كشفت منظمة “هيومن رايتس ووتش”،امس الثلاثاء، أن السلطات الإماراتية تحتجز 5 سجناء إماراتيين على الأقل، رغم أنهم أنهوا محكوميتهم منذ مدة تتراوح بين سنة و3 سنوات.
ونقلت المنظمة الحقوقية الدولية، في تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي، عن ناشطين إماراتيين قولهم إن الرجال لا يزالون وراء القضبان تحت ذريعة “المناصحة” (تقديم توجيهات ونصائح لهم لدفعهم إلى تغيير توجهاتهم) دون أساس قانوني واضح.
جمعية الإصلاح
وقالت “رايتس ووتش” إن 3 من المحتجزين حكم عليهم بالسجن سنتين و3 سنوات و5 سنوات بتهم تتعلّق بأمن الدولة، في أعقاب ما يبدو أنها محاكمات جائرة عامي 2014 و2016، وهم الناشطون الرقميون “أسامة النجار” و”خليفة ربيعة” و”عثمان الشحي”، والأخيران عضوان في “جمعية الإصلاح”، وهي حركة سياسية إسلامية غير عنيفة مسجلة قانونا، وحظرتها الإمارات عام 2014، وصنفتها “إرهابية” ردا على الاضطرابات في تونس ومصر وأماكن أخرى؛ بالإضافة إلى “بدري البحري” و”أحمد الملا”، وهما ناشطان لهما صلات بالجمعية.
وقال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، “مايكل بَيج”، إن “حرمان المعتقلين من الحرية لسنوات طويلة بعد انتهاء أحكامهم يظهر ازدراءً صارخا لسيادة القانون”.
وأضاف: “لهؤلاء الرجال جميعهم حياة وعائلات ليعودوا إليها، وينبغي ألا يواجهوا احتمال الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، وهو أمر قاس وغير قانوني”.
ولفتت المنظمة إلى أنه سبق لها أن وثقت مزاعم خطيرة بانتهاك الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة في الإمارات، وخاصة في القضايا المتعلقة بأمن الدولة.
وقالت إن تلك الانتهامات تشمل الاعتقالات والاحتجازات التعسفية، وكذلك مزاعم التعذيب وسوء المعاملة في مراكز أمن الدولة.
تفاصيل الاتهامات
وأوضح التقرير أن “النجار” استخدم “تويتر” في حملة لإطلاق سراح والده وغيره من المعتقلين السياسيين في أبوظبي، وانتقاد إدانة 69 مواطنا إماراتيا في يوليو/تموز 2013 في محاكمة جماعية للناشطين الذين طالبوا بالإصلاحات السياسية.
واعتقلت قوات الأمن “النجار” في مارس/آذار 2014 واحتجزته دون تهمة لأكثر من 6 أشهر.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حكمت عليه محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية بالسجن 3 سنوات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية شديد التقييد، بتهم فضفاضة منها “الإضرار بالمؤسسات” و”التواصل مع منظمات خارجية لتقديم معلومات مضللة”. وكان من المقرر إطلاق سراحه في مارس/آذار 2017.
وأشار التقرير إلى أنه في مارس/آذار 2014، حكمت محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية على “ربيعة” و”الشيحي” بالسجن 5 سنوات بسبب تعليقاتهما على “تويتر” لدعم عشرات المعارضين السياسيين الذين اعتُقلوا عام 2012، وكثير منهم حوكموا جماعيا في يوليو/تموز 2013.
وقبض على الرجلين في يوليو/تموز 2013 واحتجزا انفراديا في أماكن غير معلنة لعدة أشهر قبل محاكمتهما.
ومضى التقرير بالقول إن الناشطين أدينا بموجب قانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات بتهمة الانضمام إلى “التنظيم السري” -في إشارة على ما يبدو إلى “جمعية الإصلاح”- و”إنشاء وإدارة حسابات على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، ونشر الأخبار والأفكار التي تحرّض على الكراهية وتعكر النظام العام”.
