من خلال إلقاء نظرة على الروايات التي تتنبّأ بأوضاع وأحوال العالم قبل ظهور الإمام ـ عجل الله تعالى فرجه ـ نجد أنّها تكشف عن شدّة المحنة والابتلاء والاضطراب، والهرج والمرج والدمار، وعدم الأمن والظلم والقتل، بالشكل الذي تمتلئ الأرض بالظلم والجور. ومن جانب آخر يُفقد الأمن على الأموال والأنفس بين الناس، ويسيطر الخوف والفزع على الناس، بحيث تصل إلى درجة لا يأمن منها المسافر في طريقه. ومن جانب ثالث يكثر موت الفجأة، وقتل الأطفال الأبرياء بأبشع أنواع القتل…
أولاً: أخلاق الناس قبيل الظهور
1- انعدام الرحمة و العطف
2- كثرة انحراف الناس
تشبّه ارجال بالنساء ، و النساء بالرجال
ثانياً: الوضع الديني قبيل الظهور
خلاء المساجد من المؤمنين
بيع الدين بالدنيا
خروج الناس عن الدين
ثالثاً: الوضع الأمني
كثرة الجرائم و فضاعتها
تمنّي الناس للموت
ظلم و مطاردة المؤمن
موت و قتل ثلثي الناس
رابعاً: الوضع الاقتصادي قبيل الظهور
1- غلاء الأسعار و انتشار الجوع
2- قلة المطر و نزوله في غير أوانه
من خلال إلقاء نظرة على الروايات التي تتنبّأ بأوضاع وأحوال العالم قبل ظهور الإمام ـ عجل الله تعالى فرجه ـ نجد أنّها تكشف عن شدّة المحنة والابتلاء والاضطراب، والهرج والمرج والدمار، وعدم الأمن والظلم والقتل، بالشكل الذي تمتلئ الأرض بالظلم والجور.
فمن جانب نجد أنّ الروايات تؤكّد على انتشار الحروب الدموية بين شعوب العالم وكثرة القتلى ظلماً وجوراً.
ومن جانب آخر يُفقد الأمن على الأموال والأنفس بين الناس، ويسيطر الخوف والفزع على الناس، بحيث تصل إلى درجة لا يأمن منها المسافر في طريقه.
ومن جانب ثالث يكثر موت الفجأة، وقتل الأطفال الأبرياء بأبشع أنواع القتل.
ومن ناحية تنتشر الأمراض الفتّاكة والمُميتة.
ومن ناحية اُخرى تمنع السماء والأرض بركاتها، ويعمّ القحط وينقطع المطر…
ولأجل إضاءة المسألة في هذا المقام سوف نتناول أوضاع العالم قبل الظهور من خلال تقسيمه إلى ما يلي:
أوّلاً: أخلاق الناس قبيل الظهور
فقد تظافرت الروايات لبيان الحالة الأخلاقية لدى الناس، ويمكن تقسيمها إلى:
1 ـ انعدام الرحمة والعطف
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّ الساعة لا تقوم حتى يدخل الرجل على ذي رحمه يسأله برحمه فلا يعطيه، والجار عن جاره يسأله بجواره فلا يعطيه».
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «فلا الكبير يرحم الصغير، ولا القوي يرحم الضعيف، فحينئذ يأذن الله له بالخروج»([1]).
2 ـ كثرة إنحراف الناس
حيث يسقط الكثير من الناس في مهوى الرذيلة والانحراف، حيث يشيع الانحراف وينتشر بشكل لا مثيل له، ولا ريب أنّ الفساد الأخلاقي الذي أخذ يلتهم العالم بمختلف الوسائل والأساليب يعدّ خير مثال; لما تكشفه الروايات الواردة في هذا المقام.
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «لا تقوم الساعة حتى تؤخذ المرأة نهاراً جهاراً في وسط الطريق ]و[ لا ينكر ذلك أحد، ولا يغيّره، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول: لو نحّيتها عن الطريق قليلاً»([2]).
وفي رواية اُخرى يقول (صلى الله عليه وآله وسلم): «يتهارجون في الطريق تهارج البهائم، ثم يقوم أحدهم بأمه واخته وابنته فينكحها في وسط الطريق، يقوم واحد عنها، وينزو عليها آخر، ولا يُنكر ولا يُغيَّر فافضلهم يومئذ من يقول: لو تنحّيتم عن الطريق كان حسناً»([3]).
تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال:
فعن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر الباقر (عليه السلام): يابن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟ قال: «إذا تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء»([4]).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) «يتمشّط الرجل كما تتمشّط المرأة لزوجها، ويعطي الرجال الأموال على فروجهم، ويُتنافس في الرجل ويُغار عليه من الرجال، ويُبذل في سبيله النفس والمال»([5]).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «كأنّ بالدنيا لم تكن إذا ضيّعت اُمّتي الصلاة، واتّبعت الشهوات، وغلت الأسعار، وكثر اللواط»([6]).
