يشهد الأول من ذي الحجة مناسبة زواج مبارك وعظيم وكريم، هو زواج الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من السيدة فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم، سيدة نساء العالمين، وفي مثل هذا اليوم اكتست السماء أفضل حلية النور والجمال ونثرت الحور الدر والمرجان .
ولا شك ان زواج النور بالنور أي علي بفاطمة من أعظم الزواج في الإسلام، وهو الذي كتب عقده في السماء وشهد عليه الملائكة المقربين، وأجريت مراسيمه على الأرض.
وقد كان هذا البيت المتواضع غنياً بما فيه من القيم والأخلاق والروح الايمانية العالية فبات صاحباه زوجين سعيدين يعيشان الألفة والوئام والحب والاحترام حتى قال علي (عليه السلام) يصف حياتهما معاً: “فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله عزّ وجلّ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً. لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان”.
وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد دعا في خطابه الأخير إلى تبني من 26 ذو القعدة إلى واحد ذو الحجة أسبوع الأسرة، والعمل ضمن الأطر الثقافية والفكرية لتثقيف وتأهيل الناس ووضع خطط حقيقية للحفاظ على العائلة، للحفاظ على الأسرة.
وقد أكدت المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف متمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد السيستاني “دام ظله” في اكثر من مناسبة واكثر من خطبة على ان “الاسرة هي النواة ان طابت طاب المجتمع وان كانت الاخرى لا قدر الله فستكون هناك مفاسد عامة..”، وبيّنت ان “بناء الاسرة الصالحة ينتج عنه بناء مواطن صالح ومجتمع صالح”.
فما هي معايير اختيار الشريك؟
يفتتح مدير مركز التوجيه والارشاد الأسري في حارة حريك واستاذ في جامعة المصطفى العالمية بيروت – الشيخ يوسف سرور كلامه متطرقا الى الحديث الشريف “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”، وقال: من المعلوم أنه اليوم يخلط الناس ما بين المعيار الديني والمعايير التي وفدت إلينا، وقد نبهت الأحاديث الشريفة منها لأن الكثير منها خاطئ، لافتا الى ان “ما اختاره لنا الدين هو ما اختاره الله تعالى لنا، بحيث ان الله تعالى حينما خلق الخلق خلقه ويعرف ما يصلحُهُ ويعرف ما يفسده، وشرّع له بحيث حلل وأوجب عليه ما يصلحه وحرم عليه وكرّهَ اليه ما يفسده اي ما فيه فساده وخرابه وخراب حياته”.
واضاف متوجها بحديثه الى المقبلين على الزواج: عليكم العودة الى هذا الدين الموائمة بين ما هو قائم من الواقع بحيث تختارون منه الأصلح، وتطبقون الدين عليه، وتلتزمون المعايير الاسلامية من حسن الخلق وذات الدين، فعن النبي “ص” انه قال: “عليك بذات الدين عليك بذات الدين عليك بذات الدين”، عندما استرشده أحدهم في طلب النصيحة في الزواج.
وبالنسبة الى الرجل، يتابع سماحته، فمن المفترض ان تكون المرأة متبصرة فيما تختار فلا يجب ان تذهب الى من يملك المال ولا يملك الخلُقُ، اما اذا توافر الاثنين معا فهذا جيد، ولا ينبغي ان يكون المال معياراً حاسما، اضف الى العلم الذي هو سلاح جيد ولكن وحده لا يكفي لأنه اذا لم يقترن بتهذيب النفس وإصلاحها أو بالخلق الحسن فإنه سيكون سلاحا فتّاكا ومدمراً.
ويضيف الشيخ سرور “بالإضافة إلى معايير الجمال ومعاييرَ مختلفة التي هي مرغوبة ومطلوبة بغريزة الانسان وطبيعته، لا ينبغي اغفال المعايير التي نبّه إليها الدين والتي تؤسس لأسرة صالحة ذات نواة ومنشأ صالح والتي توفر للانسان حياة هانئة في الدنيا وصلاحا له وتعطيه نجاحا ونجاة في الآخرة”.
فإذاً، إذا كان اختيار الزوجة الصالحة ضروريا وهاما؛ لأنها المدرسة الأولى للنشء، فإن اختيار الزوج لا يقل عن ذلك في الأهمية؛ فالزوج هو رب الأسرة، وهو القدوة للزوجة وللأبناء معا، وهو قائد السفينة في بحر الحياة المتلاطم الأمواج.
ملاك المغربي