قصف مطار دبي بطائرة صماد 3 اليمنية المسيرة الإثنين الماضي، كان بثمابة صفارة إنذار لهروب الإستثمارات الدولية من العصب الاقتصادي للإمارات، ليعقبه قرار الامم المتحدة الذي صدر يوم أمس الثلاثاء ليشجب جرائم التحالف السعو-إماراتي على الشعب اليمني.
وبالرغم من ان التقرير الخجول جاء متأخرا، إلا انه يعكس جانبا من الأوضاع المزرية التي سببتها كل من السعودية والامارات في عدوانهما المستمر على اليمن منذ قرابة الاربعة أعوام.
أما التحالف الذي يواصل إرتكاب جرائم الحرب على الشعب اليمني وحكومته الشرعية منذ قرابة الأربع سنوات، لم يبق اليوم منه سوى التسمية التي تحاول تبرير الهجمات الهمجية على الشعب اليمني واظهار السعودية والإمارات بمظهر المنتصر في الحرب، لكن مسؤولي التحالف السعو-إماراتي يعلمون قبل غيرهم أن جرائمهم ضد الشعب اليمني لايمكن التعتيم عليها وأن هزيمتهم أمر لا بد منه.
ولم تمض سوى أيام على جرائم التحالف المروعة في هجماته الجوية على مشفى صنعاء، واستهداف حافلة طلاب المدارس في صعدة، وزوارق الصيادين، حتى صُدمت الإمارات بقصف مطار دبي من قبل الجيش والقوات اليمنية بطائرة مسيرة، الأمر الذي افقد صواب قادة التحالف السعو-إماراتي ودفعهم للتمادي في جرائمهم الحربية من خلال تكثيف القصف الجوي والصاروخي على صنعاء وباقي المدن اليمنية عسى ان يتمكنوا من عكس الحقيقة، ويصوروا للشعب اليمني أن السلطة الحاكمة هي التي تتسبب بمقتل أبنائه من خلال ردها العسكري على قوات التحالف، وعليهم الكف عن دعمها كي لايتواصل قصفهم بالطائرات والصواريخ.
لكن ما يراه المراقبون ان الشعب اليمني من حقه دعم حكومته في التصدي لأي عدوان تتعرض له البلاد، ويتجلى هذا الحق بظهور أمرين يطفحان على الساحة اليمنية هذه الايام اكثر من اي وقت آخر، اولهما قضية تحقيق زعزعة أمن الإمارات بسبب عدوانها المستمر على اليمن، وهذا ما وعدته قوات اليمن بشقيها العسكري والشعبي وقد تحقق بقصف مطار دبي الاثنين الماضي. فالإمارات التي كانت حتى الامس القريب تستخف بالقدرات اليمنية وتسخر من تهديدات قادته، وتواصل كتمها للحقائق مع نظرائها في السعودية، والظهور بطابع المنتصر، رغم ارتجافها بين الحين والآخر إثر الصواريخ اليمنية التي كانت تدك ابو ظبي، إلا أنها اليوم باتت قاب قوسين، من أن إستهداف عصبها الاقتصادي العالمي، والذي سيكشف مدى جرائمها ضد الشعب اليمني. وأن كل الجرائم الحربية التي ارتكبتها خلال هجماتها الجوية ومحاولاتها الأخيرة بتجييش إثني عشر فيلقا عسكريا بقيادة “صالح عفاش” لإحتلال الحديدة أصبحت عاملا رئيسيا في كشف الحقيقة اكثر من أي وقت آخر.
وبالتالي وجدت دبي احلامها الهانئة تبدلت الى كوابيس مجسدة بوصول اول طائرة مسيرة صماد 3 الى مطار دبي، تلك الطائرة التي لم يمض على تصنيعها بأيد يمنية سوى شهر واحد، وكانت اولى تجارب إطلاقها، في تلك الرحلة التي استهدفت بها مطار دبي الدولي وعطلت العمل فيه لعدة ساعات. اما وصول هذه الطائرة الى هدفها يعتبره الخبراء العسكريون والمحللون السياسيون، نجاحا عسكريا باهرا للجيش والقوات الشعبية اليمنية، حيث أثبتت أنها وضعت أمن مطار دبي الذي يعتبر عصبها الاقتصادي في العالم على كف عفريت، وأن الإماراتيين سيواجهون اضطرابات أمنية أكثر مما شهدوه في يوم الاثنين الماضي، وعلى محمد بن زايد ان يفكر بالحصول على عصا سحرية، يستخدمها للجم هروب الأموال والاستثمارات من دبي بعد اليوم.