ثانياً: الوضع الديني قبيل الظهور
وعند التأمل في الروايات الواردة في هذا المقام نجد العجب العُجاب، نتيجة لمِا تكشفه من وضع الناس تجاه دينهم وعقيدتهم، بحيث لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، ومن الإسلام إلاّ اسمه، كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «سيأتي زمان على اُمّتي: لا يبقى من القرآن إلاّ رسمه، ولا من الإسلام إلاّ اسمه، يسمّون به وهم أبعد الناس»([7]).خلاء المساجد من المؤمنين
حيث لا تعود المساجد إلاّ أماكن خالية من المؤمنين بعد ما كانت منطلق الهداية والإرشاد. فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «سيأتي زمان على اُمّتي… مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى…»([8]).بيع الدين بالدنيا
فقد نجد الناس في آخر الزمان يقدمون على بيع دينهم بثمن بخس من شهوات الدنيا وملذّاتها.
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ويل للعرب من شرٍّ قد اقترب، فِتَناً كقطع الليل المظلم، يُصبح الرجل مؤمناً عند الصباح، ويمسي كافراً، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسّك يومئذ بدينه كالقابض على الجمرة…»([9]).
خروج الناس عن الدين
من العلائم المهمة لآخر الزمان: هي خروج الناس عن دينهم وعقيدتهم، وهذا ما يكشف النقاب عنه الحديث الوارد عن الإمام الحسين(عليه السلام)، عن علي بن أبي طالب(عليه السلام) وعنده جلساؤه، فقال: «هذا سيّدكم، سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيّداً، ويخرجن رجل من صلبه شبهي شبهه في الخُلق، يملأ الأرض عدلاً وقسطاًكما ملئت ظلماً وجوراً»، قيل له:
ومتى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: «هيهات! إذ اخرجتم من دينكم»([10]).
ثالثاً: الوضع الأمني
ففي آخر الزمان سوف تسود العالم اضطرابات كثيرة في الوضع الأمني، تفقد معظم الحكومات القدرة على حفظ الأمن، كلّ هذا نتيجة ما تقترفه القوى الكبرى في العالم من جرائم واعتداء على حقوق الشعوب الأخرى ، وهذا ما يصوّره لنا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «يوشك أن تُداعى عليكم الاُمم، كما تُداعى القوم إلى قصعتهم، قال: قيل: من قلّة؟ قال: لا ، ولكنّه غشاء كغشاء السيل، يجعل الوهن في قلوبكم، وينزع الرعب من قلوب عدوّكم بحبكم الدنيا وكراهتكم الموت»([11]).
فقد بيّن (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ سبب ذلك هو حب الدنيا وكراهة الموت.
وفي حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «وذلك عندما تصير الدنيا حرجاً ومرجاً، ويغار بعضكم على بعض، فلا الكبير يرحم الصغير، ولا القوي يرحم الضعيف، فحينئذ يأذن الله بالخروج»([12]).
كثرة الجرائم وفضاعتها
وفي آخر الزمان تزداد وتكثر الجرائم بشكل لا نظير له من الوحشية والقسوة، وهذا ما يلخّصه لنا أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «…. ثم يُبثّ ـ أي السفياني ـ فيجمع الأطفال ويقلي الزيت لهم، فيقولون: إن كان آباؤنا عصوك فما ذنبنا، فيأخذ منهم اثنين اسمهما حسناً وحسيناً فيصلبهما، ثم يسير إلى الكوفة فيفعل بهم كما فعل بالأطفال. ويصلب على باب مسجدها طفلين اسماهما: حسن وحسين، ويخرج السفياني وبيده حربة، فيأخذ امرأةً حاملاً فيدفعها إلى بعض أصحابه ويقول: أفجر بها في وسط الطريق فيفعل ذلك، ويبقر بطنها فيسقط الجنين من بطن اُمّه، فلا يقدر أحد أن يغيّر ذلك»([13]).
تمنّي الناس للموت
تصل الحالة في آخر الزمان إلى درجة أنّ الناس يتمنّون موتهم لِمَا يعانونه من شدة الظلم والدمار.
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يُمرّعلى القبر رجُل فيمرّغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان هذا القبر وليس به الدين إلاّ البلاء»([14]).
ظلم ومطاردة المؤمن
فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «ينزل باُمّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم، لا يجد المؤمن ملجأً يلتجئ إليه من الظلم»([15]).
