باستثناء تجار وامراء الحروب من المرتزقة الذين يستفيدون من العدوان السعودي على اليمن يتشوق اليمنيون جميعا لايجاد حل سياسي لازمتهم الداخلية وايقاف الحرب على بلادهم وينتظر الجميع مباحثات السويد بفارغ الصبر لعلها توقف التدخلات الخارجية وتعيد للبلاد شيئا من السعادة التي فقدتها في هذه الحرب الظالمة.
فعلى قدم وساق تجري الامم المتحدة التحضير لمباحثات السويد التي ستعقد في الايام القلية القادمة بين الاطراف اليمنية غير ان هذه المباحثات ورغم قلة فرص نجاحها لازالت تعترضها العديد من العراقيل وابرزها التعنت السعودي في السماح بنقل الوفد الوطني من صنعاء الى السويد وتامين رحلة ذهابه وعودتها واكدت الاطراف اليمنية في صنعاء جميعا على استعدادها التام للمشاركة في هذه المباحثات وتقديم العديد من التنازلات والحلول لانجاحها اذا كان الطرف الاخر يرغب في السلام غير ان الجميع اكد ان السعودية والامارات لازالتا تعملان على ايجاد العراقيل وتسعيان الى استمرار الحرب. كما اتهم محمد عبدالسلام رئيس الوفد الوطني المفاوض الامم المتحدة ومبعوثها بالعجز وعدم اظهار اي رؤية او اطار سياسي للمفاوضات والمباحثات. وتاتي هذه الخطوة بعد الغموض الذي طرى على عملية نقل الجرحى والوفاء بموضوع فتح مطار صنعاء الذي كانت الامم المتحدة ومبعوثها قد تعهدوا به ووافق على ذلك الجانب السعودي والاماراتي غير ان الايام القليلة الماضية اظهرت شيئا من التنصل وعدم الوفاء بما تم الاتفاق عليه.
عملية الاسرى و المحتجزين هي الاخرى تواجه تعنتا شديدا من قبل الطرف السعودي والاماراتي حيث اعلنت اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى في صنعاء عن فشل المفاوضات مع الجانب السعودي بعد ان كانت قد وقعت عبر الامم المتحدة بعد مفاوضات لاشهر على اتمام عملية تبادل الاسرى والمحتجزين جميعا وقالت اللجنة في بيان ان الجانب السعودي نكث بالاتفاق الموقع ورفض عملية التبادل. وتشير هذه الوقائع الى مساع سعودية اماراتية لعرقلة مفاوضات السويد قبل ان تبدا من خلال رفضها الاتفاقيات التمهيدية في اطار حسن النوايا المقدمة من الجانبين.
واضافة الى العراقيل السعودية الاماراتية فان البيان الذي اصدرته حكومة عبدربه منصور هادي ايضا لا يوحي ان هذه المجموعة المستفيدة من استمرار الحرب تريد السلام حيث حاول هادي المغالطة من خلال تاكيده على ما سماها المرجعيات الثلاث المتمثلة في ما يسمى بالمبادرة الخليجية وهذا يعني ان الجانب السعودي لازال يضغط على منصور هادي او يامره بعدم تقديم اي تنازل لحل الازمة الداخلية والعودة الى طاولة الحوار الجادة لايجاد حلول عملية للازمة وايقاف العدوان على الشعب اليمني.
واذا ما رفعت هذه العراقيل التي تعترض جهود انطلاق مباحثات السويد وانطلقت هذه المفاوضات خلال الايام القليلة القادمة فان فرص الحلول ايضا لازالت بعيدة نظرا للعوامل الخارجية في هذه الازمة والدور الكبير التي تلعبه واشنطن والرياض في هذه الحرب وتاجيج الصراع في اليمن. وقد اكدت تصريحات وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس ووزير الخارجية مايك بومبيو اثناء احاطتهم الاخيرة في الكونغرس اصرار الادارة الاميركية على استمرار الحرب في اليمن ودعمها لهذه الحرب كما هدد البيت الابيض بالفيتو ضد اي اجراء يتخذه الكونغرس في اطار ايقاف الدعم الاميركي لهذه الحرب كما اختفى المشروع البريطاني الذي كان من المقرر ان يعرض على مجلس الامن بعد ان قامت واشنطن بعرقلته وطالبت بتاجيله. ويعتقد العديد من المحللين ان هذه التصريحات وهذه المواقف من قبل الاميركان دليل قاطع على عدم وجود حتى حسن نية لهم او للسعوديين لايقاف العدوان واصرارهم على استمرار حربهم على اليمن رغم الاوضاع الانسانية السيئة للغاية.
وفي السياق نفسه فان طاولة المفاوضات في السويد اذا انعقدت طبعا سوف تكون بين الاطراف اليمنية ويغيب عنها الجانب الاميركي والسعودي الذين يشكلون راس الحربة في العدوان والحرب وبيدهم خيوط استمرار الحرب او ايقافها لكنهم لا يظهروا خلال المفاوضات ويدفعون بادواتهم من اليمنيين الذين لا يوجد بايديهم اي حلول للازمة ويشكل غياب الاميركان والسعوديين والاماراتيين عاملا مهما في افشال هذه الجولة من المباحثات. وقد علق عبدالملك العجري عضو الوفد الوطني على هذا الموضوع وقال ان الأطراف المحلية التي كانت طرفاً في الصراع قبل الحرب العدوانية وَتدخُّل التحالُف السعودي؛ بحُجَّة مساعدتها، لم يعد لها وجود أَوْ لم تعد فاعلاً في الصراع، وتمت تصفية ما تبقى لها من سلطة ودور وقرار تماماً لذلك فان عدم حضور الجانب السعودي والاميركي الى طاولة الحور يعني فشل مفاوضات السويد مشيرا ان على واشنطن والرياض ان تترك التستر بالاخرين وان تخضع مخاوفهم ودوافعهم للنقاش على الطاولة بدلاً عن التستر بقضايا مضللة مؤكدا جهوزية الوفد الوطني لمحاورة كل الأطراف ومناقشة كل القضايا.
وفي هذا الاطار فان عملية السلام في اليمن لازالت بعيدة حسب العديد من المراقبين نظرا للعوامل المتمثلة في العراقيل والازمات التي تضعها واشنطن والرياض وابوظبي في طريق عملية السلام التي ينتظرها اليمنيون بفارغ الشوق لعلها تضمد جراح اطفالهم ونسائهم الذين كانوا اكثر المتضررين من هذا العدوان الذي لم يرع اي قانون اخلاقي او انساني.
عبدالرحمن راجح – كاتب واعلامي يمني