وإلى جانب تصدع الأمن في دبي يظهر الأمر الثاني في الساحة اليمنية والذي يكون في الواقع الركن الركين والمكمل لفشل التحالف السعو-إماراتي في عدوانه على اليمن، هو صدور قرار الامم المتحدة الشاجب لجرائم وعدوان التحالف على مدى قرابة الأربعة اعوام الماضية. كما أن التقرير يأتي بعد تغريدات أكدت وجود سجون سرية للإمارات في اليمن، كانت ولاتزال تعج بالأبرياء اليمنيين الذين يتم خطفهم من الشوارع ليتعرضوا لإعتداءات جنسية وتعذيب جسدي، ناهيك عن الإغتيالات والجرائم التي طالما كان التحالف العدواني وخاصة الإماراتيين يحاولون التعتيم عليه، لكن هذا التقرير جاء ليؤكد وجود تلك الجرائم، ويدعو لطرحها أمام محكمة دولية مستقلة تتمتع بصلاحيات دولية.
فالشعب اليمني الذي قاوم هجمات عدوان التحالف، وكانت مراسم تأبين شهداءه، وحفلات أعراسه، وزوارق صيده، وحتى مؤسساته الطبية، عرضة لهجماته الجوية، إلى جانب إغلاق مطار صنعاء وتعطيل ميناء الحديدة لخنقه وحرمانه من الحصول على اي مساعدات انسانية، بات اليوم صخرة صماء امام إعتقالات قادة التحالف السعو-إماراتي لأبنائه وتعذيبهم بعد تكميم الافواه، دون وجود أي محاكم سليمة أو متابعات قضائية صالحة.
وها هي الحقائق تتجسد في تقرير الأمم المتحدة، لتؤكد جرائم التحالف في قتل أكثر من عشرة ألاف مواطن يمني، وجرح أكثر من 55 ألف مواطن آخر و تشريد أضعاف مضاعفة منها، وأن مرتكبي هذه الجرائم هم مجرمون دوليون دون أي شك.
وتبقى ردود الناطق باسم تحالف السعو-إماراتي، تركي المالكي، الذي وصف التقرير الأممي نتيجة، تصنيفات “الحوثيين” على حد زعمه، اسطوانة مشروخة يرددها كأسلافه من الذين ينظرون الى القضايا من جانب واحد. لأن من يراجع تصريحات تركي المذعور، يجد أن القرار لو كان حقا نتيجة زعمه هذا، لكانت السعودية والإمارات أجدر بإستصدار قرار يشابهه لإمتلاكهما الأجهزة الإعلامية الواسعة بالنسبة لليمن، او أنصار الله على حد تعبيره.
ولو صح زعمه، في “أن القرار جاء نتيجة اللوبيات التي استخدمها أنصار الله في الوصول الى مراكز اصدار القرار في الامم المتحدة”، لكان الأجدر بالسعودية والإمارات ان تصلا قبل لوبيات انصار الله الى مراكز صدور القرار الاممي، لكثرة نفوذهم وسيطرة البترودولار على الساحة الاقليمية و العالمية.
لكن هذا الامر يبقى حقيقة لا غبار عليها حتى يتم طرحه في مجلس حقوق الانسان، و الأهم من ذلك هل ان هذا القرار سيبقى محط إهتمام المعنيين بحقوق الإنسان حتى ذلك الوقت؟ أم انه سيذبح في متاهات ضياع القرارات الأممية، كسابقاته من القرارات التي شجبت القوى السلطوية في ممارسة سياسة القمع والإقصاء ضد الطرف الآخر؟ سؤال تجيب عليه الأيام القادمة.
ابو رضا صالح