وفي حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنّ فيه: «لتأتينّكم بعدي أربع فتن: الاُولى يُستحلّ فيها الدماء، والثانية يُستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة يستحلّ فيها الدماء والاموال والفروج، والرابعة صمّاء وعمياء مطبقة تمور مور السفينة في البحر حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ. تطير بالشام، وتغشى العراق، وتخبط الجزيرة يدها ورجلها. يعرك الأنام فيها البلاء عرك الأديم، لا يستطيع من الناس يقول: مه مه لا ترفعونها من ناحية إلاّ انفتقت من ناحية اُخرى»([16]).
وعن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: «قدّام هذا الأمر قتل بيوح، قلت: وما البيوح؟ قال: دائم لا يفتر»([17]).
موت وقتل ثلثي الناس
فعن محمّد بن مسلم وأبي بصير قالا : سمعنا أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس، فقلنا له: فإذا ذهب ثلثا الناس فمن يبقى؟ فقال: أما ترضون ان تكونوا في الثلث الباقي؟»([18]).
رابعاً: الوضع الاقتصادي قبيل الظهور
وقد استفاضت الروايات في تسليط الضوء على الوضع الاقتصادي قبيل الظهور، منها:
1 ـ غلاء الأسعار وانتشار الجوع
فعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إنّ قدّام القائم علامات تكون من الله عزّ وجلّ للمؤمنين»، قلت: وما هي جعلني الله فداك؟ قال: «ذلك قول الله عزّوجلّ: (ولنبلونّكم) يعني المؤمنين قبل خروج القائم(عليه السلام): (بِشَيْء مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْص مِنَ الأَمْوَالِ والأَنْفُسِ وَالَّثمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)([19]). قال: يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم، والجوع بغلاء أسعارهم، «ونقص من الأموال» قال: كساد التجارات وقلة الفضل «والأنفس قال: وموت ذريع «والثمرات» قال: قلة ريع ما يزرع «وبشر الصابرين» عند ذلك بتعجيل خروج القائم عجل الله فرجه»([20]).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «وعن خروج السفياني، ويقلّ الطعام، ويقحط الناس، ويقلّ المطر»([21]).
2 ـ قلّة المطر ونزوله في غير أوانه
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «يأتي على الناس زمان… فعند ذلك يحرمهم الله قطر السماء في أوانه، وينزله في غير أوانه»([22]).
وعن أمير المؤمنين قال: «… ويكون المطر قيظاً»([23]).
الهوامش:
[1] ـ بحار الأنوار: 52/380/189، عن كفاية الأثر.
[2] ـ مستدرك الحاكم: 5/401 ح8692، وذكر فيه (توجد) بدل (تؤخذ) .
[3] ـ الملاحم والفتن لابن طاووس: 101.
[4] ـ إكمال الدين: 1/331/16.
[5] ـ الكافي: 8/38/7، عنه بحار الأنوار: 52/257/147.
[6] ـ الزام الناصب: 181.
[7] ـ ثواب الاعمال: 299 صدر ح4، عنه بحار الأنوار: 52/190 ح20، جامع الأخبار: 355 ح2 .
[8] ـ ثواب الاعمال: 299 ذيل ح4، عنه بحار الأنوار: 25/190/21.
[9] ـ سنن الترمذي: 4/487 ح2195 (نحوه)، جامع الأخبار: 356 ح996 (قطعة)، عنه بحار الأنوار: 22/454 ضمن ح11 .
[10] ـ الملاحم لابن طاووس: 144.
[11] ـ سنن أبي داود: 4/108/4297، المعجم الكبير: 2/101.
[12] ـ بحار الأنوار: 36/335/195، عن كفاية الأثر.
[13] ـ عقد الدرر: 94.
[14] ـ صحيح مسلم: 4/2231 ح54.
[15] ـ مصابيح السنة: 2/134، التذكرة: 615، مشكاة المصابيح: 3/24، عنها إحقاق الحق: 13/151.
[16] ـ الملاحم لابن طاووس: 21، كمال الدين: 2/371.
[17] ـ الملاحم لابن طاووس: 58.
[18] ـ إثبات الهداة: 3/510/332، كمال الدين: 2/655/29.
[19] ـ البقرة: 155.
[20] ـ كمال الدين: 2/650/3، الغيبة للنعماني: 259/6، إرشاد المفيد: 2/377.
[21] ـ جامع الأخبار: 355 ح1، عنه مستدرك الوسائل: 11/375 ضمن ح16.
[22] ـ جامع الاخبار: 355 ح1، عنه المستدرك: 11/375 ضمن ح16.
[23] ـ تفسير القمّي: 2/280، عن (رسول الله(صلى الله عليه وآله))، عنه بحار الأنوار: 6/306 ضمن ح6، والبرهان: 7/211 ضمن ح2، وفي المستدرك: 11/377 ضمن ح21، وفيه (وصار مطرهم)، عن المجموع الرائق.
المصدر: http://www.erfan.ir/arabic/90049.html