فيما يُواصل تحالف العدوان السعودي عدوانه المدمّر ضد الشعب اليمني الاعزل وبينما تستمر آلته الحربية في البر والجو والبحر بخنق البلد وفرض الحصار عليه وحرمان اطفاله ونسائه من الغذاء والطعام تحذر المنظمات الدولية والانسانية من احتمال ان يشهد هذا البلد الفقير مجاعة حقيقية تؤدي الى وفاة المزيد من اليمنيين.
وكالات تابعة للأمم المتحدة قالت إنّ نحو 1.5 مليون طفل في اليمن مصابون بسوء التغذية، ونصف السكان يعانون من الجوع فيما يؤكد خبراء الامم المتحدة أن تسارع الإنهيار الإقتصادي في اليمن أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بنسبة 30٪ في الوقت الذي وجد فيه ملايين اليمنيين صعوبة بالفعل في إطعام عائلاتهم.
وأعرب هؤلاء الخبراء عن قلقهم بشأن تأثير المعركة التي تدور رحاها في المنطقة ولاسيما في اطراف الحديدة على الإمدادات التي تصل إلى المناطق الداخلية في بلد يعتمد على استيراد المواد الغذائية بنسبة 90٪.
تجدر الإشارة إلى أن القتال الدائر للسيطرة على ميناء الحُديدة من جانب تحالف العدوان السعودي الاماراتي ومرتزقته أدى إلى الحد من قدرة الميناء وإغلاق مصانع الحبوب والطريق الرئيسي المؤدي إلى العاصمة صنعاء، وهو الأمر الذي يهدد شريان الحياة الذي سمح لوكالات الإغاثة بالوصول من خلاله إلى 8 ملايين شخص ودرء المجاعة حتى هذا العام.
ويعيش الآلاف من اليمنيين في مديريات ومدن الساحل الغربي على وجبة واحدة، وفاقمت الحرب كارثتهم الإنسانية، وأجبرهم القتال المحتدم منذ أشهر على مغادرة منازلهم وقراهم وباتوا يعيشون في العراء.
يقول عبد الجبار محمود، وهو مسؤول محلي في منطقة البدوة – التي تدور على مقربة منها معارك مستمرة في مزارع النخيل منذ مايو/أيار الماضي- إن “السكان الفقراء نزحوا إثر شن الطيران الحربي التابع لتحالف العدوان السعودي الإماراتي غارات مكثفة على المنازل والمزارع، وهم لا يملكون طعاما، بعضهم اضطر لتناول بذور وأوراق الأشجار التي لا تصلح للأكل”.
وكان المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي دافيد بيسلي قد حذر في وقت سابق من حدوث مجاعة مدمرة في اليمن بسبب استمرار الحرب وصعوبة إيصال المواد الغذائية، منتقدا في الوقت نفسه استهداف مخازن الغذاء التابعة لبرنامج الغذاء العالمي.
وأشار بيسلي في بيان إلى سلسلة من الهجمات استهدفت خلال الفترة الأخيرة العمال والشاحنات والمستودعات والصوامع التي تحمل الحبوب، وهي مساعدات حاسمة في منع البلد من الانحدار إلى مجاعة كاملة.
وفي هذا الإطار، ذكر بيسلي أن برنامج الغذاء العالمي -الذي يعنى بمكافحة الجوع عبر العالم- تمكن عام 2017 من إطعام ما بين ستة ملايين إلى سبعة ملايين يمني يعانون من الجوع الشديد كل شهر.
ونتيجة للوضع المزري الذي يعيشه اليمنيون والعجز الذي تعاني منه المنظمات الدولية لايصال المساعدات الانسانية لمن يحتاجها من اليمنيين اعترف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك إن “المنظمة الدولية هزمت في حربها على المجاعة باليمن، وإن الوضع في البلاد سيئ جدا”. وأشار لوكوك في جلسة لمجلس الأمن بشأن اليمن إلى أن “تكثيف المعارك قرب الحديدة بدأ يخنق القناة الوحيدة التي تعتمد عليها أسواق البلاد”.
وفي سبيل التصدي للمجاعة التي ستضرب اليمن اقترح المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي دافيد بيسلي “فتح نقاط دخول جديدة للواردات الغذائية الإنسانية والتجارية، وإلى التدفق الحر للأغذية التجارية والإنسانية داخل البلاد”.
منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليزغراندي هي الاخرى طالبت بفتح المطارات وتسهيل حركتها في اليمن كما دعت الى فتح جسر جوي من صنعاء لعدن لمساعدة المرضى للسفر للخارج كما اكدت الحاجة لعمل جميع المرافق.
وكانت ليزغراندي قد حذرت من أن استمرار الأوضاع بهذه الحالة قد يعرض 12 مليون يمني للمجاعة. وأعلنت غراندي أن “10 ملايين يمني قد يواجهون أوضاع ما قبل المجاعة”، متابعة “نحن نخسر معركة مكافحة المجاعة في اليمن”. مشيرة الى ان “70% من المؤسسات الصحية في اليمن لا تملك الدواء، والاقتصاد ينهار، والخسائر كبيرة”.
وأضافت المنسقة الأممية أن “75% من السكان أي نحو 22 مليون مدني بحاجة إلى مساعدة إنسانية وحماية ما، و80% من الأطفال بحاجة إلى المساعدة، وان طفلا واحدا على الأقل يموت كل 10 دقائق جراء الحرب”.
ويرى المراقبون ان الأوضاع الكارثية التي يعيشها اليمن لن يساعد في علاجها حلول ترقيعية، وان وقف مسلسل النزيف الانساني في هذا البلد يكون عن طريق واحد هو وقف العدوان على اليمن.