من المفارقات العجيبة أن الدول الاسثعمارية الثلاث امريكا وفرنسا وبريطانيا المسؤولة تاريخيا عن كل النكباث والكوارث التي لحقت بالامة العربية والملطخة ايديها بدماء الشعب السوري منذ اندلاع الحرب الكونية على سوريا عام 2011 هي ألاكثر تباكيا على أرواح ومصائر اهالي محافظة أدلب.
هذا التباكي المزعوم والمفضوح ذكرني بطرفة كنت قد قرأتها ايام الشباب في احدى الادبيات الثورية ومفادها أن احد ألاشخاص ألذين كانوا يترددون على احد ألمجالس الارستقراطية امتعض لان اعضاء هذا المجلس لم يكونوا يعيرونه اي اهتمام عندما يتحدث بل وحتى يتجاهلون وجوده، لذلك فقد دخل على المجلس في احد الايام وهو يضع وساما على صدره علهم يعيرونه انتباههم ويغيرون من اسلوب تعاملهم معه الا انه فوجئ لدى دخوله بانهم عوضا عن ذلك انفجروا بضحك شديد فبادرهم بالقول لماذا تضحكون ألم تروا في حياتكم رجلا يضع وساما على صدره ؟ فأجابوه نعم راينا ولكننا لم نررجلا يضع على صدره وسام الام المثالية.
هذا هو حالنا للاسف اليوم مع هذا الثالوث غير المقدس ترامب ماكرون ماي الذين يحاولون اليوم وبكل ما اوتوا من قوة عرقلة ومنع الجيش العربي السوري وحلفائه من أستكمال مسلسل أنتصاراته وتتويجها بانتصار استراتيجي في محافظة أدلب بذريعة الحرص على ارواح مئات الاف الناس وهم الذين دمروا مدينة الرقة عن بكرة ابيها وقتلوا وجرحوا على الاقل عشرات الاف المدنيين والعسكريين السوريين في غارات جوية مقصودة المرامي والاهداف بحجة مكافحة الارهاب في حين ان حرصهم الوحيد هو على الجماعات الارهابية المسلحة الذين يصنفونها هم أنفسهم بالارهابية لتضليل وخداع شعوبهم ومع ذلك يدعمونها بالمال والسلاح ويمنعون انهيارها لاهداف وغايات استعمارية.
فهؤلاء قدموا لتلك العصابات الارهابية كميات هائلة من السلاح بشكل مباشر او عبر شركات أمنية تشرف عليها اجهزة مخابراتهم وبواسطة دول تابعة لهم مثل السعودية وقطر والامارات واحتلوا اجزاء من الاراضي السورية تحتوي على كميات ضخمة من الغاز والنفط في شرق الفرات واقاموا فيها قواعد عسكرية جوية وبرية تارة بحجة حماية الاكراد وتارة اخرى بذريعة ضمان تسوية سياسية متوازنة للصراع.
في حين ان الهدف الاساس كان ولا يزال هو منع معسكر المقاومة من تامين الطريق البري الواصل بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت لضمان المصالح الاسرائيلية ومنع روسي من اروسيا من المساك بملفات الشرق الاوسط واستكمال بناء عالم متعدد الاقطاب ومؤخرا اعلن ترامب بوضوح ان القوات الامريكية ستبقى في سوريا حتى بعد القضاء على داعش للحصول على جزء من ثروات سوريا.
وأخيرا وليس اخرا فان الامر شبه المؤكد وآمل ان اكون مخطئا وتحدث انهيارات سريعة بان معركة ادلب التي بدات اليوم على ما يبدو بقصف مركز من الطيران الروسي على مواقع الارهابيين في المحافظة سوف تتصاعد في الايام القادمة وستكون صعبة ومعقدة وربما طويلة ومدمرة ومكلفة نظرا لوجود عشرات الاف المسلحين المزودين باحدث انواع الاسلحة الامريكية والغربية فيها واستعدادهم للقتال حتى الموت لأن لا معقلا اخيرا لهم بعدها. وفي الخلاصة ومع ثقتي الراسخة بان النصر سوف يكون حليف الجيش العربي السوري وحلفاؤه في نهاية المطاف الا انني لا استطيع ان استبعد بالمطلق امكانية ان تتدحرج الامور الى نوع من المواجهة بين القوات الروسية والحليفة من جهة وقوى العدوان الثلاثي الانجلو – فرنسي من جهة ثانية على خلفية هذه المعركة المفصلية ناهيك عن عدم استبعاد امكانية تحولها الى حرب اقليمية سيما بعد تهديد وزير الحرب الاسرائيلي ليبرمان باستهداف القوات الايرانية في العراق. سننتظر ونرى.
* محمد النوباني ـ رأي اليوم