خصصت صحيفة “الغارديان” افتتاحيتها، التي جاءت تحت عنوان “معسكرات الصين أصبحت أخيرا في مركز الضوء”، للحديث عن وضع الأقلية المسلمة في الصين.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها “عربي21″، إلى أن الأدلة تتزايد عن الاعتقالات العشوائية للأقلية المسلمة في شمال غرب الصين، وعلى قاعدة صادمة، لافتة إلى تحذيرات مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والأطراف الأخرى من الوضع.
وتقول الصحيفة: “أمر لا يصدق، ومع ذلك تتزايد الأدلة أسبوعا تلو أسبوع على أن هناك حوالي مليون شخص في إقليم تشنجيانغ اعتقلوا في ظروف غير قانونية لإعادة تثقيفهم، حيث أجبر المعتقلون على كتابة شهادات نقد للذات، والقيام بإنشاد الأغاني الوطنية، والهتاف بالشعارات التي تمجد الحزب الشيوعي الصيني”.
وتورد الافتتاحية نقلا عن معتقلين سابقين، قولهم إنه تم اعتقال أشخاص لأنهم سافروا للخارج، أو لممارستهم شعائر دينية، أو بسبب عدم إتقانهم اللغة الصينية، وتم اعتقال الكثير منهم لأجل غير مسمى، مشيرة إلى أن معظم من اعتقلوا هم من إثنية الإيغور، الذين يشكلون أقل من نصف سكان المنطقة، البالغ عددهم 23 مليونا، أو ينتمون للقزق وبقية الأقليات المسلمة، وبحسب تقرير اعتمد على مصادر موثوقة، فإن هناك حصصا قد حددت لبعض المناطق.
وتجد الصحيفة أن “معسكرات الاعتقال هي الملمح الأكثر صدمة في عملية قمع شاملة، وصفتها منظمة (هيومان رايتس ووتش) هذا الأسبوع بأنها تصل إلى درجة خرق حقوق الإنسان لم تشهدها الصين منذ الثورة الثقافية، التي أطلق لها العنان في عام 1966، وبحسب جماعة المدافعين عن حقوق المسلمين الصينيين، فإن الأرقام المجموعة تظهر أن خمس الاعتقالات العام الماضي حدثت في إقليم تشينجيانغ، والثمن الإنساني فادح كما كشف تقرير جديد لـ(الغارديان)”.
وتقول الافتتاحية إن “العذاب لا ينتهي مع الإفراج عن المعتقلين، فالصدمة تلاحقهم، حيث يخافون من الاعتقال مرة أخرى، وقد تحول إقليم تشينجيانغ إلى دولة سرية رقمية، تنتشر فيها نقاط التفتيش والكاميرات التي تراقب حركة الناس وتكنولوجيا التعرف على الوجه، وكانت الصين دائما تمارس سياسة اليد الحديدية على الإقليم، من خلال القيود على الدين والثقافة، لكن بعد الهجمات التي حدثت عام 2014، التي أدت إلى مقتل العديد، بالإضافة إلى عمليات انتحارية وهجمات السكاكين على محطة قطارات، فإن الصين أعلنت حملة عقوبات قاسية، أسمتها (حملة الضربة القوية)، إلا أن الحملة التي أعلن عنها العام الماضي ذهبت بعيدا، وكما قال أحد الباحثين محذرا فإنه (تم تجريم ثقافة بالكامل)”.
وتلفت الصحيفة إلى أن “الصين تزعم أن رقم مليون شخص معتقل غير صحيح، وأنه (لا يوجد شيء) يطلق عليه مراكز إعادة التعليم، وأن السكان في الإقليم يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، لكنها اعترفت بأن بعض سكان تشينجيانغ اعتقلوا بسبب اتهامات بالإرهاب، ونقلوا إلى مراكز (التعليم المهني)، وتشير الصور التي التقطت بالأقمار الصناعية والوثائق الحكومية الأخرى إلى أن بعض المراكز لها أبراج مراقبة ومحاطة بالأسلاك الشائكة، واعترفت مصادر رسمية أخرى بوجود عملية (تحويل عبر التعليم)، التي يقول المسؤولون إنها (مثل العلاج المجاني في المستشفى لمن لديهم تفكير مريض)”.
وتنوه الافتتاحية إلى أنه تم الصمت على هذا كله حتى وقت قريب، بما في ذلك من الدول ذات الغالبية المسلمة، وقال السياسي الماليزي الذي سيتولى منصب رئاسة الوزراء، أنور إبراهيم: “إنهم خائفون، ولا أحد يريد قول شيء”، فيما قالت الولايات المتحدة إنها “قلقة بشكل عميق” من القمع، وتفكر في فرض عقوبات على مسؤولين وشركات صينية، مشيرة إلى أن مفوضة حقوق الإنسان مييشيل باشلت، استخدمت أول خطاب لها لحث الصين على السماح للمراقبين بإمكانية الوصول إلى المعلومات في “ضوء التقارير المثيرة للقلق”، وردت الصين عليها بضرورة احترام سيادتها، واتهمت الولايات المتحدة بالتحيز.
وتختم “الغارديان” افتتاحيتها بالقول إن “معسكر تشينجيانغ يعكس تحولا للقمع اتخذته الصين في السنوات الماضية، ونظرا لأهمية الإقليم الجيواستراتيجية، في سياق مبادرة الحزام والطريق، التي تمر في وسط آسيا، لكن انتعاش المعسكرات يعكس أيضا السرية التي تحيط بها، واللامبالاة التي يتم التعامل فيها، الأمر الذي لا يمنح الصين أي حافز لتعديل مسارها، ويجب أن يكون هذا بداية لضغوط دولية، وليس نهاية لها”.