نشر موقع ميدل إيست البريطاني مقالا يفيد بأن بريطانيا تعوّل -عقب البريكست- على علاقاتها المتينة بدول الخليج العربية الست من أجل الحفاظ على مركزها العالمي باعتبارها إحدى القوى الكبرى المؤثرة، مبينا أن هذا الطموح تقف أمامه عقبات كأداء.
وقال الكاتب والباحث في مجال العلاقات الدولية بكلية رويال هولواي في جامعة لندن ديفيد ويرينغ بمقاله، إن بريطانيا تتمسك بهذه العلاقات إلى حد تقديم دعم عسكري كبير للسعودية -على سبيل المثال- في حرب اليمن رغم تعرضها لانتقادات داخلية وخارجية واسعة.
وأوضح أن الاقتصاد البريطاني يشهد عجزا تجاريا متناميا، ومن شأن الاستثمارات التي يضخها حلفاؤها الخليجيون، خاصة السعودية لعب دورمهم في الحد من هذا العجز ودفع الجنيه الإسترليني للاستقرار.
وأشار الكاتب إلى أن أهمية علاقات المملكة المتحدة مع السعودية وغيرها من دول الخليج تتجاوز العوائد التي تحصل عليها من عمليات بيع الأسلحة، مشيرا إلى الصيانة والتدريب وغيرهما، مؤكدا أن دول الخليج الست مجتمعة تلعب دورا مهما في التقليل من العجز التجاري العالمي المتزايد لبريطانيا.
مصالح متبادلة
وذكر أن شهية بريطانيا تجاه رأس المال الخليجي تقابلها رغبة النخب الخليجية في تعزيز العلاقات مع حلفائها الشماليين العالميين، خاصة عقب اندلاع ثورات الربيع العربي.
وقال الكاتب إن استثمارات البترودولار لا تتدفق إلى بريطانيا بسبب تطور قطاع الخدمات المالية وقدرته على استيعابها ومعالجتها وحسب، بل لأن النخب الخليجية تدرك أن هذا البلد من القوى الكبرى القليلة القادرة على ضمان بقائها.
ديفيد ويرينغ: شهية بريطانيا تجاه رأس المال الخليجي تقابلها رغبة النخب الخليجية في تعزيز العلاقات مع حلفائها الشماليين العالميين خاصة عقب اندلاع ثورات الربيع العربي (رويترز)
ديفيد ويرينغ: شهية بريطانيا تجاه رأس المال الخليجي تقابلها رغبة النخب الخليجية في تعزيز العلاقات مع حلفائها الشماليين العالميين خاصة عقب اندلاع ثورات الربيع العربي (رويترز)
وأضاف أن استبداد السعوديين كان بسبب التدخل البريطاني والأميركي لترسيخ وتوطيد الحكم الملكي بالبلاد في فترات متفرقة على مدار القرنين الماضي والجاري، مشيرا إلى أن الثروة النفطية بالعصر الحديث دعمت الأسر الحاكمة وحافظت على التزام الدول الغربية ببقائها
نصف مبيعات السلاح للخليج
ولفت الكاتب الانتباه إلى أن طلبات تصنيع الأسلحة تضاءلت منذ نهاية الحرب الباردة، باستثناء دول الخليج التي تحصل على نصف مبيعات الأسلحة البريطانية الخارجية في الوقت الحالي. ومن جهتها، تستغل بريطانيا هذه الصادرات للتمسك بمكانتها العالمية باعتبارها إحدى القوى الكبرى المؤثرة.
ومضى يقول إن عنف الممالك الخليجية هو عنف بريطاني أيضا، ولا سيما أن الصادرات البريطانية، على غرار طائرات تايفون المقاتلة التي تدمر اليمن في الوقت الحالي، تتخذ من دول الحلفاء الخليجيين وجهة لها. وتمثل هذه الصادرات جزءا من علاقة أوسع نطاقا للتعاون العسكري بين الطرفين.
علاوة على ذلك، دعمت بريطانيا مجهودات لإسكات الحركة السلمية التي اندلعت على نطاق واسع في البحرين سنة 2011 للمطالبة بإرساء قيم الديمقراطية في البلاد. ويعتبر هذا الدعم خير دليل على التزام بريطانيا باستمرار الأنظمة المستبدة في المنطقة، وفق تعبير الكاتب.
دور دنيء
وأوضح الكاتب أن مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ركزوا على الأنظمة الملكية الخليجية باعتبارها جزءا من إعادة توجيه العلاقات الاقتصادية الخارجية البريطانية المأمولة بعيدا عن الاتحاد الأوروبي، واصفا هذا الرهان بغير الواعد في الوقت الراهن.
وقال إذا كان العالم جادا في تعامله مع الأزمة المناخية، سينهار الطلب على الوقود الأحفوري بشكل يسهم في انهيار عروض البترودولار نهائيا، مما يقود إلى هدم الأساس الكامل للعلاقات بين بريطانيا والخليج.
وخلص كاتب المقال إلى القول إن تزايد الغضب الشعبي من الحرب اليمنية ومقتل الصحفي جمال خاشقجي، قد يجعلان هذه العلاقة بين بريطانيا ودول الخليج غير قابلة للاستمرار على المستوى السياسي.