لم يمض وقت طويل على انسحاب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من الامارات من موقعين عسكريين سيطر عليهما في عدن جنوبي اليمن، بعد انسحاب قوات الهارب عبدربه منصور هادي المدعومة من السعودية حتى تراجع وقرر العودة والسيطرة عليهما مرة ثانية. ويأتي ذلك على خلفية الصراع غير المعلن بين الرياض وابوظبي على محافظة عدن والمحافظات الجنوبية اليمنية بخصوص السياسات التي يجب اتباعها في هذا البلد.
اوضاع تكشف عن حالة التردد التي يقف عليها قادة الانقلاب في مدينة عدن، هؤلاء الذين انقلبوا على داعميهم هم اليوم يخشون في حالة تماديهم واستمرارهم في السيطرة على قصر المعاشيق والمعسكرات ان يدخلهم ذلك في مواجهة مسلحة مع القوات السعودية.
المجلس الانتقالي الذي عول كثيرا على الموقف الاماراتي الداعم لقضيته ولخطة تقسيم اليمن يبدو اليوم اكثر ترددا من اي طرف يمني آخر وهو عاجز حتى عن اتخاذ قرار بشان الازمة في عدن.
فالاماراتيون الذين ساروا على الدوم خلف ذيل السعودية يبدون اكثر عجزا عن التصريح علانية بموقفهم الداعم للقوى الانفصالية في عدن وهم عاجزون حتى عن المجاهرة بمعارضة السياسة السعودية في اليمن.
المجلس الانتقالي الذي كان قد استولى مؤخرا على جميع المعسكرات والمؤسسات الادارية وقصر المعاشيق في عدن انسحب عن موقعين كان قد استولى عليهما بعد ضغوط سعودية مشددة لكنه عاد مرة اخرى وفرض سيطرته على الموقعين وبرر التراجع عن خطوته تلك بانه غير مستعد للخروج من عدن.
وذكر المجلس الانتقالي في بيان له ان التحالف السعودي طالبه بالخروج من عدن وسحب قواته الى خارج المدينة، واشار الى ان معكسراته تعرضت الى الاستهداف بالقنابل المنورة كنوع من التهديد بضرورة استكمال الانسحاب من تلك المعسكرات.
وذكر قائد اللواء التابع للمجلس الانتقالي العميد مختار النوبي ان قواته تعرضت للتهديد واضاف: في هذه اللحظات تقوم الطائرات السعودية بإطلاق صواريخ ضوئية على معسكر قواتنا في مقر اللواء الخامس دعم واسناد في ردفان في محاوله منها للكشف وربما القصف والاستهداف.
سلسلة الانسحابات ومن ثم التراجع عنها تكشف بوضوح ان الازمة في عدن ستكون صعبة على الحل، وان المواقف اصبحت متشابكة في هذه المدينة الى درجة يصعب معها العودة الى نقطة الصفر وتسليم المدينة مرة اخرى للقوات التابعة للسعودية.
الوضع الصعب في عدن بحاجة الى قرار صعب
الوضع صعب حتى بالنسبة الى التحالف السعودي الذي يعيش انقساما حادا هذه الايام بسبب انفراد الامارات بالقرارات الانعزالية التي لاتنسجم مع السياسة السعودية ومن هنا حذر وزير الاعلام في حكومة عبد ربه منصور هادي “معمر الإرياني”، من ان التحالف يفقد شرعيته من خلال التماهي مع الانقلاب الذي حدث في عدن.
وقال: في سلسلة تغريدات على “تويتر” أن “بيان المجلس الانتقالي يؤكد مضيه في سيناريو الانقلاب وتجاهله للجهود التي يبذلها الأشقاء في المملكة العربية السعودية لاحتواء الأحداث في محافظة عدن وعودة الأوضاع لطبيعتها، بل والسعي للسيطرة على بقية المحافظات الجنوبية “.
النزاع على عدن يخفي صراعا غير معلن بين السعودية والامارات بخصوص السياسات التي يجب اتباعها بشأن اليمن، وهذا الصراع يتحول على الارض الى رصاص وصواريخ بين المليشيات التابعة لهما.
ويقول المراقبون ان الازمة ان لم تجد حلا لها في عدن فإنها ستمتد الى بقية المدن والمحافظات الجنوبية ولاسيما بعد تهديدات المجلس الانتقالي باستعداده لبسط سيطرته على تلك المحافظات.
الصراع السعودي الاماراتي مستمر في تعز
وفي تعز المدينة تعيش اجواء حرب وقتال بين المليشيات التابعة للامارات وهي مليشيات ابو العباس السلفية ومع القوات التابعة لحزب الاصلاح الموالي للرياض.
وأشارت مصادر محلية الى مقتل عشرات المسلحين بمنطقة التربة في محيط تعز اثر خلاف بين الطرفين بشأن السيطرة على بعض المناطق. واتهم مقربون من قيادات حزب الاصلاح الامارات بالتآمر للقضاء على قوات الحزب في تعز. ويمثل السلفيون رأس الحربة التي تقاتل بها الامارات في تعز، وقد جندت الآلاف منهم.
وليست كل الاطراف العربية منسجمة مع الموقف الاماراتي الداعم لتقسيم اليمن فدولة قطر هي احدى الدول الداعمة لوحدة اليمن وقد اعلنت موقفها الصريح والمعارض لتقسيم البلد.
وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني -في تغريدة له عبر حسابه على تويتر- “أن قطر تؤكد أهمية ضمان وحدة اليمن وصون مكتسباته، وضرورة منع تمزيق نسيجه المجتمعي”. ودعا كافة الأطراف إلى وقف الحرب، وتجنيب الشعب اليمني المزيد من المعاناة الإنسانية.
وأوضح وزير الخارجية القطري في تغريدة أخرى أن ما يحدث في اليمن من كارثة إنسانية حقيقية؛ يتطلب وقفة صادقة وصريحة من أطراف الصراع في اليمن في المقام الأول، لوقف الحرب وإنهاء المأساة التي لا يدفع ثمنها سوى الأبرياء من الشعب اليمني.
كلمات صادقة وجريئة جاءت من وزير خارجية قطر للاطراف المغذية للنزاع في اليمن، لكن السعودية والامارات منخرطتان في ازمات المنطقة ولحد الآن لم يدركا ان تدخلاتهما جلبت الويل والدمار لبلدان مثل العراق وليبيا وسوريا واليمن.