شنت محللة سياسية إسرائيلية هجوما لاذعا على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس جمهورية صربيا ألكسندر فوتشيتش، وقالت إنهما يتصنعان دور الضحية المستضعف.
وكتبت مستشارة السياسة الدولية داليا شندلين في مقال بمجلة فورين بوليسي أن من ينتقدون نتنياهو ظلوا يشبهونه بـ «القوميين المتعصبين ضيقي الأفق» من شاكلة الرؤساء الأميركي دونالد ترامب والبرازيلي جايير بولسونارو والتركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.
وتقول الكاتبة إنه لفهم قدرة نتنياهو على الصمود في وجه العقبات السياسية الصعبة التي يتعرض لها فإن أفضل نموذج يمكن مقارنته به هو الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش.
وكل من نتنياهو وفوتشيتش يديران «صراعات عنيفة ظلت دون حل» ينظر العالم إلى دولتيهما «القويتين» في منطقتيهما على أنهما «المعتديتان» على حد تعبير شندلين.
صراعات عميقة
وتضيف الكاتبة أن نتنياهو وفوتشيتش يروجان للعالم أن دولتيهما الضحية في صراعاتهما ضد الفلسطينيين والبوسنيين والكوسوفيين المسلمين، واستغلا مهاراتهما الخطابية في صعودهما السياسي بتصوير نفسيهما على أنهما «الضحية والمنقذ، في ذات الوقت».
وفي حين بزغ نجم فوتشيتش إبان تصدع جمهورية يوغسلافيا، استهل نتنياهو مسيرته الدبلوماسية خلال حرب لبنان عام 1982، والتي كانت فيها إسرائيل هي الدولة المعتدية، بحسب كاتبة المقال.
وبعد ذلك بقليل، وتحديدا في 16 سبتمبر/أيلول 1982، وقعت مذبحة صبرا وشاتيلا التي قتلت فيها مليشيات لبنانية مع الجيش الإسرائيلي أعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في هذين المخيمين.
أما فوتشيتش فقد كان شاهدا على هجوم القوات الصربية على إقليم كوسوفو عام 1998 قبل ثلاثة أسابيع فقط من توليه منصب وزير الإعلام.
صبرا وشاتيلا… كوسوفو
وبرر الاثنان عدوان دولتيهما على صبرا وشاتيلا وكوسوفو على التوالي بأن شعبيهما كانا هما الضحية في النزاعين. فبينما قال فوتشيتش إن الهجوم على الإقليم جاء دفاعا عن صربيا ضد جيش تحرير كوسوفو، وصف نتنياهو العدوان على لبنان بأنه كان بمثابة حرب «بقاء وصمود» في وجه الإرهاب.
كما انتقدا الإعلام الغربي عقب تلك الأحداث، واتهماه بـ «الافتراء والوقوع في فخ الدعاية» المعادية.
وللمفارقة، فإن نتنياهو خسر انتخابات عام 1999 وفقد فوتشيتش منصبه عام 2000، قبل أن يعودا مرة أخرى عامي 2009 و2012 على التوالي.
ومنذ ذلك الحين شرع كل منهما بتصوير نفسه على أنه «ضحية ظلم» مما يستدعي من الواحد منهما التغلب على الضغوط الدولية والمصالح الذاتية في الداخل من أجل إنقاذ دولته.
أسطول الحرية
وضربت كاتبة المقال أمثلة على ما تعرض له نتنياهو من انتقادات بوسائل الإعلام الدولية، بحادثة هجوم قوات إسرائيلية على أسطول الحرية عام 2010 الذي كان يهدف لكسر الحصار على قطاع غزة.
وفي وقت وقوع ذلك الهجوم، كان نتنياهو في زيارة خارجية لكنه سرعان ما عاد ودعا إلى مؤتمر صحفي وصف خلاله الانتقادات الدولية لإسرائيل بأنها «ضرب من النفاق الدولي».
وتشير الكاتبة في مقالها إلى أن الإسرائيليين «تشبثوا» بالفكرة القائلة إنهم يمثلون إرادة الخير التي جسدها نبيهم داود مقابل إرادة الشر لدى عدوه «جالوت».
وترى أن الذكاء الحقيقي لفوتشيتش ونتنياهو يتجلى في قدرتهما على لعب دور «الضحية المنتصرة» وأنهما يتعرضان «للظلم بسبب إخلاصهما وولائهما لشعبيهما ودفاعهما عن الوطن».
وفي إطار تلك الحجج تكون مزاعم الفساد والمحسوبية والاستبداد، وهي تهم في نظر الشخصيتين لا تعدو أن تكون «أداة في يد أعدائهما».
ورغم كل ذلك، فإن كلا من فوتشيتش ونتنياهو يتمتعان -بحسب مقال فورين بوليسي- بقاعدة جماهيرية تدعمهما لإنجازاتهما «حتى لو أنها لم تجلب لهما منافع شخصية باعتبارهما مواطنين عاديين».
المصدر: https://ar.shafaqna.com/AR/193527/