ورفضت المحكمة إصدار أمر بالتحقيق في مزاعم الرجلين بأنهما تعرضا للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، وكان من المقرر إطلاق سراحهما في يوليو/تموز 2018.
كذلك، حسب التقرير، اعتقلت قوات الأمن الإماراتية “البحري” و”الملا” في أبريل/نيسان 2014.
وفي يونيو/حزيران 2016، حكمت عليهما محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية بالسجن 3 سنوات بتهمة الانضمام إلى “التنظيم السري”، وكان من المقرر إطلاق سراحهما في إبريل/نيسان 2017.
قانون مكافحة الإرهاب
ونقل التقرير عن ناشطين إماراتيين قولهم إن الرجال الخمسة، رغم أنهم أنهوا الأحكام الصادرة بحقهم، موجودون في سجن “الرزين” بزعم توافر “الخطورة الإرهابية” لديهم؛ الأمر الذي يسمح -بموجب قانون مكافحة الإرهاب القمعي الإماراتي لعام 2014- باحتجازهم إلى أجل غير مسمى.
وتنص المادة 40 (1) من قانون مكافحة الإرهاب على أنه “تتوفر الخطورة الإرهابية في الشخص إذا كان متبنياً للفكر المتطرف أو الإرهابي بحيث يُخشى من قيامه بارتكاب جريمة إرهابية”.
وتوضح المادة 40 (2) أنه يمكن إيداع من يُنظر إليهم على أنه تتوافر لديهم الخطورة الإرهابية بأمر من المحكمة بناء على طلب من نيابة أمن الدولة، في مراكز الاستشارة أو “المناصحة”، والتي تعرفها المادة 1 بأنها “وحدات إدارية تهدف إلى هداية وإصلاح من توافرت فيهم الخطورة الإرهابية أو المحكوم عليهم في الجرائم الإرهابية”.
كذلك تنصّ المادة 41 على أنه يجوز للمحكمة إخضاع شخص يُعتبر أنه يشكل خطورة إرهابية لواحد أو أكثر من التدابير خلال المدة التي تقررها المحكمة، بما فيها المنع من السفر أو المراقبة أو حظر الإقامة في مكان معين أو منطقة محددة، وحظر ارتياد أماكن أو محال معينة، ومنع الاتصال بأشخاص معينين.
وبموجب المادة 48 من القانون ذاته، يجوز للمدعي العام وضع شخص مدان بجريمة إرهابية في “برنامج المناصحة” الذي سينفذ في السجن حيث يقضي فيه المحكوم عليه العقوبة، ويتم تنفيذ البرنامج تحت إشراف مركز المناصحة.
وبيّن التقرير أنه في قضيتي “البحري” و”الملا”، أفادت صحيفة “الاتحاد” الإماراتية في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بأن المحكمة العليا الاتحادية أيدت إدانة سابقة تقضي بوضعهما لستة أشهر في مركز للمناصحة، وإخضاعهما للمراقبة، ومنعهما من السفر للفترة ذاتها.
وقال ناشطون إماراتيون إنه رغم انتهاء مدة العقوبة لا يزال “البحري” و”الملا” في سجن الرزين بأبوظبي.
وقال ناشطون إن “النجار” و”ربيعة” و”الشحي” موجودون أيضا في سجن الرزين بعد انتهاء الأحكام السابقة بذريعة توافر “الخطورة الإرهابية”.
ودعت المنظمة، السلطات الإماراتية للتوضيح فورا ما إذا كان الرجال الخمسة المحتجزون خارج نطاق الأحكام الأصلية يواجهون تهما بسبب نشاط إجرامي معروف.
واختتم التقرير بالقول: “إذا كان الأمر كذلك، فيجب توجيه تهم إليهم وتقديمهم إلى المحاكمة في أسرع وقت ممكن. إذا لم يكن الأمر كذلك، على السلطات إطلاق سراحهم فورا”.
المصدر: https://www.alalamtv.net/news/4315241/