لعل عملية منطقة بركان حملت رسالة تقول إن المراهنة على هدوء المقاومة في الضفة الغربية المحتلة رهان خاسر؛ فالعملية التي تحمل في طياتها العديد من التفاصيل، سببت قلقا كبيراً للكيان بسبب تمكن المنفذ من مغادرة مكان العملية بسلام.
القناة العبرية 14 ذكرت أن الشاب المنفذ كان يعمل في مصنع إعادة تدوير يتبع لمستوطنة بركان، ويعرف تفاصيل المكان والمداخل والمخارج، ودخل إلى موقع إدارة المنطقة الصناعية، وصعد إلى الطابق الثاني، وأطلق النار على عدد من المستوطنين قتل اثنين وأصاب ثالثًا، ومن ثم انسحب من المكان.
وبينت أنه لم تكن لدى أجهزة الأمن أي معلومات استخباراتية؛ إذ إن منطقة بركان تعدّ من الأماكن المحصنة أمنياً.
وأعلن نائب رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية “دافيدي بن تسيون” أن منفذ العملية لم يطرَد، وكان يحمل تصريح عمل من الجيش والشاباك.
وبحسب أحد العمال الذي تحدث لصحيفة هآرتس؛ فإن الشاب منفذ العملية كان يعمل فنيّ كهرباء في مصنع لإعادة تدوير القمامة منذ أربعة أشهر، حيث لم يتعرف عليه العمال الإسرائيليون جيدا خلال هذه المدّة.
ووفقا للعامل؛ فإن المنفذ لم يأتِ إلى العمل خلال الأسبوعين الماضيين مدعيا أنه كان مريضا، مرجحا أن المنفذ قد خطط لتنفيذ العملية خلال الوقت الذي غاب فيه عن العمل.
هجوم منفرد
وأشارت القناة إلى أنه تبين أن السلاح من نوع كارلو، حيث أدخله المنفذ عبر حقيبة كان يحملها على ظهره، وهي قطعة من صنع محلي، وأنه لم تفتشه قوات الأمن رغم غيابه خلال الأسبوعين الأخيرين عن العمل.
ونفى الجيش الإسرائيلي أن يكون العامل قد طرد من عمله، أو أن يكون انتهى تصريحه الأمني الخاص بالعمل.
وتشير التقديرات لدى الجيش أن المنفذ نفذ هجومه بمفرده دون أي مساعدة، وقرر الجيش التعزيز من قواته ونشر كتيبتين لملاحقة منفذ العملية، خاصةً وأن السلاح لا يزال بحوزته ويشكل خطرًا.
وفي تفاصيل العملية؛ ذكر موقع “واللا” أن منفذ عملية إطلاق النار استغرق حوالي 10 دقائق لتنفيذ العملية.
وتشير التحقيقات أن خللا حدث في سلاحه منعه من الاستمرار في إطلاق النار.
يشار أيضا إلى أن ضجيج الآلات التي تعمل في المصنع منع العمال الآخرين من سماع صوت إطلاق النار، الأمر الذي سمح له بالانسحاب من المكان بسرعة دون أن يعترضه أحد.
أور هيلار، مراسل القناة العاشرة، نقل عن “رئيس هيئة الأركان” الذي وصل برفقة ما يسمّى قائد القيادة المركزية نداف بادان، قوله: إن “الوحدات الخاصة يمام والشاباك و دوفدوفان وكتيبة لوتار وعوكيتس وكتيبة السامرة، تحاول البحث عن منفذ عملية بركان التي وقعت صباح امس، وقررنا الدفع بكتيبتين للضفة لملاحقة المنفذ”.
مصدر عسكري إسرائيلي لقناة “كان” قال: “أجهزة أمن السلطة يشاركون في الجهود المبذولة لإلقاء القبض على منفذ عملية مستوطنة بركان، مع العلم أن المنطقة التي حصلت فيها العملية هي منطقة “سي” أي تحت المسؤولية الإسرائيلية”.
بركان الضفة
محلل الشؤون العبرية في “المركز الفلسطيني للإعلام”، قال: إنه رغم عدم كثافة العمل المقاوم في الضفة الغربية بسبب التعاون الأمني بين السلطة والكيان، إلا أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن الضفة الغربية لم ولن تهدأ وهي عصية على الترويض.
وتابع أنه من الواضح أن الشباب المقاوم في الضفة الغربية يبحث عن أي وسيلة تؤلم الكيان.
وبيّن أنه وحسب المؤشرات الأمنية للكيان؛ فإن الضفة الغربية قد تكون ملغمة بالشبان المستعدين للقيام بالعمليات النوعية الفردية، كذلك فإن أجهزة السلطة سرّبت للشاباك معلومات حول هذا المفهوم بالنسبة لواقع الضفة الغربية الحالي.
وأشار المحلل إلى أن منطقة وقوع العملية لها دلالات عديدة؛ من أهمها أن المنطقة فيها عدة بؤر استيطانية أبرزها أرئيل وبركان، وقد سلبت آلاف الدونمات من الفلسطينيين، وخلّفت لهم الكوارث والملوثات البيئية الناجمة عن المصانع، كمستوطنة بركان التي تعدّ منبع السموم التي تتسرب للمزروعات الفلسطينية في منطقة سلفيت هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تعدّ منطقة حساسة أمنيا نظرًا لعدد المستوطنين وحجم الاحتكاك مع الفلسطينيين.
ويرى “محلل المركز” أن منفذ العملية خطط جيدا لتنفيذ عمليته؛ فبحسب المصادر من داخل المصنع أنه التحق بالعمل منذ مدّة لا تتجاوز أربعة أشهر، ما أهّله لمعرفة تفاصيل المكان، وهذا يشير إلى نضج التفكير المقاوم في الضفة، وفق قوله.
ووفق متابعته؛ قال المحلل: إن هناك تقديرات صهيونية تؤكد أن العملية سيتضاعف نجاحها وخطرها حسب طول مدّة بقاء منفذ العملية طليقا، ما قد يشجعه لتنفيذ عمليات أخرى قبل أن يتمكن “شاباك” من معرفة مكانه بمساعدة أجهزة السلطة.
وأشار المحلل إلى أن هذه العملية مع سلسلة العمليات السابقة تؤكد أن الاستيطان والمستوطنات لن تكون بأمان، وأن ما يتناقله إعلام الكيان عن هدوء الضفة المحتلة وأن جيش الكيان يحمي قطعان المستوطنين ويوفر لهم الأمن هو محض خيال.
المركز الفلسطيني للإعلام