أراد عاطف طراونة، رئيس مجلس النواب الأردني، تقديم ما تيسر من المساعدة للحكومة، وتحديداً لوزير الأوقاف الدكتور عبد الناصر أبو البصل، وسط هجمة برلمانية متوقعة على الوزارة والوزير في إطار تداعيات حادثة إقامة طقوس وشعائر “تلمودية” على قمة أعلى جبل في مدينة البتراء، بحسب القدس العربي.
وكتبت الصحيفة: وسط اهتمام غير مسبوق من الجمهور وغالبية النخب السياسية، فتح معترضون على سلوكيات السياح القادمين من “إسرائيل” داخل الأراضي الأردنية الباب على مصراعيه لمناقشة التطبيع والأثمان التي تدفعها المملكة مقابله، بل – وهذا الأهم – ما يسميه عضو البرلمان البارز خليل عطية، بأطماع المشروع الصهيوني في السيطرة على كل المنطقة ضمن سلسلة لا تنتهي من الخرافات والأساطير المتعلقة بتزوير التاريخ.
وتواصل الاشتباك مع حادثة البتراء في جلسة البرلمان، أمس الأحد، بعدما هاجم النائب طارق خوري وزارة الأوقاف لأنها أغلقت مسجداً بالقرب من مقام النبي هارون شهدت باحته، بالصور الموثقة، إقامة سياح من “إسرائيل” شعائرهم الدينية.
الوزير أبو البصل كان قد حاول احتواء المسألة بإغلاق المسجد في مقام النبي هارون بعد اعتراض الشارع، والنائب خوري استغرب أن تقرر الوزارة إغلاق مسجد في محاولة لمضايقة الحكومة عبر الإشارة إلى التسهيلات التي تمنحها للسياحة الإسرائيلية. وحاول طراونة مساعدة الوزير أبو البصل، مشيراً إلى أن الموقع الذي جرى إغلاقه عبارة عن موقع أثري غير مخصص للعبادة أصلاً.
لكن مثل هذه المداخلة لا تعفي وزارة الأوقاف الأردنية ولا حتى وزارة السياحة من الهجمة التي يتجادل فيها الجميع اليوم بعنوان الطابع الصهيوني في التطبيع السياحي مع الإسرائيليين.
فتح الباب على مصراعيه أمام تفاعل مشكلة لم تكن تتوقعها الحكومة الأردنية، خصوصاً بعدما اعترفت سلطة إقليم البتراء علناً بأن أحد الحراس من وزارة الأوقاف هو الذي فتح باب الموقع لسياح يهود.
لاحتواء التجادل بسبب حساسية الموضوع، اقترح طراونة عقد جلسة تشاورية غير رسمية خاصة مع الحكومة. لكنها جلسة، وإن عقدت، لن تقود إلى مكان محدد سياسياً، فالتطبيع السياحي ومخاطره أصبح أولوية لكل الجبهات والمؤسسات النقابية والمدنية التي اهتمت بالموضوع.
أبرز تعبير عن المسألة صدر باسم النقابات المهنية في بيان بلهجة مختلفة، استفسر عن الإجراءات لحماية الأردن من مخاطر التطبيع السياحي الإسرائيلي، وعن كيفية حماية مدينة مثل البتراء تحت عنوان لم يسبق أن صدر في بيانات مدنية يستفسر عن الإخفاق في حماية مساجد ومواقع أثرية داخل الأردن وتأثير هذا الإخفاق الخطير والحساس على دور الأردن في الوصاية الهاشمية.
مباشرة، اتهمت النقابات الحكومة بالتفريط في هذه المسألة الخطيرة، وطالبت بتحقيق مفصل وموسع. بالتوازي، تبادلت مواقع تواصلية تصريحات سابقة لوزيرة السياحة السابقة، مها الخطيب، تحدثت فيها عن سلسلة إجراءات اتخذت في عهدها لمنع محاولات “تزوير المواقع الأثرية” وصناعة تاريخ مزور في الأرض الأردنية.
أرشيف الوزيرة الخطيب يتضمن خطوات رسمية اتخذت بعد ضبط سياح متلبسين بمحاولة دفن قطع أثرية في أرض أردنية وسط مخاوف القطاع السياحي بأن يتكرر المشهد في سياق التطبيع السياحي.
وسبق أن حذرت الوزيرة الخطيب من مخاطر عملية منهجية تستغل التطبيع السياحي لتزوير وتزييف التاريخ، وبصورة تحاول الادعاء بأن لليهود مواقع ومقامات وآثاراً شرق نهر الأردن. ولم تتردد الخطيب مطلقاً مؤخراً وهي تعلن عبر سلسلة فضائيات بأنها تعاملت عندما كانت وزيرة للسياحة مع محاولات السطو على التاريخ.
الحديث هنا عن فخاريات باللغة العبرية ورموز يهودية أحضرها سياح اسرائيليون معهم وحاولوا دفنها في الأردن، ما اضطر الحكومة الأردنية آنذاك إلى منع السائح الإسرائيلي من إحضار ملابس دينية معه ورفع رسوم دخول المواقع التاريخية والأثرية على جميع الزوار.
لافت جداً للنظر أن وزيرة السياحة الحالية، مجد شويكة، امتنعت عن التعليق تماماً على مسار الأحداث، في الوقت الذي استعاد فيه الشارع الاشتباك العلني بين السياحة الإسرائيلية والوزيرة السابقة مها الخطيب.
تلك معلومة تكمل دائرة الشعور بالخطر وتساندها الأدبيات والنصوص التي نشرت بالجملة ومن مئات الأردنيين على منصات التواصل خلال أسبوع واحد فقط بعد حادثة الشعائر التلمودية في مدينة البتراء. وتحت عنوان “احتلت فلسطين، والأقصى في خطر، وإسرائيل بدأت تخطط لادعاءات وجود يهودي قديم في الأردن”.
لا أحد بعد مثل هذه الاستنتاجات الخطيرة يمكنه أن يقرأ، بالرغم من علاقات الأردن بما يسمى العمق الإسرائيلي، تداعيات مشاعر من هذا النوع، خصوصاً في التوقيت الذي يتحدث فيه الجميع عن ما يسمى بصفقة القرن وتداعياتها.