داخل الدولة الهندية، بما في ذلك قدرته على إدارة شؤونه (وتشمل شؤون الدفاع والمالية والاتصالات والشؤون الخارجية)، وحقه في وضع دستوره الخاص، وقدرته على سن القوانين وكذلك حقه في أن يكون له علمٌ خاص به.
وقالت الحكومة الهندية إنها ستغير دستورها رغم صدور عدد كبير من الأحكام القضائية، بما في ذلك حكم من المحكمة العليا في إقليم جامو وكشمير والمحكمة العليا في دلهي التي حكمت باستحالة العبث بالمادة 370.
ولكن بالنسبة للعديد من الهنود، فإن مشروع إلغاء «الوضع الخاص» لكشمير داخل الدستور الهندي قد بدأ يؤتي أكله، وهو مشروعٌ بدأته جماعة «راشتريا سوايامسيفاك سانغ» الهندوسية القومية اليمينية، ثم ظهر بعد ذلك كقضية انتخابية لحزب بهاراتيا جاناتا.
وبهذا تحولت الهند من الصفة الإدارية إلى مستعمرٍ كامل كما يقول موقع Middle East Eye البريطاني، وبالتالي باتت تشبه من عدة طرق الأساليب التي تتبعها إسرائيل لتحوز التحكم الكامل في الدولة وشعبها.
اللعب بالقواعد الإسرائيلية
لعقود وحزب راشتريا سوايامسيفاك سانغ يدعو لتفكيك المادة 370 في محاولة لإعادة بناء الدولة الهندوسية في الهند. وفي ثمانينيات القرن العشرين، بدأ حزب بهاراتيا جاناتا حملة تعد بحكم الأغلبية في الهند.
وشمل هذا إنهاء «الامتيازات» التي يتمتع بها المسلمون، وحتى وإن كانت المجتمع المسلم الأفقر والأقل نمواً في الهند. وشمل أيضاً إحاطة كشمير بالأضرحة والمعابد، وجزء من الماضي المجيد للديانة الهندوسية في الهيمالايا.
ومن بين الأجزاء التي لا تتجزأ من هذه المحاولة هو الحشد للحج إلى ضريح أمارناث في جنوب كشمير. وقد كتبت منى بهان، الأستاذ في جامعة سيراكيوز في صحيفة Resisting Occupation in Kashmir، أن العقد الماضي قد شهد محاولة الحكومة الهندية استعادة المعابد لزيادة «ارتباط كشمير بالهند بصلات روحانية ودينية».
ويعد إلغاء المادة 370 جزءاً من الوفاء بالوعد بإعادة الهند إلى الطابع الهندوسي، بطريقة تجمع بين الطابع الديمقراطي و»سمو الجنس الهندوسي»، حتى وإن كان معيباً في جوهره.
وفي هذا الصدد يكتب البروفيسور سومانترا بوس، البروفيسور في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية: «هذا النوع من الدول «الديمقراطية» الذي تمثل إسرائيل نموذجاً له -وليس باكستان- هو النموذج الذي تحتذي به الحركة القومية الهندوسية، بقيادة منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، وتصبو إلى إنشائه بصورة هندية».
الأهم من ذلك أنه يمهد الطريق لمشروع «استعماري استيطاني» متكامل الأركان في كشمير، حيث يُحتمل أن تشمل المرحلة التالية تجمعات سكانية تضم هندوساً فقط، تشبه تماماً المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.