فوجئت الجهات ، وخاصة الدول الخليجية الثرية ، التي تقف وراء محاولات زرع اليأس والاحباط والخنوع والاستسلام ، على الشارع العربي ،بهدف دفعه الى قبول “اسرائيل” ككيكان يمكن التعايش معه ، والرضوخ للانظمة المطبلة للتطبيع مع “اسرائيل” ، بالهبة البطولية لهذا الشارع ، الذي انتفض انتصارا لمظلومية الشعب اليمني ، المغيب والمحاصر والمجوع ، منذ اكثر من ثلاث سنوات .
تبلورت هذه الهبة ، انتصارا لليمن وفلسطين ولحرية التعبير ، على شكل تحركات شعبية في تونس والجزائر وموريتانيا ومصر ، ضد الجولة التي يقوم بها ولي عهد السعودية محمد بن سلمان لهذه الدول ، والتي ترى فيه شعوب هذه البلدان ، الشخص المسؤول عن المآسي التي يعيشها اليمن ، وعن تمرير صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية ، وعن محاولات خنق المقاومة اللبنانية والفلسطينية ، وعن محاصرة ايران الاسلامية ، وعن خنق الصحفيين والاعلاميين المنتقدين لسياسته المتهورة ، وآخرهم الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
في تونس رفض التونسيون زيارة بن سلمان لبلدهم ، واصفين بن سلمان بالمنشار ، والزيارة بالعار ، وانتشرت في شوارع تونس ، صورا لابن سلمان وبيده منشار ، فيما رفع عدد من النواب التونسيين شعار “لا أهلا ولا سهلا بالقاتل بن سلمان في تونس” ، مؤكدين على ان الزيارة تهدف إلى تلميع صورته على حساب صورة تونس.
وفي موريتانيا أعلن حزب الرّفاه رفضه زيارة ابن سلمان إلى نواكشوط واعتبرها محاولةً غير نزيهة لتنظيف أيدٍ مصبوغة بدم الأطفال والنساء العرب، وأدان الحزب دور ابن سلمان في تغذية الحرب العدوانية على سوريا، وحرب الإبادة الجماعيّة في اليمن ودوره المشؤوم في محاولة تصفية القضية الفلسطينية.
وفي الجزائر دعا رئيس حركة البناء الوطنيّ عبد القادر بن قرينة الخارجية إلى إعادة النظر في ترتيب زيارة ابن سلمان، قائلاً إن الزيارة تأتي في ظلّ اختلاف كبير بين الجزائر والمملكة في قيادتها للحرب على اليمن وما جرّته من ويلات على الشعب اليمني.
وفي مصر ، أعلنت اللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع عن رفضها لزيارة ابن سلمان، مشيرة إلى أنّ “نظام آل سعود رأس مشروع أميركي حالي لإقامة تكتّل عربي رسمي فاقد للشرعيّة الشعبيّة” ،منددة ب” الحرب الإجرامية والفاشلة للزائر على الشعب اليمني المظلوم”.
لا يمكن تلمس مدى قوة هذه الهبة للشارع العربي ، الا اذا عرفنا حجم الاموال الطائلة التي انفقت خلال الفترة الماضية من اجل ادخال هذا الشارع في غيبوبة عن واقعه العربي وقضاياه المصيرية ، ومن خلال شراء الذمم ، ومن خلال تجنيد شركات عملاقة في العلاقات العامة لتبييض صفحة زعماء التحالف الذي يشن الحرب على اليمن وفي مقدمتهم ابن سلمان وابن زايد.
ما كان بامكان هذا الشارع ان يقف مكتوف الايدي وهو يرى الدم اليمني يسفك منذ اكثر من ثلاث سنوات ظلما وعدوانا ، حتى وصل عدد الشهداء الى عشرت الالاف واغلبهم من الاطفال والنساء ، كما انه يسمع صراخ الاطفال وهم يتضورون جوعا ، حتى قارب عدد من اسكته الموت من هؤلاء الاطفال نحومائة الف طفل.
الاصوات التي اخذت تتعالى انتصارا للشعب اليمني في الشارع العربي، اكدت ان الدم اليمني ايقظ هذا الشارع ، الذي كان جانبا كبيرا منه يتعامل مع القضايا العربية المصيرية ، كأنها قضايا تحدث على كوكب آخر ، ولكن اليوم وبفضل الدماء الزكية للشعب اليمني ، بات من الصعب على منفذي السياسات الامريكية “الاسرائيلية”في منطقتنا ،ان يواصلوا جرائمهم ضد الشعب اليمني ، اوان يبيعوا فلسطين ، او ان يتآمروا على المقاومة في لبنان والمنطقة ، او ان يحاصروا ايران ، دون ان يدخلوا في مواجهة مع هذا الشارع.